رحل منصور كحساي شامخ الرأس مبتسما
رحل كحساي وعلى شفتيه بسمة تترجم عن رحابة صدره وسماحة خلقه وسعة احتماله لظلم ذوي القربى في الرحم والوطن، مبتسما كاظما أشواقه لوطنه الذي نذر حياته لأجله وكان يمني نفسه برقدة هانئة فيه بعد موته، رحل كما يرحل كل الأبطال شامخ الرأس مبتسما، بسمة ترى في الله عوضاً عن كل ما فقد ، وفي لقائه المرتقب سلوى عن كل مفقود.
كلمة المجلس الوطني:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾
الأخوة الحضور الكريم مع حفظ الألقاب والمقامات
أيها الجمع الفاضل :
في هذه الأمسية العصيبة والمؤلمة على قلوبنا نقف والحزن على فراق المناضلين الأوفياء يعتصر القلوب ، ولا نقول الا ما يرضي ربنا سبحانه الحي القيوم : انا لله وانا اليه راجعون .
قبل أيام وارينا الثرى رجل مؤمن ثابت على العهد وفيّ وصابر ومحتسب ، رجل عركته مراحل النضال الوطني فكان الجندي البار والمقاتل المقدم والمكلف الأمين على أموال الثورة في ادق مراحل الثورة : إنه القامة الوطنية المرحوم الشهيد بإذن الله : منصور سعيد كحساي ذلك الإنسان الصادق مع نفسه وشعبه والجندي الذي خرج الى ساحة الدفاع المشرف عن الوطن في ريعان شبابه وقاتل وضحى بالكثير من اجل نصرة الحق وتحرير الشعب الإرتري من ربقة الاحتلال الاثيوبي .
عاش المناضل منصور مرحلة صباه وشبابه وهو يرقب ويتابع صولات رجال الثورة في الميدان وهم يواجهون فلول العدو بصدور عارية ولكنها مفعمة بالإيمان بقدر النصر وكان يعلم ان إنتصار هذه الثورة مرهون بإندفاع الشباب الى صفوفها ورفد مسيرتها بالطاقات والدماء ، وخلال تلك المواكبة من موطنة الأول في مدينة كرن الباسلة وقعت قناعته الراسخة بضرورة الإلتحاق بصفوف الثورة وتحمل المسؤلية الوطنية بشرف بعد ان واكب وتابع نضال الشعب الإرتري منذ مرحلة النضال السياسي الأول في حقبة الأربعينات ابتداءً بالرابطة الإسلامية ورجالها الافذاذ ومرواً بحركة تحرير ارتريا فجبهة التحرير الإرترية التي كانت خياره الأول ، وهكذا التحق الشاب منصور كحساي بجبهة التحرير الإرترية بنهاية 1963 وتنقل بين كل صنوف نضالها ومكاتب نشاطها الى ان استقر به المقام في مكتب الاقتصاد وهو المجال الذي كانت تتوقف عليه متطلبات الجنود على مستوى الرفد المستمر بالمعونات الضرورية التي تمكن المقاتل الإرتري من الصمود بوجه كل الأهوال ، والجميع يعلم ان وقود الثورة الأساسي من التموين كان يأتي من بيوت الإرتريين ومن تبرعاتهم واشتراكاتهم التي التزموا بها كموقف وطني تفردت به ثورتنا المجيدة ، ورغم حالة العوز التي كانت تعانيها الثورة الا ان الجنود البواسل في مكتب الاقتصاد ومن بينهم المقاتل منصور كحساي كان يلبي كل ما يحتاج اليه جنود الثورة سواء كانوا في ميدان القتال والمواجهة مع العدو او كانوا في مواقع استراحتهم في شرق السودان ، هذا الى جانب ان المناضل منصور كان يشرف على رعاية احتياجات الجرحى والمرضي من افراد جيش التحرير بالإضافة الى توليه مسؤلية تقديم ما يلزم لكل جندي مستجد يلتحق بصفوف الثورة .
لقد تطلبت مهامه في مجال العمل في مكتب الاقتصاد ان يكون على أعلى مستوى الإنسانية والتهذيب اللذان هما من صفاته المميزة وشكلت شخصيته الوطنية نموذجاً احبها الثوار وحفزتهم لأداء واجبهم الوطني في الالتزام بمسيرة النضال الوطني .
كان الشهيد المرحوم مثالاً للجندي الصادق والأمين مع كل من أحاط به من الجنود والقيادات وكان محل تقدير وثقة من مسؤلي الثورة لانه كان يحرص على تنفيذ واجباته بأكمل وجه وبوعي وطني عال اثر على كل من كان يحيط به من الثوار
أيها الجمع الكريم :
لقد كانت دعوات المرحوم على الدوام ان ينقذ شعبنا من سطوة وجبروت الطغمة الحاكمة وكان يقول لكل من يحيطون به : أتمنى ان ادفن في ارض بلادي بعد هذا العمر الذي قضيناه في النضال والإغتراب ، ولكن اقدار الله هي السابقة والواقعة على الجميع ، فينتقل المناضل منصور كحساي الى الدار الآخرة وهو يحمل في صدره لوعة الغربة والشعور بالألم لما يعانيه الشعب الإرتري بكل فئاته ومكوناته من ظلم حكامه الذين لم يبادروا للمناضلين الذين قدموا ريعان شبابهم للثورة والنضال بأن يدفنوا في ثرى بلادهم ، ومنصور كحساي ليس الأول الذي يحرم من قبر في ارتريا ولكن كل رعيل الثورة ومناضليها دفنوا خارج ارضهم ومنهم من وصى أهله لأن ينقلوا رفاته الى ارض ارتريا بعد ان يزول حكم الطغيان .
تحية المجد والخلود لكل شهداء ثورة التحرير الوطنية ومسيرة مقاومة الدكتاتورية .
وان النصر بإذن الله لشعبنا الصامد والمناضل .
وانا لله وانا اليه راجعون
المجلس الوطني الإريتري للتغيير الديمقراطي. فرع القاهرة