الأستاذ أبو هاشم عبد الرحمن السيد في الحلقة الأخيرة لــــــ ( زينا) : • لا أتوقع حدوث التغيير للنظام إلا عبر معارضة الداخل ولهذا يلزم دعمها
- يزيد المختفون قسريا في أرتريا عن 15 ألف وملف حقوق الإنسان من أكثر الملفات قبولاً لدى المجتمع الدولي ومؤسساته ومع ذلك جهودنا فيه ضعيفة تستدعي تعاون الجميع
- ملف المعتقلين تواجهنا فيه مشكلة غياب وتواري أهل الضحايا عن إدلاء شهادتهم
- مجتمعنا لا يحتاج إلى من يعلمه القانون الفرنسي و لا البريطاني أو الأمريكي ولا غيره، له أعراف وتراث قائم ومتجذر.
- لا أتوقع حدوث التغيير للنظام إلا عبر معارضة الداخل ولهذا يلزم دعمها
- تراخى التماسك التنظيمي لمنظمة ” سدري” لأنه لم يكن مبنياً على أساس متين لمواجهة تحديات متعددة الجهات ومنذ عام 2011م لا أعرف أين هي ؟
=====================
13 – نعود إلى ملف الأسرى والمعتقلين.. ما الدور المنتظر من أبناء الأسرى والمعتقلين وتلامذتهم ومحبيهم وقبائلهم تجاه حيوية هذا الملف وديمومته مشتعلاً .لم لم نجدْ في الواجهة أبناء وأسر المعتقلين في الحراك الشعبي المطالب بحقوقهم
هذا السؤال مهم جدا ، فيما يتعلق بأقارب وأبناء وتلاميذ الأسرى هناك كانت تواجهنا مشكلة كبيرة ولا زالت وهي الحديث عن الأسرى و المختفين قسريًا يحتاج أحياناً إلى إدلاء الشهادة من أقرب أقرباء هؤلاء الضحايا، فعندما تأتي إلى شخص وتطلب منه أن يسجل إفادته بأن فلان من أقاربه قد تعرض إلى اختفاء قسري ويمكنه الإدلاء بذلك إلى لجنة التحقيق أو المحقق الخاص للأمم المتحدة لتدوين القضية ورفعها في المحافل فكانت تجد تردد و البعض يتهرب بحجة أن رفع القضية إلى أعلي المستوى قد تؤدي إلى انتقام النظام من الضحية، لهذا كان التعاون صراحة مخجلاً ولم يكن بالشكل والحجم المطلوب، وربما هذه مناسبة لمناشدة كل من يعرف عن أستاذه ، عن جاره عن أبويه أو أي شخص أن يعرفه يدلي بالمعلومات إلى المحقق الخاص أو إلى المنظمات الحقوقية الارترية منها والعالمية لأن العصابة تمارس الاختفاء القسري للإفلات من المسؤولية والمحاسبة ولو بعد حين. التعاون مطلوب جدًا لإحياء قضية المعتقلين لأن النظام لن يتوقف عن الإنكار، بل لا يتردد عندما يطعن في مصداقية التقارير الدولية ذات الصلة ويتهم المنظمات الدولية بأن تقاريرها عاربة عن الصحة، ويعمل على التشكيك في مصداقية المحققين ويتهمهم بأن تقاريرهم حول حقوق الإنسان “مسيسة” ولا ترتكز على حقائق ويطعن في شهادات المقيمين في أروبا بأنهم أصحاب مصلحة وغرض، لهذا هنالك حاجة إلى إسناد قوي بشهادات أهل ومعارف الضحايا وهذه الجهات تستقبل الشكاوى و يمكنها الاستناد عليها والاحتجاج بها الأمر الذي يسهل في توثيق الانتهاكات و محاسبة المجرمين، ولهذه الأهمية يلزم التعاون على المستوى الفردي و الجماعي.
14 – ما تقييمك للجهود المبذولة في ملف المعتقلين وهل وجد هذا الملف حقه من وقوف وتأييد دعم كل الأرتريين المسلمين والمسيحيين على حد سواء
الملف أوجد حراكاً من خلال منظمات المجتمع المدني والأفراد اللذين تحركوا في هذا الاتجاه و أوصلوا القضية إلى قمة العمل الدولي الإنساني وهي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. لا أدري إن كان سيكون إمكانات لإضافة شيء على هذا الأمر غير إقناع الدول العضو في مجلس الأمن لاتخاذ قرار مبني على إرادة سياسية لإلزام النظام بالتوقف عن هذه الجرائم و الانتهاكات ولإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرًا ومن ثم إذا رفض التعاون ممكن إحالة القضية إلى محكمة الجنايات الدولية أو أي محاكم إقليمية ممكن يتم إنشاؤها للبت في مثل هذه الأمور باعتبار أن هذه الانتهاكات كما قلنا في بداية الحديث هي جرائم ضد الإنسانية وبالتالي يمكن أن يحصل هذا إذا كانت هناك إستراتيجية للتواصل مع دول أعضاء مجلس الأمن ال 15 ورفع هذه القضية بإلحاح على هذا المستوى ليتم إحالة القضية إلى محكمة من المحاكم وكذلك أيضا العمل مع وسائل الإعلام الدولية لإبراز القضية و الضغط على أصحاب القرار الدولي من خلال جذب الرأي العام وتعاطفه مع قضية شعبنا إن شاء الله.
15 – ما مقترحاتك لتطوير ملف حقوق الإنسان وحقوق المعتقلين لتحقيق أغراضه وهل من إحصائيات للضحايا تزود بها القارئ؟
التطوير يكون من خلال العمل المؤسسي الممنهج و يكون له التركيز في مثل هذه القضايا و حتى الآن لدينا مؤسسات أو منظمات مجتمع مدني وهي تعمل في مثل هذا المجال ولكنها قليلة الإمكانات وأعمالها محدودة وان كانت تقوم بأعمال تستحق التقدير والاحترام لكن غير كافية فالعمل المؤسسي يكون مفيد جدا إن تم بالتنسيق بين المؤسسات والناشطين داخل ارتريا وخارج ارتريا باعتبار أن هناك سرية تامة في ما يحدث داخل ارتريا ومعرفة الإحصاءات والأعداد بدقة يصعب دائما فهناك تقديرات تقول: يصل أعداد المعتقلين والمختفين قسرياً إلى نحو 15 ألف وقد يزيد هذا العدد بكثير لكن يصعب التأكد منه بشكل مستقل لان النظام لا يسمح بذلك لكن إذا كل شخص أدلى بشهادته حول من يعرفهم يمكن أن تجمع الإحصاءات بكل سهولة عن الذين اختفوا قسرا حتى وان حاول النظام التخفي خلف التجهيل والتعتيم.
16 – هل النظام الأرتري نتاج لتربية عليلة لمجتمع عليل لا يعرف غير الاستبداد على مستوى الأسر والقبائل أو على مستوى الوطن الذي كان يحكمه الاستعمار المتعاقب بالكرباج .؟
ما اعتقد بأن النظام يعكس ثقافة اجتماعية أصيلة في ارتريا إنما هي ثقافة طارئة تعكس معاناة من له عقد شخصية وأزمة هوية ولهذا يمارس الاستبداد ضد كل الفئات الارترية سواء كانت من المسلمين أو المسيحيين و ضد كل المناطق و القبائل و القرى ولهذا السبب يصعب ربط ممارسات العصابة بأي فئة اجتماعية في ارتريا بدليل أن شعبنا في المرتفعات له أعراف يدير بها شأنه بطريقة شبه ديموقراطية، له مجالس القرى تسمى بالتقرنية ” بايتو عدي” وتعني “مجلس القرية” وله مسئول عن هذا “البايتو” ومتحدث وتحل فيه كل إشكاليات المجتمع والقضايا، بل أنا ازعم بأن سلطات الدولة كانت دائما تنحصر في المدن الكبيرة سواء كان أبان الاستعمار الإيطالي أو في عهود لاحقة كالاستعمار الإثيوبي وما بعد التحرير، والمعروف أن نسبة 80 % من المجتمع الارتري يعيش خارج هذه المدن في القرى والبادية التي كانت ولا تزال تدير شؤونها وفقا لأعرافها ولهذا فهذه الأعراف طبعاً لا نقول أنها تستوفي كل شروط العدالة والمساواة من منظورنا اليوم ولكن كافية لإدارة شؤون مجتمع بشكل من الأشكال فيه كثير من العدالة وكان ناجحًا حتى اللحظة ويمكن أن يتم تطويره فيما بعد، فهذه الإدارات الأهلية تعكس ثقافة العدل والتعايش السلمي في أوساط المجتمع الارتري والراسخة منذ القدم، أما الذي لا يعترف بهذه الأعراف والقيم الموروثة فهو بالتأكيد طارئ لا يعكس إلا نفسه وأزمته الخاصة به.
17 – ما الضمانات العاصمة من تكرار تجربة الجبهة الشعبية في أرتريا المستقبل ألا تخشى من إعادة إنتاج التجربة المرة على يد عناصر معارضة لا تزال تفخر بإرثها الاستبدادي في النضال مع الجبهة الشعبية
الضمان هو طبعاً الشعب الذي تسود فيه ثقافة الحوار والديمقراطية والتسامح لأنه لا يمكن فرض أي نهج للحكم من فوق ما لم تتوفر هناك ثقافة الحوار وسيادة القانون، فاحترام الرأي والرأي الآخر والتقيد بسيادة القانون هي ثقافة عامة يتبعها أفراد المجتمع دون الحاجة إلى تعيين شرطي على رأس كل مواطن. فمثلا في الشارع تحترم قوانين المرور ليس لأن هناك من يقف على رأسك شرطيً حامل مسدس وإنما لأن هناك ثقافة احترام قوانين المرور وهكذا فالعدالة ونظام الحكم الديموقراطي يجب أن تسود كثقافة على مستوى المجتمع وان ترسخ حتى تكون هي الحاكم والمجتمع هو الضامن، ولهذا تشاهد الآن في الدول التي فيها ثقافة الديمقراطية و ثقافة سيادة القانون لا تقبل بأي انزلاق وخروج عن هذه الثقافة، حتى إذا أتى العسكر بقوة الدبابة تجد من يقف ومن يتصدى له في الشارع بصدور عارية، وعليه ينبغي على الجميع من إعلاميين ومثقفين وناشطين القيام بأعمال توعوية وتثقيفية لترسيخ لتمكين المجتمع لممارسة حقه في إدارة شؤونه، لأن مجتمعنا لا يحتاج إلى من يعلمه القانون الفرنسي و لا البريطاني أو الأمريكي ولا غيره، له أعراف وتراث قائم ومتجذر وما علينا إلا أن نغربل هذا الشيء ونظهره إلى السطح ونطوره من خلال العمل مع المجتمع إن شاء الله.
18 – يردد بعضهم تهمة موجهة إليك وإلى أصوات مشابهة لك حضورا وهمة وثقافة تزعم أنكم أصحاب أفكار ومبادرات إيجابية نظرية طموحة لكنكم لا تتحلون بالصمود والتضحية لنجاحها في شكل عمل تنظيمي جامع …تنتج مبادرة وسرعان ما تخذلها مؤثرا اهتمامات على قدر جلبابك ..هل تجد في نفسك ما يعزز هذه التهمة ؟
ربما من الخارج قد ينظر الإنسان لما يحصل لنا بهذا المنظار الذي طرح في السؤال لكن أنا شخصياً والعياذ بالله من كلمة أنا أحاول أن اطرح أفكارًا وحلولاً لان الإنسان العامل والناشط الذي يحمل هم قضية شعبه لا يوقفه تعطل هذه المركبة أو تلك وإنما دائماً يبحث عن أفضل السبل والوسائل للوصول إلى الهدف المنشود. علينا دوما أن نعيد تقييم أنفسنا وأطروحاتنا ووسائلنا حتى نصل إلى النصر أو الانجاز. أدري بأن هناك اعتقاداً لدى البعض بأن الإنسان إذا أصبح له تنظيم يظل على ما هو عليه لعشرات السنين، حتى و إن لم يكن له أي انجاز أو تقدم في أي مجال، يعتبر حمل اسم لتنظيم غير فاعل إنجاز كبير، والبعض الآخر السياسة عنده هي مجرد وسيلة للتسلية في المقاهي و المآتم ليس إلا، وهذا الصنف فالح في نهش لحوم العاملين والنشطاء وإصدار الأوصاف التي غالباً ما تكون عارية عن الصحة وترتكز على معلومات غير دقيقة ولا تمت بصلة إلى الواقع.
التنظيم هو وسيلة للعمل الجماعي ولإنجاز فكرة ما بشكل مؤسسي، ولذا يكون خاضع للتقييم، إذا كان غير فعال أو منغمس في المهاترات الكيدية فلا داعي لوجوده أو للتواجد داخله. نحن نعمل في مساحة ضيقة جدًا بحكم ظروفنا الحياتية، ليس لدينا الوقت لهدره ولا نمتهن السياسة لكسب العيش، وإنما لنا إشغالنا اليومية ومسؤولياتنا الحياتية، لكننا نسعى بما هو متوفر لدينا من إمكانات مادية وفكرية ومعرفية وزمنية لتقديم ما يمكن تقديمه لإنكار المنكر ورفع الظلم عن كاهل شعبنا وهذا أضعف الإيمان.
لعلكم لاحظتم كم من الزمن أخذ منا إجراء هذا الحوار وذلك بسبب مشاغل الحياة والسفر.. ما أردت قوله هو أن إمكاناتنا مبعثرة في أكتر من جهة ومع ذلك نحاول أن نوجد مكان في حياتنا للعمل العام الأرتري وذلك من باب المسؤولية الأخلاقية والوطنية تجاه شعبنا وبلادنا الحبيبة، وعندما نجد إعاقة غير قابلة للإصلاح نحاول اتخاذ وسيلة أخرى أو طريق آخر لنساهم من خلاله بغية الوصول إلى الهدف الرئيسي وهو رفع الظلم والاستبداد عن كاهل شعبنا، لان الوقت والإمكانات المتوفرة محدودة جدًا، فبدلاً من إضاعتها في خلافات و مكايدات بينية الأفضل منها إنجاز أعمال مفيدة توصل إلى نتيجة مرجوة بعون الله، هذه هي النظرة التي ظللت اتبعها وأرجو من الله أن أستمر في تقديم ما هو مفيد وتجنب ما هو غير ذلك من عصبيات تنظيمية وفئوية. قد يرى البعض بأن هذا نوع من الضعف وعدم الصبر لكن الصبر ينبغي أن يقاس ليس بالتشبث بما هو غير مجدي ولكن بالصمود على المبادئ والهدف في مجابهة الاستبداد.
19 – بين بريق ميلادها وخفوت حاضرها أين منظمة سدري ؟
لقد تركت منظمة سدر أو سدري طبعا في شهر نوفمبر عام 2011 بعد أن فقدت الثقة في الزملاء الذين جمعتني بهم التجربة. الفكرة أتت من خلال حوار بدأ بيني وبين البروفيسور ( آرايا دبساي) الموجود في أمريكا على اثر مقال كتبته بالانجليزية وكان عنوانه “الهبوط الآمن في تغيير النظام في ارتريا” الذي نشر لي في عام 2007 في كل من موقع “عواتي” و “عركوكباي”، وقد قام بترجمته إلى العربية الأخ محمد طاهر دبساي – شفاه الله – التي نشرت في عام 2009م. وفكرة الهبوط الآمن لإظهار أهمية دور منظمات المجتمع المدني في مقارعة الاستبداد بالطرق السلمية والمدنية وفي انجاز التغيير السياسي كما حصل في “بولندا” ودور نقابات العمال هناك في إسقاط الديكتاتورية الشيوعية، ومثال آخر كان “جمهورية تشيلي” وأهمية العفو العام مقابل التخلي عن السلطة كما حصل مع الديكتاتور “أغوسطو بينوشي” الذي حكم تشيلي بالحديد و النار.
فالأحزاب والتنظيمات السياسية التي تسعى لتكون مشاريع دولة وحكومة بديلة للنظام القائم فلتكن كما تشاء ولكن أرى وجودها في هذه المرحلة يعطي للنظام نوعًا من التبرير للمحافظة على ما يراه هو وإتباعه “مكتسبات” لا يريدون التخلي عنها لصالح فئات يعتبر نفسه هو قد هزمها وانتصر عليها، لكن إذا خضنا الصراع من خلال حركة مجتمع مدني وبطرق سلمية ومدنية بعيدة عن وسائل العنف والعسكرتارية قد نستطيع في سحب اي المبررات التي اشرت اليها، لأن طبيعة منظمات المجتمع المدني وهدفها لا يكون اعتلاء السلطة وانما ممارسة الضغط بشتى الطرق المشروعة لإعادة السلطة إلى سيادة الشعب وسيادة القانون. أما الأحزاب السياسية فهي تحمل برامج سياسية لإقامة سلطة بديلة.
أشار المقال أيضا إلى أهمية استراتيجية التغيير من الداخل وليس من الخارج، ومن هم في الخارج دورنا يكون مكمل للداخل وليس العكس. المقال انتشر في اوساط الناشطين والمهتمين من كل الخلفيات وأدى إلى حوارات بيني وبين البعض منهم بما فيهم البروفسور آرايا دبساي، الذي لم نكن نعرف بعض قبل هذا المقال، وهو أستاذ في جامعة في أمريكا. توسع الحوار و شمل فيما بعد آخربن من أكاديميين وناشطين. أنا عادة منفتح على الجميع بغض النظر عن الخلفيات العقدية و التنظيمية وليست لدي أي إشكالية والحمد لله في التعامل مع الجميع لإيجاد فهم و أرضية مشتركة حول هم مشترك، يساعدني في ذلك معرفتي بالمجتمع الارتري والتحديات الكبيرة التي تواجه وطننا. تطور الحوار إلى إنشاء منظمة مجتمع مدني تحت مسمى “سدر او سدري” وخلال فترة وجيزة أوجزت المنظمة حراكاً سياسياً في أوساط الارتريين وتعرضت إلى هجوم من كل الجهات، كما عقدت مؤتمرات عدة تم فيها طرح أوراق تناولت قضايا الأرض و اللغة وحقوق الإنسان والحكم الراشد، وأصدرت تقريراً حول شركات التعدين الأجنبية العاملة في ارتريا وشاركت في مؤتمرات حقوق الإنسان على مستوى افريقيا وأوروبا بالإضافة إلى نشرها لفكرة التغيير من الداخل والعمل عبر الوسائل السلمية والجماهيرية الخ. لكن شاءت الأقدار بأن الهجوم الذي تعرضت إليه سدر أوجد شرخاً عميقا فينا، البعض رأى الانضمام إلى المشاريع التي كانت تطبخ في إثيوبيا والبعض الآخر بما فيهم شخصي الضعيف فضلنا البقاء حيث كنا كمنظمة مجتمع مدني نركز طاقتنا وإمكاناتنا على تعرية النظام والضغط عليه لتغيير نهجه أو الضغط عليه لإزالته من خلال قوى شعبية أو من داخل الجيش وغيره المهم وسط هذا الشيء تراخى التماسك التنظيمي لأنه لم يكن مبنياً على أساس متين لمواجهة تحديات متعددة الجهات مما أدى في النهاية إلى التفكك والذهاب كل باتجاه، هذا ما حصل حتى عام 2011، لا أعرف عن موقع المنظمة ما بعد هذا التاريخ، لأن من عادتي أنني لا ألتفت كثيرا إلى شيء تركته بقرار وملء إرادة ووعي. أنا لست تنظيمًا سياسياً يريد أن يكون بديلاً للنظام وإنما مجرد ناشط يحرص أن يكون صوت لمن لا صوت له وهذا واجب أخلاقي واجتماعي وثقافي لأني أنتمي لهذا الشعب فمن حقه علي أن أكون له صوت ولو بشيء متواضع.
20 – الصفحة الأخيرة من المقابلة بيضاء …ماذا تكتب فيها أستاذ أبا هاشم
أتمنى للجميع أن يمارسوا ثقافة الديمقراطية والعمل المؤسساتي سواء كنا أفراد ناشطين أو تنظيمات وأن نركز ضمن أولوياتنا على ثلاث استراتيجيات:
أولا – إستراتيجية التمكين، ذلك لأننا ننتمي إلى مجتمع يعاني من الفقر في جوانب كثيرة، والتمكين يتأتى من خلال إيجاد فرص التعليم ومصادر العيش الكريم والنهوض بالاقتصاد. ثانيا – إستراتيجية العمل السياسي، إذا كنا في الخارج علينا أن نركز على العمل الدبلوماسي والإعلامي والشعبي لمحاصرة عصابة الهقدف وحرمانها من أي استفادة دبلوماسية وسياسية أو اقتصادية في الخارج,
ثالثا- إستراتيجية تمكين معارضة الداخل، وذلك بالتعرف والتواصل مع الداخل و إيجاد سبل الدعم والتعاون الذي يقوي أعمالاً تهز أركان النظام وتزيله إلى الأبد إن شاء الله، فقد رأينا كيف اهتز النظام مع حركة 21 يناير 2013 و حركة أكتوبر مدرسة الضياء في عام 2017 وغيرها من الحركات التي جعلت النظام يتخبط يمينًا وشمالاً.
الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية هو الابتعاد قدر الإمكان عن المهاترات البينية و التصدي بحزم لمن يحاول أن ينتعش من خلال الفتن والمهاترات البينية التي يثيرها عنوة لأنه لا يستطيع أن يقدم برنامجاً بديلاً فيحاول إيجاد مثل هذه الخلافات التي ليس لها أي معني ومن خلالها يتظاهر انه رقم في جبهة المعارضة، على الجميع التعرف على أمثال هؤلاء وألا يعطيهم أي اهتمام، ويؤسفني أن أقول بأن جبهة المعارضة بها أعداد كبيرة من الأفراد الذين ليس لهم أي دور غير تعطيل أي عمل جاد، وعدم السكوت عنهم عندما يحاولون عرقلة أعمال الآخرين،
وبهذه المناسبة أهنئ نفسي والأمة الارترية والإسلامية بشهر رمضان المبارك جعلنا الله وإياكم إن شاء الله من الصائمين والمستفيدين من بركات هذا الشهر وأن يعود إلينا بالأمن والسلام والرخاء في ربوع بلادنا والعالم و جزاكم الله خيرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم