الحلقة الثانية من تقرير التعدين الأهلي في ارتريا
كيف يقاوم المعدنون عدوان النظام ا لأرتري عليهم ؟
في الحلقة الثانية من تقرر التعدين الأهلي في أرتريا تقرأون الحديث المفصل عن :
- كيف يقاوم المعدنون كيد النظام عليهم
- بعض مواقع التعدين الأهلي المشهورة
- أنواع الأجهزة المتداولة في التعدين الأهلي
- أسماء هذه الأجهزة وأسعارها
- احتياجات الأجهزة
فإلى التفاصيل ..نتمنى لكم متابعة راضية .
مقاومة المعدنين :
لا يستسلم المعدنون لتعسف النظام عليهم وإجراءاته القاسية وإنما يتخذون لأنفسهم تدابير رغبة في النجاة من بطشه فمن بين ذك ما يلي :
1- الهاتف الجوال :
الهاتف فهو وسيلة فعالة توصل الأخبار الخطرة القادمة إلى موقع التعدين حتى يعمل المعدنون على إخلاء الموقع بالتشتت في الجبال والغابات لكن هذه الوسيلة تتطلب ان يكون الموقع تغطيه الشبكة .أما في المواقع النائية التي لا تغطيها الشبكة فهو لا يفيد شيئا
ويتحدث بعض المعدنين لـــ ” زينا ” أنهم يستبعدون وجود هاتف الثريا في بعض هذه ا لمواقع لأن المواطنين يبذلون جهودا عادية للنجاة ليس من بينها حمل السلاح ولا امتلاك أجهزة الاتصالات العالمية التي تعمل فوق قدرات الحكومة ومع ذلك غير مستبعد ان يكون لدى بعض المعدنين الاغنياء مثل تلك الأجهزة لكن في نطاق محدود.
2- الضرب الصديق :
من أغرب ما يحدث أن تجد صاحبك ينهال عليك بالضرب الشديد المتكرر صارخا في وجهك وأنت نائم فقد علمت ” زينا ” أن المواطنين يفعلون ذلك مع بعضهم في حال هجوم الجيش عليهم وهم نائمون وهذه وسيلة معلومة مألوفة تجعل النائم يستيقظ بوجه سريع مرعوبا ويفر بكل الاتجاه الذي يأمل النجاة فيه وغالبا يحدد المواطنون مواقع جغرافية محصنة يقصدونها عند المداهمة المعادية .
3 – رمي الاجهزة والتنكر لها
عندما يفاجأ المعدنون بإحاطة عدوانية يقوم بها الجيش الحكومي يعمدون إلى التبرئ من أجهزة كشف الذهب التي بحوزتهم وهذا التبرئ يتحقق برميها بعيدا عن صاحبها واستسلامه السريع للجيش بمطاوعة الفعل المرعب ” هيا برك ” وعلى الرغم من أن الجنود يرون صلة هذا الجهاز بهذا الشخص يظل يقينهم أمام إنكار المتهم وتحمله العذاب الشديد المتواصل يضعف فقد ذكر لي أن الشباب يلجأون لهذا الصبر الشديد على الألم الشديد لأن اعترافهم بالجهاز يسوقهم إلى السجن والعذاب الأطول فهم يتحملون العذاب الأدنى خوفا من العذاب الأعلى .
وتوجد حالات ذكرت للتقرير أن التنكر قد يحدث لاحقا وذلك لأن مهمة الجيش المهاجم تنتهي بتسليم المتهمين ومعروضات الإدانة إلى قوى عسكرية أخرى تسوق المتهمين إلى السجن وهناك يمكن للمتهم التنكر وهو يعلم أن العذاب أمامه ثمن لهذا التنكر ، وقد ذكر لي أن شابين تم ضبط الأجهزة معهما فتنكرا لها لاحقا عند التحقيق في السجن فتعرض أكبرهما للضرب الشديد حتى تم تكسير أربع عصي عليه وهو ينكر وقد تجرح جسمه وتلطخ بالدماء وهو ظل ينكر ثم قال لجلاده : أليس لديك ولد ، أليس لديك قلب راحم ؟ فرق الجلاد وأخلى سبيله ثم اتجه إلى صاحبه وهو أصغر منه سنا وكان يشاهد عذاب صاحبه الشباب الكبير وهو إجراء يفعله المحققون رغبة في اعتراف الحالات المتفرجة قبل تعرضها للعذاب . الشاب اتخذ لنفسه حيلة أدت إلى نجاته حسب الرواية التي قالت :
عندما ضربه الجلاد بالعصى الجائرة على صدره سقط على الأرض وأخرج لسانه وتظاهر بأنه فقد الوعي وقارب الهلاك وهي غاية ما كان يريدها الجلاد ولهذا تم إخلاء الشابين بالبراءة وهذا مثال لحالات مشابهة يتحمل فيها الشباب العذاب العاجل هربا من العذاب والسجن الآجل الطويل الأمد .
4 – الحراسة العجيبة :
العادة يقع موقع التعدين بين جبلين في منخفض أرضي أو في وادي يحفر الناس في ضفتيه كلتيهما أو إحداهما حسب ظهور العينة المغرية التي يعتبرها المعدنون مشجعا للحفر المستمر إلى الأعماق البعيدة والقريبة وهذه المؤشرات المغرية تظهر بين فترة وأخرى وكلما عمق المعدنون الحفر تمنحهم شيئا من بريق الذهب قليل مما يشجعهم على المضي أملا للحصول على كمية وافرة.
واتقاء لشر المداهمة العدوانية التي من المحتمل أن يقوم بها الجيش الأرتري يتخذ المعدنون حراسة مشددة على الموقع يقوم بها الشباب بالتناوب . ولأن الموقع منخفض لا يمكن الحارس أن ينظر بارتياح إلى من هو فوقه أو تحته في الجبل الأمر الذي تزداد معه المخاوف ولهذا السبب يتخذ المعدنون حراسة عجيبة : يتوزع الشباب الحراس في مواقع متنوعة من طرفي الوادي في الجبلين وطريق التواصل عجيبة كذلك لأن الأصوات بين أعلى الجبل موقع الحرس وأسفل الوادي موقع التعدين تتلاشى لبعد المسافة ولهذا يتوزع عدد من الأفراد على صدر ووسط وأعلى الجبل والتواصل بالتلويح فمن كان في قمة الجبل يلوح لمن كان حزاءه في قمة الجبل المقابل وذاك يلوح للوسط المقابل وهذا يلوح للأدنى المقابل ..الح لأن كل حارس لا يرى من تحته في جبله لشدة الانحدار والانخفاض لكنه يرى الحارس المقابل له فمن سبق إلى اكتشاف العدو من الحراس في الجبلين لوح بعلم أحمر إلى الجبل المقابل حسب مستويات الارتفاع ، والإشارة نفسها يلوح بها المقابل إلى الجبل مصدر الخطر وكلهم يفعل ذلك حتى تصل المعلومة إلى المعدنين في وقت وجيز مما يجعلهم ينصرفون بإغراضهم وحصائد ذهبهم في وقت وجيز فإذا تشتتوا في الجبال لا تقوى الحكومة على الملاحقة وإنما تعود بحسرة إلى أعقابها وهي ترى بحقد إلى هدفها يتسلق الجبال مثل الماعز أو النمور بارتياح منتصرًا وربما لوح بعض الشباب للجنود بالعلم الأحمر نفسه وكأنه يقول : تعالوا إلى هنا اصعدوا فنحن نقذفكم بالحجارة وفعلا شيء حقيقي مخيف فإذا دحرج أحدهم صخرة من أعلى الجبل نحو الوادي فلن تترك هدفا دون أن تأخذه معها إلى بطن الواديا هالكَا
والحكومة تعرف هذا الخطر ولهذا تتجنب المتابعة والملاحقة .
5 – استخبارات مضادة :
وتقول مصادر عليمة تواصلت معها” زينا ” أن من العوامل التي تدعو المعدنين إلى الاطمئنان في المواقع المكشوفة أنهم يتخذون لأنفسهم حراسة تنذرهم إذا رأت الخطر قادما بوقت كاف للهروب كما أن لهم استخبارات مضادة تعيش في وسط مقار الحكومة وتتابع تحركات معادية فإن شاهدت موقفا مريبا أبلغت المعدنين التجار خاصة ثم ينتشر الخبر ويلجأ المعدنون إلى أسلوبهم المفضل في المقاومة وهو الهروب والانتشار والاختفاء العاجل وإخفاء المواد الثمينة من نقود وأجهزة . يقوى هذا الاحتمال وجود تجار أغنياء يدفعون إلى موطن التعدين أموالاً طائلة لشراء الذهب ويستثمرون في إيجار أجهزة كشف الذهب وهي غالية ا لثمن يصل ثمنها مئات الآلاف من ” النقفة ” إذا تعددت خصائصها وأحجامها يشرف عليها أصحابها ويؤجرونها على الآخرين بثمن معلوم النصيب مما تخرج الأرض . يظهر هؤلاء التجار في وضع آمن يقيمون في مواقع التعدين شهورا وهم آمنون الأمر الذي يقوى الاعتقاد بأن لهم استخبارات مضادة أو أن لهم صلة مشبوهة بالحكومة أو ببعض ضباطها الكبار المشرفين على المنطقة ولهذا يعملون في تجارة الذهب بأمان .
أنواع الأجهزة المتداولة في التعدين الأهلي:
تحدث بعض المعدنين لوكالة زاجل الأرترية ” زينا ” عن الأجهزة المستخدمة في التعدين الأهلي فقالوا :
1 – إن أصغرها حجمًا وأقلها جودة قد تغشه المعادن الفضولية فهو يرن عندما يحس بالمعدن دون الفرز بين الذهب وغيره وهذا النوع قد يرهق صاحبه لأنه يظل يحفر يدويا ويفتش متتبعا الرنين ثم قد لا يجد شيئا مجدياً بعد طول عناء ومشقة البحث كما ذكروا أن هذا النوع من الأجهزة قد تحجزه عن الهدف الثمين حجرة صغيرة تغطي الذهب فهو يعجز أن يكتشف ما تحتها ولهذا يعينه العامل فيه برفع الحجر من أمامه وينظف الموقع له يدوياً مما يحد من فعاليته .
2 – جهاز متوسط الحجم يكشف في مساحة نصف متر مربع وهذا كثير ومريح يعتمد عليه سواد من المعدنين أصحاب الأجهزة
3 – جهاز أضخم يكشف منطقة مربعة عشرات الأمتار وهو قليل ويعمل بواسطة شبكة الاتصالات وهو يحدد عبر الشاشة وبأرقام يقينية كميات الذهب وعمقها، و يعطي تقريرًا مفصلا عن الكنز.وهذا النوع من الاجهزة غير متوفر لدى المعدنين ويشك من تحدث إلى ” زينا ” أن بعض الأغنياء الماهرين في التهريب لديهم مثل هذه الأجهزة ولديهم سلاح وأجهزة الهاتف الدولي ” الثريا” وهذه الفئة لا تزاحم التعدين الأهلي عادة الذي يشتغل فيه سواد الناس وإنما يتوارون عن الأنظار ويحبون العمل في مواقع خاصة بعيدة عن أعين ا لناس وليس بعيدا حسب المصدر أن يكون بعض الضباط في الجيش على صلة بمثل هذه الأنشطة والإمكانيات الكبيرة التي يتم التعدين بها بالتنسيق مع الفئات المهربة وشبكة الاتصالات والتغطية من الجيش
أسماء هذه الأجهزة وأسعارها :
تتوفر في أرتريا ولدى المعدنين أجهزة كشف الذهب بأنواع متباينة وهم يتحصلون عليها بالتهريب فقد يجدونها في المدن معروضة بخفاء أو يجدونها أحيانا في مواقع التعدين وبعضهم يجلبها من السودان حيث تباع هذه الأجهزة في الأسواق الشعبية ولهذا فلا صعوبة في الحصول على هذه الأجهزة. وتأتي ضمن الأجهزة المتداولة بين المعدنين ما يلي :
1 – جهاز GPZ 7000
هو متوفر في مناطق الساحل الشمالي وسعره 150 الف نقفة
2- جهاز وحش الذهب 1000
متوفر في كل المناطق مخفي وسعره 15 الف نقفة وهو لا يقوى أن يكشف أكثر من كجم .
3 – جهاز:MEGA
قليل الوجود ، ظهر مرات مع أفراد من إحدى القبائل المشهورة بامتهان التهريب ويعمل هذا الجهاز مع شبكة الاتصالات وهو ثقيل متشعب ذي أجزاء كبيرة ولهذا يحمل وينقل في العربة وغيره يطوي ويدخل في حقيبة خاصة به ويمكن إخفاؤه.
- – جهاز جي بي أكس : GPX4500 سعره تقريبا 20 ألف نقفة :
متوفر في أيدي المعدنين
كل هذه الأجهزة يمكن شراؤها بالتهريب وتعرض في المدينة خفية كما تعرض في مواقع التعدين جهرة وهي مستعملة لكنها جيدة الأداء ، أما الجهاز رقم 3 في هذه القائمة فلم يظهر إلا نادرًا ومع أفراد من قبيلة معروفة يعيش بعض أفرادها على التهريب . ويحتاج البحث عن الجهاز مدة أسبوع تقريبا لما يتطلبه الحذر الأمني.
احتياجات الأجهزة :
تحتاج اجهزة الكشف كلها إلى بطارية لتوفير الطاقة وتحتاج إلى ، ألواح من الطاقة الشمسية واسمها محليا ” سولار” يركبه المعدنون فوق صخرة عالية تتلقى نًهارا بارتياح أشعة الشمس ومركب فيها البطارية . هذه الألواح من الطاقة الشمسية لها القدرة على تشغيل الأجهزة نهارا أما في الليل وعندما يتعطل عملها يقوم مقامها بطارية التي يسمونها محليا بـــ ” دنقاي ” وهي تتزود نهاراً من الطاقة الشمسية وتقوم ليلا بمهمة تشغيل الأجهزة لأن العمل جار ليلاً ونهارًا ولهذا يحتاط المعدنون لتحضير أنفسهم للمواصلة غير المتثائبة وقد تأتي خدمة الكهرباء من مولدات صغيرة يمتلكها بعض التجار المعدنين ويخصصها بعضهم للإيجار .
بعض مواقع التعدين الأهلي المشهورة :
تعرف الحكومة والشعب هذه الأماكن التي تم اكتشاف الذهب فيها وهذه بعض المعلومات عنها :
وادي “ود قبا – Wad Gaba ” وهو ينحدر في الغالب من جبال سوقو ” بيت شحقن” وتغذيه بعض الأودية من ” مدر بيت أبرهي ” وهما من قبائل منسع تسكن مناطق من إقليم عنسبا وعاصمة الأولى تسمى ” محلاب ” وعاصمة الثانية تسمى ” قلب ” تحيط بهما جبال . ويلتقي وادي ” ود قبا ” بوادي ” لابا – Laba . المنحدر من المناطق الجبلية باتجاه مدينة ” قلب ” يلتقيان في منطقة : ” قعبت ” . وقد تم اكتشاف الذهب في كلا الواديين : ود قبا ولابا في مواقع منهما نوضحه ذلك فيما يلي :
نبدأ من أعلى وادي ود قبا متجهين إلى الأسفل فقد ظهر الذهب في أجزاء ومساحات من هذا الوادي أشهرها مناطق : مدر طعدا – Meder Tada، فلحيت Flheet – ، حسبان – Hasaban وأسمرا ، – Asmara ” وهذا ا لأخير ليس اسما للعاصمة الأرترية حقيقة وإنما تشبيهها بالعاصمة وذلك لكثرة ظهور الذهب فيها و استمرار انتاجها لمدة ثلاث سنوات متواليات ما بين : 2014 – 2016م و لكثرة الناس فيها خاصة المسيحيين رجالا ونساء والمسلمين رجالا ونساء ووفرة المقاهي والمتاجر والأنوار الساطعة ليلا وتوفير الكهرباء عبر الطاقة الشمسية ، وتوفير الملاهي وشاشات التلفزيون وعرض الأفلام وبيع الخمور فما يوجد في العاصمة اسمرا يوجد هنا ولهذا صدق الاسم على المسمى مع التأكيد أن أسمرا في وادي ودقبا ليس فيها عمارات شاهقة وفخمة مثل العاصمة وإنما تمارس مناشطها في بيوت من قش وحطب وحجارة وخيام مع توفر الخدمات المتكاملة التي تلبي حاجة المعدنين من الماء والإنارة والأسواق والهوى .
وتأتي ضمن مواقع التعدين الأهلي في وادي ” ود قبا ” منطقة ” دبي” التي اشتهرت عام 2017م بالإضافة إلى مناطق أخرى وأنت متجه بمسار الوادي المتجه إلى مزارع شعب أو البحر الأحمر إذا فشلت السدود وتضاعفت كميات ا لماء .تجد مواطن الذهب في مناطق من هذا ا لمسار:
كرك ، قراسي ، ودق زئبق ، مما يلي مدينة شعب في إقليم سمهر.
أما في وادي ” لابا ” فتوجد مواطن الذهب والتعدين الأهلي في مناطق منها :
“قعبت – Gabat ” وهي ملتقى واديين : لابا ومئطب يتجهان إلى مزارع شعب : ود قش ، حبل طنبار
وفي مناطق الغابة المحمية مثل : متكل أبيت – Matkal Abet – و فشي مرارا – Feshay Merara – وبروكه – Baroka وحدت – HEDDAT
وظهر الذهب والتعدين الأهلي بمناطق في عسوس بضواحي مدينة قندع .
الحلقة الثالثة : عمليات الحفر وقانونه ومتاعب ذلك وحضور الدين والأخلاق لدى المعدنين ..نعم الإسلام يدير مناشطهم.
التعدين الأهلي في أرتريا
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم