مقالات وآراء

الاضطرابات والأمراض النفسية في سواد من الأرتريين

الأمراض النفسية هي علة تصيب الإنسان في طريقة تفكيره وسلوكه مثلها مثل أي علل  أخرى قد تصيب الإنسان في معدته أو قلبه أو أي عضو آخر . قد تعرف أسبابها،  وأحيانا كثيرة لا تُعرف ،  وهو فرع من علوم الطب الأخرى ،  له أطباؤه ومتخصصون فيه ، يصيب  المؤمن والكافر …والصغير والكبير …والرجل والمرأة .

يحتاج المريض لجلسات علاجية وأدوية تساعده لإصلاح العطب الحاصل ليتعافى ويتماثل للشفاء مثله مثل  أي  مرض آخر …  إلاَ عند سواد من  المجتمع الإرتري  مازال ينظر  إليه  أنه  عار أو مس من الشيطان لا يصيب المؤمنين !! ومن أصابه ففي إيمانه خلل ! 

والحقيقة أن هذه النظرة هي التي تحتاج للمعالجة . فكم حرم هذا الاعتقاد  المرضى من تلقي العلاج المناسب وأدى   لتفاقم الحالة ووصولها لمرحلة يصعب فيها الشفاء،  ومعلوم أن التشخيص المبكر أول العلاج .  بعض الحالات  أدت  للانتحار وهي ظاهرة وإن كانت جديدة  في مجتمعنا الإرتري إلاً  أنها  تتسع وخاصة بين إرتريي مصر ، بعد أن كانت في الشباب الصغير السن القادم هاربًا من ويلات ” ساوا ” وظروف التجنيد الإجباري  في ارتريا لتشمل  أمهات أطفال في أسر يبدو عليها الاستقرار ! ، وينتشر ويتداول الناس خبر الانتحار حيث لا يمكن  إخفاؤه أو التستر عليه وبعد أن يصل المريض للمرحلة الأخيرة  من معاناته . 

لكن كم بيننا من مرضى يعانون وحدهم في صمت وتعاني أسرهم معهم ؟! 

يمكن أن تذهب بمريض القلب أوالسرطان لراقي أو شيخ يقرأ عليه بعد أن يتناول الدواء الذي وصفه له طبيبه ولا أحد يتهمه في دينه وإيمانه … أما مريض الاكتئاب مثلا فلا يجوز  له الاستشفاء إلا بالقرآن والرقية وإن  لم  يفعل ففي عقيدته خلل !!!

العجيب أننا  في زمن انفتحت  فيه أغلب المجتمعات الشرقية حولنا على الأمراض النفسية حتى كادت تصبح “موضة” ، الكل يريد جلسات للسلوك المعرفي والكل يريد أن يصبح أخصائي نفسي !  إلا  نحن ما زال المجتمع الإرتري: ( محلك سر) ، رغم  أنه أكثر الشعوب والمجتمعات حوجة للجلسات العلاجية فأمهات وآباء  اليوم  هم  أولئك الأطفال الذين عاصروا  الحرب وشاهدوا القتل والدمار والأشلاء  وربما شاهد بعضهم قتل أبويه أو أفراد  أسرته يقتلون  أمامه وينكل بأهل قريته أو يتم حرقهم جماعياً  أحياء ، هؤلاء  الأطفال لم يتم  إعادة تأهيلهم أو اقامة ورش علاجيه لهم كما نرى اليوم لأطفال سوريا والعراق مثلا ! بل اكملوا مشوارهم في الحياة  وكبروا بكل تلك النتوءات والجراحات النفسية داخلهم لتستمر الحياة في صفعهم من لجوء إلى لجوء ، ولعل قسوة الحياة هذه جعلتهم يزهدون  في النظر إلى الاضطرابات النفسية على أنها  ذات بال أو أهمية 

من المفترض أن الاجيال الجديدة التي نشأت في أجواء أكثر استقرارًا  تكون لها نظرة مختلفة و أكثر وعيًا وإدراكًا ، ويمكنها تدارك الخطر واحتواء المرضى النفسيين وتقبل علاجهم في عيادات الطب النفسي بعيدًا عن الشعوذة  والخرافات  كما نتقبل  طبيب القلب والكلية والمعدة  والعيون ووو…  دون  أن يتعارض ذلك  مع الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن  والذكر والصلاة  وما إلى ذلك . 

همسة : 

للآباء  :

 رفقاً بالأمهات في مصر فالحياة قاسية والضغوط كبيرة ، احتووهن بالعطف والحنان وابذلوا من عاطفتكم ما تبذلونه من  مالكم. 

للأمهات :

تفقدن بعضكن ولتكن بينكن جلسات ودية للفضفضة والبوح في دائرتكن الضيقة 

 

تقييم المستخدمون: 4.45 ( 1 أصوات)

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى