الحلقة الثانية : هل بادمي تستحق ضياع الوطن ؟
البروفيسور جلال الدين محمد صالح في الحلقة الثانية يطرح تساؤلات عميقة
الحلقة الثانية للبروف جلال الدين محمد صالح من دراسته التحليلية بعنوان ” نهاية اللعبة ومستقبل الكيان الأرتري ” تطرح تساؤلات عميقة حول مبررات النظام الأرتري للدخول في حرب خارج حدوده وتعد الحلقة بالإجابة وتطلب المتابعة ؟ وفيما يلي نص الحلقة الثانية :
ولعل مسألة بادمي بما جلبته من مآسي للوطن والمواطن تستحق أن تكون منطلق هذه التساؤلات في الوصول إلى الحقيقة المغيبة بهذا التعتيم الشامل، فمن أشعل حرب بادمي وأصدر قرارها الأول ولماذا؟ لماذا لم يحل النزاع في بادمي بالطرق السلمية أو يؤجل إلى وقت مناسب؟ هل أهمية بادمي بالنسبة للوطن كله توجب تعطيل مسيرة التنمية الوطنية وحشد كل مقدرات الوطن للدخول في حرب كارثية مدمرة؟ هل صُنعت بادمي من أفورقي ليتخلص من رفاق دربه؟ أم صُنعت من رفاقه ليتخلصوا منه ضمن لعبة داخلية بينهم ؟ أم هي مصيدة من جهات خارجية حُفرت في طريق إرتريا لتجعل منها بؤرة توريط وإنهاك بقصد إثبات فشلها؟ هل يحدث كل ما جرى بشأنها من غير لعبة مُعدٍ لها سلفا؟.
وبالتأكيد كلا، بغض النظر عن كون هذه اللعبة داخلية محضة بين وجهات نظر متنافسة وطموحات متصارعة، أم ذات ارتباطات إقليمية ودولية، تستهدف الكيان الارتري برمته، المهم أنها لعبة وكفى، ولا بد من التحقيق فيها، وكل التساؤلات الموصلة إلى نتائجه المحتملة مشروعة ومطلوبة.
وضمن هذا التعتيم والتفرد في سياق هذه اللعبة – أيا كانت هُويتُها – رأينا أفورقي وهو يستنفر كل الشعب في الداخل والخارج، ويُعَبِّئه لخوض الجولة الثانية من الحرب التي وضعت أوزارها قريبًا بوساطة من الاتحاد الأفريقي، أدت إلى توقيع اتفاقية سلام دائم بين الطرفين في بريتوريا بجنوب أفريقيا،يوم 2 نوفمبر 2022م، من بعد أن اشتعلت بفقدان الأكسوميين التجراي سلطتهم في أديس أبابا عام 2018م.
وهي حرب إثيوبية داخلية، إلا أننا أصبحنا طرفًا فيها، نقوم بمهام عسكرية، عنوانها العام استرداد حقنا الوطني في بادمي، وحماية سيادتنا من الغزو الأكسومي، إلى جانب حماية وحدة إثيوبيا التي تهمنا بقدر ما تهمنا وحدتنا، على حد كلام الراحل الأمين محمد سعيد.
وكثير منا يشعر بأنا قد أنجزنا مهمتنا الوطنية، وأسهمنا في كسر كبرياء الجيش الأكسومي الذي لم يجد بدًا في النهاية من تسليم عتاده العسكري كاملًا للحكومة الفيدرالية في أديس أبابا،متجرعاً مرارة الهزيمة أمام انتصارنا، وهو ما يعني بالنسبة لنا نهاية اللعبة (اللعبة انتهت) العبارة التي قرأناها مكتوبة على ناقلات جيوشنا العسكرية وهي تنسحب من قلب أراضي التجراي التي هيمنت عليها.
ولكن هل سألنا أنفسنا عما إذا كان جيشنا البطل خاض هذه الحرب بقرار وطني مدروس من كل جوانبه أم هي معركة إسياس الثأرية وظف فيها جيشنا الوطني بقصد إذلال حلفائه التجراي وإثبات كبريائه الشخصي من وراء عنوان كبرياء الوطن؟.
وهل هذا الاستسلام الكامل من الأكسوميين التجراويين هو من غير ثمن يذكر، خضعوا له فقط لمجرد الهزيمة التي حاقت بهم، أم أن اللعبة اقتضت ذلك وأنها بالنسبة لهم لم تَنْتَهِ، وأن كل هذا يجري في سياق متطلباتها؟ هذا ما سأتناوله في الحلقة الثالثة، فتابعوني.
هل بادمبي تستحق ضياع الوطن ؟
نهاية اللعبة ومستقبل الكيان الارتري