مقالات وآراء
تعليقاً على حديث أفورقي المتلفز الأستاذ فتحي عثمان يكتب عن الثور والسكاكين
دعم نظام عمر البشير لنظام أفورقي حقيقة غير منكورة والعكس صحيح وتاريخ الإسلاميين في السودان داعم وفي للقضية الأرترية لم يتزعزع فهو أكثر حضورًا مقارنة بالأحزاب الأخرى
هذه قراءة من ” زينا ” في مقال رصين باللغة الإنجليزية كتبه الأستاذ فتحي عثمان تحت عنوان : ( الثور والسكاكين : The Bull and The Knives ) يصف فيه موقف النظام الارتري من الإطاحة بنظام عمر البشير في السودان جاء المقال تعليقا على حديث أفورقي في مقابلة متلفزة تهجم فيها على نظام عمر البشير متهما إياه بتصدير الأصولية والإرهاب
جاء في المقال نقلا عن حديث أسياس أفورقي أن السودان ضيعته سياسة نظام البشير فهي التي أدت إلى فصل جنوب السودان ولو تمت تلبية مطالبه من العدالة والمساواة والازدهار لما تم فصله عن الشمال واتهم افورقي حكومة البشير بأنها تبنت سياسات خاطئة أدت إلى تقطيع البلاد إلى جانب إفقار الشعب السوداني على الرغم من كثرة موارده .
وحديث أفورقي المتلفز الممل عن السودان وسوء سياسة حاكميه وكثرة موارده لن يصل إلى العمق الذي أثبته كتاب : ( حروب الموارد والهويات ) للدكتور محمد سليمان محمد فهو يتضمن كل التفاصيل عن البؤس الذي يتجه إليه السودان فالكتاب بقلم سياسي خبير ضليع فماذا يضيف حديث أفورقي سوى التكرار الممل وإن أراد – ربما – محاكاته .
ونسب المقال إلى أفورقي أنه يتهم السودان في عهد عمر البشير بتصدير الأصولية الإسلامية إلى أرتريا وذكر أفورقي أن السودان عاني من حكم عمر البشير كما عانت أرتريا من ذلك الحكم . وزعم أفورقي أن الوضع في السودان لم يستقر حتى بعد الاطاحة بنظام البشير نتيجة للمؤسسات العميقة المؤيدة للنظام السابق وهي قادرة – حسب حديث أفورقي – حتى الآن على إعاقة مساعي الإصلاح وعلى إعاقة طموح الثورة في تجاوز الآثار السالبة التي خلفها نظام كان في السلطة متحكماً خلال الثلاثين عاماً الماضية .
-
فتحي عثمان يعلق على المقابلة فيقول : في وقت سابق تحدث أفورقي في مقابلة تشبه المحاضرة أكد فيها أن الإسلام السياسي في السودان لم يظهر قبل عام 1983م .قال فتحي : وعلى الرغم من قناعة عدد من الناس بآراء أفورقي في تقييم الحالة السودانية فإن الحقيقة تؤكد أن الإسلام السياسي ليس وليد عام 1983م وإنما كان عبر تاريخ السودان حاضراً فاعلاً ، صحيح قد احتل الصدارة منذ انقلاب عمر البشير عام 1989م لكن مجاهداته قديمة راسخة وعلى سبيل المثال حققت جبهة الميثاق الإسلامي عام 1968م نصرًا كبيرًا على الحياة السياسية السودانية كما أنها كانت داعماً قويًا للنضال الأرتري من أجل الاستقلال وهو دعم كان ثابتا لم يتزعزع أبدا مقارنة بالأحزاب السياسية السودانية الأخرى
ويستعرض الأستاذ فتحي عثمان مشاهد ظاهرة من أن نظامي عمر البشير في السودان وأسياس أفورقي في أرتريا كانا يتعاونان على تحقيق مصالحهما وأن كل واحد منهما مر بظروف صعبة فوجد الآخر سندًا قويا ليتجاوز به الصعوبات التي تحيط به
موضحا أن النظام في الخرطوم كان حليفًا وثيقًا للرئيس أسياس أفورقي على طول الطريق تقريبًا وعندما شهدت علاقتهما فتورًا نجحت دولة قطر في ترميم الخرق بينهما عام 1997م كان قد استمر أربع سنوات وقد عادت العلاقة بين الطرفين بحافز مالي قطري يقدر 600 مليون دولار لكلا البلدين إلى جانب وعود قطرية ضبابية لبناء مشروعات تنموية عملاقة لكلا البلدين
وفي عام 2003م رعت أرتريا اتفاقية الشرق التي عملت على مساعدة نظام عمر البشير على تهدئة الأوضاع السياسية في بلاده موقتاً.
وفي عام 2005م أبرمت صفقة أمنية سيئة السمعة بين نظامي البلدين أطلقت بموجبها أرتريا ضابطي أمن سودانيين رفيعي المستوى من سجونها
والخرطوم كافأت النظام الأرتري بتسليم قائمة واسعة بأسماء الناشطين الأرتريين ليتم اعتقالهم وسجنهم ولا تزال القائمة تقبع في سجون النظام الأرتري حتى الآن بل لا يعرف مصيرها .
والنظام الأرتري وجد الدعم من النظام السوداني خلال الفترات الصعبة التي مر بها ( 2009م – 2018م ) على أثر العقوبات الدولية التي فرضت عليه فقد وافق البشير أن تكون الخرطوم معبرا آمنا للأسلحة وقطع غيار معدات عسكرية من أوكرانيا وبلغاريا إلى الجيش والقوات الجوية الأرترية البائسة .
وعندما اصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرها ضد عمر البشير عام 2009م كانت أرتريا الملاذ الآمن والصديق الوفي للنظام السوداني فقد تحدي البشير وسافر إلى أرتريا – في فاتحة تحركه الخارجي رغم التهديد بالقبض عليه – التي استقبلته بالتحدي نفسه مبدية الحفاوة والتكريم بضيفها الذي تطارده العدالة الدولية.
وعمر البشير كافأ أفورقي بزيارة مشهودة مشهورة عندما نجا من محاولة انقلاب فاشل تعرض لها نظامه عرفت بمحاولة فورتو وكانت هي الأخطر من نوعها عام 2013م وقد عبر النظام الارتري عن امتنانه الشديد بتلك الزيارة
وبهذا يتضح مدى قوة العلاقة بين نظامي البشير وأفورقي الأمر الذي يفيد أن تهجم أفورقي الآن على نظام الإنقاذ المخلوع ما هو إلا من باب المثل القائل ” إذا ذبح الثور كثرت سكاكينه ” فهو يكرر ما يقوله خصوم رئيس السودان السابق عمر البشير دون أن يقوى على دحض الحقيقة التي كانت عليها العلاقة القوية بين الطرفين لتحقيق مصالح مشتركة كان كل طرف فيها محتاجا إلى صاحبه لتجاوز صعوباته
نص المقال في :
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم