مقالات وآراء

الاستخفاف بالمعارضة

أ.عثمان دنكلاي: 

إن النظام الحاكم في ارتريا بقيادة اسياس افورقي يستخف بالمعارضة الارترية فهو تارة يصفها انها صنيعة خارجية وتارة اخري يصنفها بالمرتزقة. وهي اوصاف لاتساعد في لم شمل الوطن و علاج جراحاته رغم عن ان النظام يعلم علم اليقين ان المعارضة الارترية هي مكون اصيل ويعرف تماما ان المعارضة مستمدة قوتها واصالتها من الشعب الارتري وكفاحه المسلح الذي فجره الشهيد / حامد ادريس عواتي وهي نتاج لمقاومة الظلم الذي وقع علي الشعب الارتري منذ وقت مبكر عبر القوى الاستعمارية وسبقت هذا الكفاح المسلح حركة التحرير الارترية في النضال السياسي السلمي وهي امتداد لحركات التحرر السلمية السابقة مثل الرابطة الإسلامية وغيرها فهدف النضالين كان رفع الظلم واحقاق الحق والفوز باستقلال ارتريا ، ومحاربة الظلم الذي لحق بالشعب الارتري من المستعمر بداية من البرتغال وانتهاء بإثيوبيا رغم كل هذا الظلم الذي مر علي الشعب الارتري امام مراى ومسمع العالم بكل مكوناته الاجتماعية والحقوقية رغم هذا كله ظل العالم لم يحرك ساكنا لنصرة الشعب الارتري ، الا انهم ناصروا الإمبراطورية الحبشية الاثيوبية فقد وقفوا مع قرار ضم ارتريا اليها فدراليا 

وبهذا وجد الامبراطور هيلي سلاسي ضالتة علي ارتريا فأعلن انها جزء من إثيوبيا وبسط سيطرته عليها قسرا ، وكان الشعب الارتري قويا في تحديه لهذا الظلم وداعما للثورته ومناصرا لها حتي تحققت لها الأهداف النبيلة التي ناضل من أجلها وياتي في مقدمتها الاستقلال ، وللاسف اختطف الاستقلال بواسطة مجموعة الهقدف اي مجموعة الجبهة الشعبية بقيادة اسياس افورقي الذي حول أفراح الشعب الارتري إلى أحزان .هذا الشعب الذي مارس حقه الطبيعي في الاستفتاء من اجل الاستقلال رغم انه كان يعلم حقا ان مجموعة الجبهة الشعبية لن تبسط الحريات والطمأنينة والأمن لكن كان اجتهاد ورغبة الشعب الارتري ان تكون ارتريا مستقلة معلنة ميلاد دولة جديدة عضوة في المظلات الدولية مثل الآخرين ويكون لها علمها الخاص بين الامم ، لكن السفينة جرت بغير الاتجاه الصحيح  فبعد استلام هقدف زمام البلد اصبحت متحفظة علي عودة الاجئين وبعد ضغط من الامم المتحدة قبلت بعودة الاجئين لكن ليس في قراهم الأصلية التي منها لجأوا بل حددت لهم قري في الشريط الحدود الغربي لارتريا الذي يجاور السودان . لماذا هذا الاختيار؟

 ان تنظيم هقدف كان يعلم من بين هؤلاء اللاجئين مجاميع مثقفة لو انتشروا في كل بقاع ارتريا ، ومدنها و قراها يمكن ان يكون لهم ثاتير في المجتمع فأرادت ان تحبسهم حبسا جماعيا حتي تموت فيهم روح الوعي والثقافة مقدرة انه بعد زمن يولد جيل جديد بالثقافة التي تبثها هقدف عبر المدارس التي أنشأتها في معسكرات التجميع ووضعت فيها اللاجئين القادمين من السودان وحظرت عليهم التحرك داخل الوطن حتى ببطاقة (منقسقاسي) وهي عبارة عن التصريح الذي كانوا يتحركون به في المدن السودانية كما حرم النظام مجموعة من المناضلين الشرفاء الاستمتاع بالحرية في وطنهم ارتريا وهو يعلم ان المناضلين الذين تحملوا كل المخاطر من اجل استقلال ارتريا وكانوا متبرعين بدمائهم الطاهرة وارواحهم الزكية من أجل هذا الوطن الا انه وضع امامهم من العراقيل حتى لايعودوا للوطن الذي كانوا يحلمون به. 

وقد قسم النظام المعارضة الارترية إلى قسمين بهدف إضعافها :

أ/ المجموعة الأولى قدر انه يمكن استدراجها وادخالها إلى الوطن والاستفادة منها لفترة محدودة وبعد استخلاص مابهم من القدرات يتم تضييق الخناق عليهم حتي يغادروا الوطن هاربين و بالفعل عادت بعض التنظيمات الارترية إلى الوطن بحجة الاستقلال وحاملين حلم بناء ارتريا الحرة المستقرة من داخل الوطن متناسين خلافاتهم مع هقدف في مرحلة النضال معتبرين أن ذلك كان من وسائل التحرير فقط و مابعد الاسقلال تبدأ مرحلة جديدة بفهم بناء الدولة الارترية التي تسع الجميع بكل مكوناتها الاجتماعية وتبايناتها الثقافية ، وكان لمجموعة هقدف رائ مغاير وهو تضيق الخناق عليهم حتى اضطر بعضهم على العودة الي السودان مكرها و بقي بعضهم الآخر صابرا لكنه انتهى به مكر وكيد النظام إلى الاعتقال الجائر وقد مات فريق ثالث بالاغتيال العاجل أو الاغتيال البطيء الخفي الذي يعمد إلى إهمال معالجة المعارض المريض حتى يقضي . كما فرض النظام على المعارضة الارترية الراغبة في العودة الالتزام التام بشروطه :

1- ان يعودوا إلى الوطن أفرادا لا تنظيمات أو مجموعات من اجل ان يسهل اصطيادهم واحدا واحدا 

2- ان يخضعوا للرقابة الأمنية 

3- يمنعول من ممارسة اي نشاط سياسي او تنظيمي كما يمنعوا انتقاد الحكومة وسياساتها حتى لوكان من الرعيل الأول من المناضلين واي مخالفة ستعرضهم للمساءلة والعقوبة القاسية .والامثلة كثيرة :

وعل سبيل المثال نذكر من الرعيل الأول المناضل / حامد ديناي الذي تم اعتقاله ومكان حبسه مجهول حتي الان اي غير معروف السجن الذي يعيش فيه إن كان على قيد الحياة . ومثال الاغتيال البطيء يحسن ذكر عبد الكريم سني فالو – رحمة الله رحمة واسعة الذي توفي في اطراف ارتريا وهو من الرعيل الاول – لم تذكر اسمه كرعيل ولم يذكر شئئ من بطولاته النضالية في الاذاعة والتلفاز الارتري هذا ليس استهداف لشخصة بل هو تغييب لحقبة تاريخية من ذاكرة الجيل الحديث وبالعكس القنوات الفضائية والاذاعة للدولة الارترية تعكس المسرحيات التي تظهر فترة (نحن وعلامان) اي نحن واهدافنا وفترة الرعيل الأول ليس لهم الرغبة في عرضها لأنها محسوبة علي ابناء المسلمين وعليه هقدف تسعي لطمسها وعدم إظهار هذه البطولات للأجيال الحديثة .

ب/ المجموعة الثانية التى تحفظ منها النظام الارتري برئاسة اسياس افورقي والتي وضع امامها كل المعيقات والعراقيل حتي لايعودوا الي حضن الوطن هي جزء من المعارضة الارترية الذي كان علي يقين ان استقلال ارتريا مجرد ورقة في المحافل الدولية على ان ارتريا نالت استقلالها من الاستعمار الاثيوبي,لكن مجموعة هقدف بقيادة اسياس افورقي لا تريد ان تبسط الحريات ولا الديمقراطية ولا ان ترعي كل الاستحقاقات الوطنية للمواطن الارتري التي كان الأصل ان يتمتع بها اي مواطن في وطنه ، ورأت اقصاء التنظيمات الارترية التي كانت شريكة النضال من اجل استقلال ارتريا وبممارسات تنظيم هقدف وقيادته الجاهلة و غير اخلاقية ولا ثورية ضد التنظيمات التي كانت لها الرغبة في مشاركة البناء والتعمير في ظل ارتريا مستقرة لأن المعارضة الارترية كان بينها كوادر وطنية بمقدرات وكفاءات عالية لاتمتلكها هقدف وقد عمد اسياس افورقي والمطبلون له من ابناء المسلمين والمسيحيين الذين كانوا شركاءه في تنظيم هقدف رؤوا ضرورة تعطيل هذه التنظيمات من المشاركة في مرحلة البناء والتعمير حتي لا تختفي امكانيات هقدف المتواضعة وسط هذه المقدرات العلمية العالية وعمدت الجبهة الشعبية علي محاربة التنظيمات الارترية التي كان لها جناح عسكري وضيقت الخناق عليها عبر الدول المجاورة كما مارسوا الضغط عن طريق الأجهزة الأمنية لعودة اللاجئين الارترين مكرهين من المضايقات الأمنية لا رغبة منهم في العودة رغم علمهم التام بان النظام الذي يعودون إليه لايوفر لهم القليل من الحريات ناهيك من أن يضمن لهم سلامة أبنائهم من الخدمة الوطنية غير القانونية التي طوعتها هقدف لخدمة مشاريعها الزراعية وجنرالاتها العسكريين إذ أن الخدمة فقدت وطنيتها بفقدان مقاصدها النبيلة في حماية الوطن وتنميته واستقراره وتطوره ورفاهية مواطنيه .

مقترحات :

تجاه تلك المواقف الواضحة التي تستخف بالشعب الارتري وفصائل المعارضة يلزم النظر إلى مثل المقترحات الناصحة حتى ترد المعلرضة ردا عمليا على استخفاف النظام الارتري بها .

– ان يوحدو خطابهم السياسي ضد حكومة اسياس افورقي وعليهم السعي في تعرية النظام الارتري الحاكم بكل الوسائل الإعلامية المتاحة 

– ان يمهدوا او ان يعملوا في ايجاد مشروع سياسي جامع للمعارضة الارترية

– عليهم ان يتناسوا مرارات خلافاتهم القديمة ويوجدوا مشروع يجمعهم واحسب أن 80% على الاقل محل تلاقي او اتفاق بين المعارضة وان 20% الاخري تكون محل مناقشات وتقريب وجهات النظر او الرؤى من اجل ان يكتمل المشروع 100% وليس بالضرورة التلاقي الكامل في الأفكار والمبادئ والأهداف بين قوى المعارضة ولهذا يلزمها التكامل والتعاون في الأهداف المتفق عليها وهي كثيرة قد تتجاوز ٨٠ % 

– علي المعارضة الارترية جمعاء ايجاد كيان عسكري قوي لأن هقدف لاتؤمن الا بالقوة 

– تكثيف الجهود في المجال الدبلوماسي مع الأصدقاء والمتحفظين

– الاهتمام بمجال التعليم وتوجيه الاجيال وتشجيعهم من اجل الاستمرار حتي الوصول الي الدرجات العليا في السلم التعليمي من أجل النهوض بالوطن والمعارضة في كل المجالات العلمية ، والإدارية ، والاجتماعية والثقافية ، والقانونية ، والسياسية .

 كلمة اخيرة : 

في حال عدم اخذ المعارضة بمثل هذه المقترحات وتحويلها إلى مبادرات عملية واقعية فإن استخفاف النظام بها سوف يلاحقها .وسوف تظل عليلة تشغلها اوجاعها عن الواجب الوطني النضالي. 

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى