د.سعاد دنكلاي :حق العودة ..مطلوب التوعية الراشدة لمقاصده
حق العودة هو واحد من الحقوق الأساسية للإنسان كحق الحياة وحق التنقل، وارتبط بالقضية الفلسطينية منذ نكبتها ذلك لأن العدوان والاستعمار الذي تعرض له الفلسطينيون من قبل إسرائيل كان استعمارًا استيطانيا يستبدل أهل الأرض الأصليين بآخرين قادمين من شرق وغرب العالم بعد أن نكل بهم واضطروهم للهجرة وفق رؤية تلمودية وخطة صهيونية ، فيما عدا الفلسطينيين لم نشاهد شعبا تعرض لمثل هذه المحاولات الاستيطانية الشيطانية إلا الشعب الارتري .
وفي حين استوعب الفلسطينيون الدرس وقرروا الثبات على أرض الأجداد والصمود فيها مهما كلف الثمن مازلنا نحن الارتريين نتعامل مع الموضوع المصيري كحدث عابر وردات فعل !!!
كلنا يعلم نخب ومثقفين وأحزاب أن التغيير في أرتريا يأتي من الداخل وليس من الخارج ،
ومن أجل ذلك يعمل النظام ليل نهار على إفراغ الوطن من أهله وخاصة شبابه بكل السبل والأدوات بدأ من نظام السخرة الإلزامي ومرورًا بتفكيك الجامعات وانتهاء بخلق الحروب والصراعات ، وفي حين أن نظام العصابة في اأسمرا يسير في خطته على قدم وساق في التغيير الديمغرافي وتفريغ الوطن من شبابه وفي مقابل ذلك نجد هناك غيابًا تامًا لمعسكر المقاومة أو المعارضة _ سمها ماشئت _ أحزابًا وكيانات وأفراد في هذا الحقل بالذات مما أدى الى صورة ضبابية لدى الشعب عامة وتفرق الناس بين إفراط وتفربط ،بين أقصى اليمين وأقصى اليسار ، بين من يدعو شباب المهجر للعودة لحضن النظام، ويصف الحياة في ظله كأنها مستقرة ووردية ! وبين ردود فعل عكسية تستنكر العودة وتتصدى لها ! وقد تصف العائد بالخائن والعميل وفي أحسن أحواله بالجبان ودافع الضرائب وكممول لجرائم النظام !!
وهذه قمة السطحية في قضية جوهرية كحق العودة !
إن وجود الشعب الارتري في المهاجر والشتات ووجود قوى المعارضة والمقاومة بالخارج كان قبل نشوء الدولة الارترية ونتيجة لفترة النضال والثورة ، بعد إعلان التحرر والاستقلال لم تتمكن القوى السياسية من العودة ولم يٌسمح لها تعسفًا من النظام ضدها . لكن كان من الطبيعي عودة الشعب إلى وطنه وخاصة تلك الفئة الأضعف التي تسكن الملاجئ والخيام في شرق السودان وإثيوبيا والتي يقارب تعدادها أكثر من مليون نسمة ومهما رافق الوضع من صعوبات وتحديات كانت هذه الفئة بالذات قادرة على التكيف وإكمال حياتها داخل الوطن وفي تلك اللحظة الفارقة من تاريخينا الارتري _ التي ربما كانت ستغير مجرى الأحداث كلها _ ظهرت أصوات تخشى تطبيع الشعب علاقته مع نظام الجبهة الشعبية فتعالت أصواتهم تخون العودة للوطن في ظل نظام الجبهة الشعبية وتخون أيضا حامل الجواز الإرتري !!و منذ ذلك الوقت لا يجرؤ أحد على المطالبة بحق العودة ولو للاجئين خوفًا من التهمة الجزافية الجاهزة بالعمالة والمتاجرة بقضيتهم !
ربما هناك فئات من الشعب لا يناسبها أو لا يمكنها العودة كالسياسيين والمناهضين للنظام في أسمرا والشخصيات البارزة ، وكذلك الفئات التي استقر بها المقام في أوطان بديلة ، لكن بالتأكيد هناك قطاع كبير من الشعب تناسبه العودة بعد أن ضاقت به الدنيا خاصة في السنوات الأخيرة بعد أحداث السودان الملتهبة والقوانين المستحدثة في السعودية وأيضا بعض الأسر في الغرب التي باتت تخاف من الاستيلاء على أطفالها. وبدلا من دعم ومساندة هذه الفئات من المجتمع ماديًا ومعنويًا مورس عليها ضغط نفسي وترهيب فكري ليس من النظام بل من باقي فئات الشعب متماهي تماما مع خطط عصابة أسمرا ويستمر المجتمع في أكثر من ذلك فيساعد على الهروب الجماعي للشباب ويبارك الخطوات تاركا الساحة خالية تماما للعدو !
وكأننا مجتمع ألف الهروب كوسيلة لحل مشكلاته !!
تماما كما يفعل طائر النعام ، ثم بعد أن يصل شبابنا إلى الوطن البديل يعطي فتات وقته للنضال من أجل الوطن !
ولكل الغيوريين على وطنهم والساعيين من أجل التغيير أقول :
على مستوى الأفراد :
يحق لكل مواطن العودة إلى إرتريا وفق ظروفه الخاصة وقت ماشاء وكيف ماشاء
على مستوى الأحزاب السياسية والكيانات:
نتفهم عدم قدرتهم على العودة بكياناتكم أو شخوصكم للخطر الذي يلحق بكم لكن عليكم:
- واجب المطالبة بحق العودة للشعب في المحافل الدولية وأمام المنظمات الحقوقية وإثارة قضية اللاجئين الارتريين في شرق السودان والدول المجاورة
- عقد ندوات وسمنارات ووضع الخطط في حشد وتجيش شعبنا في الداخل والعائدين
- التكثيف الإعلامي مركزًا على حق العودة والتحذير عن عواقب وخيمة تنتظر الاستيطان القسري الذي يفرح بالاستيلاء على أراضي وممتلكات اللاجئين قسرا عن وطنهم وممتلكاتهم فإن الجور لا يمكنه سلب الحقوق إلى الأبد ولا متعة باستيطان يؤسس لحروب أهلية متوقعة بين الظالم والمظلوم .فعلى العقلاء العمل بالحكمة في معالجة ما غرس النظام من سوء التدبير ونشر الوعي العادل هو السبيل .
على مستوى المجتمع :
- رفع مستوى الوعي والتأكيد على حقيقة أن التغيير لا يأتي من الخارج ولابد أن تكون المجهودات القوية الواعية في الداخل حتى تكون مؤثرة وفاعلة.
- لا يعني أن نعود جميعا أو نغادر البلاد جميعا ! لكل فئة من المجتمع دور عليها القيام به وثغرة تقف عليها ولا منة أو فضل لفئة على أخرى والأدوار تكاملية
- أن تكون المطالبات بالعودة الى الوطن على بصيرة ، فلا تعني الارتماء في أحضان العصابة أو التسويق الممجوج والمستفز لهم ، وفي المقابل على المجتمع تفهم الوضع الخاص للشخصيات المعروفة والمؤثرة والتوقف عن المزايدة عليها وتحديها بالعودة أولا !!
- أن يكون هناك دور فعال لمنظمات المجتمع المدني وحملات توعية في الثبات والصمود لأهلنا وشبابنا في الداخل ودعمهم ماديًا ومعنويًا وأدبياً ووقف نزيف الوطن وهروب الشباب .
حق العودة مكفول لكل مواطن
مطلوب التوعية الراشدة لمقاصدالعودة
بكالوررس صيدلة – اليمن ، دبلوم العلوم الشرعية معارج- جدة ، دبلومة الصحافة والاعلام ، المركز الدبلوماسي – القاهرة، دبلوم اخصائي تخاطب – جدة