أ.باسم القروي يكتب بمناسبة يوم المعتقل : لست وحدك يا أفورقي.,.معك حاضنة مجرمة
مضى على مشروع الاعتقال والقتل الذي يمارسه النظام الأرتري على رموز وقادة المجتمع وأهل الرأي أكثر من ثلاثين عاماً وهذه الذكرى الشاهدة : – الرابع عشر من إبريل- تتكرر عام 2021م كما قد ألفناها في نسخها الماضية.
ولأن النظام ماكر كائد يقتل النفوس البريئة دون ان تمتد إليه بسوء خشية وقوفها في وجهه الطاغي الظالم وهي سنة الفراعنة السابقين يقتدي بها الفراعنة اللاحقون (ولأصلبنكم في جذوع النخل وتعلمن أينا أشد عذابًا وأبقى ) والعذاب الأبقى – أي الدائم – شعار الطرفين فإنهما لا ينزعان عن إيذاء الأبرياء حتى تحين لحظات الغرق الحاسمة.
استهداف الخاصة طريق لتوطين الإجرام :
كان سيرة أسياس أفورقي السيئة ولم تتوقف عن الإجرام ، وهو في طريقه لتوطين الإجرام استهدف بداية :
- معلمي المعاهد الإسلامية
- زعماء القبائل
- الشخصيات القدوة من أهل الرأي والفكر والسياسة
- ومعنى ذلك أن النظام أراد أن يبقى الشعب بلا قدوة حتى يسوقه كالقطيع
- وقد نجح
- فإذا غاب المعلم القدوة عن المدرسة
- والسياسي القدوة عن المشهد
- والزعيم القدوة عن صدارة المجتمع
- والصانع والتاجر القدوة عن الأسواق التي توفر قوت المواطنين.
- وأصبحت سارحة القوم بلا راع
عندئذ سهل على الذئب أن يسوق الغنم كيف شاء
وأن يفترس الغنم كيف شاء
وأن يجعل الوطن حكرًا لنفسه يستغله كيف شاء ، يبيع ويقبض الثمن دون مسائلة.
وأن يسكن هذا في مكان هذا، وأن ينزع مزرعة هذا ليعطيها هذا ،
وأن يصادر مال هذا لصالح الجيش ، وأن يمنح صلاحيات بلا حدود لهذا ليتسلط على هذا .ولا تستغرب أن تجد هذا الوضع مألوفاً في بلد لا يحكمها قانون ولا مؤسسات تشريعية وعدلية وإنما تدار بحكم الهوى الجاهلي.
فراق الوطن :
وكلها عوامل من شأنها أن تسوق إلى العزوف عن الوطن ، فكان البديل الهجرة إلى أقاصي الدنيا .
وطال الليل البهيم ، والأزمة الأليمة فلا الوطن يرحب بالمواطن ولا الهجرة توفر للناس السكن النفسي، والطمأنينة الراضية في البديل الجديد، لأن الحنين إلى الأصالة من قبيلة تؤوي ، وتاريخ يخلد، وأهل مقربين ، وعشيرة تحن ، وماء صافي ، وسماء زرقاء ، وأرض مخضرة ، وطيور مغردة ، وحتى ذكريات قبور الأجداد والأموات ليست كومة تراب تقادم عهده ، وإنما لها عبق يعشق، ولهذا يدفن بعضهم جثمان الجد في المزرعة ، وكأنه فاتورة امتلاك وأصالة. إنه حنين لا يموت بالسياط الجائرة ، ولا بالرخاء المادي في الوطن البديل.
لكل جريمة فاعل مجرم
فمن الذي يعتقل ويقتل الأبرياء ، من الذي يطفئ الأنوار في أرتريا .؟
من الذي يعمي البصيرة في أرتريا ، من الذي يعادي الضياء في أرتريا ؟
أليس من العقل الهادي والحكمة الرزينة أن يتعايش المواطنون في الوطن الحبيب؟
ألم يكن هذا الوطن الكبير كافياً لمواطنيه معيشة آمنة سعيدة؟
الغنى الموجود المفقود :
المساحة أوسع من السكان وهي مرزوقة غنية ومع ذلك مهملة الآن عاطلة عن الانتاج.
والبحر يمتد إلى اكثر من ألف كلم وهو عاطل غير مشغول مليء بالكنوز.
تشتاق شواطئه وجزره وأعماقه إلى يد مواطن بانية منمية آمنة
والمزارع والأرض الخصبة ممتدة في السهول والهضاب الكثيرة ، والماء متوفر في أنهار المواسم وفي أعماق التربة مما يبشر بالمستقبل الواعد زراعة ورعياً.
وعلى الرغم من هذه الخيرات الوفيرة من الذي يفرض على أرتريا أوضاعًا غير سوية، لا أمن ولا تنمية ولا سعادة ولا استقرار . لا زراعة منتجة ، ولا رعي نامي ، وكل مولود في الوطن يشب ليهاجر عن الوطن!
كم هو مؤلم أن تجد الوطن يعيش على حظر أليم لمدة زادت عن ثلاثين عاماً بعد التحرير
كم هو مؤلم أن يعيش الوطن على ما يجود به التهريب من طعام وشراب وضرورات معيشية.
من هذا المجرم الذي يعشق العذاب ويتشهى أن يرى آلام ضحاياه.
أسياس ليس خارقًا للعادة :
كثيرون يقولون أن رأس النظام هو المسئول عن كل هذه المآسي التي عليها الوطن
أسياس أفورقي شخصيًا هو المسئول فإن ذهب هو ذهب البلاء ، هذا رأيهم .
صحيح أن أسياس ذو سيرة مستبدة ، وله من الذكاء والدهاء والكيد والخبرة ما يستطيع به أن يسخر التناقضات المجتمعية لتحقيق مصالحه.
اغتنم هذه التناقضات لتحقيق حصاد الاستقلال ، ويغتنمها حتى الآن ليكون القائد البطل ، والحاكم الأوحد، يحوم حوله القطيع مطاوعاً خدوماً.
إن مسألة إلباس أسياس أفورقي لبوسًا يجعله خارقًا للعادة دعوى يرددها كثيرون خاصة من كان مع النظام ، نعم من كان جزئا منه تاريخًا وهوًى لا يزال يعتقد أن الجبهة الشعبية هي الخيار القادر على هداية الوطن وقيادته، ففي رأيهم إن كان قد ذهب أسياس الشخص فقد تحققت الآمال وبلغت النفوس مقاصدها
رأي غير سديد :
ولا أظن أن هذا الرأي سديد لأن أسياس أفورقي لا يحكم أرتريا وحده ، ولا يستمتع بآلام الضحايا وحده .
وإنما لكل فرعون عابدون كثيرون ، ومن يمتطيهم فرعونُ كثيرون أيضاً.
إن الذي ينفذ سياسة نزع الأراضى عن أصحابها لصالح قوم آخرين مشارك في الجريمة.
إن الذي ينزع الفتيات من حضن أمهاتهن قسراً مجرم
إن الذي يمارس الاغتصاب والانتهاك لحقوق الأطفال والنساء مجرم
إن العقيدة التي يعتمد عليها النظام فتجيز له الاعتداء على الأبرياء يقف خلفها رجال دين من مسلمين ومسيحين فهم مجرمون
إن الذي يضع المناهج التعليمية بلغة الأم ويفرض اللغة التجرنية مقابل إزاحة اللغة العربية ويغرس التجهيل في الجيل الناشئ مشارك في الإجرام
إن من قائمة المجرمين من يقوم بدراسات اجتماعية بحثية لتبنى عليها ساسة الدولة في زرع الفتن بين القبائل والإمساك بمواطن الضعف في كل قبيلة لتكون مطاوعة للاستبداد خادمة ذليلة.
يقع في قائمة المجرمين ضباط الجيش والشريحة العسكرية التي رضيت أن تكون أداة تنفيذ لسياسة النظام في الحروب العبثية مع دول الجوار وفي ملاحقة المواطنين
وليس بناج من التهمة من يدعم هذا النظام من دول ومؤسسة إقليمية ودولية فحكومة أفورقي طوع يد كل من يدعمها لتبقى متشبثة بالحكم الجائر الذي يمارس الإجرام على وطنه ومواطنيه.
إن أسياس أفورقي ليس شخصًا وإنما هو مؤسسة مستبدة تنفذ إجرامها عبر منظومة إجرامية تضم كل الأجهزة التي رضيت أن تكون أدوات باطشة ، وكل الأشخاص الذين يطاوعونها في الإجرام ، وكل الموظفين الذين يستمتعون بهذا الإجرام
وكل الفئات والمواهب الفنية الراقصة التي لا تزال تدعم النظام بفنها وتمايل أردافها ومناكبها منشرحة ساكرة.
وكل الأشخاص المتبرعين بأموالهم ويدعونها تتدفق في مناشط النظام وتملأ خزينته بسخاء، كلهم يشارك في الإجرام لأنه يقف في مناصرة الباطل والظلم ضد الحق والعدل.
إن أسياس أفورقي ليس جنيا يَرَى ولا يُرَى وإنما هو شخص عادي مثل الآخرين المجرمين يعجز شيطانه عن ارتكاب كل خطيئة في الوطن الجريح لكن البطانة السيئة التي تحيط به، وتزين له الإجرام ، وتحمي نظامه من السقوط وتؤازره وتعزز موقفه ..فهذه البطانة شريكة في الإجرام.
إن المحاولات الكثيرة التي سعت لإسقاط أسياس أفورقي لم تفشل بفعل الجن وإنما شارك في إفشالها أجهزة وبطانة وعقائد وعصبيات تتآزر ليبقى النظام القمعي فوق صدور الشعب
اليوم الموعود :
وقديمًا حدث أن شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى كان حريصًا عليها آدم عليه السلام ومع ذلك حانت لحظة ارغامه على ترك المشتهى وهو النبي المرسل المكرم فكيف يخلد الملك لمن لم يبلغ درجة النبي عصمة وتكريماً وتأييداُ
الدنيا دول (من سره زمن ساءته أزمانُ) ومن كان في زينته اليوم ما يلبث ان تخسف الأرض به، ويأتيه حتفه من مأمنه ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
إن هذا الشعب الذليل يوم تفوته محنته وتنفرج كربته يعرف من آذاه ، ويدرك أن أسياس أفورقي الشخص الهرم القابع في البيوت الفخيمة مستمتعًا ليس هو الذي ينفذ الجرائم على الشعب الأرتري وإنما المنظومة كلها مسؤولة حتى من قفذوا عن المركب خشية الغرق فإن أيديهم ملوثة بدماء الأبرياء بدرجات متفاوتة .
إن العفو خلق كريم ربما يلجأ إليه أهل الضحايا لكن التاريخ لا يعفو فقد سجل الكتاب السيئ لأبي لهب قبل أن يموت ، ولأبي جهل في واقعة بدر حتى قتل وهو متدثر بعار الإجرام كما سجل على الصحابة الكرام أنهم فروا يوم الزحف وأن سيف الله المسلول خالد تضم سيرته أنه قتل في أحد خير الشهداء، وإن الصحابة الكرام المشهود لهم بالجنة لم يمح تاريخُهم الناصعُ أخطاءَهم في الحروب الأهلية بسبب خلافات سياسية حتى انتهت سيرتهم إلى أصحاب مجتهدين مدانين وأصحاب مجتهدين كانوا ضحايا لاعتداء إخوانهم عليهم فالكتاب خالد لا يمحى والله عادل لا ينسى.
التأخير غير قابل للنسيان :
إن هذا الشعب قد يعفو عن المجرمين لكنه لن ينسى سيرة هذا الجاسوس ، وهذا المغتصب وهذا القاتل ، وهذا السجان، وهذا الذي يتولى التعذيب للضحايا ، وهذا الذي أتى ليلًا فاقتاد الآباء من بين أبنائهم، والمعلم من بين طلابه ، ولهذا فلست وحدك يا أفورقي من يدينك التاريخ بالإجرام وإنما معك مؤسسة دينية مؤازرة ، وحزب وقبائل وأفراد ومرتزقة وأسؤهم من يطاوعك وهو على غير ملتك ؛ وعلى غير تاريخك ، يطاوعك لأذية أهله وهو غير منتفع منك بشيء يظهر العناء الأليم في معيشته حيث لا يزال يمشى على قدمين حافيتين أرهقه الفقر المدقع، وقد ركب غيره الفارهات ، وسكنت البطانة المقربة الفخيمات من الدور الأنيقة ، وهي تستمتع مستأثرة بخيرات الوطن الحبيب والزعيم الطاغي يقيم في تل عليل الهواء ، جميل المنظر على ضاحية من العاصمة أسمرا أو على قصر يطل على المياه الزرقاء في مصوع وأمواجها التي تنظر إليه بأنه غريب اللسان والدين والخلق فهي تنكره وهو في سكرة منتشي يأنس بها بإعجاب وكبرياء ويظن أنها تضحك له ، وأنت يا الجاهل العميل بغيض عند أهلك ومهمش عند من استغلك لخدمة النظام المستبد فمتى ترعوي؟
إفاقة مرجوة:
أما حان الوقت المناسب لتفيق هذه المنظومة الظالمة من سكرة التمكين الزائفة لتتصالح مع شعبها وتبدأ بتسطير تاريخ جديد لا عيب فيه قبل فوات الأوان .
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم