مقالات وآراء

تعالوا نبنِ إرتريا.. من وحي كتاب الطائفية في أرتريا

.....قصة أم سنح

  الكتب القيمة تثير في الذاكرة أشجانها وآمالها ، تقدم لك ما يعظ ، وما يبنى وينير الدرب القادم ويحذر من درب سابق كان كثيف الظلام وكتاب الطائفية في أرتريا بقلم د.حامد محمد حالفا  ذكرني بقصة واعظة راسخة في الذاكرة إنها قصة

(أُمْ سَنَحْ ) وهي إمرأة إرترية اشتهرت بهذه  الكنية بين الناس  وأصبح يضرب  بها  المثل على  المكر والوقيعة وسوء  الخلق. ولم يعرف عن سيرتها إلا هذه القصة، ويقال أن أم سنح وجدت ابنها مقتولا بين قريتين متجاورتين يفصل بينهما  تل صغير يمر به الطريق الرابط بين القريتين ولم تعرف قاتله من أي القريتين هو؟، فأرادت أن تنتقم له من كلتا القريتين ،فأبطنت لهم الغدر فتوجهت إلى احداهما وقالت لهم إن أهل القرية الأخرى يتجهزون للإغارة عليكم فاستعدوا للدفاع عن أنفسكم، ثم ذهبت على الفور إلى القرية الأخرى وقالت لهم إن القرية الأخرى تجهزت لقتالكم فاستعدوا لمواجهتهم، فأرسلوا شخصا إلى القرية للتثبت من الخبر، فتأكدو من صحة خبرها وتحركت  كل قرية لملاقاة الأخرى  والقتيا في منتصف الطريق بين القريتين وحصدت أرواح كثيرة  بين الطرفين في البلدة.

دفن كل طرف ضحاياه على جانبي الطريق مما يليه خلف الجبل الذي يفصل بينهما.

وكان موقع القرية الأولى على ناحية وادي (أَزْهَرَا) الذي ينحدر من جبال (يَمْحُوا)، وجبال (كٌسَتْ) وهضاب مدينة (أَفْعَبَتْ)،أما الأخرى تقع على ناحية وادي( جَالِعْ) الذي ينحدر من جبال( أَبَا رَاحُو) وجبال (مَدْحُورُونْ)، وجبال( كُسَتْ )وجبال (أَبُو عَانْرِي).

صعدت أم سنح عند احتدام المعركة على تل مشرف على ساحة المعركة تنظر إلى القتلى نظرة شامتة وتقول ( مَرْبَاتْ وَلْيِ  سَنَحْ تِقْسَنْ) وتعني : الآن أخذ ثأر ابني سَنَحْ.

ما أصعب أن تبحث عن الحب في قلب يكرهك…لما قرأت مقدمة كتاب الطائفية للدكتور حامد محمد حالفا رجعت بذاكرتي إلى قصة أم سنح التي كنا نسمعها في الصغر لكننا ما كنا نعلم إلى أين انتقلت أم سنح بعد دمار القريتين على يدها، لكن الكتاب يحدد الآن مكان أم سنح التي تعاملنا معها بسذاجة وقللنا من شأنها حتى هددت وحدة أرضنا و أرقت مضاجع شعبنا

الطائفية بين الذم والمدح

زهاء الثمانين عاما.

إن الظن السيئ يزرع الشقاق بين الناس ويقطع حبال الأخوة ويمزق وشائج المحبة بين الأصدقاء  والرفقاء والشركاء في الوطن، ومن الظنون السيئة كان ينطلق أسياس ضد المسلمين قبل التحرير وبعده، دون وعندما نبحث عن الأسباب نجده بسبب سوء الظنون والأفكار السلبية التي إختلقها  وصدقها وصار وراءها يتبع سلوكا عدوانيا ضد معتقداتهم، ومؤسساتهم، و وجودهم، فهو لا يثق بأحد من المسلمين لسوء ظنه، ولا يثق به أحد من المسلمين لسوء فعله.

ومن السيناريوهات المتوقعة بعد رحيله فالحصاد سيكون من جنس ما زرعه للمشهد القادم وهو نفس مشهد قرية أم سنح -لا قدر الله- وذلك بسبب الأفكار السلبية التي زرعتها أم سنح فيه وفي البسطاء ضد المسلمين فصدقوها وصارو خلفها دون وعي فنمت عندهم عقدة ضد المسلمين وضد هويتهم  المرتبطة  بالتراث  الإسلامي والعربي.

نداء إلى الاخوة المسيحين:

 إن تأريخ إرتريا حافل بالإخاء الاسلامي المسيحي منذ فجر الإسلام الأول وهجرة الصحابة الكرام إلى الحبشة فهو أجل وأطهر من خزعبلات أم سنح الكائدة وعقلية أسياس الضيقة وأفكاره العقيمة وظنونه السيئة التي تركت جراحات غائرة في جسم الشعب الارتري ولن تلتئم إلا بجهود موحدة ونفوس طيبة متسامحة، خالية من الظنون السيئة.

  • تعالوا نغرس بذرة الاخاء والتسامح والمحبة في وطننا  القاحل الذي زرع أشواك العنصرية البغيضة  سنينا عجافا.
  • تعالو نهدم جدار الظنون السيئة الذي بناه أسياس بيننا  على حساب وحدتنا ودماء شهدائنا الطاهرة.
  • تعالو نضع أكفها فوق بعضها كي لا يصير مستقبلنا كمستقبل قرية أم سنح التي صارت أثرا بعد عين.
  • تعالو نغسل قلوبنا ونتحاور مع بعضنا
  • تعالو نخفف منسوب الظلم المرتفع في جسم الوطن.

تعالوا نتعاون ، نتشاور، ومن حقنا جميعا أن نختلف ولكن ليس من حقنا أن نسيئ إلى قيم وعقائد بعضنا… وليس من حقنا نفي الآخر و إقصائه وتهميشه.

إرتريا تسع كل أبنائها لا تفرق بين عقيدة وأخرى وبين جنس وآخر، فتعالوا نرتمِ في أحضانها وننبذ الغلو والتطرف والإقصاء والإرهاب.

 

تعليقا على كتاب الطائفية أتت قصة أم سنح الواعظة

تقييم المستخدمون: 0.4 ( 1 أصوات)

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى