الفنان عبد العزيز مرانت لزينا : لا يوجد في الأسئلة ما يضايقني فهي واقعية منطقية
أتمنى العودة إلى حضن الوطن الدافئ
غنيت أغاني لإدريس محمد علي إحياء لفنه ونشراً دون كسب مالي منتظر
النظام الأرتري يستحق العداء فهو يستهدف المواطنين
أهم أكبر مكاسبي أني أحظى برضى جمهور واسع سعيد به
الأسرة والأقارب انقسموا في ممارستي الفنية بين مؤيد ومعارض
__________________________________________________________
شاب طموح ملتزم ، سجل حضورًا فنياً في مناسبات عديدة ، تغنى بأغاني لبعض الفنانين الكبار مثل إبراهيم قورت وإدريس محمد علي . وقد ظهر بصوت متميز طروب أوجد لنفسه مساحة في الساحة الأدبية وفي قلوب محبيه … تواصلت معه وكالة زاجل الأرترية للأنباء من أجل إنجاز حوار معه فلم يتردد ولهذا طرحنا عليه أسئلة هذه المقابلة وهو أجاب بهدوء تام .أقر الفنان عبد العزيز مرانت أن رصيده ليس فيه إنتاج مستقل وإنما يعيد إنتاج الفنانين الآخرين احتراماً لهم وتغطية لمساحة فارغة محتاجة لمساهمات كما أنه أعاد بعض أغاني الفنان المعتقل إدريس محمد علي – فك الله أسره – تخليداً لسيرته المناضلة
مرانت يقر أن عجز الفنانين من إقامة كيان جامع لهم مستقل يعود إلى أنهم موزعون في تنظيمات مختلفة منتمون عاملون وتشكو المقابلة من عدم توفر البيئة المساعدة في النجاح كما تشكو من غربة الفنان عن الوطن وتتمنى أن يعود إلى حضن الوطن الدافئ ويؤكد عبد العزيز مرانت أن صلته بالفن لم تتجاوز ” الهواية ” و” الموهبة ” الخاصة إذا لا يوجد في تاريخ العائلة من انشغل بالغناء كما أن بعض الأقارب متضيقون من أغانيه بخلاف بالبعض الآخر الذي يرى في الفن رسالة نبيلة
تريد أن تنتج أغنية جديدة ..من أين تبدأ وأين تنتهي أستاذ عبد العزيز تجاهل الجواب على هذا السؤال ؟
1 – في المدخل لو سمحت بطاقتك التعريفية ؟
الاسم عبدالعزيز محمود مرانت منصور، مواليد حلفا الجديدة متزوج وأب لخمسة أطفال بنتان و3 أولاد
تلقيت جزءًا من تعليمي الابتدائي بخشم القربه وأكملته مع باقي المراحل المتوسط والثانوي بحلفا الجديدة.
2 – لم تُكْمِلِ الدراسةَ ..هل صرفك عن الدراسة السوق الرابحة للغناء
لم أكمل الدراسة لأسباب بعيدة تماما عن الفن ووقتها لم يكن للغناء حيزا كبيرا في حياتي. لا علاقة للأمر بالغناء .
3 – من أين لك موهبة الغناء ألك سلف في العائلة .. وهل وجدت من بين الأقارب من يتضايق عن مهنة الغناء وأنت تحمل اسمهم بوضوح ؟
هي موهبة وجدت منذ الطفولة وهكذا وجدت نفسي ميالا ومحبا للفن وظهرت بدايات هذه الموهبة من خلال مشاركاتي في مختلف المناشط المدرسية منذ السنوات الاولي عبر حصة اللغة العربية الاناشيد والمحفوظات وتقديم فقرات الطابور في الصباح والليالي الادبية كما كانت تسمي حينها
لا توجد علاقة بين الاسرة والفن ولكن وبحكم طبيعة عمل الوالد يرحمه الله ونشاطه السياسي كأحد قيادات اتحاد العمال كنا نستمع إلي الأغاني والأناشيد الثورية للفرقة الفنية للجبهة.ومن هذا المنحي لم يكن في الاسرة الصغيرة من يعارض الأمر أما الأهل و الأقارب بالتأكيد كثيرون لا يروقهم الأمر كون المجتمع متدين ومحافظ
4 – استمعت لك تغني لغيرك .. ألك من إنتاج نفسك شعر غنيته للجمهور أ م أنت تستلف نصوصَ وألحانَ الآخرين؟
لم ألج المجال بتخطيط مسبق لأكون فنانا بالمفهوم العام والظهور كفنان لم يكن هدفا. كل مافي الامر كنت هاويا وامارس هوايتي متي ما سنحت لي الفرصة
5 – كم بلغ إنتاجك الغنائي حتى الآن .. وهل تم توزيعه على شكل أشرطة أو فلاشات للتداول أو أية وسيلة أخرى تساعد على انتشاره وتسويقه إلى الجمهور
لا يوجد إنتاج خاص وأظن الإجابة السابقة تشير للأسباب
وان كنت هاويا ولكن من المؤكد الإنسان يسعي لتقديم الأفضل ويطمح ليكون مميزًا بعمل لا يشبه سابقيه ولا يكون نسخة مكررة من حيث الكلمات واللحن والمضمون، بعيدا عن الصخب والطرب بشكله السائد
عمل يعكس هموم وقضايا الوطن والظروف التي يمر بها. عمل أشبه ب الابوريت والساحة تفتقد لهذه النوعية
تريد أن تنتج أغنية جديدة ..من أين تبدأ وأين تنتهي أستاذ عبد العزيز
6 – رأيتك تتعاطف مع قضايا إنسانية في ارتريا مثل قضية المعتقلين ولهذا يمكن تصنيفك ضمن المعارضة الارترية فهل أنت معارض سياسي ..موقفك من النظام الأرتري
المعارضة تعني رفض الشيء ولا اعتقد ان عاقلا يروقه او يعجبه ما يدور حاليا او ما يمر به الوطن الواقع يحتم علي ان اكون ضد كل الممارسات القائمة ولا يزعجني تصنيف معارض ولا انكر رفضي ومعارضتي لما يقوم به النظام
7 – ما المهنة الأساسية التي تعمل بها ؟ هل أنت متفرغ للفن؟
أنا مقيم بدولة خليجية وحسب الظروف والأوضاع التي أعيشها ، أتكيف مع كل عمل متاح ما يوفر متطلبات العيش لي ولأسرتي. لا اعتبر الفن مهنة بقدر ما هو موهبة ورسالة
لست متفرغا للفن وفي الغالب ونسبة لظروف وطبيعة بلد الإقامة فإن ممارسة الفن تقتصر في مناسبات الأفراح فقط
8 – أنت (زول أناشيد ساكت) بدأتها منذ أيام المدرسة ثم الاتحاد العام للطلاب الأرتريين بالسودان ..اتجهت إلى الغناء لأنك وجدت الساحة خالية دون منافسات قوية ولم تجد سواها ما يسوق الجمهور إليك معجباً وداعماً فركبت السفينة..تهمة كيف ترد عليها ؟
لا أنكر إن البدايات كانت من خلال الأناشيد وهو ليس عيبا والأناشيد في تلك الفترة لعبت دورا مهما في تأطير المجتمع وحشد الطاقات وانتشرت هذه اللونية حينها في أواسط المجتمع شباب، طلاب، امرأة ، وعموم الناس ، وسادت لفترات .
لم أجد الساحة خالية. بالعكس جئت والساحة تعج بالأسماء الكبيرة مع وجود إنتاج غزير للأعمال الفنية وبكل الأحوال لا أصنف نفسي فنانًا ولا اهتم أبدا بمسألة المقارنات. لأنني هاوي ولا احترف الغناء ومؤمن أن لكل فنان محبيه ومعجبيه ولولا اختلاف أمزجة المستمعين لبارت كل الأعمال ولما وجد فنانون
أما بخصوص السفينة فالبحر واسع ولكل سفينة قبطانها المهم أن تحسن التجديف ولا تسير عكس التيار وبذلك حتمًا تصل إلي الشاطئ
9 – لكل موهوب معلم يقتدي به ..فمن النجم الذي يضيئ لك دروب الفن استاذ مرانت
مع فائق تقديري واحترامي لكل الأسماء الكبيرة أصحاب التجربة الثرة والتاريخ الطويل في المجال يظل القامة الأستاذ إدريس محمد علي مدرسة متفردة ومنارة وملهماً ومعلماً
10- أمقتنع في قرارة نفسك أنك تغطي ثغرة مهمة في العمل الوطني أم أنت كاسب عيش بالكلمة والآلات الصاخبة..
أعتقد في قرارة نفسي أنني أغطي بعضاً من مساحة فارغة وأحاول جاهداً أن أوفق في هذا الجانب وفق ما هو ممكن ومتاح. هناك من يقدر هذا الشيء والعكس صحيح ولكن المهم عندي قناعاتي وإيماني لأهمية ما أقوم به
11 – لأنك تنتمي لفئة الفنانين فهل من تعبير إبداعي قمت به صالح الفنانين المسجونين
أمثال إدريس محمد فك الله أسره؟
الطموح كبير والأمنيات لا حدود لها ولكن أمور كثيرة تحول دون تحقيق ولو جزء من المأمول .
من باب الوفاء لأهل العطاء وإيماناً بدور الفن وأهمية قيمة رسالته قمت مع الإخوة في رابطة الشروق للآداب والفنون بطباعة بعض من أغنيات الأستاذ إدريس محمد علي في سي دي واسميناه(ادريس محمد علي وطن من الأغنيات) والغرض من الفكرة لم يكن ربحياً لأنه وزع مجانا وكان الهدف منه إحياء بعض الأغنيات التي كادت أن تنسي وخصوصاً بين الجيل الذي لم يواكب الأستاذ إدريس ولم يسمع بأعماله القديمة وتحقق جزءًا مما كنا نطمح إليه وهو انتشار بعض من أغنيات السي دي بين أوساط الشباب مثال (سنين حليكو …)ووجدت رواجا وانتشار كبيرين
12 – هل أنت متواصل مع أرتريا الوطن ..ما آخر مرة زرت فيها الوطن ؟ ولم لم تتواصل هل أنت خائف ؟
نظرًا للوضع القائم في البلاد وكغيري انقطع التواصل مع الوطن ولكن يظل في وجداننا دوما نحمله حبا وعشقا وأملاً ونمني النفس بالعيش فيه ناهيك عن التواصل معه
آخر مرة زرت فيه فيها الوطن كانت في العام 2002 ضمن قافلة نداء الوطن التي سيرها الاتحاد العام للطلاب الارتريين في السودان وبالمناسبة كانت حافلة بالنجاح وتركت صدي وذكري واثرًا طيباً. ومن هنا التحية للاتحاد العام للطلاب الارتريين بالسودان ولكل رجالاته الأوفياء
الخوف ميزة او فطرة في النفس وليس عيباً أن يخاف الإنسان علي نفسه. كيف لا والنظام كل ممارسته استبدادية. وفي ظل غياب دولة المؤسسات حيث لا دستور ولا قوانين .الخوف أمر طبيعي في هكذا وضع .
13 – نجاح الفن الغنائي مرتبط بأدوات يلزم توفيرها تساعد في صناعة جو من الزخم الإبداعي ياسر الجمهور أسراً ما الذي توفر لك وما الذي تتمنى أن يتكامل ؟
أنا في بلد لا تتوفر فيه أي من النقاط التي ذكرت وبالتالي مجرد التفكير بهذه الأمور لا يتنامي للتفكير لذلك تظل مجرد أمنيات. لم أفكر بالأمر مطلقاً.
14 – ما المناسبات التي أحييتها بثمن والمناسبات التي أحييتها لوجه الله لدعم الفئات المستحقة : الأيتام وأسر المعتقلين مثلاً؟
من خلال مجموعة الشروق كنا ننشط في إقامة ملتقيات أسرية بغرض ربط جيل المهجر بالوطن وكانت كلها مجانية
أما موضوع دعم فئات معينة الأفكار كانت موجودة ولكن هناك صعوبات في إنجاح مثل هذه الأفكار ووجود تعقيدات في المجتمع والبيئة المحيطة التي نتواجد بها .كل هذه الأسباب لا تشجع في إنجاح الفكرة ولكن في أي مكان تتوافر فيه عوامل النجاح فأنني علي استعداد تام للمشاركة وهو شرف وسأكون سعيداً لو تحقق الأمر.
15 – من الأدوات المهمة لتطوير الفن والعمل الغنائي أن تكون للعاملين الموهوبين روابط جامعة ونقد مؤسس يتتبع حركة الفن الكلمة والأداء، يجيز ويرفض من الأغاني حسب المعايير النقدية المتبعة ..هل توجد رابطة للفنانين الأرتريين في المهجر تستظلون بظلها ؟
لا توجد رابطة للفانيين في المهجر. يوجد تنسيق بين الأفراد يقوم علي مبادرات شخصية وجهد ذاتي وغالبية فناني المهجر لديهم كيانات سياسية وبالتالي من الصعوبة بمكان إيجاد مظلة جامعة أو اتحاد ينضوي تحته الجميع
لا اعتقد أن الأمر ممكن. أتمني أن لا أكون مبالغاً.
16 – ارتبط الفن الغنائي بالرقص الصاخب والخلط بين الرجال والنساء ولعل في بعض ذلك الأكثر طواعية للقيام بمهمة تخدير المواطنين وسوقهم إلى حتفهم ..هل من تعليق ؟
صحيح مفهوم الفن أو دعنا نقول الغناء ارتبط لدي البعض بما ذكرت وهذه ليست مشكلة الغناء أو الفنان وليس بالضرورة ان يمارس بهذه الشكلية التي تسيئ لقيمة الفن ورسالة الفنان
الفنان إنسان من هذا المجتمع يحمل هموم مجتمعه ويعبر بفنه وينوب عن هذا المجتمع في عكس قيم وقيمة مجتمع ولا يرضي أبدًا التنقيص أو الإساءة لقيم وعادات وعرف المجتمع والأمر يتوقف علي فهم وثقافة وتوجه الفنان وتقييم المجتمع .المسؤولية مشتركة
أود الإشارة أن الفنان قد يدفع حياته ثمنا لقيم انبل ومعاني اكبر واكبر بكثير من مجرد كونه فنانا والأستاذ إدريس محمد علي أكبر مثال في ما أقصد
ارتباط الفن بالسياسة أمر واقع والمجتمع بكل الأحوال لا يمكن فصله عن السياسة وارتباط الفن بأمور سياسية لا اسميه تخديرا والدفع إلي الحتف .المسالة في تقديري توجيه وربط والفن ابسط واقصر الطرق لتوصيل رسالة معينة وهذا الارتباط وتفاصيل الربط تخضع لظروف معينة
لو كنا في وطن امن مستقر ننعم بحياة تتوفر فيها هذه المتطلبات ما كنا لنسمي الأمر تخديرا وسوقا الي الحتف
17- من أفضل أغانيك حسب رأيي : ( مسكب أبونا وأببعبنا طنحينا لتفره لتفتي …ومسكبنا كيد قبأ يومتي .. أفوتو ولاد أدي) المنشور في اليوتيوب منذ أكثر من خمس سنوات ، شاهدها أكثر من 68 ألف شخص .. هل أنت راض عن متابعة الناس لأغانيك؟
الأغنية ليست لي، هي للأستاذ الكبير إبراهيم قورت قدمت في واحدة من ملتقيات مجموعة الشروق بعد أخذ الموافقة الكريمة منه
بخصوص رضي الناس. فأن إرضاء الناس غاية لا تدرك وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع بي
ما أود الإشارة إليه وبغض النظر عن رضا الناس من عدمه استطيع القول إنني أحظي بقدر كبير من محبة الناس وتقدير واحترام اعتبره أهم وأكبر المكاسب التي تحققت لي والحمد لله .
18 – ما الأمنية التي تسعى لتحقيقها ولا تزال المسافة بينك وبينها بعيدة شاسعة؟
الأمنية أن أعود إلي حضن الوطن العزيز لأنعم بدفئه وحنانه وأعوض كل سنوات الحرمان. وطن أحس فيه بقيمتي وأحس بقيمة وطعم العيش في الوطن
19 – انتهت الأسئلة … هل وجدت فيها ما يضايقك ويجعلك تكتب الإجابة في توتر منفعل ؟
لم أجد في الأسئلة ما يضايقني. كانت أسئلة واقعية ومنطقية وأجبت عليها بكل هدوء وارتياح وبدون توتر
أتمني أن أكون قد وفقت في إجاباتي وان أكون صريحاً
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم