الأستاذ أحمد أبو زهري من غزة يرسل عبر” زينا ” : اغتيال سليماني؛ مغامرة محفوفة بالمخاطر
بقرار متهور يختار الرئيس الأمريكي ترامب تنفيذ هذه المهمة التي لم يجرؤ عليها سابقاه، بوش، وأوباما، ويتخطى الخطوط الحمراء المرسومة لطبيعة العلاقة مع طهران، بقتله الرجل الثاني فى القوة العسكرية الإيرانية الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الأمر الذي يعد تطورا خطيرا فى منطقة الشرق الأوسط.
فما ضرورة هذه العملية ودواعي تنفيذها؟ وكيف يمكن قراءة ارتداداتها على المشهد فى المنطقة؟ وماهي الرسالة التي أرادت الادارة الأمريكية إيصالها لطهران؟
يمكن فهم القرار الأمريكي فى عدة سياقات كانت ملحة لتنفيذ هذه المهمة لتصفية هدف استراتيجي، لا يمكن الانتظار طويلا على وجوده فى المنطقة، على الرغم من تداعيات ذلك على المصالح الأمريكية وأمن المنطقة.
السياق الأول: تعاظم القدرة والسيطرة الإيرانية وتمدد نفوذها فى ساحات المنطقة العربية سوريا، واليمن، والعراق، ولبنان، مما يشكل تهديدا مباشرا للوجود والمصالح الأمريكية،
والإسرائيلية، إلى جانب بعض الأنظمة التي تدور فى الفلك الأمريكي والإسرائيلي.
السياق الثاني: الرغبة الإسرائيلية المتقدة لتوجيه ضربات قوية لإيران من خلال حليفها الأمريكي وبالتحديد لقاسم سليمان الذي يبني خطوط نار جديدة تطوق الامن الإسرائيلي، حيث نقل الخبرات العسكرية وراكم القدرات والامكانات وأعاد ترتيب صفوف المقاتلين، الأمر الذي يشكل تهديد استراتيجي، فهذا الصداع كان يؤرق مضاجعهم لذلك كان لابد من إزاحته.
السياق الثالث: يأتي أيضا كرد فعل نتيجة محاولة اقتحام السفارة الأمريكية فى بغداد، ومن قبل الهجوم على قاعدة ( كي وان: k1) فى كركوك ما أدى لقتل مدني أمريكي وإصابة آخرين، ورد الإعتبار بعد إسقاط الطائرة الأمريكية، ومهاجمة ناقلات النفط والمنشآت.
السياق الرابع: يتزامن الأمر مع قرب استحقاق الانتخابات الأمريكية، وإجراءات عزله، فأراد الرئيس الأمريكي تقديم هذا الانجاز للمجتمع الأمريكي وتسويقه كنصر كبير يحققه فى الشرق الأوسط، إلى جانب حرصه على إظهار القوة الأمريكية وقدرتها على الردع لتهدئة روع حلفائها فى المنطقة، بعد هجوم ( أرامكو) والهجمات الأخرى على المصالح الخليجية.
السياق الخامس: ممارسة الكثير من الضغوط لحشر إيران فى الزاوية لتجد نفسها مضطرة للعودة إلى طاولة المفاوضات، وفق سياسة العصا والجزرة، يغتال قيادي بارز ثم يعرب عن نيته عدم الرغبة فى خوض حرب مع إيران ويلمح لامكانية التفاوض.
الارتدادات على المشهد:
لن يتوقف هذا الحدث عند الجغرافيا العراقية، حيث وقع الاغتيال إنما يمكن أن تمتد ارتداداته إلى دول المنطقة برمتها، وهناك قلق دولي وإقليمي أن تندلع شرارة الحرب التي لا يريدها أي من الأطراف حال ذهبت إيران إلى فعل غير معهود يمكن أن يستفز القوات الأمريكية لقصف الأراضي الإيرانية وحينها تبدأ الأمور بالتدهور.
الرسالة الأمريكية لطهران:
أن سياسة التوسع والتمدد فى المنطقة وبناء التحالفات المناهضة للسياسات الأمريكية والاسرائيلية لا يمكن قبولها،
وأن الهجمات الإيرانية لن تمر دون أن تدفع إيران الثمن، وأنه حان الوقت لتتوقف إيران عن العبث بأمن المنطقة، وباغتيال سليماني هي رسالة لورثته، ومن يخلفه فى القيادة، وللنظام الإيراني بالتوقف ومراجعة مواقفهم فإنه من غير المسموح مواصلة هذه الأنشطة الإيرانية الخطرة، وأنه لا سبيل إلا بالعودة لطاولة المفاوضات التي يمكن أن تحقق مكاسب للإيرانيين، فى إشارة لتغريدة ترامب الأخيرة ” إيران لم تكسب حربا، لكنها لا تخسر المفاوضات“.
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم