أ. علي محمد محمود يكتب : خطاب الرئيس وإدمان وعود السراب
تحتفل ارتريا في كل عام في 24 من مايو بمناسبة عيد الاستقلال الوطني، وهو يوم عظيم تجسدت فيه الإرادة الارترية القوية والمثابرة والروح التواقة الى الحرية والانعتاق.
بيد أن الفرحة بالاستقلال الوطني لم تكتمل لأن حرية الانسان الإرتري لاتزال منتقصة نتيجة الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها السلطة الوطنية التي جاءت بعد إعلان الاستقلال ضد مواطنيها، وظلت هذه السلطة تتعلل بالاستهداف الخارجي من دول الجوار وبخاصة اثيوبيا، ذلك كلما تمت مطالبتها بالإصلاحات سواء من المواطنين أو المنظمات الدولية، الا أن عام 2018 فضح نظام اسياس افورقي حيث شهد عودة العلاقات بين إرتريا وإثيوبيا بمبادرة شجاعة من أبي أحمد، وفي ظل تلك الأجواء المفعمة بالأمل أُعلن عن الاحتفالات بالعيد الثامن والعشرين للاستقلال المجيد 2019م تحت شعار “الصمود من أجل التنمية المستدامة” وفي يوم الاحتفال وقبيل خطاب الرئيس اشرأبت آمال الإرتريين لعلهم يسمعون في خطابه ما يشفي الغليل، ولهذا تسمر أغلبهم ـمام شاشات التلفزيون لساعات طوال في انتظار كلمات الرئيس ، وكان دافعهم في رفع سقف التوقعات على غير العادة، هو أن ذلك العيد جاء بعد عودة العلاقات الارترية الاثيوبية، باعتبار أن حالة ألا حرب وألاسلم بين البلدين قد انتهت ، والتي كانت المشجب والذريعة لتعليق وتعطيل كل برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي والحقوقي في ارتريا، فكان فتح الحدود بين البلدين، وتدفق السلع الإثيوبية على المدن الارترية، ولم شمل بعض العوائل بعد أن ظنت كل الظن (ألا تلاقيا)، وفتح السفارات بين البلدين بشكل رسمي، كل ذلك جعل المواطن يأمل في أن يسمع في خطاب الرئيس ما يهدأ روعه، ويرسم البسمة على شفتيه ، ولكن ماذا كانت الحصيلة يا ترى بعد هذا الانتظار؟! هل وجدوا في خطاب الرئيس ما منوا به أنفسهم ؟ أم هي حاجة في نفس الشعب قضاها، وكما يقول المثل “الرأي نائم والهوى يقظان” وكان ينبغي على شعبنا ألا يمني نفسه بشيء يزيل الكدر عنه في حياة اسياس، لأن التجارب تكررت عليه طوال 28 عامًا فليس في النار للظمآن ماء.
خطاب الرئيس والأمل السراب
ولكن دعنا نترك الماضي والأماني ونحاكم اسياس بما قاله في خطابه العام الماضي في 24 من مايو2019 في احتفالات العيد الوطني على رؤوس الإعلام الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وثقها.
صيغة الخطاب
من الملاحظ أن الخطاب كان موجزًا ومعداً بعناية فائقة، ويتسق مع شعار الاحتفال، فقد وصف اسياس المرحلة ” ببداية عهد جديد” وتحدث عن الصمود، وكانت كلمات قوية ومرتبة، فقد ترجم الصمود في عدم الاستسلام للقوة والترهيب ـ وكان يعني به القوى الدولية ـ وعدم التنازل رغم المكائد، ورفض المساس بكرامة الوطن وقيمه مهما كانت الإغراءات والمكافآت، وعدم الهلع مها كانت الضغوطات، وعدم الإحباط من جراء التحديات الكبيرة، وعدم فتور الانسان الارتري مهما كان العمل شاقا…
وتحدث عن المستقبل وحصر ذلك في التنمية ومفرداتها: العمل على زيادة الثروة الوطنية، وضمان التوزيع العادل للموارد والفرص، وتحويل اقتصاد ارتريا إلى اقتصاد صناعي حديث ومتطور، وتجديد البنية التحتية من خلال شبكة المياه وتوزيعها بصورة جيدة، وتطوير خطوط الأنابيب والسكك الحديدية وشبكة الاتصالات والوقود، وتطوير الموانئ والسواحل، وهذه تحتاج الى التعاون والشراكة حسب قوله، وتطوير شبكة توليد الطاقة، وإمداد الكهرباء بحيث يستفاد منها على المدى البعيد، وتوسيع شبكة النقل البرية والسكك الحديدية والبحر والجو، وربطها إقليميا ودوليا، إضافة إلى تطوير برامج الإسكان، وترقية أداء الخدمات الصحية والتعليمية، وتطوير القطاع الصناعي ، ويؤكد الرئيس أن التنفيذ يتطلب ضمان الكفاءة ، والسرعة، والاستقرار والشراكة الإقليمية .
لمن كان يوجه الرئيس خطابه ؟
هذه خلاصة خطاب الرئيس فإذا تجاوزنا ما يتعلق بالصمود من الكلمات الرنانة التي تناسب نفسية اسياس ودغدغة مشاعر العامة، والتي لا يمكننا قياسها لنحاكمها بشكل دقيق، ولكن دعونا نقف ونتساءل بعد انتظار عام كامل من ذلك الخطاب هل فعلا كان عهدا جديدا؟ وهل تحقق شيء من تلك الوعود على الأرض خلال العام؟ وهل أي من هذه المشروعات بدء فعليا؟
في البدء يجب أن يعرف القارئ حقيقة أن ذلك الخطاب لم ينبع من قناعة الرئيس بضرورة التنمية للبلد، ولا بأهمية المجالات التي اعتبرها أولوية المرحلة، وليس الهدف منه رفع المعاناة عن كاهل الشعب الارتري، وإنما كتب هذا الخطاب للاتحاد الأوروبي، وعين اسياس على الاستراتيجية الجديدة 2019/2020 للاتحاد الأوروبي حول التعاون الإنمائي في المنطقة ، وهي جاءت بعد توقيع اتفاقية السلام بين ارتريا وإثيوبيا في 2018م فالخطاب محاولة من اسياس لاستقطاب الدعم الأوروبي الذي وضع اربعة مجالات كأولوية وحدد ميزانياتها، بهدف تحسين الظروف المعيشية للسكان، من خلال تعزيز التنمية المحلية وخلق فرص عمل، والتكامل الإقليمي.
رصد الاتحاد مبلغ 200 مليون يورو لإرتريا للبرامج التالية:
- تطوير البنية التحتية والطاقة (125 مليون يورو)
- خلق فرص عمل في القطاع الزراعي (30 مليون يورو)
- الحوكمة الاقتصادية (5 مليون يورو)
- تعزيز الثقافة والتراث الإرتري (15 مليون يورو)
- رصف وتوصيل الطريق الرابط بين ارتريا واثيوبيا برًا وعبر وبناء السكك الحديدية (20 مليون يورو)
وبدأ بتقديم مبلغ 20 مليون يورو أي ما يعادل (22 مليون دولار) لربط شبكة طرق حديثة بين اثيوبيا وارتريا، ففي رؤية الاتحاد أن الهدف الأساسي هو التعاون الاقليمي ويبدأ بين اثيوبيا وارتريا ، وكان ضمن الأهداف ايضا أن يساعد المشروع في ايجاد فرص عمل للشباب الارتري بدلا من تدفقات الهجرة الى اوروبا، ومع أن جوزيب بوريل ، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي دافع عن المساعدات التي قدمها لارتريا، فقد واجه انتقادات لاذعة من المنظمات الحقوقية الدولية، لأن النظام استخدم شباب الخدمة في شق الطرق التي مولها الاتحاد الاوروبي، وهو مايطلق عليه نظام العبودية ، ومع أن المشروع بدأ ولكن الغريب أن النظام الارتري أغلق الطرق التي كانت مفتوحة بين ارتريا وإثيوبيا من طرف واحد دون إبداء الأسباب، وكان المواطن الإرتري قد استفاد من فتح الطريق حيث بدأت السلع الاثيوبية تتدفق على الأسواق الارترية بعد عودة العلاقات وبأسعار مناسبة، فتنفس الشعب الصعداء لأنه ظل يعتمد على السلع التي تصله من السودان عبر التهريب، مما يضاعف أسعارها.
إذن أن خطاب الرئيس اسياس لم يكن هدفه التنمية وتخفيف المعاناة عن الشعب الإرتري، ولم يكن مبيتا النية أصلا لتنفيذ خطط صندوق الائتمان الإقليمي للاتحاد الأوروبي الذي تبنى دعم التنمية في ارتريا من أجل “تحسين الظروف المعيشية للسكان ، من خلال تعزيز التنمية المحلية وخلق فرص عمل.” وإنما كان الهدف الاستحواذ على هذه المبالغ.
جاءت المنحة الأوروبية بعد أن أقرت هذه الدول بأن العقوبات والعزلة الدولية أضرت بارتريا في بناء اقتصاد قوي، ولهذا فضلا عما تعهدت به من دعم، وجهت أيضا المؤسسات المالية العالمية لمساعدة ارتريا من خلال تقديم المشورة في مجال السياسات والمجالات الفنية والتدريب، وعلى رأس هذه المؤسسات صندوق النقد الدولي، وأبدى الصندوق استعداده لدعم الإصلاحات الاقتصادية الارترية والتخطيط للاقتصاد الكلي، وتحقيق الاستقرار والنمو الشامل، وكانت مشكلة الصندوق في السابق أن ارتريا كانت ترفض تمكينه من متابعة بيانات الاقتصاد، وجرت الاجتماعات بعد عودة الصندوق حول المادة الرابعة في الفترة من 13 إلى 22 مايو 2019 وكانت هذه الزيارة الأولى للصندوق الى ارتريا من 2009م وتعنى المادة الرابعة ( أن صندوق النقد الدولي لديه تفويض لممارسة الرقابة على السياسات الاقتصادية والمالية ويستعرض سياسات البلد الاقتصادية الكلية وسياسات سعر الصرف لأعضائه من أجل ضمان التشغيل الفعال للنظام النقدي الدولي ، وتقييم هذه السياسات وتحليلها تحليلاً شاملاً ويقوم بجمع البيانات الاقتصادية والمالية، ويفحص قضايا السياسات الصناعية والاجتماعية وتلك الخاصة بالعمالة وسلامة الحكم والإدارة والبيئة وغيرها مما يمكن أن يؤثر على سياسات وأداء الاقتصاد الكلي، ويعقد المناقشات مع المسؤولين في الحكومة والبنك المركزي حول السياسات الاقتصادية للبلد المعني) وفي العادة يقدم فريق الخبراء تقريره إلى المجلس التنفيذي للصندوق عما خلص إليه من نتائج وينشر النتائج للمزيد من الشفافية بعد استشارة الدولة المعنية.
ولكن في الحالة الإرترية للأسف فإن الحكومة الإرترية لم توافق على نشر تقرير الموظفين أو البيان الصحفي المتعلق به، مما يدل أن الوضع الاقتصادي كان كارثيا ، ويفضح النظام في إدارته للاقتصاد الذي يفتقد لأبسط الأسس العملية، وسيكشف التقرير أن الحكومة الارترية ولعدد من السنوات ظلت تسير البلد من غير موازنة سنوية، وسيكتشف المجتمع الدولي والإرتريين حقيقة أن الاقتصاد الارتري يعاني من اختلالات بنيوية ، هذه الاختلالات هي ما جعل الحكومة الارترية ترفض تقديم أي بيانات وإحصاءات أساسية موثوقة عن الاقتصاد الإرتري. وهو ما يفسره اعتقال برهاني أبرها ، وزير المالية السابق في 16 سبتمبر 2018 والذي تمت إقالته بعد خلافات مع أسياس أفورقي، وقد كتب الوزير كتابا يفضح فيه الفساد الذي يمارس بمعرفة الرئيس، وضرب الاقتصاد الوطني، والأساليب التي تفتقر للشفافية في الأمور المالية وخاصة إيرادات الذهب وسيطرة المكتب الإقتصادي للحزب ورئيسه حقوص كشا على عدد من مفاصل الاقتصاد الإريتري.
كيف يمكن ان نتصور معالجات علمية للاختلالات البنيوية في الاقتصاد الارتري دون ان تكون هناك شفافية وشجاعة لمواجهة المخاطر الاقتصادية. وكيف ستتحقق التنمية والانتعاش الاقتصادي دون ان تكون خطوات ملموسة نحو تغيير العقلية التي تدير اقتصاد الدولة بعقلية بيع المفرق والمجزأ في بقالة صغيرة، إن عدم تفاعل إريتريا مع المؤسسات الدولية والاقتصاد الدولي سواء من خلال الاستشارات والاستثمار أو التجارة أو الترتيبات التعاونية يحد من قدرة ارتريا على التعلم والتطوير.
حالة اقتصاد ارتريا
مع أن ارتريا تزخر بموارد ضخمة تتمثل في الزراعة، والتعدين، والسياحة، وموقع مهم للعمليات اللوجستية، وشعب كادح منتج، ولكن الوضع الاقتصادي الارتري في المستويات الأدنى مقارنة بالعالم من حولنا، وهو ما جعل ارتريا تحتل 177 من أصل 187 دولة في مؤشر معدلات التنمية البشرية، والانفاق على التعليم متدني جدا، واحتلت إريتريا المرتبة 47 من بين 53 دولة في القارة الافريقية في مؤشر تطوير البنية التحتية نتيجة ضعف شبكات الطرق والمياه والصرف الصحي والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي المجال الاقتصادي فقد انخفض الناتج المحلي ليجعل ترتيبها 161وهو ترتيب متأخر أيضًا، ولهذا فإن القوى الشرائية للمواطن لا تتجاوز 1600 دولار، وكيف نتوقع أن تتحسن القوى الشرائية والنظام تحت ذريعة تغيير العملة يتحكم في السيولة وهي حالة تجعل الاقتصاد ينكمش، كما أن المستثمر الأجنبي بل وحتى المحلي يهرب لأنه سوف لا يتمكن من شراء احتياجاته الضرورية، وهي حالة اشتكت منها ايضا شركات التعدين العاملة في ارتريا، هذا اذا اضفنا ان حرية مزاولة الانشطة التجارية شبه منعدمة في ارتريا بسبب القيود المفروضة ولهذا فإن درجة الحرية الاقتصادية في ارتريا 38.5 وهو ما يجعلها رقم 177 في الاقتصاديات الأكثر حرية في مؤشر 2020. ومقارنة مع دول افريقيا جنوب الصحراء فإن ارتريا تقبع في ذيل القائمة فهي المرتبة 47 من بين 47 دولة في هذا المجال. وهي حالة لا تتوافق مع موارد ارتريا المتعددة، ومن خلال التقديرات فسوف يكون هناك انخفاض في نسبة النمو الإجمالي في الناتج المحلي إلى 3.1% مقارنة بأثيوبيا التي سيرتفع إلى 9%، وفي نفس الوقت يقدر الدين الخارجي لارتريا بـ 64.4% من الناتج المحلي الإجمالي. كل هذا مؤشر إلى الصعوبات التي يعانيها الاقتصاد الارتري، فكيف ستتحقق التنمية التي يتحدث عنها الرئيس.
الموارد الأساسية
الزراعة : يفترض ان الزراعة تمثل 30% من موارد الدولة الارترية ولكن تزال الزراعة تقليدية ولم تدخل فيها الأساليب الحديثة لمضاعفة الانتاج وتحسينه، كيف يمكن للزراعة ان تسهم في الاقتصاد وهي تعاني من اهمال وفي مقدمة ذلك عدم وجود الأيدي العاملة حيث يوجه كل القادرين على العمل من الشباب والرجال إلى الخدمة الوطنية العسكرية، إضافة إلى أن عائدات التعدين لم تسهم حتى الآن في قطاع الزراعة بغية تطويره، هذا فضلاً عن مواسم الجفاف والآفات الزراعية لعدم توفر خطة لمواجهة ذلك بصورة فاعلة.
التعدين: يفترض أن هذا القطاع يمثل 20 % من الاقتصاد الارتري، وهو قطاع حيوي تملك فيه ارتريا إمكانات قوية من حيث الجودة والتوسع والتنوع، (الذهب والنحاس والزنك البوتاس) وغيره، وإيراداته حاليا مناسبة، ولكن لا أحد يعرف أين توجه عائداته المتزايدة فلا نرى تحسناً في حياة المواطن ومعاشه، ولا في البنية التحتية للبلد، ولا يسهم في خلق قطاعات اقتصادية جديدة، ولا ايجاد وظائف للشباب، فهو في معزل عن بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى ، وبالتالي هذا الوضع يحد من قدرة الدولة على التنافسية الدولية.
تحويلات المغتربين : كانت تمثل اكبر مصدر للعملة الحرة إذا اضفنا اليه ضريبة 2% التي يتحصلها النظام من المواطنين الارتريين ولكن هذا المورد تقلص مؤخرا الى اقل من النصف حيث يمثل الآن 12% تقريبا بعد ان كان يمثل حوالي 35% ذلك نتيجة استمرار سياسات النظام القمعية وعدم اهتمامه بخدمة المواطن، فكيف تتخيل ان يتفاعل المواطن ويستغرق تجديد جوازه أكثرمن ستة اشهر، هذا اذا استطاع ان يوفر المطلوبات المقعدة والمعجزة للخدمة التي يطلبها.
السياحة : تمتلك ارتريا المقومات السياحية المناسبة من حيث الموقع وتعدد المناخ وتنوع المجالات الطبيعية والتاريخية، ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود ارادة للاستفادة من هذا القطاع ، فإذا عرفنا أن تاشيرة الدخول الى ارتريا تستغرق وقتا طويلا لأن الطلب يرسل الى اسمرا وتأتي الموافقة من هناك بعد فحص الطلبات بصورة تقليدية، كما أن القيود على تحركات الاجانب بل المواطنين من مدينة الى مدينة لا يشجع على زيارة البلد هذا فضلا عن النقص في الأساسيات مثل ضعف شبكة الانترنت، والحصول على شرائح الاتصال، والقيود على صرف العملات الحرة وعدم وجود بطاقة الصراف الآلي، الى غير ذلك من المحبطات .
الاستثمار : استضاف مجلس الشركات في إفريقيا (CCA) وهو مجلس أمريكي يضم أعضاء ومستثمرين لكبرى الشركات الأمريكية في 24 /7/ 2018 الدكتور ولداي حول فرص الاستثمار في إريتريا، وحاول ولداي ان يقنع المشاركين بالفرص الكثيرة التي تنتظر المستثمرين والتسهيلات التي ستقدم لهم، وطالبهم ان ينسوا الاشاعات عن ارتريا ويقفوا على الحقائق، ولكن المجلس طالب بأن تمهد ارتريا الأرضية القانونية للاستثمار، لأن ارتريا متخلفة عن ركب الدول الافريقية التي خطت خطوات مهمة في هذا المجال، ومع أن الخبراء امنوا بأن دولة ارتريا واعدة في هذا المجال، ولكن لاتوجد خطوات ملموسة من طرف الحكومة لتهيئة مناخ الاستثمار.
إن حوافز الاستثمار معدومة في ارتريا حتى للمواطنين فإن أي مبادرة تقدم بها التجار لبناء ثرواتهم تم ضربها مما أجبر الكثيرين منهم لبحث الفرص في الخارج ، مما قلل الإنتاجية في البلد، في الوقت الذي يساهم فيه الرأس المال الارتري في عدد من البلدان الافريقية في التنمية.
إن القيود المفروضة على بدء النشاط التجاري، والتعامل مع تراخيص البناء، وتسجيل الممتلكات، والحصول على الكهرباء، والحصول على الائتمان، وحماية حقوق المستثمرين كل ذلك مقعد عن المبادرات، ومثبط للاستثمار والمنافسة، في أي من قطاعات الاقتصاد، يضاف الى ذلك أن جميع الأراضي مملوكة للدولة بل الأسوأ يمكن مصادرة الممتلكات الخاصة ودون مبررات مقنعة في كثير من الاحيان، هذا في غياب أو ضعف الإطار القانوني والقضائي، وفي حقوق الملكية وفاعلية القضاء ، لا سيما ما يتعلق منه بإنفاذ القانون. هذا فضلا عن تخلف القطاع المصرفي وعدم تأهيله لمواجهة التدفقات الاستثمارية. كما أن برنامج الخدمة الوطنية واستخدام الشباب كسخرة يجعل اي مستثمر أجنبي يحجم خوف المقاضاة كما حصل مع الشركة الكندية التي تستخرج الذهب من بيشة، فضلا عن العجز المالي المرتفع وقلة الصادرات .
ومع أن هناك مجالات مثل الشحن الدولي وتجارة الترانزيت، يعتبر من المجالات الاقتصادية الهامة بالنسبة لارتريا لأنها تقع على أحد أهم طرق الشحن الدولية في العالم ، لم تستغله ارتريا ، وسارعت جيبوتي الى استقطابه مع انها الأقل مساحة مقارنة بارتريا حيث بنت ثمانية موانئ للتعامل مع الحاويات ، والماشية ، والنفط ، والفوسفات وغيره.
كيف يمكن لارتريا ان تحسن من اقتصادها ونرى حدودها مغلقة كل تلك السنوات مع كل دول الجوار وبخاصة اثيوبيا التي تمثل سوقا كبيرا لارتريا، ومجالا للاستفادة باعتبارها دولة حبيسة وارتريا تمثل افضل خيار لها.
أهداف التنمية في ارتريا
تقدمت ارتريا بخطتها للتنمية المستدامة وتم اعتمادها ضمن الدول الاعضاء في الأمم المتحدة ووضعت لها 13 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة واختارتها كأولوية في برامجها وتشمل الأهداف: إنهاء الفقر وتوفير اساسيات الحياة ، والتعليم الجيد ، المساواة بين الجنسين ، والمياه النظيفة والصرف الصحي ، النمو الاقتصادي المستدام ، وتوفير فرص العمل اللائق للمواطن، وتطوير الصناعة ، وتشجيع الابتكار وإقامة البنية التحتية له، وتقليل التمييز بين المناطق والمدن والريف، والمحافظة على البيئة ، واحلال السلام وانفاذ العدالة، وبناء المؤسسات القوية، وتطوير الشراكات من أجل أهداف التنمية المستدامة.
ولكن ياترى أي من هذه الأهداف تم تحقيقها خلال السنوات المنصرمة من هذه الخطة التي ستنتهي في 2030م أما أنها كانت في حقيقتها فقط لاقناع المانحين وجلب المساعدات، ومن ثم استخدام هذه المساعدات في توتير المنطقة وزعزعة استقرارها، من خلال دعم الحركات المعارضة لدول الجوار.
ونتساءل ما هي الأعذار الجديدة التي سيسوقها الرئيس لتخلف برنامجه في العام المنصرم، وما هي الوعود الجديدة التي سيطلقها في احتفالات هذا العام دون حياء، ليته يأخذ بالمثل العربي “إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً “
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم