مقالات وآراء

الأستاذ طاهر محمد علي يكتب: المناضل مسفن حقوص : بين نضالاته وشبهات تحيط بتواصله مع وياني تقراي ..هل صحيح أن حكم تقراي لأرتريا ليس بأسوأ من حكم أسياس أفورقي.

مازالت التصريحات التي أدلى بها القيادي السابق بتنظيم الجبهة الشعبية مسفن حقوص لإذاعة “صوت أرينا” خلال المقابلة المطولة التي أجريت معه بمناسبة ذكرى 20 يونيو يوم الشهداء تثير جدلًا كبيرًا في الساحة الإعلامية الإرترية وذلك في محور رده عن سؤال حول زياراته المتكررة إلى إقليم تقراي الإثيوبي في الفترة الأخيرة التي أوضح فيها بأنه لم يسافر متخفيا إلى إثيوبيا وان زيارته كانت بغرض الاستكشاف لمعرفة ما يمكن أن يتم التعاون فيه مع حكومة إقليم تقراي.. وكيف يمكننا العمل مع بعض في الأمور التي نتفق عليها . وأضاف أن تواصله مع قادة وياني تقراي ليس بجديد ، وأنه دائمًا كان يبدي تحفظاته لقادة الوياني في بعض الممارسات التي كانوا يقومون بها فيما يخص الشأن الإرتري ، وواصل حديثه بالقول: كانت لقادة تقراي تحفظات عليه شخصيًا ولا سيما حينما كانوا في سدة الحكم بأديس أبابا .. وإن زياراته ليست شخصية بقدر ما كانت للبحث عن حلول للوضع الارتري المأساوي .
إسقاط أفــورقي مصلحة مشتركة بين إريتريا وإقليم تقراي وهذه ضمن محفزات العمل المشترك بيننا
وأكد حقوص على أهمية التواصل والمصالح المشتركة والتكامل بين إريتريا وإقليم تقراي .. وأفصح عن قناعته بأن التغيير الذي يتم العمل لتحقيقه في إرتريا سيكون أيضا من مصلحة إقليم تقراي وأضاف أن هناك تغييراً في فهم قادة وياني تقراي للشأن الإرتري يمكن أن نعتبره أفضل مما كان عليه سابقا.
كما أبدى تفهمه لانزعاج البعض ممن وصفهم بالذين اخفقو ا في بناء علاقات بناءة مع قادة تقراي خلال وجودهم هناك واصبحوا يرون الآن في الخطوات التي يقوم بها تنازلا عن المبادئ الإرترية .. وحاول طمأنة من يسودهم نوع من القلق بسبب حالة الغموض التي تسود خطوات التواصل مع وياني تقراي وعدم الإعلان عنها ..قائلا إن الأمور مازالت في بداياتها وأنه لا يوجد ما تم الاتفاق عليه حتى الآن علما انه لا يوجد خيار أسـوأ لإريتريا حاليا من حكم اسياس الذي وصفه بانه لا يوجد منافس لإسياس أفورقي في ممارسة الأعمال السيئة ضد إرتريا مضيفًا ان هذه الفترة حتى لو كان وياني تقراي فهم ليسوا بأسوأ من إسياس أفورقي على إرتريا وشعبها .. وأضاف ولطالما أن حكومة تقـراي على استعداد للتعاون معنا ومساعدتنا في هذه المرحلة ينبغي أن لا نغمض عيوننا ولاسيما أنهم من أقرب الناس إلينا وينبغي أن نستفيد من الفرص القليلة المتاحة لإنقاذ إريتريا ولا يمكننا أن نعيش منعزلين .. حتى لا نندم بعد فوات الأوان ..
انعدام فـرص العمل من دول الجوار :
وفي تعليقه عن سؤال حول عدم البحث عن داعمين وأصدقاء آخرين للشعب الإرتري من دول الجوار تحدث مسفن حقوص عن صعوبة العمل مع دول الجوار الأخرى في هذه الفترة قائلا إن الوضع مازال غير مستقر في السودان بعد التغيير الذي حدث وان النظام الجديد لم يفصح عن موقفه تجاه المعارضة الإرترية .. كما تحدث عن العلاقة  التي تربط بين أسياس أفورقي وأبي أحمد التي تم بناؤوها في الغرف السوداء التي تخدم مصلحة النظامين ولا علاقة لها بالشعب الإرتري ، كما تناول أوضاع الحرب في اليمن وانحياز دول كبيرة في المنطقة مثل السعودية والإمارات إلى نظام أسياس أفورقي وبناء شراكات مع اسمرا بسبب الخدمات التي تقدمها لهم في ميناء عصب لصالح الحرب على اليمن..و عن حصار دولة قطر تحدث حقوص عن الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها مما جعلها غير قادرة للتعاون وان التقدم إليهم بطلب الدعم في مثل هذه الظروف غير ذي جدوى ..
جدل وتساؤلات حول الـزيارة:
وقد أثار ما جاء في المقابلة الكثير من الجدل والتساؤلات في الساحة الإرترية بين مؤيدين رأوا فيه المنقذ ومن اتهمه بالخيانة والتعاون مع الأعداء من جهات رسمية تابعة لنظام الإرتري ومجموعات الأجازيان المختلفة الذين رأوا في خطوته اختراق لمشروعهم الطائفي من شخصية حماسيناوية نافذة تمثل للكثيرين امتداد لتنظيم الجبهة الشعبية.. بينما لوحظ في كل الجدل السائد والضجيج الإعلامي غياب موقف الأفراد والكيانات الوطنية المعنية التي قد تكون الضحية من أي تعاون مع إقليم حكومة تقراي في ظل ما يسود مثل هذه التحركات الفردية من سرية وعدم وضوح الامر الذي قد ينتج عنه اتفاقيات سرية والتزامات متبادلة ..
كما أن هناك غموضا حول الجهة التي يمثلها مسفن حقوص في الخطوات التي يقوم بها ، حيث إن حزب الوحدة للتغيير الديمقراطي الذي يعتبر مسفن حقوص أحد قيادييه هو ضمن الأحزاب السياسية التي وقعت وثيقة البيان المشترك في يونيو 2020م ؟ وغير معروف حتي الان ما اذا كان مسفن حقوص كان يمثل نفسه ام حزبه السياسي ام تكتل الأحزاب السياسية التي وقعت وثيقة الإعلان المشترك
مشوار مسفن حقوص في صفوف المعارضه الارترية طويل وغامض ولهذا تتباين حوله الآراء فهو
يعتبر من أبرز القادة العسكريين والسياسيين لتنظيم الجبهة الشعبية ، حيث كان أحد خمسة أفراد أسسوا تنظيم الجبهة الشعبية في 1974م وكان عضوا دائما في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للتنظيم.. فضلا عن كونه من أهم القيادات العسكرية البارزة التي أدارت معارك مفصلية في حرب التحرير مما جعله يتمتع بشعبية واسعة داخل الجيش الإرتري وفي عام 1992 عين رئيسا للأركان ، كما تم تعيينه وزيراً للدفاع في عام 1994م ولكن سرعان ما تم إقالته بعد 9 أشهر حيث عين حاكما للإقليم الجنوبي إلى عام 2001م .
لا أعتقد أن هناك شخصية مهمة بوزن ومكانة مسفن حقوص في داخل تنظيم الجبهة الشعبية انضمت إلى صفوف قوى المعارضة الإرترية منذ الاستقلال ولهذا كانت هناك آمال وتطلعات لدي أطياف واسعة من الإرتريين حسبت ان وجوده في صفوف المعارضة سيسهم في تعزيز قوى المعارضة ويلعب دوراً مهما في تسريع وتيرة سقوط النظام وذلك بما كان يمتلكه من علاقات ومعرفة بالشأن الداخلي للنظام.. إلا أن التجربة أثبتت أن المجموعات التي انشقت من النظام وانضمت إلى صفوف المعارضة لم يكن لديها ما تقدمه لإنقاذ الشعب الإرتري من دكتاتورية افورقي بل تسببت في مزيد من الانشقاقات وإنشاء المشاكل في صفوف المعارضة بطرح قضايا خلافية جديدة في أجندة المعارضة ولهذا بالمجمل كان تأثيرها ضعيفًا بل كان مخيبا لأمال كثير من الإرتريين .. يقول مسفن حقوص في إحدى مقابلاته عندما سأل عن ضعف دوره في صفوف المعارضة الإرترية ، لم تتوفر لي البيئة المناسبة للعمل .. ولم يتم الإقرار بمؤهلاتي وتجربتي القيادية .. كما انني يجب أن أكون على علم بالناس الذين أقودهم..
بدأ مسفن حقوص مشواره السياسي المعارض بالانضمام إلى الحزب الديمقراطي الإرتري الذي كان جل قيادته من القيادات التي انشقت من النظام .. ومن ثم دخل في حوارات مطولة بهدف الوحدة مع حزب الشعب الإرتري والحركة الشعبية الإرترية حيث توصلوا إلى صيغة عمل مشتركة وهي وحدة متدرجة انتهت إلى توحيد التنظيمات الثلاثة تحت مسمى حزب الشعب الديمقراطي الإرتري في عام 2010م واعتبر حينها إنجازًا كبيرًا بحيث تم اندماج بين تجربتين مختلفتي الخلفية : الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الإرترية .. إلا إن تلك التجربة لم تعمر طويلا ًحيث تفاقمت الخلافات بين مجموعة مسفن حقوص وحزب الشعب الإرتري وكانت نتيجة ذلك مغادرة مسفن حقوص ومجموعته حزب الشعب الديمقراطي الإرتري في مطلع عام 2017 .. ويبدو أن الرجل مازالت لديه طموحات سياسية حيث اسس حزب الوحدة للتغيير الديمقراطي في مطلع 2019 ومازال  حتى الآن يواصل نشاطاته من خلاله..
جدوى التعاون مع جبهة تحرير تقراي:
لم يكن التعاون مع تقراي جديدا بالنسبة للمعارضة الإرترية فحوالي عشرين عاما كانت المعارضة مقيمة وحاضرة في إثيوبيا عندما كانت جبهة تحرير تقراي تهيمن على سدة الحكم في إديس ابابا ولكن التجربة أثبتت أن جبهة تحرير تقراي لم تكن صادقة في دعم المعارضة الإرترية وكانت ترى مصلحتها في استمرارية أسياس أفورقي ولهذا كان حصاد ما يقارب عشرين عاما من الوحود في أثيوبيا مزيدا من التقسيم للتنظيمات السياسية إلى مجموعات اثنية وعرقية وتشجيع القوميات الإرترية لتأسيس تنظيمات على الأسس القبلية وتغذية الخلافات بين المكونات الإرترية والعمل على نشر الكراهية بين قوى المعارضة الإرترية على أسس دينية وقومية .. ولهذا ضاع عشرون عاما أو أكثر من عمر المعارضة الإرترية في إثيوبيا وقد عاشت في سجال داخلي بدون أي جدوى او القيام بأي نشاط مؤثر على النظام .. ولهذا يرى كثيرون انه لم يكن هناك حسن نية من الجانب الأثيوبي لتعزيز قوى المعارضة الإرترية خلال فترة السنوات الماضية. ويبدو ان افضل خياراتهم كانت بقاء اسياس في سدة الحكم وصولا الي مرحلة انهيار الدولة ..
نشير هنا أن العلاقة مع أقليم تقراي اليوم أصبحت قضية خلافية بين الإرتريين ليس فقط بسبب مشروعهم العدائي الواضح ضد المسلمين في إريتريا الذي تعكسه الحملة الاعلامية المكثفة التي تقوم بها مؤسسات اعلامية تابعة لحكومة تقراي ، بل إن غالبية المسيحيين الارتريين لايثقون بالوياني بل يعتبرونهم جهة مهددة لوحدة الشعب الارتري وسيادة ارتريا ..
نلخص القول إن هذا الحراك يأتي والمنطقة على صفيح ساخن .. وطبول الحرب تقرع بقوة بين الحكومة الفيدرالية من جهة وحكومة إقليم تقراي من جهة أخرى .. واسياس أفورقي من جهة يكشر عن أنيابه لدخول الحرب وغزو اقليم تقراي بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية لإسقاط حكومة اقليم تقراي .. تدرك حكومة تقراي أن اسياس يريد الحرب ويستعد لها ويتم التعبئة لها داخل الجيش الإرتري لكنه في أضعف أيامه لأن الواقع يقول لا الجيش الإرتري قادر لخوض الحرب ولا الشعب الإرتري جاهز للدخول في كارثة جديدة لإشباع رغبات وطموحات أسياس أفورقي . وإن إي مواجهة قادمة قد تكون نهاية حكم أفورقي .

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى