أدب وفن
الشاعر عبد القادر محمد هاشم في رائعة جديدة : الْحُرِّيَّةُ إِرَادَةٌ لَا إِدَارَةٌ
حُرّ الإرادةِ يَستَمِيتُ فَيَكْرُمُ
وَإرَادَةُ الحُرِّ الْكَرَامَةَ تُعظِمُ
وَالْحُرُّ يَحتَرِمُ الحُقوقَ يَصُونُهَا
مِن أجلِ ذَاكَ مَخَاطراً يَتَقَحَّمُ
وَيَحُوطُهَا حَوْطَ الرِّعَايةِ جَهْدَهُ
مِمَّن مِسَاساً بِالحِمَىٰ يَتَيَمَّمُ
وَيُفَكِّكُ الحُرُّ الْعُنَاةَ مِنَ الأسَىٰ
حَتَّىٰ وَلَوْ يَلْقَىٰ الرَّدَىٰ لَا يُحجِمُ
وَالنَّذْلُ يَخْضَعُ لِلطُّغَاةِ وَإِنَّهُ
قَبْلَ الْوُلُوجِ إِلى الوَغَىٰ يَتَهَزَّمُ
أَرَأَيْتَ أَحقَرَ مِنْ مُدَاوِمِ ذِلَّةٍ
لَمَّا يَرَىٰ طَيْفَ الْعِدَا يَسْتَسْلِمُ؟
مُتَعَشِّماً مَنْهُمْ إِدَامَتَهُ بِهَا
حَتَّىٰ يَمُوتَ فَبِئْسَ ذَا الْمُتَعَشِّمُ
مَالِي أَرَىٰ الدُّنْيَا غَدَتْ أُلْعُوبَةً
ذُو بَاطِلٍ فِيهَا يَعِيثُ وَيُجرِمُ
مَالِي أَرَىٰ أَقْزَامَهَا مَزْهُوَّةً
وَأَرَىٰ عَمَالِقَةً بِهَا تَتَقَزَّمُ
وَالْوَحشُ يَحكُمُ والشُّعُوبُ رَعِيِّةً
تَستَرحِمُ الْوَحشَ الَّذِي لَا يَرحَمُ
يَستَاقُها نَحوَ الأسَىٰ مَحشُودَةً
وَيُحِيلُها عَبْداً يُطِيعُ وَيَبْصِمُ
إنَّ الطُّغاةَ – لدَىٰ المُقَارِنِ – قِلَّةٌ
وَالَّشَّعبُ أكثرُ فِي الْعَدِيدِ وَأَعظَمُ
فَلِمَ الشُّعُوبُ المُستَفِيضَةُ كَثْرَةً
تَطغَىٰ عَلَيهَا قِلَّةٌ تَتَحَكَّمُ ؟
غَصَبُوا الشُّعُوبَ وَمَا بِهَا مِنْ نَخْوَةٍ
وَلِكَثْرَةِ الْآلَامِ لَا تَتَأَلَّمُ
فَالمُستهينُ يَدُوسُهَا مُتَغطرِساً
وَالمُستَكِينُ عَلَىٰ الهَوَانِ يُدَاوِمُ
وَالمُستَبِدُّ عَلَىٰ التَّوَحُّشِ مُدمِنٌ
وَالمُستَجِدُّ أَشَدُّ مِنْهُ وَأَشْأَمُ
وَالشَّعبُ لَوْ يَلقَىٰ الطُّغَاةَ بَوَحدَةٍ
لَرَأَيْتَهُ دَوْماً يَعِزّ وَيَسْلَمُ
وَلَكَمْ يَسُرُّكَ أَنْ تَرَاهُ مُوَحَّداً؟
لَكِنَّهُ سُرعَانَ مَا يَتَقَسَّمُ
وَالشَّعبُ فِي نَظَرِ الطُّغاةِ فَرَائسٌ
وَجَمِيعُهُ قُوتٌ لَهُمْ وَمَطاَعِمُ
وَالشَّعبُ يَرسُفُ فِي السَّلاسِلِ كُلُّهُ
وَهُوَ الْمُدانُ الْمُسْتَبَاحُ الآثِمُ
فَإِذَا تَحرَّكَ لِلْأَمَامِ فَمُرْهِبٌ
وَإِذَا تَضَوَّرَ جَائِعاً يُتَلَهَّمُ
وَإِذَا تَثَاءَبَ لِلْكَرَىٰ فَمُعَاقَبٌ
كَيْ لَا يَرَىٰ حُرِّيَّةً إذْ يَحلُمُ
وَيَكَادُ يَطلُبُ لِلتَّنَفُّسِ إِذْنَهُمْ
حَتَّىٰ الْهَوَاءُ عَلَىٰ الشُّعُوبِ مُحَرَّمُ
ُ وَالشَّعبُ يَعجِزُ أَن يُعَارِضَ جَهْرَةً
وَالشَّعبُ مُعتَقَلُ اللِّسَانِ وَأَبْكَمُ
فِإذَا أَتَاهُ المُستَبِدُّ فَعَاهَةٌ
وَبَقَاؤُهُ فَوْقَ الْمَنَاصِبِ مَأتَمُ
وَيَرَىٰ مُطَالَبَةَ الحُقُوقِ جِنَايَةً
ً وَالحُرُّ فِي نَظَرِ الجُنَاةِ مُجَرَّمُ
ُ وَإِذَا الصَّحَافَةُ أَخْبَرَتْ بِحَقَائِقٍ
حَتْماً يُبَاحُ حَرِيمُهَا وَتُؤَمَّمُ
والْحُرُّ تَبْتَلِعُ السُّجُونُ حَيَاتَهُ
مَا دَامَ تَرَأَسُهُ الوُحُوشُ وَتَحكُمُ
لَكِن جَرَتْ سُنَنُ الحَياةِ بَلِيغَةً
أَنَّ النِّهَايَةَ لِلطُّغَاةِ تَصَرُّمُ
إِنَّ المُهَيمِنَ مُمْهِلٌ لا مُهْمِلٌ
لَكِنَّهُ حِينَ العُقُوبَةِ يُؤْلِمُ
يُخزِي الذينَ اسْتَكْبَرُوا ويُذِلُّهُمْ
بِيَدِ الأُبَاةِ الثَّائِرِينَ ويَقْصِمُ
فَهَلُمَّ نَقْتَلِعُ الْمَذَلَّةَ كَيْ نَرَىٰ
طَغْوَىٰ الطُّغَاةِ خُرَافَةً تَتَحَطَّمُ
ونُشيعُ فِي دُنْيَا الشُّعُوبِ رِسَالَةً
أَنَّ الطُّغَاةَ إلَىٰ الْمَزَابِلِ تُركَمُ
وَنُعِيدُ فِي مَرأَىٰ الْحَيَاةِ وَسَمْعِهَا
سِيَرَ الّذِينَ عَلَىٰ الطُّغَاةِ تَهَكَّمُوا
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم