ان المتابع للشأن السياسي في القارة الافريقية على وجه العموم وللشؤون الارترية على وجه الخصوص يتلمس ظلم وجور افورقي للمجتمع الارتري والدولة الارترية ويستعين لتحقيق هذا الظلم بدول الجوار خاصة والقاصي والداني عامة فكلهم يعرف أن النظام الأرتري غير شرعي بسبب أنه لم يختره الشعب ولم يرض عنه حاكما وليس في أرتريا مؤسسات دستورية وقانونية تدير أمر السلطان والمواطن بل أن السواد من المواطنين الأرتريين متشبثون بحبال الهجرة وأن كثيراً من الشباب الأرتري لا يزال يكرر محاولات شديدة الإلحاح على الهجرة الجديدة حتى أصبحت الظاهرة مألوفة عالمياً تحظى بتعاطف دولي اتجه إلى استقبالها ودعمها
إن نظام أفورقي غير الشرعي أصبح محور اهتمام الدول ذات المصلحة في بقائه دون شعور منهم بالتعاطف مع الشعب الأرتري ولهذا نجد أن النظام له القدرة على إبرام شراكات مع هذه الدول لا يعود نفعها إلا إلى النظام ولا يرى الشعب الأرتري ثمارها على حياته المعيشية والاقتصادية وحقوقه السياسية والاأمنية .
وبين فترة وأخرى يسافر أسياس أفورقي أو يرسل مبعوثيه إلى دول الجوار لكسب مواقفهم الداعمة له لإدامة حكمه غير الشرعي وهذه الدول لا يهمها غير تحقيق مصالحها والنظام الأرتري مستعد لتحقيق مصالح الآخرين حيث جعل أرتريا مستباحة لكل راغب في سلب خيراتها أو تسخير نظامها ليكون أداة فاعلة لتحقيق أطماع هذه الدول في الحرب والسلم وهي الأحداث التي تنشط في القرن الأفريقي وليس هناك أي منشط تتجه إليه الجهود من أجل دعم الاستقرار السياسي الراشد وتنمية الاقتصاد وإسعاد المواطن بتوفير الحرية له : حرية العمل والاعتقاد والنشاط والسفر والإقامة دون خوض حروب ودون ملاحقات تجنيد إجباري ومصادرة المال والولد والإرادة .
ولتأكيد هذا المعنى نرى أن:
دولة كينا :
التي تمسك بملف المصالحة الإثيوبية يدعو رئيسها ويليام روتو رئيس النظام الأرتري أسياس أفورقي لزيارتها فيستجيب وتعقد الاجتماعات بين الطرفين في نيروبي نهاية العشرة الأولى ( 8 – 9 / 2 ) من شهر فبراير 2023م وتوصف المحادثات بأنها ناجحة ويتحدث بيان مشترك عن كثير من الاتفاقيات الخاصة التي أبرمت بين الطرفين بينها اقتصادية وأمنية .
الزيارة كانت فرصة لمحاصرة الإعلاميين العاملين بكينيا من محليين أو عالمين فإذا بالأسئلة الجريئة تحيط بأسياس أفورقي لم يألفها في بلده وبدا مرتبكا يبحث عن مخارج من ورطة الأسئلة وعمقها وجرأتها وقد عجز لأن الحقيقة التي يعرفها الآخرون غير قادرة على الاختفاء مهما حاول النظام الأرتري إخفاءها .
وبغض النظر عن البيان السياسي المألوف من السهل معرفة مكاسب الزيارة لنظام أسياس افورقي أقلها أنه يطمئن بأن المصالحة الإثيوبية ليست على حساب الإضرار بالنظام الأرتري وهز عرشه وهذا يعد أهم هدف لنظام يبيع كل شيء من الوطن الغالي ليبقى هو .
وفي الصومال:
يلعب النظام الأرتري كيف يشاء وبالخفاء ، ويدرب صوماليين ضد صوماليين وعودة 5000 جندي بعد التدريب في ارتريا لسنوات حدث كشف المكر السيئ للنظام الأرتري الذي عقد الصفقة المدعومة مع رئيس الصومال السابق محمد عبد الله فرماجو خلال منتصف شهر ديسمبر عام 2018 م وهو أول رئيس صومالي يتوجه إلى ارتريا ويبني علاقات دبلوماسية منذ استقلالها عام 1993م وقد كان الملف طي الكتمان حتى جاء الرئيس الصومال الجديد حسن شيخ محمود الذي كان من برنامجه عودة الجنود الصوماليين من أرتريا وقد تحقق الهدف له بعد زيارات ثلاث تكررت إلى أرتريا الأولى كانت في شهر يوليو عام 2022م والثالثة في مارس 2023م وعلى الرغم من عودة الجنود إلى وطنهم فلا تزال المعلومات شحيحة حول مشاركتهم في القتال ضد تقراي وفقدان أرواح عدد منهم في المعارك .
ولا يزال النظام الأرتري يطمع في إدارة الملف الصومالي وفق هواه ولعله يبحث عن اتفاق جديد مع الرئيس الصومالي الجديد لإرسال دفعات جديدة من جنود صوماليين للتدريب في أرتريا تحت رعاية نظامها ودعم الداعمين من أرباب التجارة والاستثمار في الحروب لا تزال الفرصة متاحة أمامهم لدعم هذه المشروعات المتجهة إلى عسكرة المنطقة لصالح القوى الكبرى أو الإقليمية ومما يدل على ذلك تصريحات أسياس أفورقي للإعلام المحلي بتاريخ 22 فبراير الماضي بأن الصومال يحتاج إلى تدريب ما يصل ما بين : 140 – 160 ألف جندي لفرض الاستقرار وحسم معارضي النظام القائم وهذه إشارة لمشروع جديد يرغب نظام أفورقي لتولي ملفه ويبدأ التسويق له والسمسرة لعرض الملف على داعمين أغنياء وأسخياء في تعزيز الحروب وهو يعلم أن أرتريا التي تعاني الفقر الممنهج لا تقوى على سداد ميزانية تكلفة الجنود المتدربين
وفي السعودية :
التي كان يدعمها النظام في حرب اليمن ضد الحوثيين ترسل طائرة خاصة لنقل أفورقي إلى الرياض في بداية مارس الجاري – نهاية فبراير – ( 2023م) لإجراء محادثات جديدة معه بشأن تحول جديد في معركتها ، ولم تفصح المحاثات التي جمعت
في السودان:
ظل المسئولون يتجهون إلى أرتريا لزيارة أفورقي كلما تأزمت الأوضاع بشرق السودان وكثيرا ما يأتي وفد أرتري ليلتقي مع المسؤولين السودانين دون أن تظهر علاقات إيجابية لصالح الشعبين في السودان وأرتريا لهذه التحركات الواسعة . وكانت أحدث زيارة لنائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي فريق أول محمد حمدان دقلو إلى أسمرا بتاريخ 12 مارس استمرت يوما واحدا وانتهت الزيارة دون نتائج معلنة ويرى المراقبون أنها تأتي ضمن التحرك الإقليمي والدولي الذي يتنافس في المنطقة ويظل النظام الأرتري نقطة تلاقي لكل الأطراف لأنه متاح للتأجير المستمر ليقوم بأدوار شيطانية ضد الكل أو لصالح الكل حسب مصالحه دون مصالح مراعاة حق شعبه ووطنه أو دون الحاجة إلى المرور عبر مؤسسات تشريعية وتنفيذية في أرتريا
وفي إثيوبيا :
التي خاض معها النظام الأرتري الحرب الكريهة ضد جبهة إقليم تقراي وانسحب من الأراضي الإثيوبية مجبرا من طرف المجتمع الدولي وقد خسر الأعداد الهائلة من أبناء الشعب الأرتري في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل أخذ يستقبل الآن الجيش الإثيوبي في مدينة (صنعفي ) في حفلات راقصة مبتهجة وكأنه لم يحدث بين الطرفين معارك ولا دماء يسمح للجيش الإثيوبي بالدخول في العمق الأرتري بسلاحه ولباسه العسكري ليرقص وليلعب مبارات ودية بين عساكر الطرفين فالنظام الأرتري كثير التقلب وفق مصالحه الخاصة.
فإن شاء أشعل النار بينه وبين الأطراف بكل الاتجاهات وإن شاء صنع السلام دون مقدمات وميله للحرب أكثر من مهارته في السلام وحيثما تتوفر مصلحته فثمت هو وليس في سلوكه الوفاء بالمواثيق ولا اتباع القوانين التي تحكم العلاقات بين الدول
والخلاصة:
أن أولويات النظام الأرتري البقاء على مقاليد الحكم وحماية نفسه ودعم طائفته كما أن دول الجوار التي تدعم النظام الأرتري لها حساباتها وأولوياتها الخاصة يريدون نظاما في ارتريا يحقق أهدافهم دون النظر إلى حقوق الشعب الأرتري فليس لديهم مانع من دعم الاستبداد الطائفي في أرتريا .ولهذا لا يوجد خيار لهذا الشعب غير أن يعمل بنفسه موحدا على تغيير النظام القمعي وعندئذ سوف تعود هذه الدول إلى هذا الشعب لبناء علاقات عافية تحقق مصالح كل الأطراف في أجواء آمنة مستقرة ترعاها حكومة راشدة بدل علاقة استغلال التي تبرمها مع النظام غير الشرعي .
علاقات النظام الأرتري مع دول الجوار
ليس في سيرة دول الجوار العمل على مصلحة شعب أرتريا
العلاقات بين أرتريا ودول الجوار ظلت علاقة استغلال لضعف النظام دون أي اعتبار لمصلحة الشعب الأرتري