مقالات وآراء

د.حامد أحمد رضا يقدم رسالة دكتوراه عن أصالة الإسلام واللغة العربية في أرتريا

قراءة في رسالة دكتوراه بعنوان : الشعر العربي  الحديث في  شرق أفريقيا

أريتريا والصومال  أنموذجاً – دراسة نقدية تحليلية.

بقلم د.حامد محمد حالفه

جامعة أفريقيا العالمية

تابعت رسالة علمية للأخ الكريم د.حامد أحمد حامد  رضا نال بها درجة ” الدكتوراه ” في النقد الأدبي من جامعة أمدرمان الإسلامية – كلية التربية قسم  اللغة العربية وآدابها .

سرني أن واحدًا من شباب الوطن ينال درجة علمية عليا متخصصا في الأدب وسرني أن رسالته تناولت ” اللغة العربية في ارتريا ” وسرني ثالثاً أن الرسالة إضافة مهمة إلى رسائل علمية تثبت أصالة الإسلام  العربية في ارتريا الأمر الذي يتعارض تماما مع أطروحة النظام الأرتري الذي يجتهد لطمس معالمهما  من خلال اشكال من المحاربة قام بها قبل التحرير وبعد التحرير أهم هذه الأشكال إغلاق المعاهد الدينية وفرض لغة الأمة واعتقال المعلمين وبث الرعب في معلمي الهجرة حتى لا تسوقهم الأشواق إلى  الوطن الحبيب

تحدثت الرسالة أن اللغة  العربية في أرتريا كانت  أقوى من نظام مستبد عجزت أداة البطش أن تقضي على لسانها المبين  فهي  تتبدى في كل مناشط الحياة في الوطن تواصلا بين المواطنين وفي الخطاب الديني الإسلامي  وتعليمه ومحاولة التشبث به  وفي تاريخ البلاد التي حكمتها ممالك دينها الإسلام ولسانها عربي، وفي دول المهجر تمثلها المعارضة والمواقع الإعلامية المعارضة والإذاعات والقنوات والكتب والإصدارات العلمية .. وكثرتها تدل على كثرة الناطقين بها والمبدعين بها والمدافعين عنها .

وبهذا تمضي اللغة العربية  شامخة تتحدى العقبات على النحو الذي كانت فيه إبان الاستعمار الأجنبي وإن كان الاستعمار المحلي أنكى في المحاربة وأقسى .

الرسالة ضمت أربعة فصول و عددا من مباحث مختلفة وخاتمة وتوصيات وانتهت بأكثر من 300 مرجعا استقت منها الرسالة مادتها  العلمية بينها  218 كتاب مرجعي  تنوعت بين  كتب دينية وتاريخية وأدبية وجغرافية عالمية ومحلية من إنتاج أدباء الإقليم  و40  موقعا ألكترونيا  في الشبكة دعمت الرسالة بمعلومات منشورة على شكل بحوث أو مقالات و16 رسالة علمية وبحثا لها صلة باللغة العربية في أرتريا .

حظ أرتريا من الرسالة :

حظ أرتريا من الرسالة كان وافرًا جداً إذ ضم قريبا من نصف  صفحات الكتاب

متحدثا في تاريخها الإسلامي والنضالي وتركيبة شعوبها وأصالة العربية فيها بالإضافة إلى نصوص شعرية تم دراستها وتحليلها لشعراء أكدت الرسالة أنهم أرتريون ينتمون إلى تاريخها الحديث وعهد نضالها الثوري وواقعها المشاهد الآن .

جاء أكثر  الحديث عن أرتريا في عنوانين أحدهما : أضواء على تاريخ اللغة  العربية في  ارتريا  ( أريترية ) ص : 44 – 87  := استوعب   43 صفحة  – حسب النسخة التي سلمني إياها الباحث  – وكان أهم ما ركز فيه بيان أصلة اللغة العربية في ارتريا وتمثلت هذه الأصالة في المؤسسات التعليمية التي كانت تعلمها وترعاها وتنميها وتغرسها  وأوضح البحث أن الكنيسة كانت تترجم كتبها الدينية إلى اللغة العربية لعلمها أن المسلمين متعلقون بها حتى  جاء الاستعمار ففرض قسرًا لغته الأجنبية  من إيطالية وإنجليزية وامهرية  حتى تنظيم الجبهة الشعبية لم يكن شاذا عن السلوك الاستعماري في حرب اللغة العربية في ارتريا بل كان أشدهم وأقساهم و أشرسهم ومع ذلك ظلت العربية تقاومه واستعصت على الاندثار  يتحدث بها الشعب في الداخل وفي المهجر وتنشر بها كتب المثقفين ورسائلهم العلمية وتخلد بها الوثائق القديمة والحديثة وتذاع به مبادئ الساسة والمعارضين عبر وسائل الإعلام المختلفة من فضائيات وإذاعات ومواقع الشبكة.

وقد أثبت فشله مشروع لغة الأم الذي أراده النظام الأرتري بديلا عن اللغة العربية

العنوان الآخر في الرسالة الذي  تحدث عن ارتريا كان : أغراض الشعر العربي في أرتريا وقد بدأ بصفحة   162-   وانتهى في 231  حيث غطى 69 صفحة من الرسالة

وقد ركز على موضوعات الشعر  المعروفة من رثاء ومديح وغزل وسياسة ووطن والحنين إليه  إلى جانب شعر المناسبات الاجتماعية .وقد حشد الباحث شواهد شعرية لشعراء أرتريين قدماء ومعاصرين .

الشعر العربي في الصومال :

وعن اللغة العربية في  الصومال تحدثت الرسالة  تحت عنوانين :

أحدهما  : أضواء على تاريخ اللغة العربية في الصومال (  ص 87 –  102)   =  بما يغطي  15 صفحة من الرسالة والعنوان الآخر : أغراض الشعر العربي  في دولة الصومال : ( 232 –  272  ) بما يغطي 40 صفحة من الرسالة  الأمر الذي يفيد أن حظ الصومال كان من الرسالة  55 صفحة  فإذا أضفنا إليه حظ أرتريا من صفحات الرسالة : 112 + 55 تصبح 167 تتحدث عن الأدب في البلدين وبهذا يتضح أن بقية الصفحات  (  287 – 167 = 120  صفحة  ) – وهي تمثل ما يزيد عن ثلث الرسالة – اتجهت إلى الحديث عن مواد  تاريخية خاصة بأغراض الشعر العربي  و ونصوص من عصر النبوة  عن السيرة النبوية بما يتصل بالرسالة وعن الممالك الإسلامية في شرق أفريقيا والحديث عن نشأتها ومبررات وجودها ومشكلاتها مع بعضها فهذه مواد تاريخية لا علاقة لها بالأدب – حسب رأيي –  .. وعندما سالت الباحث عن ذلك أفاد أنه : كانت رسالته في التاريخ ثم أقحم الأدب فيها لتنسجم مع التخصص ( لغة عربية ) وقد حققت الغرض على الرغم من أن الجانب التاريخي لا زال حاضرا في الرسالة  وانتهى رأيه أن الأدب والتاريخ يتعاونان ولا يتخاذلان  وأن الجانب التاريخي في الرسالة ذو صلة بها لكونه يتحدث عن تاريخ اللغة العربية .

انتهت الرسالة إلى ست نقاط خاتمة مستنبطة من فصول الرسالة ومباحثها وخمس توصيات  طلبت الرسالة أن يتجه إليها الباحثون والأطراف المعنية باللغة العربية في الصومال وأرتريا

وحضت الرسالة طلبة العلم والباحثين على أن تتجه أقلامهم إلى هذه المنطقة فهي بكر تحتاج إلى خدمة بحثية علمية فكثير من نصوصها متناثر في أضابير أو في صدور الرجال وكثير من مواهبها مغمورة لا يعرفها العالم لغياب الإعلام والأقلام العلمية البحثية.

بقية الصفحات (  287 – 305 ) أي  ما يصل إلى 18 صفحة   استوعبت المراجع والمصادر والمحتوى

ملاحظات ختامية :

في ختام قراءتنا للرسالة نوجز فيما يلي بعض الملاحظات الموضوعية والشكلية  :

اولا – الموضوعية :

  • يكفي الرسالة شرفا أنها تأتي إضافة علمية في مجال لا يزال بكرا يتطلب جهدا كبيرا لنفض الغبار عنه ولكبح لجاج الظلم االمستبد الذي يطالها  ولبيان صمود المنطقة في مواجهة الاعتداءات المتكررة التي تحارب اللغة العربية والدين الإسلامي. وما نسجل من ملاحظات تعد وجهة نظر قد تعزز الرسالة  وتدعوها لتدارك  بعض ما فاتها حسب  رأي قارئ  يقدمه إليها هدية مخلصة .
  • سبق أن ذكرت أن البحث الأصلي يغطي فقط 167 صفحة ومعنى ذلك أن بقية الصفحات تعد ثانوية – أو ربما دخيلة – في المادة موضوع البحث إلا من باب التأويل قد يكون سائغا عند الجهات الأكاديمية التي حكمت الرسالة وأجازتها
  • تنقص الرسالة كشف جهود شعرية كثيرة مخفية لأنها تناولت شعراء كثير منهم معروفون  فقد تناولتهم أقلام قديرة غير أرترية لكونهم يتمتعون بجنسية أرترية وسودانية  مثل  محمد عثمان كجراي  فهو ذو صلة بأرتريا هوى وسيرة وصداقة نضال  لكنه سوداني المولد والمنشأ والثقافة فهو من رواد الحركة الادبية في شرق السودان حسب تعريف الرسالة به  وحسب حديث وكتابة السودانيين عنه  كما أن الشاعرة شريفة العلوي – رحمها الله لم توضح الرسالة وجه التنازع الذي يحيط بتبعيتها لأرتريا أو لجيبوتي  وبيان مثل ذلك من مهمات البحث العلمي كما أن هناك شعراء أرتريين تواصل معهم الباحث فلم يتفضلوا بإعطاء الرسالة بياناتهم و بما هذه واحدة من مشكلات الازدواجية في الجنسية وهو عامل ضعف كبير يضيع حق أرتريا من انتاج أبنائها الكثيرين لغة وأدبا وعلما
  • الرسالة لم تشر في مقدمتها على الرسائل العلمية السابقة لها – سوى واحدة فقط نال بها صاحبها درجة الدكتوراه  من باكستان –  مما يدل على احتمال ان تكون دراسات مشابهة غير معلومة له بل قال لي  إنه قد وجد بعض الكتب العلمية بعد الفراغ من الرسالة وقد وعد أنه سوف يضمنها بحثه حتى يتدارك بعض القصور كما قال إنه عدل كثيرا مما قد لاحظته في هذه القراءة حتى العنوان تم فيه التعديل حسب قوله الذي أكد انه دفع بالرسالة إلى متخصص .. حتى تتخلص من بعض نقاط القصور لغة ومضمونا
  • الرسالة مقسمة إلى أربعة فصول ومباحث لكني لاحظت أن المباحث لم يقسم كثير منها إلى مطالب وإنما أتت بطريقة عناوين فرعية وهذا المعهود في الرسائل العلمية التي تقسم عادة إلى أبواب وفصول ومطالب ومسائل ..

ثانيا- الملاحظات الشكلية :

  • جمعت كثيرا من الكلمات التي اشتملت على أخطاء نحوية واملائية في النسخة التي أعطانيها الباحث من الرسالة و بعد اكتمال قراءتي  إياها دفعت بها إليه لإبداء وجهة نظره حولها فاكد لي أنه عالج تلك الاخطاء وشكر .
  • اطلعت على النسخة المنقحة حسب إفادة الباحث على عجل مطمئنا فوقعت عيني على بعض الملاحظات على الرغم من أني لم أعد قراءة الرسالة ثانية لتأكد من التعديلات فوجدت ما يلي  :
  • أصبح لها أسطولاً عربياً ص 6 والصحيح : اسطول عربي.  لأنها فاعل لأصبح مرفوع.
  • جاء في معظم الرسالة ” دولة أريرترية “.. هذا نطق الأجانب العرب لها غير مستعمل محليا فهي : أرتريا أو إرتريا أو أريتريا أما بالتجرنية فتلفظ ” أرترا أو إرترا ” فليس من بين المألوف المحلي  ” دولة أريترية”  بإثبات التاء بدل الألف المقصورة.
  • وإنما مجرد ذكر الحبشة يتداعى إلى الذهن إن غالية السكان من أتباع النصرانية إن لم يكونوا جميعا ،رغم إنهم لا يزيدون على الثلث ..ص8 والصحيح : كسر همزة في : إن غالبية ..رغم أنهم … لاستيفاء شروط  فتحها نحوياً.
  • ولذا يمكن القول إن أرتريا تغطي رقعة من الارض تقدر بـــنحو : 120 كيلو مترًا مربعاً بما في ذلك جزر دهلك ص 40 والصحيح : 120 ألف كيلو مترًا مربعًا..فمساحة 120 كليو مترا أشبه بمساحة قرية لا دولة  وأتوقع لو واصلت قراءة نص الرسالة مرة ثانية لجمعت ما يوجب المراجعة وإعادة  النظر.

إن  العمل الكتابي مزعج ومضن بقدر الإمتاع الذي يتوفر له ولهذا تظل حاجته إلى المراجعة والتنقيح مستمرة .

السطر  الختامي :

في ختام هذه الكلمة أشيد بالجهد المبذول في الرسالة وأتمنى للباحث التقدم الدائم علما وعملا وأن تشهد مثل هذه الاعمال  المتعلقة بأرتريا تاريخها وحاضرها مستقبلها بالطباعة والنشر بهدف تعميم الفائدة فما يفيد أن تبدع الأقلام الغيورة ثم تبلى منتجاتهم  ومبادراتهم العلمية وهي بين أيديهم تعاني الإعراض والتجاهل  لتكون العاقبة الأليمة خلو الميدان للجهود الكبيرة والمنظمة التي تحارب اللغة العربية .

شكرا للأالكريم د.حامد أحمد رضا  أولا على الإنجاز العلمي المهم  وثانياً على أنك قدرتني فأرسلت لي نسخة من الرسالة ألكترونيا للمراجعة ..بارك الله في جهدك وسدد خطاك.

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى