الأستاذ محمود طاهر – زيوريخ – يكتب عن : الصراع في إثيوبيا إلى أين ؟
إن الصراع المحتدم بين القوى الإثيوبية قد ينزلق إلى حروب أهلية بين الاقاليم والعرقيات الإثيوبية، فأحقاد التاريخ وثاراته هي ما يؤجج غضب اليوم، فوصول أبي أحمد للسلطة لم يُنْهِ الاحتقان ضد التجراي ، بل تحول إلى صراع بين الأمهرا و الأورومو أكبر عرقيتين في البلاد لحصد المكاسب وملئ الفراغ الذي خلفه التجراي في المركز مما تسبب إلى صداع لآبي، حيث يرى الارومو أن آبي يحابي أخواله، على حساب أهله، مما زاد من حدة الاحتقان لديهم، وآخر تمظهراته في العنف الذي صاحب مقتل فنان الأورومو هاشالو، نتيجة لذلك تحول الناشط جوهر محمد، الذي كان أحد أسباب وصول آبي للسلطة إلى ألد أعدائه، ويعمل من خلال شبكة اورومو الإعلامية على تغذية النزعات العرقية بطريقة تهدد وحدة إثيوبيا والغرق في متاهة الحروب الاهلية.
الحرب إن بدأت لن تتوقف عند حدود الاقاليم الحالية فالكثير من تلك الحدود قد تم تغييرها في ظل سلطة التجراي السابقة لذلك السيناريو المتوقع هو بلقنة اثيوبيا اي تحول الصراع إلى حروب عرقية وإثنية على الأرض .
وسط هذه التوترات جاء إعلان إقليم تجراي إجراء انتخابات الإقليم، في تحدي واضح لقرار مفوضية الانتخابات المركزية، الداعية إلى تأجيل الانتخابات بسبب جائحة كورونا.
وقامت حكومة المركز في تصعيد مقابل بوقف بث قناتي تلفزيون تجراي، و صوت وياني، إضافة إلى راديو فانا(FBC) وياني.
هذا التصعيد قابله آخر من التجراي تمثل في
تصريح حاكم الإقليم دكتور دبري ظين قبرميكائيل (انهم في حالة حرب بانتظار الطلقة الاولي).
في نفس الاتجاه كانت زيارة ابي أحمد بتاريخ 18.07.2020 لإرتريا في توقيتها ومضمونها دلالة مباشرة للتجراي باني ليس وحدي.
أسياس ليس وسيطا :
واستبعد فرضية توسط اسياس في موضوع سد النهضة لعدة معطيات، منها كون الامارات والسعودية يعتبران حلفاء لمصر وأثيوبيا، ولم يبادرا بذلك، ولو كان هناك فرص للتوصل للحلول لما تركا الفرصة لاسياس، كما تلى زيارة ابي لإرتريا زيارة وفد عسكري للسودان في 19.07.2020 برئاسة الفريق فليبوس يوهانس رئيس الاركان برفقة وفد امني بقيادة ابرها كاسا
وربط البعض هذه الزيارة بنية إسياس وابي بممارسة الضغط على اقليم تجراي من خلال كسب موقف السودان لغلق منفذ ( الحمرا ) الحدودي من جانب السودان ، ربما تكون هذه الفرضية هي الاقرب للواقع، كما اتبعها بزيارة لإقليم العفر في 24.07.2020 والضغط على قيادة ووجهاء الإقليم بالتجاوب مع إجراءاته المتخذة ضد التجراي، لان الاقليم يعتبر المنفذ الوحيد الذي يغذي التجراي بمستلزماته من ميناء جيبوتي بعد غلق المنافذ الاخرى.
وفي نفس السياق جاءت تصريحات حاكم اقليم الامهرا تمسقن طرونا، والذي اتهم فيها الاقليم بممارسة الإرهاب في الثورة والدولة وأضاف ان عودتهم للحكم مرة أخرى تم دفنها نهائياً.
كثيرًا من قيادات التجراي ينظرون بان اي حرب محتملة ستعيد خلط الاوراق من جديد، وانهم بهذه الحرب يستطيعون اسقاط النظام في أسمرا، لذلك يعملون على دعم ورعاية المجموعات المتطرفة من المعارضة الارترية القومية والطائفية منها لمثل هذا اليوم، فعاصمة الاقليم مقلى تحولت مرتعا لهم، وهؤلاء ومعهم جوقة تجراي تجرينة أصبحوا ضيوف دائمين على قنوات الاقليم لبث سمومهم واحقادهم غير المبررة ضد مكونات الشعب الإرتري.
الحرب ليس نزهة او مبارة كرة قدم يهنئ فيها المهزوم المنتصر، الحرب هي دماء واشلاء ودمار
المنتصر فيها مهزوم، لذلك أقول لآلئك الذين ينتظرون من التجراي هزيمة ابي وإسقاط الديكتاتور في أسمرا، ان التجراي لو قاموا بذلك فعلاً، لن يقوموا بذلك حبا بالشعب الإرتري بل طمعا في ارضه وموانئه، لذلك لن يطالنا من المستعمر الجديد سوى الموت الزؤم، لان المليشيات التي يدعمها التجراي والتي يمنى التجراى بتسليمهم الحكم كغطاء لاستعمارهم، لن يدخروا جهدا في تنفيذ اجندتهم التدميرية.
في الجانب الآخر المعارضة الوطنية تعاني التهميش من دولة اثيوبيا واللامبالاة من التجراي، بعد ان اخذوا وطرهم من المعارضة الوطنية.
وعلى هذه القوى الوطنية أن تعلن موقفها صراحة دون مواربة، انها ترفض اي إعلان حرب في ظل هذه الظروف والنوايا الخبيثة، لان موقفها هذا سينزع من التجراي المسوغ القانوني والأخلاقي للحرب، وسيعلي من شأنها لدى شعبها.
على من يعتمد التجراي في هذه الحرب؟
لا يستبعد ان يقوم المصريون بدعم إقليم تجراي في حربهم ضد آبي أحمد عن طريق خفي، لكن من يقف خلف ابي واسياس هم من سيكون لهم الكلمة الفصل، فمن المعروف ان علاقات اسياس بالإمارات والسعودية قوية وايضا ابي احمد يمتلك علاقات قوية معهم، فالإمارات والسعودية يستثمران في سد النهضة، والامارات دعمت البنك المركزي الاثيوبي مليار دولار في العام 2018.
كما تستثمر الامارات قرابة ٣مليار دولار في اثيوبيا، كما وعدت ب٣ مليار أخرى في شكل استثمارات ومساعدات.
لذا كان موقف الامارات والسعودية متخاذلا في دعم مصر في ازمة سد النهضة، كما صرح ابي في وقت سابق ان دول شرق اوسطية تدعم اثيوبيا في موفقها ضد مصر، و ان الامارات اتخذت هذا الموقف لأسباب سياسية واقتصادية.
لذلك الامارات لن تجازف بتلك المليارات لعيون التجراي، ( وتنفض) غزلها عن احمد ابي او اسياس، بل ستقف من خلفهم بكل قوى، و انتصار التجراى في هذه الحروب محفوفة بالمخاطر..
فالنظام الديكتاتوري رغم هساشة وضعه الداخلي فاعلان الحرب من جانب تجراي يمثل فرصة كبيرة للديكتاتور في تبيض وجهه من جديد باستدعاء الروح الوطنية والحديث عن أن عداء التجراي لارتريا هو عداء أبدي وذلك للتغطية على تقاربه المهين وتذلله المفضوح لابي احمد.
وإعلان أو بدأ الحرب من قيادة الاقلبم يعتبر مغامرة كبيرة، وبالنظر إلى التطور الكبير الذي وصل اليه الإقليم في كل مناحي الحياة، فان الدخول في حروب جديدة هو اهدار لكل تلك التضحيات من الدماء والدموع، وان الحروب لا تجلب سوى الدمار والخراب، وان المشاكل يمكن حلها من خلال التنازلات المتبادلة، وليس عن طريق المكابرة والمكايدة والتهديد بالحرب، والقيادة الحقيقية هي التي تقود شعبها بعيدا عن منطق الحرب والقوى، والمواني ليسا معياراً او سبباً للتطور او النمو الاقتصادي فسويسرا والنمسا ليست دول شاطئية لكنها تعتبر من أكثر الدول رفاهية.
ملاحظة : المقال وصل ببريد زاجل وقد تمت معالجة بعض الاخطاء بما بتناسب مع سلامة اللغة والإملاء.
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم