ملفات الهجرة

الهجرة الأرترية الحديثة .. الدوافع والمعابر والمخاطر

11 / 1/ 2014م – نشر في مجل المجتمع الكويتية

الهجرة  الأرترية الحديثة .. الدوافع والمعابر والمخاطر

باسم القروي

*********************

الوطن رديف الروح ، ولهذا يتشبث المواطن به كتشبثه بروحه ، والهجرة حالة طارئة، تدفع إليها مبررات طارئة؛  تتقبلها النفس راغمة،  وحالة شاذة؛  تشد إليها ظروف قاهرة ؛ يُتَعَايشُ معها بمرارة ، ومن الهجرة تنطلق الأشواق إلى الوطن مرة أخرى؛  من أجل تحريره ؛ إنساناً ؛، وتراباً،  وتراثاً،  ومصالح .

فما بال ارتريا ترغم أبناءها على البعد عنها بعد التحرير ؟ وما الذي يحبس المهاجر عنها إلى العودة إليها؟

إن الرباط الوثيق بين الوطن والمواطن هو تحقيق مصالحه المادية وأشواقه المعنوية وصون حرماته من دين وخلق وعرف وكيانه الاجتماعي  الصغير ( الأسرة ) والكبير ( القبيلة)  و( السكان)  فإذا تهددت هذه الأمور على يد سلطان جائر فلا يجد  المواطن المبرر ليعيش في وطن  كل ما فيه يهدد هذه الكينونية، فالخدمة العسكرية الدائمة مهدد، والوظيفة بلا راتب مجزي ، والتضييق على المعتقدات ، والتفقير الممنهج،  والسجون والاغتيالات المتكررة لكل رموز الوطن في المدينة والبادية،  من دعاة وزعماء القبائل وضباط في الجيش من معارضة النظام عامة و من ابناء المسلمين خاصة .

بناء على هذه العوامل  يتخذ المواطن الأرتري القرار الصعب حين يعزم على مغادرة الوطن ، والأهل والدولة بمحض اختياره ؛ يسلم نفسه إلى المنافي ؛ عبر المخاطر التي تبدأ بعبور حدود أرتريا المحروس بجيش ذي دربة وخبرة وقسوة؛  يعتبر العبور  جريمة تستحق  الإعدام المباشر على يد عسكري أمي جائع اهم وظيفته قتل الهاربين من وطنهم  الطارد.

تبدأ رحلة  المخاطر هذه بإجراءات تحوطية يقوم بها العابرون  اتقاء لشر السلطان الجائر الذي يتعقبهم بعذاب أبرزها :

  1. البحث عن السماسرة  الأدلاء  أصحاب الخبرة في تهريب البشر
  2. الاتفاق معهم على تكلفة الرحلة إلى السودان ( مسافة الخطر المحتمل لا تتجاوز  عشر كلم وقد تكون أقل في بعض محطات العبور إلى  مسافة 1 كلم فقط
  3. ثمن رحلة العبور يختلف باختلاف المخاطر المحتملة واهمية الشخص العابر
  4. يبدأ هذا الثمن بمئات الآلاف من الجنيهات وينتهى إلى عشرات الملايين و في الحالات المهمة يتحول إلى عشرات الآلاف من الدولارات
  5. المراد بالحالة المهمة هي لو كان الشخص المهاجر ذا مهنة امنية في النظام او قيادية كبيرة ولأن هذه الشخصية ملاحقة بصورة كبيرة تستنفر لها أجهزة النظام داخل الوطن وإذ ا نجحت في الهجرة بتجاوز الحدود تطاردها أجهزت النظام الأمينة القمعية عبر أجهزة الأمن في دولة الهجرة الاولى التي يتقاضي بعض رجالاتها الامنيين ثمناً مقابل الخدمة المطلوبة ولهذا كثيراًً ما يحدث أن يرد الشخص المهاجر إلى أرتريا محلوق الرأس مهاناً إلى عدو يكافئه بالتصفية الجسدية العلنية في كثير من الاحيان وأحياناً تتم الصفية سراً في حالة الخوف من ردود أفعال سالبة

المحطات الأخيرة:

أصبح السودان – وإثيوبيا مثله – محطة أساسية للمهاجرين بحكم الجيرة الجغرافية والتواصل ا لاجتماعي لكنه يعد المحطة  الاولى للمخاطر وذلك :

  1. لأن عددا من المهاجرين الأرتريين لا ينوون الإقامة في السودان وإنما يرغبون في مواصلة الهجرة إلى المحطات الأفضل أمناً ومعيشة  أبرزها إسرائيل عبر صحراء سيناء أو الدول الأروبية عبر ليبيا التي يؤتى إليها تهريباً براً- أو تركيا التي يؤتى إليها جواً تحت غطاء  ا لسياحة أو  التجارة.
  2. توجد حالات تنتزع من معسكرات المهاجرين الأرتريين بشرق السودان بواسطة عصابات التجارة بالبشر لغرض  المطالبة بالفدية أو البيع والتداول في حالة العجز عن  الدفع  المفروض.
  3. كلا الفريقين – المهاجر المختار واللاجئ المختطف – يتعرض للابتزاز المالي حتى  يصل إلى محطته الاخيرة

الشبكة الإجرامية

ينقسم الشارع ما بين أرتريا وحتى المحطة الأخيرة لرحلة الهجرة القاسية بين شبكة الاتجار بالبشر التي تتلاقى بخيوط خفية  وتختلف الأسعار المدفوعة حسب المحطات فأقلها  سعراً وأشدها خطراً عبور الحدود إلى السودان وتتواصل الشبكات بطرق شديدة التعقيد تستغل كل الإمكانات المتاحة لنجاح الإجرام وقد يكون بين الشبكة أناس لا يفقهون ما يقومون به من مساهمة خاطئة مثل الذي يستضيف الحالة المهربة  في بيته الطيني ا لمتهالك أو خيمته المهترئة– مأوى وغذاء وحراسة – لمدة مقابل ما يدفع له من إيجار لم يكن يحلم به  حتى لو كان زهيداً في حقيقته  

والجامع الأساس لهذه الشبكة هي المصالح المادية فكل طرف مستفيد  يعد جزئا من الشبكة حتى استغالال عربة أجرة أو العبور بمواصلات عامة في بعض المحطات وتحيط الشبكة نفسها بسياج من السرية والحماية وتلتقى بخيط دقيق  حسب المحطات حيث يسلم كل طرف الضحية إلى طرف آخر في محطة أخرى دون الظهور والتلاقي المرئي بين الطرفين ولهذا يظل الضحية ينتقل من المحطة إلى المحطة عبر إجراءات غامضة لا يظفر بمعلومة مكتملة عنها

والحالة الاكثر بروزاً وألماً– بكل أسف-  ان الضحية جزء من المؤامرة لأنه موافق على التداول ودافع للقيمة المطلوبة حسب  المحطات بتعاقد واضح بين  المهرب والضحية  

ضمانات الرحلة :

في كل محطة إدارة غيرمرئية تدير رحلة تهريب البشر وهي حريصة على الوفاء بالشروط الشفوية التي تعطيها للضحية  بهدف بعث الثقة على  السوق من أجل   ا ستمراره ومثل اي تاجر يحافظ على حسن سمعته  

ولهذا يتعهد المهرب بنسبة عالية من سلامة وصول الضحية إلى المحطة المعينة التي تسلمه إلى  إدارة أخرى تدير المحطة التالية برًا أو بحراً ويعطى الضحية نسبة من احتمال عدم النجاح ليتقبل الفشل المحتمل او يساهم في تجاوز المخاطر المحتملة باتباع التعليمات أو ابتكار وسائل النجاة باعتباره شريكاً حقيقياً في الرحلة إلى جانب المهرب  ” المستثمر”

ولنجاح هذه الشراكة يقوم المهربون بترويج شديد  للرحلة القاسية ويلمعون للضحية خط ا لسير ويزينون ما ينتظرهم من المستقبل السعيد في المحطة الاخيرة للهجرة  ويذكرون أمثلة  حقيقية – دون الامثلة الكثيرة الفاشلة – للحالات التي نجحت  كيف أنها تخلصت إلى عالم الحرية والعمل والنجاح  والأفق الرحيب وكثير من الناس – في وسط الفئة الراغبة في الهجرة السوق الاساسي للعملية – يقومون بالترويج لرحلة العذاب على شكل إشاعات وأقاويل يتناقلها الضحايا بأمل وحلم يتعزز لديهم بتجارب ناجحة لأفراد مهاجرين تجاوزوا الفقر والخوف والتعاسة إلى الغنى البين والامن والسعادة . قلت لبعضهم وهو في محطة  دولة الجبل الاسود عالق واحد من بين عدد يقدر 300 لاجئ أرتر  خصصت لهم عمارة كبيرة حتى تتم معالجة اوضاعهم وتقدم لهم وجبة واحدة في اليوم . قلت له : هل وجدت ما وعد به المهربون من سلامة الطريق ؟  قال : لو أعلم ما شاهدت من هول الطريق لما اقدمت عليها وكل التزينات التي أقنعتنا بالرحلة كانت غير صحيحة في معظمها ونحن معلقون بين استحالة العودة واستحالة العبور إلى دولة إيطاليا معبراً إلى حيث المقصد الاخير: السويد.  واكبر شيء نخافه ونجتهد في توقيه هو ( الفيش ) البصمة بالعصابع العشر  التي يتم توزيعها وتداولها بين الدول الامر الذي يجعل المهاجر فريسة مدانة  في كل محطة يريد العبور منها .

أرقام ومبالغ :

تحدثت تقارير إعلامية أن عدد من تم اختطافهم إلى صحراء سيناء وبيعهم هناك يزيدعن  ثلاثين ألف مهاجر أرتري وبلغت جملة ما دفع لتخليصهم 600 ألف دولار أمريكي خلال الاعوام : 2007م – 2012م  ولاتوجد إحصائية يقينية ترصد أعداد المهاجرين المختطفين الذين تم تداول بيعهم عبر شبكة الاتجار بالبشر لكن المعابر الخطرة متنوعة وكثيرة تشمل المعابر الجوية والبرية والبحرية ولهذا يصعب تحديد أرقام المهاجرين وما يزيد الأمر صعوبة أن المهاجر نفسه جزء من عملية التداول كما أن الجنسيات  تختفي  ويكثر الانتساب إلى الدول  التي  تشهد أوضاعا إنسانية بائسة  مثل أرتريا وسوريا

مشاهد من العبور الخطير

عبور الحدود الأرترية  إلى دول الجوار يسوق المهاجرين إلى  جيبوتي وإثيوبيا والسودان واليمن والسعودية  لكن الحظ الاوفر من الهجرة للخارج يختار محطة السودان ومنها تبدأ الرحلة الأبعد براً وبحراً وجوًا إلى الدول الاروبية أو إسرئيل

  1. تحدثت لأفراد مهاجرين قصدوا الدول الأروبية فوصلوا تركيا جوًا بعد إكمال شروط زيارة سياحية تفرضها هذه الدولة ومنها بدأت رحلة مخاطر جديدة
  2. يتواصل المهاجرون مع المهربين سراً ويتم التوافق على الميعاد المكاني والزماني والمبلغ الثمن بصورة فردية وبناء على ذلك يتقاطر الأفراد على الشاطئ  التركي استعدادًا  لرحلة جديدة خطيرة .
  3. يستلم المهربون المبلغ ويتم تجهيز مركب من بلاستيك مقوى يزود بمولد كهربائي ( موتور) يدفع المركب على البحر  دفعاً سريعا ًحتى يتوارى عن  الحدود ويسلم نفسه إلى متاهات بحرية تتقاذفها الأمواج وتترصدها الحيتان الجائعة والغرق المتحمل.
  4. يقوم أحد المهربين بتدريب أحد الضحايا كيف يقود المركب ويجتهد معه في تدريبات لمدة ساعة تقريباً  يخوض فيها البحر يسبح بمركبه  ويعود إلى الشاطئ حتى يمطئن من قدرته في التعامل مع المركب وقيادته وخوض البحر به دون توفر وسائل  السلامة
  5. يعفى هذا القائد المتدرب من الرسوم المقررة لكل مهاجر مقابل قيادة المركب ولهذا يتسابق في هذه الوظيفة أكثر من واحد ويحسم الموقف باختيار من المهرب
  6. يمنح العدد الراكب – وهو يتراوح ما بين 25 – 30 راكباً– عدداً من السكاكين
  7. عند الاقتراب لمحطة الوصول يقوم الركاب بفك المولد الكهربائي  ورميه في البحر
  8. يدفع المهاجرون بأيديهم المركب نحو ا ليابسة حتى يصل إلى قرب الشاطئ ثم يقومون بتمزيقه بالسكاكين إلى درجة الإتلاف
  9. يفرض المهارجون أنفسهم على السلطات المحلية في محطة الوصول وهم مجردون من الأوراق الثبوتية كما أنهم مجردون من وسيلة إعادة إلى البحر مرة اخرى حيث تم إتلاف المركب .
  10. كثير من الهاجرين يدعي انه من الدول التي تشهد أوضاعاً إنسانية بائسة وكثير منهم يتسمى بأسماء جديدة تتناسب مع الأوضاع الجديدة

جلسات تحري وتدقيق :

تستقبل السلطات المحلية في محطة دولة الجبل الاسود  قسراً  هؤلاء المهاجرين  وتدفع بهم إلى مقرات إيواء وهي عبارة عن بنايات عالية ذات طوابق يتم إخلاؤها من وظيفتها الأساسية موقتاً لهذا الغرض وتبدأ في  تنصنيفهم حسب دولهم  وتدرس أحوالهم ومبررات هجرتهم ولتحقيق النتائج الصحيحة تتبع الإجراءت التالية:

  1. تستعين للحصول على المعلومات الصحيحة بمترجمين يعرفون الفروق بين شعب وشعب في دولة ودولة
  2. بعد الفرز الدقيق المبني على التحري المترجم تصنف الحالات حسب حججها وتبريراتها فبعضها يتعامل معه على انه مجرم وبعضها الآخر يحظى بتعاطف إنساني خاصة مهاجري سوريا وأرتريا وقد ينجح التحقيق في إبعاد حالات الادعاء عن مهاجري هاتين الدولتين
  3. يعطى المهاجرون بطاقات هوية من الجهات المختصة فيه اسم المهاجر – حسب ما يدعيه هو – وصورته ومدة الإقامة التي يلزمه مغادرة البلاد بعدها
  4. يظل المهاجر يسهر بحثاً في طرق العبور الجديدة وثمنها ومخاطرها . تتم دراسة الأمر بين المهاجرين أنفسهم ومع الجهات المهربة غير المرئية
  5. خلال مدة الإقامة المسموحة بها في دولة الجبل الأسود – وغيرها مثلها في كثير من الإجراءات الخاصة باستقبال المهاجرين – يتواصل  المهاجر مع العالم الخارجي  ويستعين بمن يعرف من الهاجرين القدامى لللحصول على الدعم المادي والارشاد بكيفية عبور المحطات القادمة وتجنب مخاطرها

أسعار محطات التهريب:

لا تشمل هذه الاسعار حالات البيع والفدية التي تطالب بمبالغ باهظة وإنما تقصد اجرة المهرب الذي يتعاقد مع الضحية بمحض اختياره ويختلف هذا الثمن  بين محطة وأخرى حسب الدول وعلى سبيل المثال نذكر ما يدفعه الضحية للمهرب في المحطات التالية   :

  1. المحطة من تركيا – إلى دولة اليونان بحراً تكلف1300 دولار أمريكي لكل شخص
  2. المحطة من اليونان – عبر دولة البانيا دون توقف – إلى دولة الجبل الأسود براً مرة بالاقدام ومرة بركوب شاحنات علف أو بهائم  تكلف : 650 دولار
  3. المحطة من دولة الجبل الاسود – عبر دولة وسيط دون توقف – إلى  إيطاليا  براً مرة بالاقدام ومرة بركوب شاحنات علف تكلف :   1700 يورو
  4. المحطة من دولة إيطاليا إلى الدول الأروبية تكلفتها عادية لعدم وجود المهربين حيث يلزم المهاجر أن يجتهد بنفسه عبر المواصلات العادية  براً وبحراً ويتحرى الأوقات التي يقل فيها التفتيش كمناسبات الأعياد الرسمية

مخاطر القبض على المهاجر

في كل المحطات توجد مخاطر محتملة تواجه المهاجر وهو يعرفها جيدا ً ومع ذلك مستعد لتقبلها من الناحية النفسية كما انه يجتهد لتوقيها بما يتخذ من إجراءات السلامة من بينها الاستعانة بتجار البشر وهذه المخاطر هي :

  1. لا ترغب الدول على استقبال المهاجرين ولهذا تتخذ احتياطات لحماية نفسها بينها حراسة الشواطئ والحدود بقصد منع تسلل المهاجر قبل أن يصل حدود الدولة المقصودة  ومن أشد أنواع الاخطار التي  تواجه المهاجر اعتراض المركب على عمق البحر وطرده من حدود الدولة المقصودة والمركب الذي يحملهم لا يقوى على الصمود الطويل في البحر  لهشاشة مواد تركيبه وقلة وقوده وقلة زاد المهاجر الذي بصحبته فهو قابل للنفاد كما انه إذا عاد هذا المركب بالمهاجرين من حيث أتى لا توجد دولة تستقبله لخروجه غير الشرعي ولعدم وجود وثائق تثبت محطة الانطلاق وتثبت هوية الأشخاص واتقاء لهذه المخاطر يجتهد المهاجرون في التسلل ليلاً وبمواقع تظن فيها السلامة حتى يتم اقتحام ا لحدود وبعدها يسعون في تسليم انفسهم إلى الجهات الرسمية التي تتعامل مع الحالة المفروضة عليها إيجابياً
  2. عقوبة المهاجر غير الشرعي السجن لمدة أربع سنوات في تركيا
  3. وفي اليونان ست سنوات
  4. تلفيق تهمة التعامل بالمخدرات بيعاً وتعاطياً وهي أخطر تهمة في الدول الغربية خاصة ويوجد من بعض الموظفين المختصين بالتعامل مع حالات الهجرة غير الشرعية من يتهم المهاجرين بهذه التجارة القذرة ابتزازًا حتى يظفروا منه بمال مقابل سحب التهمة  ولا مخرج للمستضعف غير الدفع أو الخضوع لعقاب في ذنب لم يرتكبه. 

إجراءات تأمين التهريب :

يهتم المهربون بحماية انفسهم وحماية تجارتهم ولهذا يقومون بإجراءات تأمين شديدة منها

  1. الاعتماد الكامل على السرية ولهذا تتواصل الشبكات عبر محطات كثيرة منتظمة دون التعرف على بعضها إلا بخيوط دقيقة ورموز غامضة وحذر شديد بحيث إذا تم القبض على خيط واحد لا يستطيع الإرشاد على الخيوط الاخرى بمبرر أنه يجهل بقية الشبكة فعلاقته بها قوية في اداء الخدمة وهشة- إن لم تكن معدومة – في الحصول على المعلومة الصحيحة لأن المهرب نفسه يتعامل باسماء مستعارة تتجدد دوماً ويستخدم الفئات المغفلة من  المجتمع لتحقيق اهدافه دون ظهوره المباشر فبائع القهوة في الشارع يمكنه أن يوصل الضحية مقابل مائة جنيه سوداني ( 12 دولار تقريبا) إلى  بيت خرب خارج المدينة ليس به أحد ، وطفل صغير يأتي في ساعة من الليل إليه  يسوق الضحية باختياره إلى موقع آخر خفي ا لمعالم وتبدأ رحلة العذاب والأمل بخطوط وعناوين هشة مضللة تتلاشي عند التحقيق ولا يسوق بعضها إلى بعض.
  2. لبعض عصابات التجارة بالبشر في بعض المناط العدد الكبير والسلاح المتطور وأجهزة الاتصالات الحديثة المتصلة عبر الاقمار الصناعية ولهذا يمكنها الدفاع عن نفسها ويمكنها الاختطاق القسري والنهب ويمكنها الاستغاثة ببعضها كما يمكنها التخلي عن الضحية في أية محطة دون الخوف من العواقب  لكن هذا الأسلوب لا يلجا إليه غالباً حرصاً على الشراكة المربحة بين المهربين والضحايا .
  3. توجد لبعض عصابات التجارة بالبشر ملاذات آمنة في دول مثل دولة أرتريا التي تدعمها وتحميها بهدف تحقيق أغراض سياسية بها وتجارية كما توجد لها حماية من رجال كبار في أجهزة الأمن في بعض الدول المجاورة تنتفع مالياً من هذه العصابات فتوفر – مقابل تلك المنفعة المتجددة – لها الحماية والغطاء وتدافع عمن ضبط منها متلبساً  بالجريمة سعياً لبراءتها او تخفيفاً للعقوبة الرسمية بحقها.
  4. يحظر المهربون على الضحايا القيام بتوثيق الرحلة ويشرفون بانفسهم على هذا الحظر ويهددون خارقه بالتصرف الرادع ولهذا يلتزم المهاجرون بهذه التعليمات الأمر الذي يجعل عصابات التهريب في مأمن من الاكتشاف وفي مامن من القانون وفي مامن من تعرض التجارة  القذرة للخسائر .
  5. يلتزم الضحايا بالعقد الشفوي ا لمبرم بينهم وبين المهربين ولهذا لا يبوحون كثيراً باسرار رحلة العذاب كما لا يصرحون باسمائهم الحقيقية ولا بالاسماء الجديدة المستعارة التي تتغير حسب متطلبات كل محطة جديدة ولا يدلون باية معلومة مما قد يعرفون – على قلته – من المهربين اسماء وعناوين وطرق التعامل وإشكاليات الطريق إلا ما ندر وبعد محطات الوصول الأخيرة وتجاوز المحنة

الخاتمة  : مع احتمال وجود المخاطر لا تزال السوق ترفد الهجرة

تقول بعض قوى المعارضة الارترية إن ما يقدر باكثر من الف مهاجر أرتري غرقوا في البحر قبل وصولهم إلى  شواطئ دول  الهجرة ولا يعرف مصيرهم أحد واعداد أخرى مجهولة تاهت  ولقيت حتفها في  الفيافي   وتوجد أعداد كثيرة معلومة الغرق مثل ما كان بتاريخ 3 اكتوبر  عام 2013م على شواطئ الجزيرة الإيطالية ( لامبيدوزا) حيث غرقت سفينة كانت تحمل اكثر من 600 مهاجر معظمهم من أرتريا وقد نجا منهم فقط 155 شخصا وكان بين الغرقى 370 شخصا من ارتريا تم تشعييهم في مظاهرة ضخمة قامت بها المعارضة ا لأرترية بروما وكان ا الحزب  الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية من أبرز المشاركين فيها

ولا يزال كتاب الهجرة والمهاجرين الارتريين مفتوحاً يسجل غرقى وناجين ومساجين على حدود الدول الاروربية كما لا تزال السوق الرافدة لهذه الهجرة مفتوحة تمد بالاعداد المتزايدة اختيارا او اختطافا احدثها كان بتاريخ 8 يناير الجاري 2014م  إذ تمت محاولة اختطاف ثلاثة فتيان من قرية ( قرقف ) على الحدود السودانية مع ارتريا تمت محاولة اختطافهم  نهارًا جهارًا بواسطة مسلحين والتدخل من سكان القرية في مشهد اشتباك بالقوة خلص الفتيان الثلاثة وتم تسجيل بلاغ لدى وكيل النيابة ا لعامة في  ولاية كسلا وفي تصريح لمجلة ( المجتمع) قال الأمين العام للحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية  الشخ أبو سمية صالح محمد عثمان : لن تقف الهجرة عن  النظام الطارد في أرتريا إلا بعد إزالة أسابها بإسقاط النظام القمعي  الطائفي وتحقيق العدالة والتنمية والامن والسلام في أرتريا واضاف : إن  احتمالات سقوطه ظاهرة لان الشعب من الداخل منتفض مؤازرًا للمعارضة الارترية في الخارج ، وهو منبوذ دوليا وإقليميا  فاي نظام يبقى إذا حاربه شعبه وتمرد عليه ؟ واي نظام يعيش إذا تمت محاصرته  ومقاطعته عالمياٌ ؟ ولهذا فهو حافة الانهيار سياسيا واقتصاديا وأمنيا حسب تصريح الشيخ أبو الشيخ ابو سمية . 

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى