أخبار زاجلحوارات

الخبير بالكتاب المقدس الاستاذ يعقوب ” زينا ” :

الكنيسة الأرترية لا يصلي بعضها خلف بعض . أجرى المقابلة أ.باسم القروي

الكنيسة الأرثوذوكسية فقيرة مخترقة من قبل النظام مثل الإفتاء الإسلامي

أغنى الكنائس الأرترية هي الكاثوليك ودعوتها هادئة

فرقة شُهُود يَهْوَا : هم أكثر من تعرض للاضطهاد والتنكيل

المسلمون تركوا الوطن تفضيلاً لخياراتٍ جديدة ولو زاحموا وصبروا          لما شغل مواقعهم مسيحيون الذين سدوا الفراغات

ضيف وكالة زاجل الأرترية للأنباء ” زينا ” يعبر بصراحة عما يسكت الناس عنه وهو الحديث عن الكنيسة من شخص يعرفها تماما وجادل رجالاتها وخبر تفاصيلها

إنه الأستاذ يعقوب محمد صالح وهو أرتري مهاجر مقيم في أمريكا  وهو متخصص في الطوائف المسيحية الأرترية بكنائسها المختلفة وقد خبرها و ناظرها وكشف ما هي عليه من اختلاف  عقائد وسلوك  وجهود وخلفيات  والضيف الكريم يعيب على مسلمي أرتريا هجرتهم عن الوطن ويُعيد وجود المسيحيين بكثافة في الوظائف الحكومية والخدمة المدنية  إلى  الفراغ الذي تركه المسلمون بسبب الهجرة وشغله المسيحيون لأن خيارات الهجرة أمامهم ضيقة لعدم تجانسهم في الجوار العربي الإسلامي والهجرة البعيدة باهظة الثمن ، شديدة المخاطرة  غير مأمونة العواقب .ولهذا يفضل  سوادهم البقاء في الوطن والصبر مع النظام والمزاحمة في العمل والوظيفة العامة .

طرقت ” زينا ”  بابه فاستجاب مشكورًا لإجراء هذا الحوار الذي يذكر آراء  ترد أول مرة وهي تسبح عكس التيار الذي كان يعتبر أن النظام حاضنة طبيعية للمسيحيين الأرتريين بخلاف المسلمين الذين تركوا الوطن لوجود بدائل محفزة خارج الوطن قد لا يجدها المسيحي .

سألته أولا عن سيرته الذاتية فأخذ يستعرضها في نقاط :

ولد في مدينة كرن وعاش فيها ، أمه مسيحية من طائفة الأرثوذوكس ، اسمها:  زقي كافل سلمون ،  ولا يزال  التواصل مع اهلها من إقليم سراي  وهي قد توفيت منذ ثلاث سنوات تقريباً  ،

قلت له : هل دعتك أمك إلى دينها فأجاب : المسيحيون الأرثوذكوس لا ينشطون في تنصير المسلمين والدعوة إلى دينهم , بل عندهم فهم أن الأبناء تبع لآبائهم لا أمهاتهم ولهذا كانت أمي حريصة أن تمشي  بي إلى الخلوة وكانت تذهب بأخواتي إلى الخلوة والمعهد وكانت تتفقد قراءتنا اليومية وتسأل :ماذا قرأتم اليوم وتعيب علينا التقصير وتشيد بما تراه إنجازا دراسياً ولهذا لم تقدم لي دعوة إلى المسيحية .

هل عرضت عليها الإسلام ؟

نعم لكنها رفضت أن تسلم وهذه عادة الأرثوذكوس أنهم شديدو التمسك بدينهم مع أنهم يجهلونه  والوالدة كانت متشددة متعصبة لدينها الكنسي وتحب لأولادها الإسلام .

والأسرة كلها مثل أخوالي لم يدخل منهم أحد إلى  الإسلام وخالي عقبانكيئل كان قسيس كنيسة في ود حليو بشرق السودان بعد الهجرة .

وسألته عن هجرته فأفاد أن رحلة الهجرة عنده بدأت من أرتريا إلى السودان وانتهت إلى أمريكا مرورًا بالقاهرة وقال عن دراسته للمسيحية :

كنت أعيش منذ النشأة الأولى مع مسيحيين متشددين وكنت أزور الكنيسة معهم ألعب فيها وأتابع مناشطها وكنت أستمع لمناقشات القساوسة  فأنا مثقف في المسيحية عن طريق أسرة الوالدة ثم طورت نفسي وقرأت الأناجيل بالتقرنية واللغة العربية وتابعت الأستاذ أحمد ديدات رحمه الله في كل مناظراته للقساوسة وجداله لأهل الكتاب .فأعجبت بطريقته ونشاطه .

وسألته عن اللغات التي يعرف فقال :

التقري والتقرنية والأمهرا والعربي والإنجليزي .

وقال : يناظر المسيحيين بالتقرنية  ومعظم نشاطه عبر البالتوك لمخاطبة الأرتريين .وهو يناظر المسيحيين الأرتريين منذ أكثر من عشرين عاما في أوروبا ولا يزال يتواصل معهم لأغراض الدعوة والحوار الهادئ.

كما أنه يدعى لمناسبات مسيحية  ويشارك فيها وله من الأصدقاء المسيحيين الكثير

قلت له : الكنائس في أرتريا ثلاث كبرى فقط فهل من تأكيد ؟    

بسم الله  كما ذكرت الكنائس الكبيرة في أرتريا هي :

الأرثوذوكس والكاثوليك والبروتستانت  لكن توجد كنيسة رابعة اسمها : (شهود يهوا) وداخل البروتستانت توجد كنائس فرعية  لها انتماءات معينة تختلف عن الانتماء الرئيسي للكنيسة  البروتستانتية الأم والاختلافات بينها  إدارية وأولويات الخطاب التبشيري .

هل تصلي الكنائس مع بعضها :

الكنائس المسيحية على بكرة أبيها لا تصلي مع بعضها  لأن كل كنيسة مستقلة وبعضها يكفر الآخر وبعضها متسامح لا يكفر .لكن العبادة مع بعضهم لا توجد وهذا دليل على اعتقاد أن كل طائفة ترى بطلان ما عليه الطائفة الأخرى من حيث العبادة والمعتقد .وكل الكنائس تحرم على أتباعها أن يتزوجوا من أتباع ملة أخرى

هذا من حيث الديانة والتعليمات الدينية  فالتزاوج بين الأرثوذكوس والكاثوليك محرم من حيث الديانة أما الواقع الاجتماعي بين المسيحيين  فهو أكثر تسامحًا إذ يتزوج المسيحي من طائفة بنتا من طائفة مسيحية أخرى  وذلك دون التقيد بإرشادات الكنسية في هذا المجال  لأنها لا تقبل إطلاقا هذا السلوك من أتباعها لكن الواقع أقوى من ارشادات الكنيسة وما يقال عن رغبة بعض القساوسة في التاريخ الأرتري أنهم كانوا يخططون لتزويج مسيحيين بنات المسلمين  ويصرحون بذلك صراحة معربين عن نواياهم الدفينة فهذا حقد منهم لا تعليمات الكنيسة وذلك لمعرفتهم أن المسلمة لا يجوز لها شرعاً أن تتزوج مسيحيًا من حيث الديانة  ويجوز للمسلم أن يتزوج المسيحية .وما فعلته الجبهة الشعبية في هذا الباب تنفيذ لذلك المخطط الحاقد وليس تنفيذًا لارشادات كنيسة وقد تعزز ذلك المفهوم بالفكر الشيوعي  الذي اعتنقته الثورة .

من أين يأتي الدعم المالي للكنائس الأرترية وما صلة النظام بها  :

يلزم إلقاء ضوء على كل كنيسة حتى يتضح للقارئ إمكانياتها المالية وداعميها وموقفها من النظام الأرتري أو موقف النظام منها .

  • الكنيسة الأرثوذوكسية الأرترية

 ليس لها جهات خارجية داعمة كبيرة لأن طائفة الأرثوذكس هي من أكثر الطوائف  الكنسية  فقراً عالمياً. لأنها  توجد في القاهرة وروسيا والهند  ولها أكبر تجمع في أمريكا واليونان  وهي دول فقيرة ما عندها مؤسسات تدعم أطرافها فكلها محتاجة إلى دعم من غيرها فالأرثوذوكس  دعمها  في الغالب محلي لا خارجي عكس الطوائف الكنسية الأخرى التي تحب ان تنتهي الأرثوذوكس إلى  الأبد.  والأرثوذوكس عندهم كتاب مقدس نسخة رقم 81

  • الكنيسة الكاثوليكية

أصلا مقرها الفاتيكان – إيطاليا – فالإدارة المركزية هناك ومنها تنطلق بالرعاية والدعم والبرامج والخطط لكل الكنائس الكاثوليكية في العالم  ، الفاتيكان هم الذين يعتمدون تلك الكنائس الفرعية ويعينون رؤساءها ويتابعون ويرعون أمرها وتصرف عليهم الأموال المناسبة التي تعين على أداء مهامهم الدينية والتعليمية والاجتماعية  ولهم كتاب مقدس نسخة رقم 73

  • الكنيسة البروتستانتية :

هذه الكنيسة تضم كنائس فرعية عديدة تتباين فيما بينها من حيث الاسماء ومن حيث الكنائس والسلوك والأتباع فكل طرف له الحرية أن يبني كنيسته ويعبد بطريقته .ومنبع البروتستانت والداعم الأكبر لها هو  بريطانيا و أمريكا والمنظمات الكنسية التابعة لهما والسويد وألمانيا كلهم يدعم البروتستانت بكل أجنحتها . ولهم كتابهم المقدس الكنيسة نسخة رقم 66  

  • شهود يهوا :

 وهي إحدى الطوائف المسيحية  الأرترية لها معتقدات خاصة لا تعترف بالطوائف المسيحية الأخرى ظهرت في ( ولاية بنسلفانيا الأمريكية في عام 1870) ثم تفرعت وانتشرت إلى العالم بصورة كبيرة  ومرجعيتها لديانتها هو الكتاب المقدس رقم 66 ولهم شروحهم وتفسيراتهم الخاصة  بهم للكتاب المقدس

تعتقد أن عيسى بن مريم ليس بإله وتنكر الصليب والثالوث الذي تبنى عليه المسيحية  وتعتقد أن الخلاص بالإيمان والعمل الصالح دون تدخل القديس أو الكنيسة.

وهم من أنشط الناس دعوة لغيرهم إلى دينهم يطرقون بها الأبواب ويقدمون ويشرحون كتابهم المقدس ( الحق الذي يقودكم إلى الحياة الأبدية) ولهم كتب أخرى تشرح ديانتهم  لا يشتركون في الانتخابات ولا الوظائف الرسمية .ولهم تنظيم محكم لأنفسهم وتعاون وثيق .ولهذا نظرت إليهم الكنيسة الأرترية والحكومة بأنها طائفة مضادة وقامت بالتنكيل بها والتعذيب ومصادرة ممتلكاتها ومطاردتها حتى هاجر معظم اتباعها إلى خارج الوطن كما لجأ الباقون إلى العمل والنشاط السري .

ذكرت أن الكنيسة الكاثوليكية متسامحة هادئة فهل توجد كنائس أخرى شديدة العنف ضد المسلمين في ارتريا؟

الكنيسة الأرثوذكسية الموجودة في أرتريا مخترقة تماما من طرف جهاز الامن الداخلي الأرتري فهو الذي يديرها ويوجهها كيف شاء وهي تنفذ كل شروطه وسياسته لا حول لها ولا قوة.مثل المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي ومثل الأوقاف الإسلامية تديرها  الاستخبارات حسب الوجهة التي تريدها .

ولهذا نجد كم من الكنائس الأرثوذكسية مقفولة بسبب عدم وجود الدعم ووجود القساوسة لأن النظام أخذهم  إلى معسكرات  التدريب .ووزعهم في الخدمة الوطنية الأمر الذي أجبر الكنيسة إلى إغلاق بعض كنائسها الفرعية في ارتريا .والأرثوذكوسيون عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم لأن كبارهم في السلطة وهم تبع للنظام فالأرثوذكس في ارتريا  مثل الأوقاف الإسلامية في أرتريا  لا حول لها ولا قوة وهم ينقسمون إلى قسمين :

  • التقليديون :

وهناك مسألة جديرة بالانتباه وهي أن الأرثوذكوس فيها تقليديون ومجددون  فالأولون لا مشروع لهم  تبشيري يدعو المسلمين إلى  المسيحية وليس لهم باب مفتوح للدعوة لتنصير المسلمين لأنهم ما مقتدرون وما عندهم كوادر وكفاءات وإمكانيات التأثير على  الآخرين فهؤلاء من صفاتهم أنهم عنيفون وشريرون ، وعندهم جماهير لها شعور بالمعتقد الخاص بهم بأنه الصحيح .لكن عادة تقدر تتعايش معهم لأنهم لا يتدخلون في معتقدات الآخرين.

 .كيف تصفها بأنها عنيفة وأنها لا تتدخل في شؤون الآخرين !  ألا يوجد تعارض بين الوصفين  ؟

نعم لا يتدخلون في شؤون الآخرين  وليس لهم مشروع دعوي  يستهدف الآخرين  ومن صفاتهم أنهم جهلاء بدينهم ،  سريعو الغضب ، وشديدو الانفعال السالب ، ويؤمنون أن كل واحد بدينه ويضم الأتباع شعور قوي بالانتماء إلى ملتهم دون إدراك ولا ثقافة بالدين ولهذا لا يقوون على النقاش والجدال ويثورون عند المواجهة الجدالية معهم إلى درجة الدخول في المضاربة عند اشتداد الجدال .

هل سيرة النظام الأرتري القاسية يغذيها عنف الكنيسة الأرثوذوكسية؟

المجتمع الكبساوي  الأرثوذكسي ثقافتهم تميل إلى الشدة وهم سكان الجبال ، نشأوا في حياة عنيفة وهذه التربية تساعد أن يكون الإنسان أنانيًا فرديًا معتدًا بنفسه عنيفًا مع الآخرين وانتقلت معهم صفاتهم هذه إلى الثورة والقيادة فيها والريادة  حيث تبوأوا مناصب قيادية في مسيرة الجبهة الشعبية والكنيسة حاضرة  في صفوفهم مع جهلهم بها وفقرهم أما القسم الآخر من الأرثوذوكسية فهو تجديدي له تصورات مختلفة والدولة تدعم الكنيسة الأرثوذوكسية الأم وتحارب عبرها التجديديين ..

ب- التجديديون الارثوذوكس :

الأرثوذوكس كلها لها كتاب مقدس نسخة رقم 81 يؤمن به التقليديون والتجديديون  ومع ذلك تتزايد اختلافات الطرفين فالأولون محافظون والآخرون لهم آراء ناقدة لما عليه الأولون في فهم الكتاب المقدس نسخة 81  ومن بين المسائل المختلف فيها بين الطرفين أن التجديدي يجيز أكل لحم الخنزير وينقد بصورة لاذعة  بعض قوانين الكنيسة ولا يعترف ببعض من تراه الكنيسة الأم صالحا وليا ذا كرامات  ومع هذا التباين لا يقوى المجددون على إظهار تفسيراتهم وتمايز سلوكهم  عن الكنيسة الأم وذلك لأنهم يتعرضون لمطاردة من النظام الذي يدعم ضدهم الكنيسة الأمة ويسعى لإنهاء خطهم التجديدي . ولهذا لجأ التجديديون إلى العمل السري وعبر أعضائهم الخفيين الذين يعيشون وسط أعضاء الكنيسة الأرثوذوكسية الأم  يتحصلون على فضائح الكنيسة  وينشرون أسرارها بصورة موثقة  ويكشفون علاقتها بالنظام وتواصلها معه .

وعلى الرغم من تباين فهم التقليديين والتجديديين  فإن المصدر لديانتهم واحد وهو الكتاب المقدس نسخة 81  وهو كان محظور الترجمة في عهد الإمبراطور هيلي سلاسي  من الأمهرية إلى التقرنية أما بعد التحرير فقد ترجم ومع ذلك يعيش الأرثوذكوس الأرتريون أزمة الاختلاف حول صحة الترجمة وهو خلاف قوي لم يحسم بعد .

من يدعم ” التجديديين ” من الكنيسة الأرثوذوكسية ؟

اصلًا ربما يتلقون الدعم من البروتستانت من وراء لإبعاد التجديدين من الأرثوذكس  فبعض تفسيرات التجديديين تتوافق مع البروتستانت مثل تحريم لحم الخنزير  عند الأرثوذكس والتجديدي يأكله ويتوقع  أن تتقارب المسافة بينهم وبين الـبروتسانت لتوافقهم في مسائل عقدية وسلوكية إلى جانب اختلافهم مع الكنيسة الأرثوذكسية .

فرع من البروتستانت خطير  :

اخطر فئة مسيحية خطيرة بالنسبة للمسلمين وهي فرقة  ( تبشيرين –  Pentecostal  منشقة    من الكنيسة البروتستانتية   .هؤلاء أشرار دائما يبحثون عن تدمير المسلمين والمسيحيين ” الأرثوذكوس ”  .وهدفهم التنصير ويستخدمون الشعوذة والسحر فهؤلاء مجرمون ، ويتحلون بالعلم والدراسة ولهم إمكانيات مالية ومحنكون ، وإمكانياتهم عالية وكل الأمور – وسائل التأثير – متوفرة عندهم  ونشاطهم يتجه إلى المسلمين الصوفية وإلى الأرثوذوكس. ومن صفاتهم أنهم يكذبون ويتحايلون ، وعلاقتهم بالبروتستانت الأم علاقة احترام وكلهم يؤمن بالكتاب المقدس النسخة 66 ولهذا يوجد بينهم تعايش وتكاد تكون اختلافاتهم إدارية لا عقدية ولا أخلاقية . وقد طبع كتابهم في الخارج مترجما إلى التقرنية  ولا يزال يترجم   

المشاهد أن المسيحيين هم السواد الأعظم في المرافق الحكومية مقارنة بالمسلمين فهل استفادت الكنيسة الأرثوذوكسية من النظام الأرتري  لتمكن لمنسوبيها؟

ما يظهر من وجود المسيحيين في مختلف مرافق الدولة لم يأت بتخطيط  ماكر وإنما ناتج من فراغ تركه المسلمون بالهجرة وشغله المسيحيون بالصبر والبقاء في الوطن .

ولو بقي المسلمون في أراضيهم مزاحمين مقيمين ملتزمين بشروط النظام لما شغل مواقعهم غيرهم .

والسبب الذي دعا المسلمين للهجرة وللمسيحيين للبقاء داخل الدولة هو الجوار العربي المسلم حيث يجد المسلمون  الإيواء والمعيشة والأمن بينما يحس المسيحيون أن هجرتهم لا تكون إلا إلى العالم البعيد  وهي هجرة مكلفة  باهظة الثمن لبعد الشقة ومخاطر الطريق  ففضل كثير منهم البقاء في الوطن مع النظام فشغل الوظائف  لأنها متاحة له بلا مزاحم. 

 أما ظلم النظام فقد وقع على كل المواطنين وربما يفوق عدد المسيحيين المعتقلين عدد المعتقلين المسلمين وربما يفوق خسارة المسيحيين في طريق الهجرة ما يتعرض له المسلمون من خسارة في الطريق نفسه .

 ثم إن المسلمين في غالبهم أهل الريف والبادية فيسهل إليهم التنقل من موطنهم الأصلي إلى أرض الجوار مهاجرين بخلاف المسيحيين فإن غالبهم أهل المدينة فمن الصعب ترك وطنهم المعمر وحياة الرفاهية التي يعرفون إلى قسوة الهجرة ما لم يجدوا البديل الأفضل البعيد

أهل كبسة متهمون بالاستبداد وصمود الجبرته يزعجهم ويخافون من عودة المسلمين إلى  الجهاد  المسلح:

ودون إنكار الحقيقة السابقة يمكن التأكيد أن ما وقع من اضطهاد على  المسلمين  الأرتريين كان شديداً وقاسياً وقد تم على يد العصبة الكبساوية  وهي عصبة متحكمة متأثرة بثقافتها المتعالية على الآخرين فأهل كبسا يرون أن كل شيء في الوطن يجب ان يكون لهم دون منافس ولهذا يزحفون نحن ممتلكات الآخرين أرضا وخيرات ويعجبهم مغادرة المنافسين وإخلاء المواقع لهم فأسياس وحده لا يقوى على فعل كل شيء وإنما هو مدعوم برغبة وجهد أهل كبسا   . وأكثر مجموعة تزعج الكبساويين هم الجبرته لأنهم يساكنونهم في الأرض ويمتلكون الأرض والمال والمهنة  مثلهم ويعرفون سرهم وجهرهم ويتكلمون بلسان احد وكثير من الجبرته صامد في الوطن غير مهاجر وهذا يزعج رغبة أهل كبسا الذين يرون أن سكان المنخفضات  مسلمون وأهل الريف وفقراء يمكن ازعاجهم بالزحف القاسي ليهاجروا إلى السودان وبهذا تخلو الأرض للساكنين الجدد  من أهل كبسا المسيحيين  علما أن أهل كبسا ليسوا على قلب رجل واحد فيما بينهم فسكان حماسين يرون لأنفسهم ميزة على كل المواطنين من الأقاليم الأخرى حتى لو كانوا مثلهم مسيحيين ومنهم السواد الأعظم من الضباط الحاكمين وبيدهم النفوذ والقرار.

بقي أن نشير إلى  أن  أشد ما يؤرق أهل كسبا مبدأ الجهاد المسلح فهم يخافون ذلك خوفًا شديدًا وذلك لاعتقادهم أن المسلمين إذا حملوا السلاح بطشوا بمخالفيهم دون رحمة ولا رأفة. ولهذا يلين موقفهم أحياناً عندما تظهر مواقف مسلمة شديدة ويقسون بشدة في حال هزيمة المنافس المسلم .

هل تتصارع الكنيسة الأرثوذكوسية فيما بينها .؟

التجديديون كان لهم دور كبير في نصرة  التنظيم،  كانت تأتيهم مساعدات خارجية من أنصارهم  يستخدمونها لصالح طائفتهم  قبل أن ينقلب عليهم النظام وكانوا  ضمن الأرثوذوكس لكنهم  كانوا نشطين لاستلام زمام أمر الكنيسة  من التقليديين والصراع بين الطرفين كان محتدماً في خفاء والنظام كان يقف مع التجديديين  لكونهم لا يعارضون سياساته وتأتي الأموالهم  من جمعيات مناصرة  على مذهبهم في أمريكا 

كانت هذه الأموال تستخدم للتجنيد لصالح التجديديين  ولكسب ضباط جيش وموظفين كبار عبر ما يقدم إليهم من رشاوي 

وكان زعيم التجديديين الأب أنطونيوس والخطة كانت محكمة والدولة غافلة  حتى  انكشف الأمر قَدَرًا بعد أن حصلت مشاجرة بين أعضاء الكنيسة  بعد عودة أكثر من 80 ألف لاجئ أرتري طردهم تقراي من إثيوبيا اتضح لهم وجود تعاليم ومفاهيم جديدة في الكنيسة الأرثوذوكسية  فاحتدم النقاش بين القساوسة حتى برز الشجار إلى العيان فأتت السلطات الأمنية فوضعت يدها على أموال ومستندات تفيد أن التجديديين يعملون من زمن بعيد  ويتلقون دعمًا من الخارج لصالح طائفتهم وقبل المشاجرة  كان التجديديون يدعمون النظام وكان يعتبرهم مخلصين وهم كانوا ماكرين ، كان النظام يثق فيهم لأنهم يجيزون للقسيس طاعة النظام ، ويقبلون التجنيد وكان هدفهم إزاحة التقليديين والسيطرة على الكنيسة  وكانوا يتقدمون لتحقيق هذا الهدف بخطوات ثابتة وهدوء واثق

وعندما كشفت  المشاجرة بين القساوسة الوثائق الخاصة بالدعم والتواصل مع الخارج باسم الطائفة التجديدية  قام النظام  بإبعادهم وملاحقتهم ، ومن هنا جاء تقريب التقليديين مقابل إبعاد التجديديين وملاحقتهم بالاعتقالات والمصادرات والمضايقات  . فانتهى صراع الكنيسة لصالح التقليدييين وهزيمة التجديديين  وحتى الآن لهم قيادات في معتقلات النظام

 والآن التقليديون هم الغالبون  وهم عصى اسياس افورقي بهدف محاربة التجديديين من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية .وبهذا يتضح أن الكنيسة ليست على قلب رجل واحد.

 ايهما تضرر أكثر على يد  النظام .. الإسلام أم الكنيسة؟

كلهم متضررون ، من النظام الأرتري وأتى الضرر على المسلمين من طرفين :  النظام والمجتمع الكبساوي كما قد تحدثت سابقاً وعند المقارنات يكمن التأكيد أن المسيحيين متضررون أكثر وذلك لان الإسلام مبني على العمل الفردي وهو قائم متاح

لا أحد يعترضه وليس لدى  المسلمين عُقَدٌ بخلاف المسيحيين

فإن دينهم فيه شروط وقيود لا تأتى إلا من خلال عمل جماعي مثل قداس الأحد  لكل كنيسة فإنه يحتاج لاكتمال القداس خمسة أفراد عدد  2 قساوسة ومساعدين ثلاثة . وهؤلاء اخذتهم الخدمة الوطنية ، فبقي الفراغ في الريف والقرى لأنه لا أحد من أفراد الكنيسة  يقوم بالمهمة والمختصون غيبوا في التجنيد .ولهذا تم إغلاق كنائس عديدة في الريف والقرى البعيدة .بخلاف مساجد المسلمين فإنها قائمة عامرة يستطيع أن يقوم بالإمامة فيها من هو حاضر ولا تتوقف لأن شيخًا ذهب إلى الخدمة أو السجن أو الهجرة. ومثال آخر أن الكنيسة البروتستانت كان يأتيها الدعم من كنائس مناصرة لها عالميًا  ، وبعد التحرير أتت مساعدات من تلك الكنائس تدعم جهود الكنيسة في التعليم والتبشير بدينها وبهذه المساعدات شيدت كنائس في مواطن مختلفة من أرتريا وشيدت مدرسة تستوعب الطلاب من ملتها حتى المرحلة الثانوية  ثم اكتشفت الحكومة جهدهم فقامت بحملة تجنيد على طلاب هذه المدرسة  كما صادرت ممتلكاتها وانصرف المعلمون فيها والإداريون بينهم أمريكان إلى  إثيوبيا عبر إقليم تقراي وقد نشروا الحادثة وأخذت منظمات أجنبية تندد بمثل هذه الأفعال معتبرة إياها أدلة على انتهاك حقوق الإنسان والحجر على عقيدته وحريته .

وسبب هذه المداهمة أن الكنيسة البروتستانت كانت تتلقى دعمًا خارجيًا وأنها تكفر الطوائف الأخرى : الأرثوذكوس والكاثوليك .. وبأموال  الداعمين الخارجين  استطاعت فتح مدارس ودعم محتاجين وكفالة طلاب فقراء من أبناء الكنيسة  ومضت في التدريس حتى أكمل طلابها المرحلة الثانوية قبل المداهمة الجائرة وسوق طلابها إلى ساوى واعتقال كبار الفاعلين فيها  .

المسلمون والمسيحيون.. من يحمي النظام من السقوط ؟

لا أحد يحمي النظام ،  لأن النظام لا ينطلق من داعمين بل يبقى باستغلال أدوات تحمي أركانه والنظام يستغل الجميع ويتخذ المواطنين بكل طوائفهم أدوات تمكين لنفسه  ولهذا تجد كل المواطنين يعملون لصالح النظام لا أحد منهم يستطيع أن يحمي ولده أو أباه أو ممتلكاته من كيد النظام وضمن مشاهد الاستغلال نجد أنه يعتمد أحيانا على أبناء أقليم أكلي قوزاي وأحيانا على  سكان سراي وأحيانا  وأحيانا كثيرة على إقليم حماسين وأغلب الضباط الكبار منهم  وقد يعتمد أحياناً على المسلمين وأحيانا يدعم طائفة مسيحية  ضد الطائفة الأخرى . وهو يؤذي الجميع وينكل بالجميع .ويسخر الجميع لخدمته وتثبيت أركانه.

بما تختم هذه المقابلة ؟

أشكر وكالة زاجل الأرترية للانباء ” زينا ”  على إتاحة الفرصة  كما ادعو قراء زاجل والأرتريين عامة  أن يتحروا الحقائق ولا ينجروا خلف العواطف فإن الحقيقة وحدها هي التي تبقى غالبة ساطعة سطوح الشمس في رابعة النهار والعواطف عوامل مؤججة ربما تنطلق أحيانا من الأوهام والظنون قد تذوب سريعا وتنطفئ  وقد تظلم أو تخطئ فهي لا صمود لها كصمود الحقيقة .

ضيف " زينا " الأستاذ يعقوب صالح

ضيف وكالة زاجل الأرترية الأستاذ يعقوب صالح محمد

الأستاذ يعقوب صالح :المسلمون تركوا الوطن تفضيلاً لخياراتٍ جديدة ولو زاحموا وصبروا لما شغل مواقعهم مسيحيون الذين سدوا الفراغات

تقييم المستخدمون: 4.3 ( 2 أصوات)

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى