متابعات
ألا تعي الدرس..؟ الصادق الرزيقي ..
صدر بيان من وزارة الخارجية أمس، رداً على المزاعم التي وردت في بيان لوزارة الإعلام في دولة إرتيريا، تتوهم فيه أسمرا بوجود تنسيق سوداني إثيوبي من خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أخيراً للسودان،
لدعم المعارضة الإريترية، وتسهيل حركتها دون قيود في الحدود المشتركة بين البلدين، ورد بيان الخارجية على كل النقاط التي أثارتها أسمرا في بيانها وأقلقت مضجعها وأشعلت مخاوفها، خاصة ما يتعلق بتفاصيل زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للخرطوم وما تم فيها، خاصة أنها كانت زيارة مبذولة لوسائل الإعلام لم تجر وراء الحيطان والأستار، وهي أول زيارة يقوم بها السيد آبي أحمد بعد تقلده منصبه الجديد، وبالضرورة لا تخرج من تأكيد عمق العلاقة بين السودان وإثيوبيا وتمتين التعاون الثنائي وتمهيد الطريق لتنامي الروابط والمصالح والمنافع أكثر بين البلدين.
لكن الغريب أن يجيء رد الفعل الإريتري بعد مضي ما يقارب الشهر من زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للسودان، وهذا أبلغ دليل على أن هناك تأليباً ومقصداً وهدفاً من إثارة الجانب الإريتري هذه القضية وإصدار بيان حول الزيارة وكأنها تمت بالأمس، فأين كانت الحكومة الإريترية كل هذه الفترة؟ ولماذا صمتت عن معلومات وتفاصيل مهمة وخطيرة تتعلق بأمنها وسلامة أراضيها والمؤامرة عليها إن كانت فعلاً توجد مثل هذه الوقائع والمعلومات طيلة هذه الفترة؟!
لا بد أن هناك هدفاً من وراء إثارة هذا الموضوع.. فالمعروف أن إريتريا هي التي تتآمر ضد السودان، وقامت بتجميع أطراف من المعارضة السودانية في أراضيها، وفتحت للحركات السودانية المتمردة معسكرات في مناطق معلومة ومعروفة لتلقي التدريب والعتاد الحربي لشن حرب في شرق السودان، مما دفع الحكومة السودانية إلى إغلاق حدودها مع إريتريا، ومازالت هذه الحدود مغلقة بالكامل لعدة أشهر دون أن تلوح أية بارقة أمل في إعادة فتحها.. فالمتهم بالتآمر على الأمن والاستقرار ودعم المعارضين هو إريتريا التي لم تستطع نفي وجود المعارضة السودانية المسلحة على أراضها وتلقيها الدعم القادم عن طريق دولة جارة أخرى ودول في الإقليم.
ولم تفهم حكومة أسمرا الإشارات التي وردت في حديث السيد رئيس الجمهورية ببيت الضيافة أمام نفرة دعم ولاية كسلا قبل ثلاثة أسابيع، عندما تحدث بإيجابية مطلقة عن علاقة السودانيين بالشعب الإريتري، وأنه ليست لدى السودان أية أطماع في إريتريا او أية دولة أخرى، وعد كثير من المراقبين حديث السيد الرئيس كأنه بداية تخفيف لإغلاق الحدود، وربما يبشر بعودة العلاقة مع إريتريا إلى طبيعتها.
يظن كثير من متابعي الأوضاع في المنطقة أن أسمرا تعمل بأجندة غيرها وهو شيء يدعو للأسف، فليس لدى إريتريا أدنى مصلحة في معاداة السودان والتآمر عليه، وتكاد مصلحتها تكون منعدمة تماماً، فحكومة الرئيس أسياس أفورقي تعلم أن كل المحاولات التي جرت من قبل كانت خاسرة وصفرية لم تحقق أية نتيجة تذكر، ولم تفد في شيء حتى في أيام كانت المعارضة السودانية قوية وفاعلة ومتحدة، وكانت بينها الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق وجيشه الشعبي، فلماذا تقامر وتغامر أسمرا بما لا تستطيع تنفيذه وتحقيقه، وهي تعرف حق اليقين أن السودان لا يدعم الآن أياً من فصائل المعارضة الإريترية، ولو أراد ذلك لفعل لكنه لا يريد ولا يرغب في ذلك.
> وهنا لا بد أن تستوعب إريتريا ظروفها وواقعها، فهي لا يمكن أن تدخل في عداء واضح وصريح مع كل جيرانها بلا استثناء من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا والسودان، ولن تفيدها بعض العواصم من خارج منطقة القرن الإفريقي التي تحاول استغلالها في أعمال عدائية ضد جيرانها، فهذه العواصم لن تقدم لها شيئاً يعوضها مصالحها الحيوية مع الجيران وشركائها في المنطقة، وستتورط في ما لا طائل منه وستكون هي الخاسرة، وهذا من خطل السياسة وأخطائها.
المصدر : جريدة الانتباهة
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم