مقالات وآراء

أ.عبد الله إسماعيل : لا يزال النظام الأرتري يعتمد على المكون المسيحي

ومن المسيحيين من يقف ضد النظام

أثمن مبادرة الدكتور حامد محمد حالفا في رفد المكتبة الإرتربة بدراسة علمية تنطلق من الواقع الاجتماعي والسياسي للمجتمع الإرتري وتركز على قضايا سياسية مفصلية تمس ماضي وحاضر ومستقبل التعايش السلمي داخل المجتمع الإرتري.

قد تسنى لي الاطلاع على بحث الدكتور حالفا والمعنون بـ

الطائفية في إرتريا ..   أتحتضن النظام  أم يستغلها؟

تعتبر قضية طائفية النظام الإرتري من القضايا التي تباينت حولها آراء ومواقف معارضي النظام الإرتري إلى فريقين: فريق يقر بطائفية  النظام الإرتري، وآخر يرى أن النظام الإرتري ليس طائفيًا، فأوجد هذا التباين في التوصيف حالة من عدم توحد الموقف بين أطراف المعارضة تجاه قضية مست وحدة الشعب الإرتري واستند عليها النظام الإرتري في التنكيل بمعارضيه.

تنظيم الجبهة الشعبية له إرث من استخدام الطائفية في التنكيل وقمع المعارضين، فأسياس أفورقي استند على الطائفية للانشقاق عن جبهة التحرير كما جاء في منشوره      (نحن وأهدافنا)، وكذلك فعل حين احتاج لقمع (المنكع) وهي مجموعة  إصلاحية مسيحية معظمها من أكلي قوزاي اعترضت على أسياس أفورقي سلوكه غير الثوري  1973م  وعابت عليه أنه يتعالى ويترفع على المناضلين ويظلم. ولأنه غير متعود على مثل هذه الآراء المعترضة عليه انتقم منها بعد أن صنفها بأنها طائفية كاثوليكية  –  وكذلك روج ضد حركة الجهاد الإسلامي بأنها إسلامية متطرفة ضد المسيحين ومثل ذلك فعل للحركة التصحيحية التي قادها القائد علي حجاي عام 2013م وذلك من أجل كسب تأييد المكون المسيحي وإشعارهم بأنهم تحت تهديد المكون المسلم.

إن المعارضة الإرترية كان ينبغي أن تكون متحدة في موقفها السياسي تجاه نظام ظلت

تعارضه لعقود، السبب في ذلك يعود لعدم وجود دراسة بحثية محكمة تحدد طائفية النظام من عدمها،  فكانت ستسهم في توحد الرؤية والموقف السياسي للمعارضة الإرترية في هذه القضية دون القفز فوق الحقائق كماهو الواقع حاليًا.

المعارضة الإرترية تتفق في كثير من القضايا وتتوحد رؤيتها حولها، منها دكتاتَرية النظام، وغياب العدالة، والحرية، وفساد النظام الإرتري.

هذه الدراسة تشكل نواة بحثية مهمة للباحثين والسياسيين للتوسع في البحث في طائفية النظام الإرتري، وذلك من أجل تحديد أهم القضايا التي تعترض الوحدة الداخلية للمجتمع الإرتري ومن ثم تحديد الرؤى التي يمكن أن تساهم في تمتين الوحدة الداخلية بمعالجة القضايا التي تعترض هذه الوحدة.

إن التاريخ الحديث للمجتمع الإرتري يذخر بكثير من المبادرات السياسية التي اتجهت نحو البحث والتقصي لدراسة القضايا الاجتماعية التي تشكل نقطة خلاف تعترض الوحدة الداخلية للمجتمع الإرتري، فاجتماع بيت قرقيس   (1938م ) عمل على تجاوز الطائفية بنقطتين  مهمتين.

الأولى:  تخفيف الشحن الطائفي بالتداعي لمائدتين الأولى يقيمها المسلمون، والثانية يقيمها المسيحيون يجتمع الطرفان حولهما، ولم يكن ممكنًا أن يجلس المسلمون حول المائدة التي أقامها أشقاؤهم المسيحيون لو لم تكن توجد فتوى شرعية، وهو ما حدث بالضبط ، في المقابل لم يكن بمقدور المسيحيين الجلوس في مأدبة أقامها أشقاؤهم من المسلمين لو لم تكن تتوفر فتوى دينية تجيز تناول طعام المسلمين، واستخدام أوانيهم، وكان قبل هذا يحرم المتعصبون من المسيحيين استخدام أغراض المسلمين ما لم يباركها القسيس.

أما الخطوة الثانية فكانت حول وحدة موقف المجتمع الإرتري من قانون الفصل العنصري الذي كان مقرًا ومطبقًا من قبل سلطة الاستعمار الإيطالي. وفي حقبة الفيدرالية اتفق المسلمون حول أهمية إقرار واعتماد  اللغتين العربية والتجرنية لغتين رسميتين في إرتريا واستمات المسلمون من أجل إقرار هذه المادة في الدستور الإرتري، في المقابل انصرف المسيحيون للترويج بأن اللغة العربية وافدة، ولم تكن لديهم رؤية لموقع اللغة التجرينية داخل تركيبة المجتمع الإرتري، غير أن ثبات المسلمين في موقفهم أجبر الإمبراطور هيلى سلاسي للطلب من أعضاء حزب الاتحاد مع أثيوبيا في البرلمان الموافقة على المادة التي تنص على أن اللغة العربية والتجرنية لغتان رسميتان في إرتريا، وقد استفاق المسيحيون عندما فرضت أثيوبيا اللغة الأمهرية.

وكان موقفهم الرافض للغة العربية مبني على أساس طائفي ويفتقر لدراسة علمية تتناول ثقافة المجتمع الإرتري.

هذه الدراسة حول طائفية النظام هي بمثابة لفتة أولى في قضايا شائكة تواجه المجتمع الإرتري وستستمر في إعاقة مساره السياسي ووحدته الداخلية ما لم تحظ بمزيد من البحث والدراسة لأن المجتمع الإرتري تركيبته ثنائية وقدره أن يتعايش وفق هذه الثنائية دون إقصاء أو إنكار لحقوق الآخر،  وقد كلفه ذلك الكثير فقد تطلب منه أن يناضل قرابة نصف قرن من أجل أن ينال استقلاله وبذل الكثير من دماء أبنائه لتحقيق هذا الهدف. 

أيضًا دراسات علمية كهذه تبث الوعي بين عامة الشعب الإرتري حول هذه القضايا وتحول دون استغلالهم لمشاريع سياسية تخدم أغراض فئات انتهازية من السياسيين، ولا تخدم الوطن.

هذه الدراسة  قد يفهم منها للوهلة الأولى أنها محاولة  لإدانة مكون معين في المجتمع الإرتري من خلال وسم النظام الإرتري بالطائفية،

غير أن كثيرين من المكون المسيحي  هم ضد الطائفية، فقط الدراسة حاولت التوضيح أن النظام استغل الطائفية من أجل تصفية خصومه السياسيين وحشد واستغلال البسطاء  باسم الطائفية للبقاء في السلطة.

علمًا أن النظام الإرتري كان ولا يزال يعتمد على المكون المسيحي في فرض دكتاتوريته ووفر له هذا المكون الغطاء السياسي والديني مما مكنه من الاستمرار لكل هذه المدة في الحكم، غير أنه بدأ يفطن إلى أنه أستغل من خلال تأجيج الخطاب الطائفي فأخذ في تغيير موقفه والتعبير عن رفضه لسياسات النظام وتحول جزء معتبر منه  إلى مربع المعارضة للنظام وهي خطوة أولى يتطلب أن تتبعها خطوة الإقرار بأن النظام استغل الطائفية. وهذا سيؤدي إلى إقرار مبدأ المصارحة والمكاشفة  من أجل بناء وحدة وطنية تقف على قاعدة صلبة

كل المسيحين مع النظام

الطائفية في أرتريا

بقلم الأستاذ عبد الله إسماعيل آدم : يعتمد النظام على المكون المسيحي

تقييم المستخدمون: 3.05 ( 1 أصوات)

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى