عجوز في السبعينات من عمره من يراه يعتقد أنه مريض بأمراض مزمنة وجاء ليتعالج منها لكنه ليس كذلك ابداً فهو رغم ضآلة جسمه الذي أنهكه العمل والزمن كثير الحركة ، ومليء بالحيوية والأمل والإخلاص لمهنته .
إنه طبيب منذ التسعينات كرس حياته للطب و معالجة المرضى
نشأ في مناطق نائية بالقرب من الحروبات والصراعات ” الأهلية ” وهكذا الأمر الذي جعله يكون طبيب أهله أولاً و طبيب شعبه ثانياً. أمضي معظم حياته يداوي جرحى الحرب و يعالجهم .
وعندما هدأت الحرب في منطقته انتقل إلى الخارج فأكمل تعليمه و عمل هناك في الخارج ثم عاد إلى هنا الأمر الذي جعله متمرساً في مهنته .
كان من الممكن أن يكمل عمله في أرقي المستشفيات ليكسب مالاً كثيرًا مما يعمل لكنه اختار أدناها (مستشفي وطني) متواضع ؛ لأنه يدري حوجة المستشفي لأحد مثله … هو الآن يعمل فيها دوامين صباحا ومساء
غاب هذا الطبيب لظروفه أربعة أيام
يحكي لنا :
غبت لأول مرة لظروف قاهرة وعلي أساس أن هنالك أطباء كثر يمكنهم السيطرة علي الأوضاع
عدت بعدها لعملي في الصباح الباكر مع العصافير و الهواء المنعش وفي أول عنبر جئت ماراً مرور عمل أتفقد المرضى فإذا بي أشم رائحة لا تطاق فذهبت وفتشت المرضي كلهم إلي أن جئت إلى مصدرها :
* شاب صغير بين العاشرة و الخمسة عشر جاء المشفي بجرح صغير في يده لكي يتم تنظيفه و تعقيمه و يعود إلى بيته سالماً بكل بساطة و لكن لم يجد بغيته , مع هذا الطاقم الطبي المهمل فقد ازدادت يده التهابًا و ازدادت حالته سوءًاً إلي أن غاب عن الوعي
قال الطبيب : ذهلت من هذا المنظر بلغت من اليقين أن الامر لا يحتاج إلى إجراءات فحص وطول زمن في انتظار نتيجة الكشف فالخبرة كانت كافية للاتخاذ قرار بإنقاذ حياة الطفل نعم قررت بتر يده علي الفور حتى لا يزداد وضعه الصحي سوءا يعرض حياته للهلاك ، وأن كل دقيقة تأخير تقرب إلى الخطر ، فحمل الشاب و جهز الطبيب أدوات العملية بنفسه و قام بها بنفسه و اعتني بالشاب إلى أن تحسنت حالته واستقرت
فقد هذا الشاب يده و هو في مقتبل عمره بسبب إهمال و عدم اهتمام بعض الأطباء .
فشتان ما بين أولئك الأطباء وهذا الطبيب وله من الأمثال كثيرون يعملون بجد في مهنتهم.
حكي لنا هذا الموقف وقد اغرورقت عيناه بالدموع فأخذنا و ذهبنا لذلك الشاب فواسيناه و تحدثنا معه
نعم وجدناه مبتور اليد من نصفها الأسفل حيث كان المرض قد امتد إلى أعلاه مبتدءا من إحدى جنبات كفه .حتى تعفنت اليد وتهتكت وتغير لونها وتقرح جلدها.
نعم استقبلنا الشاب بابتسامة فرح وسرور على نجاته من خطر كان يتمدد إلى جسمه عبر يده ، نعم لم يحزن على جزء مضى مادام كان ثمنا لعافيته
ختم لنا الطبيب هذا اليوم بعدة نصائح و جملتها : الطب إنسانية قبل أن يكون مهنة ورزق . وبالأخلاق في الإسلام يثقل ميزان العبد ومن أهم الأخلاق في المهن الإحسان والجودة فإن الله كتب الإحسان على كل شيء ,و ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يقتنه .