أهمية الموانئ الإرترية
أكثر من مائة ألف نسمة يعيش في نكد مثل كل مواطني أرتريا ، بين الهجرة إلى إثيوبيا والبحث عن فرص العمل لدى الشركات العربية الجديدة في الميناء والمناشط التجارية والمعيشية الضئيلة التي يحاصرها النظام بالإتاوات الباهظة ، والترخيص الجائر واشتراط الخدمة العذاب قبل السماح لمزاولة العمل المعيشي مثل صيد السمك والنقل البحري..
الفقروالعناء القاسي هو الوصف العام الذي يصدق فيهم ، هؤلاءهم سكان مدينة ” عصب” عاصمة إقليم جنوب البحر الأحمر وتعد الميناء الثاني لدولة أرتريا بعد ميناء ” مصوع” يقع في أقصى الجنوب على الحدود مع دولتي إثيوبيا وجيبوتي ومعظم سكان الإقليم الأصليين من قومية ” الدناكل ويطلق عليهم اسم : العفر” إلى جانب مواطنين من قوميات أخرى خاصة قومية “التجري”
ركود عصب وانتعاش جيبوتي :
الميناء عصب ظل راكدًا بائراً منذ الاستقلال 1993م نتيجة لسوء العلاقة بين نظامي أرتريا وإثيوبيا الذين خاضا حربة ضروساً بسبب نزاع حدودي خلال ( 1998 – 2000م ) ولا تزالان تعيشان وضعا ًقلقاً متوتراً لعدم حسم ملف الخلاف بينهما
إثيوبيا عوضت ضررها الناتج عن فقدان المواني الأرترية خاصة ميناء عصب بالتعويل على ميناء بورتسودان و مينائي جيبوتي وأرض الصومال التي أعلنت استقلالها عن بقية الصومال منذ عام 1991م ولم يعترف بها المجتمع الدولي لكن اثيوبيا اغتنمت فرصة غياب الدولة الصومالية الموحدة فاستفادت من ميناء بربرة بدولة أرض الصومال الضعيفة التي تفرح لأي بادرة تعمل على تنشيط اقتصادها وتغذي ساقها الهش وعظمها اللين .
أما دولة جيبوتي فقد كانت أكثر حظاً وأسعد بالقطيعة بين نظامي أرتريا وإثيوبيا التي فرضت بإلحاج الحاجة الإثيوبية لموانئها التي نشطت وتوسعت إلى العمل في إنشاء أربع موانئ جديدة لاستيعاب النشاط المتزايد للإثيوبيين ولغيرهم فاستعانت بالخبرات الأجنبية وتعاقدت مع شركة موانئ دبي العالمية منذ شهر يونيو عام 2000م وانتعش ميناء جيبوتي بحضور صيني كبير مع الحاجة الإثيوبية فأصبح بديلاً صالحاً عن الموانئ الأرترية التي تشهد ركودًا قاتلا بسبب الحصار المفروض على البلاد وبسبب طيش سياسة السلطات الحاكمة فقد ركد الميناء ركودًا أدى إلى خمول الأنشطة فيه فلا واردات ولا صادرات ولا عمل ولا تواصل مع العالم الخارجي إلا بقدر محدود ولأغراض حربية وأمنية خاصة منذ اندلاع الحرب اليمنية اليمنية أو عاصفة الحزم العربية السنية أو قبل ذلك أنشطة الشيعة الإيرانيين والحوثيين وما يتعلق بهذا الملف من تواصل أصحاب المصالح بغرض الحرب والتدريب وبيع السلاح والمتاجرة به والتلاقي في الأنشطة التي تخل بالأمن الإقليمي بالمنطقة الأمر الذي جعل الموانئ الأرترية تخصص في الأعمال المشبوهة والأنشطة الشريرة دون أن يجد الشعب الأرتري فائدة من هذه المناشط تعود إليه أمناً واقتصادًا واستقراراً
أهمية عصب :
تتضح أهمية عصب من أنه قريب من باب المندب الذي يعد أكثر المناطق حساسية في البحر الأحمر لكونه الموقع الأضيق ليصبح تأمينه أشد إلحاحاً لكل الدول المستفيدة من البحر الأحمر في أنشطتها الحربية والأمنية والاقتصادية ولهذا ينظر إليه على أنه موقع استراتيجي مهم فهو يبعد عن باب المندب حوالي 20 ميل بحري وبين الميناء عصب والميناء اليمني ” المخا” حوالي 40 ميلا بحريا. ويعتبر ميناء عصب لإثيوبيا أمنية الأماني لكونه أقرب إلي عاصمتها أديس أبابا فالمسافة لا تتجاوز624 كم – بخلاف خيار ميناء جيبوتي الذي يبعد عن العاصمة الإثيوبية 910 كم وبخلاف ميناء بَرْبَرَه الصومالي الذي يبعد 943 كم وكم تتكبد إثيوبيا الخسائر الآن لقضاء مصالحها عبر مينائي جيبوتي وبورتسودان والصومال وإن أتت هذه الخسائر الإثيوبية لتدعم الحركة الاقتصادية في دولتي الميناءين جيبوتي والسودان وربما أرض الصومال المستباحة الضعيفة.
مديريات الإقليم :
إقليم جنوب البحر الأحمر لا حاكم فيه بعد سجن حاكمه السابق المدعو” ودي قريش ” بتهمة فساد مالي ولهذا يدار بتكاليف مباشرة من الرئاسة تتواصل مع الإدارات الدنيا التي تدير المديريات الأربع التي يتكون منها الإقليم وهي :
1 – مديرية أرعتا
2 – مديرية جنوب البحر الاحمر
3 – مديرية وسط دنكاليا
4 – مديرية عصب
وضع التعليم :
يعاني التعليم في الإقليم من هروب كبير من الطلاب إلى اثيوبيا التي وفرت لهم فرص التعليم في مدارسها وأكد أحدث تقرير هروب 35 معلما خلال 3 أشهر و300 طالب إلى اثيوبيا من مختلف المدارس والمستويات في نهاية عام 2015م .
وهي ظاهرة معتادة في الإقليم وإن كانت غير سارة لوزير التعليم الأرتري سمري رأسوم الذي تتعامل وزارته مع الظاهرة بتجاهل شأنه شأن كل النظام الأرتري الذي يتجاهل قضاياه العالقة مع شعبه ومع المجتمع الدولي ودول الجوار
المدارس في الاقليم:-
توجد في الإقليم من المدارس ما يلي :1 – معهد 1 في عصب
2 – عدد 2 مدرسة ثانوية في كل من عصب وأرعتا
- – عدد 8 مدرسة متوسطة
4 – معهد في طيعو تم إغلاقه على يد النظام كان يعلم الدين الإسلامي عبر تاريخه الطويل
كل هذه المدارس تعاني من شح المعلمين وشح الكتاب المدرسي والبيئة التعليمية الرديئة الطاردة التي يختار فيها الطلاب والمعلمون الهجرة إلى إثيوبيا التي ترحب بمثل هذه الهجرة الجماعية بدل البقاء في وطنهم الذي يجرعهم البؤس بألوانه المختفة أكاديمياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً
مشهد الأمارتيين :
زيارة عصب الميناء تتيح مشاهدة نشاط العنصر الإماراتي بالميناء عصب كما يظهر التنافر الذي يحدث بين السلطات الأرترية والشركات العربية العاملة بالميناء خاصة في تشغيل الأرتريين فالحكومة الأرترية ترغب في تشغيل النصارى أو الموالين لها والعاملين في أجهزتها الاستخباراتية والعرب يبحثون في العنصر المسلم لقربه منهم عقيدة ولكثير من الخصال التي تتوفر فيه ولا تتوفر في غيره أهمها الدين والخبرة في العمل البحري حسب رواية بعض السكان الذين تواصلت معهم وكالة زاجل الأرترية للأنباء وأكد المواطنون أن الأمارتيين يتواصلون مع المسلمين أكثر من تواصلهم مع المسيحيين يظهر هذا التواصل في توزيع المصاحف الشريفة في مساجد المدينة وخلاويها إلى جانب مساعدات عينية تقدم للفقراء عبر المساجد الأمر الذي تنظر إليه السلطات الأرترية بعين السخط لأنها ترغب أن تسلم المساعدات إليها لتوزيعها وفق خططها وأولوياتها وهي خطط وأولويات متهمة لا يريدها الأماراتيون كما لا يثق فيها المواطنون وإن كان يرضى عنها المسيحيون الأرتريون حسب رواية السكان الذين تحدثت إليهم زاجل وقد أكدوا أن الأمارتيين حاولوا ارضاء المسيحيين والحكومة الأرترية فوزعوا المواد التموينية في اثنين وعشرين مسجداً للمسلمين وفي ثلاث كنائس للمسيحيين وهو إجراء لم يكن محل رضى من طرف النظام ولا من طرف المسيحيين كذلك
المنشئات الجديدة :
تأكيدًا للحضور الإماراتي نشرت وسائل الإعلام المختلفة اتفاق السلطات الأرترية والإماراتية بإقامة منشئات ضخمة يقوم بتشييدها الأماراتيون عبر اتفاق بين مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي وبين الحكومة الأرترية يقضي الاتفاق بأن تتحصل أرتريا على30% من إيرادات الميناء بعد تشغيله بواسطة الشركة الأماراتية التي تعمل لإنشاء خمسة فنادق سياسية بدرجة أربعة إلى سبعة نجوم ويبدأ التشغيل الحقيقي حسب الاتفاق في ميناء ومطار عصب خلال عام 2018م
وينص الاتفاق عل أن تدفع مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي مقابلاً سنوياً للسلطات الارترية إيجارًا مالياً..
ويستمر الإيجار الإماراتي لمدة ثلاثين عاما قادمات حسب الاتفاق وهو إيجارقال فيه الأستاذ شوقي محمد أحمد أمين أمانة الإعلام في الحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية إنه بيع للأراض الأرترية للدول مقابل دولارات وريالات لم ير أثرها الشعب الأرتري متهما النظام الأرتري بأنه يبيع الوطن دون مشورة الشعب باعه لإسرائيل ثم لإيران وللحوثيين وأخيرًا لحلف عاصفة الحزم العربية السنية جاء ذلك في مقابلة أجراها معه برنامج ملفات أرترية في قناة الحوارالفضائية الندنية
ودعا شوقي أن تتعامل الدول العربية مع الشعب الأرتري لا مع النظام التسلطي وقد وصفه بأنه لا عهد له ولا ذمة وإنما يبيع الوطن الأرتري لمن يدفع أكثر.
السطر الأخير:
في ظل التنافس الشديد بين موانئ دول السودان وجيبوتي والصومال في السوق الإثيوبية الحبيسة لا مستقبل للموانئ الأرترية إلا ببناء علاقة حسن الجوار مع كل الدول بما فيها إثيوبيا والدول العربية وأن تكون جاذبة مغرية أمناً وقرباً وتأهيلاً معززةً بتوافق سياسي بين النظام ومعارضيه في الداخل والخارج وعودة شعبه المشرد وتشريعات تحمي مصالح المواطنين ومصالح الشركاء المستثمرين.. وبغير هذه السياسة سوف تظل الموانئ الأرترية لا مستقبل لها حتى وإن شيدها وطورها المال العربي الذي ينظر إلى الملف الأمني والعسكري أكثر من خدمة الشعب والوطن الأرتري والاستثمار الاقتصادي الآمن وما أكثر العمارات الشاهقة المشيدة الآن أو العاجزة عن التشطيب منذ سنوات في ميناء عصب أومصوع خاصة بالمال العربي البائر بسبب الموات والكساد الذي يخيم على البلد كله.
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم