مقالات وآراء

بقلم الأستاذ طاهر محمد علي : ترجمة وتلخيص التقرير السنوي للجنة الأمريكية الدولية للحرية الدينية في إرتريا لعام 2020م

توصيات التقرير تبقي أرتريا على قائمة الدول المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان وانتهاك حرية المعتقد الديني كما  تبقي  وتجدد العقوبات الدولية المفروضة عليها.

أصدرت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية (USCIRF) تقريرها السنوي لعام 2020م وذكرت اللجنة أن الظروف السيئة للغاية التي تمر بها الحرية الدينية في اريتريا مازالت مستمرة وذلك بالرغم من التغييرات السياسية والإقليمية المهمة التي نتج عنها توقيع اتفاقية السلام بين اريتريا واثيوبيا في عام 2018 وتوقعات المراقبين بحدوث تحسن ما في الوضع الداخلي لإرتريا.. إلا أن الحكومة الارترية استمرت في نهجها القمعي بارتكاب انتهاكات خطيرة ضد مواطنيها ولم تحرز أي تقدم ملموس ولم تظهر كعادتها أي اهتمام بالدعوات التي وجهت إليها من مختلف المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية في البلاد خلال العام الماضي .. حيث مازالت أحد الدول التي لديها أسوأ سجل للحريات الدينية في العالم

استمرارية التدخل الحكومي

وكشف التقريران تدخل الحكومة الإرترية في الشئون الخاصة بالمجموعات الدينية وفرض مزيد من القيود على أداء نشاطاتها الدينية وتقييد تحركات رجال الدين والمصادرة والاستيلاء على الممتلكات الخاصة مازال مستمرا .. فضلاً عن رفض الحكومة السماح بالتسجيل لمؤسسات دينية لها اتباع في البلاد ، حيث لا يزال مسموحًا للعمل قانونيًا فقط لأربع طوائف دينية وهي : الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، والإسلام السني ، والكنيسة الكاثوليكية الرومانية ، والكنيسة الإنجيلية .

الــرد بقسوة على دعوات الإصلاح الديمقراطي

وبين التقرير بان عام 2019م شهد ازدياداً في النشاط السياسي ودعوات للإصلاح الديمقراطي في البلاد من قبل النشطاء الإرتريين العلمانيين ومجموعات من أصحاب التوجه الديني ، إلا أن الحكومة الإرترية ردت بقسوة على كل المجموعات الدينية سوءًا كانت مسجلة ، أو ا غير المعترف بها لدى  الحكومة مثل مجموعة العنصره، والإنجيلية المسيحية حيث قامت الاجهزة الامنية بحملة اعتقالات واسعة في مايو 2019م شملت عدد 171 من الرجال والنساء وصغار السن حيث داهمت أماكن تواجدهم وهم يمارسون معتقداتهم الدينية في ضواحي اسمرا ، كما قامت الأجهزة الأمنية الإرترية في شهر اغسطس2019 بإلقاء القبض على 80 آخرين بتهمة ممارسة وتعليم معتقداتهم الدينية بدون الحصول على أذن من الدولة

وفي أبريل 2019م رفضت الحكومة الإرترية الرسالة المشتركة التي وجهها الأساقفة الكاثوليك الإريتريون التي دعوا  فيها إلى اعادة الثقة وتحقيق المصالحة الوطنية وإطلاق سراح المعتقلين .. وكان الرد إليهم باتهامهم بالتدخل في الشئون السياسية ومحاولة إثارة المشاكل وعدم الاستقرار في البلاد .. كما تم اعتقال العديد من قادة الكنيسة الكاثلوكية وغيرهم من المجموعات الدينية الأخرى بتهمة الإعتراض على القوانين الحكومية التي تنظم إقامة الاجتماعات والوعظ الديني .. وممارسة الشعائر الدينية في الخدمة الوطنية العسكرية ..

المصادرة والاستيلاء على الممتلكات الخاصة للمؤسسات الدينية:

كما تناول التقرير مصادرة الحكومة الإرترية بالقوة خلال عامي 2017 و 2018

22  مركزًا صحياً وإغلاق العديد من المدارس الدينية التي كانت تديرها الكنيسة الكاثوليكية في مختلف أنحاء إريتريا..

ومن الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها قوات الأمن الإرترية في نوفمبر 2017م اعتقالات جماعية للمتظاهرين الذين رفضوا تدخل الحكومة في شئون مدرسة الضياء الإسلامية – وهي مدرسة دينية مشهورة في اسمرا – وقد شمل الاعتقال أعضاء مجلس إدارة المدرسة ومعلمين ، وقد أفادت التقارير خلال عام 2019 وفاة العديد من المعتقلين في السجن ، بمن فيهم عضو اللجنة التنفيذية للمدرسة الحاج إبراهيم يونس وآخرون .. وترفض السلطات الإرترية الإفراج عنهم أو تقديمهم لأي محاكمات كما لا يعلم أهالي المعتقلين أماكن وجودهم حتي الأن ..

ظروف اعتقال بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية 

وقد استحوذت على التقرير تفاصيل ظروف اعتقال بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الأريترية البطريرك أنطونيوس المعتقل منذ 27 مايو 2007 ، الذي يعتبر البطريك الثالث للكنيسة الأرثوذكسية ..وكان قد قاوم منذ وقت مبكر تدخل الحكومة في الشئون الداخلية للكنيسة .. حيث طلبت منه السلطات الإرترية طرد 3000  عضواً من رجال الدين في الكنيسة ، كما احتج على اعتقال القساوسة .. مما دفع السلطات الإرترية في يناير 2006 لوضعه تحت الإقامة الجبرية ثم أقدمت السلطات الامنية  بتاريخ 20  يناير 2007  على مصادرة الشارة البابوية الشخصية للبطريرك أنطونيوس

وفي 27 مايو 2007 ، استبدلت الحكومة الإريترية البطريرك أنطونيوس الذي ينحدر من منطقة همبرت بأقليم حماسين بالأسقف ديوسكوروس الذي ينتمي الي أقليم سراي من مدينة مندفرا. ولا يزال البطريرك أنطونيوس محتجزاً بمعزل عن العالم الخارجي  وبين التقرير أنه ممنوع من الرعاية الطبية رغم معاناته من مرض السكري الحاد.

وبسبب الضغوطات الغربية التي تعرضت لها الحكومة الإرترية سمحت له في 16 يوليو 2017 لحضور قداس في كاتدرائية القديسة ماري في أسمرا ، ولكن تم منعه من إلقاء الوعظ الديني أو التحدث مع الرعايا المشاركين ، واعتبرت تلك المشاركة أول ظهور له بعد مرور عشر سنوات من اعتقاله تحت حراسه مشددة  وفي 19 يوليو 2017 نقلت الحكومة الارتريه أنطونيوس إلى موقع جديد وقد تم تبليغ ذويه أن ذلك يتم بغرض توفير ظروف معيشية ورعاية صحية مناسبة له ..

وقد تم نشر مقطع فيديو مسجل للبطريرك أنطونيوس على الإنترنيت في أبريل 2019 وقد ظهر وهو جالس على كرسي وبصحة جيدة وفي الدقائق الذي تحدث فيها أوضح أنه تم مصادرة كتبه وكل ممتلكات الكنيسة التي كانت بحوزته ، كما أكد أن عملية تنصيب باتريك جديد بدل عنه ليست شرعية وان من قبل المنصب ومن أدار عملية التغيير كلاهما إرتكبا خطأ يتعارض مع نظام الكنيسة ، كما أوضح أن اثنين من رجال الأمن وشخصين آخرين من مسؤولي الكنيسة الجدد الذين عينهم النظام زاروه في مقره منذ عام ونصف وطلب منه التوقيع على ورقة تنص على الاعتراف بالخطأ وقبول تنصيب البطريك الجديد لكنه أكد رفضه لذلك العرض.  وطلب أن يسمح له بمعرفة أخطائه والسماح له بقراءة المنشور الذي طلب منه التوقيع عليه ، وايضا السماح له بألقاء خطاب الي اتباع الكنسية المتواجدين في داخل ارتريا وخارجها ومن ثم تقديم استقالة وفقا لقانون الكنيسه الارذوكسية .. وأوضح  إن لا يعرف  سبب اعتقاله منذ 12 عامًا ولا أحد يزوره أو يقدم له التهاني بالأعياد والمناسبات الكنسية أو يتواصل معه في المكان الذي يتواجد فيه

وكان نشر مقطع الفيديو المسجل في المواقع الإعلامية للبطريرك أنطونيوس فرصة للإريتريين المتواجدين في جميع أنحاء العالم لسماع رواية أنطونيوس الشخصية عن إقالته من منصبه واعتقاله القسري ، مما دفع العديد منهم إلى التشكيك في روايات وقرارات الحكومة . كما بدأ المسيحيون الأرثوذكس الإريتريون بشكل متزايد بدعوة المجمع المقدس لكنيستهم للتوقف عن الامتثال لمطالب الحكومة الإرترية .

وجاء في التقرير أن الحكومة الإريترية شددت من ضغوطاتها على السينودس لطرد البطريرك أنطونيوس من الكنيسة ، وهو ما تم في نهاية المطاف في يوليو2019م  حيث تم نشر رسالة  تتهم البطريرك بعدم الوعي وممارسة نشاطات غير قانونية . وقد حذرت الحكومة القادة الدينيين في الكنيسة من عدم ذكر اسمه في الخطابات الدينية الكنسية.

ومع ذلك لا يزال العديد من المسيحيين الإريتريين الأرثوذكس ينظرون إلى البطريرك أنطونيوس على أنه الزعيم الشرعي للكنيسة. وإن استمرارية اعتقاله غير قانوني ، وبسبب رفض العديد من الإريتريين الأرثوذكس إجراءات الحكومة ضد البطريرك أنطونيوس في أريتريا قامت الحكومة خلال عام 2019 باعتقال العديد منهم ..

قائمة الضحايا المفقودين :

وبحسب ما جاء في التقرير أن مئات الأفراد الذين سجنوا بسبب معتقداتهم الدينية بإريتريا ، مثل قادة الكنيسة الإنجيلية والكنيسة الأرثوذكسية والذين مر على اعتقالهم أكثر من 15 عاما مازالوا مفقودين ولا أحد يعلم عن أوضاعهم وقد تم وضع أسماء تلك الحالات في قائمة الضحايا المفقودين في التقرير السنوي للحريات الدينية لعام 2020م . وقد ضمت القائمة 43 اسما من رجال الدين المسيحي في أريتريا ..

منع الحكومة الإرترية أداء الصلوات وحيازة الكتب الدينية ومما رسة العبادات في السجون :

نشر التقرير أفادات منظمات حقوق الإنسان بمنع الحكومة الإرترية أداء الصلوات وحيازة الكتب الدينية وممارسة العبادات في السجون. وذلك بالرغم من أن الدستور الإرتري الصادر عام 1997 يكفل حرية المعتقد والتعبير عن الرأي والتنقل والتجمع والتنظيم ، ولكن لم يتم تطبيق الدستور ومازال مجمدا لأكثر من عقدين . حيث تستخدم الحكومة الإرترية المرسوم رقم 73 لعام 1995 كأساس لتقييد الحرية الدينية ، بما في ذلك التعبير عن الآراء السياسية التي تختلف عن المواقف التي تتبنى وجهة نظر مخالفه لها ، حيث يتم قمعها ووضع أصحابها في المعتقلات السرية لفترات غير محددة ..

وقد ذكر التقرير أن أريتريا تعيش تحت حكم استبدادي يعتبر حقوق الإنسان وحرية التعبير السياسي تهديد لوجوده ولذلك يقوم بإجراءات قمعية صارمة .. مما دفع كثيرًا من الإرتريين  إلى الفرار من بلادهم .. ووفقًا لتقارير المنظمات الإنسانية فقد وصل معدل الهاربين من أريتريا إلى كل من السودان وأثيوبيا إلى حوالي 200 فرد يومياً 

انتهاكات الحرية الدينية .. وانعكاساتها على العلاقات الأمريكية الإرترية :

وحول علاقة الولايات المتحدة مع إرتريا ذكر التقرير أنه لم يتم تبادل للسفراء بين الدولتين منذ عام 2010. ولكن ثمة تحسن حدث بسبب الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي تمت إلى أريتريا خلال عام 2019 من قبل مسؤولين أمريكيين ، حيث قام نائب مساعد وزير الشؤون الإفريقية في الخارجية الأمريكية السفير دونالد ياماموتو بزيارة إلى أريتريا في مارس 2019م، كما قام أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي ، كارين باس ، وجو نجاسي ، وإلهان عمر بزيارة شملت كل من إثيوبيا وإريتريا ، وقد أثاروا في لقائهم مع المسؤولين الإرتريين مخاوفهم بشأن أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية في أريتريا. كما زار مسؤولون آخرون من وزارة الخارجية الأمريكية ومن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل ومكتب الحرية الدينية إريتريا في عام 2019 ، وتم أيضا إثارة مواضيع قضايا حقوق الإنسان والحرية الدينية في أريتريا. إلا أن الحكومة الإرترية لم تستجب للدعوات التي قدمت إليها ولم تُعْطِ أي إجابات واضحة عن أسباب الاعتقال وأوضاع المعتقلين .. وترفض الإفراج عنهم بالرغم من مرور سنوات طويلة وهم رهن الاحتجاز القسري.

وجاء في التقرير أن الولايات المتحدة واصلت في عام 2019م دعم الجهود الإقليمية لتحسين السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي. ، كما قامت في مايو2019م بإزالة إريتريا من قائمة الدول التي لا تتعاون بشكل كامل مع جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب

إلا أنها أبقت أريتريا وخلال المراجعة الدورية التي تمت في ديسمبر عام 2019 م ضمن قائمة الدول المثيرة للقلق التي تتواجد فيها أريتريا منذ عام 2004 ، كما أبقت الولايات المتحدة على حظر الأسلحة المفروض على إريتريا بموجب 22 CFR 126.1 من لوائح الاتجار الدولي بالأسلحة..

وقد قدمت اللجنة التوصيات الآتية للحكومة الأمريكية 

  1. الاستمرارية في وضع إرتريا ضمن قائمة الدول المثيرة للقلق ، وذلك لقيامها بانتهاكات منهجيه شنيعة للحرية الدينية… والمواصلة في فرض حظر الأسلحة المستمر والمشار إليه في الفقرة 22 CFR 126.1 (a) من قانون لائحة الاتجار الدولي للأسلحة الذي يوجب مراقبة وصول الأسلحة إلى إريتريا

  2. فرض عقوبات على مسؤولي الحكومة الإرترية المتهمين بارتكاب جرائم جسيمة للحريات الدينية وذلك من خلال تجميد أصولهم ، ومنع دخولهم للولايات المتحدة الأمريكية وذلك بموجب قانون السلطات المالية وسلطات التأشيرات ذات الصلة في أمريكا.

 .3 كما أوصى التقرير الحكومة الأمريكية لاستخدام القنوات الدبلوماسية الثنائية والمتعددة الأطراف لحث حكومة إريتريا للإفراج بدون قيد أو شرط عن المعتقلين بسبب أنشطتهم الدينية ، بما في ذلك البطريرك أنطونيوس • وإصدار القانون الذي ينظم تسجيل الجماعات الدينية وضمان حقوقها القانونية لممارسة نشاطها ووضع حد للاضطهاد الديني للمجتمعات الدينية غير المسجلة ، ومنحهم حقوق المواطنة الكاملة

  1. مطالبة الحكومة الإرترية للقيام بتوجيه دعوة رسمية بدون أي شروط لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إريتريا ، ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحرية الدينية أو المعتقد ، وفريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي ، والصليب الأحمر الدولي .

  2. تشجيعات الاتحاد الأفريقي على إنشاء آلية مساءلة للتحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في إريتريا ومحاكمتهم على النحو الذي أوصت به في عام 2016 لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في حقوق الإنسان في إريتريا.

 النص الأصلي :

https://www.uscirf.gov/reports-briefs/annual-report-chapters-and-summaries/eritrea-chapter-2020-annual-report?fbclid=IwAR3QvACfUFh4NQhe3Q_iAB326K6OZ7qNnExHc5UCZ6KWX3LAjY8TvS-oihQ

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى