مقالات وآراء

أ.طاهر محمد علي يكتب عن : صراع بين النظام الأرتري وبين منظمات دولية أمام المحاكم العالمية ..هل ينجح في إيقاف 80 مليون يورو مخصصة لإنشاء طريق يربط ميناء مصوع بإثيوبيا

تتحرك منظمات دولية لمواجهة النظام الأرتري أمام المحاكمة العدلية العالمية لإيقاف دعم أوروبي مخصص لأرتريا بهدف إنشاء طريق  يمكن إثيوبيا من الوصول إلى الميناء الإرتري مصوع وتعتمد هذه المنظمات على حجة قوية ترى أن النظام الأرتري غير مؤتمن في المبلغ وأنه لا يزال غير مكترث بأوضاع حقوق الإنسان في بلاده. ويسخر في تنفيذ المشروعات الإنشائية جنود الخدمة المقهورين ويستأثر بالمال المرصود للمشروع . والنظام من جهته يدافع ويتهم هذه المنظمات بأنها كائدة وينكر أن يكون في أرتريا انتهاك حقوق الإنسان  ويتوقع المراقبون جولات من الصراع بين الطرفين مسرحها المنابر الدولية والصراع بين الحقوقيين والسياسيين.

أورد موقع إريتريان هاب البريطاني المختص بأخبار إرتريا ومنطقة القرن الإفريقي تقريرًا مفصلاً عن ( رفع دعوى قضائية ضد تمويل مفوضية الاتحاد الأوروبي مشاريع تمارس فيها عبودية العمال في إرتريا)  وجاء في التقرير بأن المؤسسة الهولندية لحقوق الإنسان الإرتري ، ومؤسسة إريتريان فوكس من المملكة المتحدة وهما مؤسستان معنيان بحقوق الإنسان واللاجئين الإرتريين قامتا برفع دعوى قضائية عبر مكاتب محاماة دولية ضد مفوضية الاتحاد الأوروبي في كل من أمستردام ولندن لتمويله مشروع إنشاء طريق بري يربط بين مدينة مصوع الإرترية والأراضي الأثيوبية بكلفة قدرها 80 مليون يورو وذلك بالشراكة مع الحكومة الإرترية المتهمة باستخدام مجندي الخدمة الوطنية الإجبارية كعمالة العبيد في مثل تلك المشاريع .

الدعوى القضائية المقدمة إلى محكمة أمستردام:

وقد أوضحت المؤسسة الهولندية لحقوق الإنسان بأنها تواصلت مع المفوضية الأوروبية في إبريل 2019م وقدمت لهم أدلة وتقارير لا حصر لها موثقه ومستقلة  تثبت الانتهاكات التي تحدث في ارتريا لحقوق الإنسان ..مضيفة أن الخدمة الوطنية تمارس فيها أكبر تلك الانتهاكات وطلبت من المفوضية إيقاف دعمهما للمشروع .. وبالرغم من إقرار المفوضية الأوروبية بحدوث انتهاكات إلا أنها رفضت إيقاف المشروع ، . حيث أعلنت في فبراير 2019 تقديم 20 مليون يورو لتمويل المشروع .. وفي مطلع عام  2020م أعلنت أنها ستقدم 60 مليون يورو  للمشروع. مما اضطر الجهات الحقوقية اتخاذ الاجراءات القانونية لإيقاف تمويل المشروع

ومما جاء في الدعوى التي قدمت إلى المحكمة الهولندية في 11 من مايو الجاري أن أفراد الخدمة الوطنية الذين يتم استغلالهم في تلك المشاريع يتم إجبارهم على العمل القسري ضد إيراداتهم كما أنهم يتعرضون إلى التعذيب والإساءة الجسدية والاستعباد لسنوات طويلة تجاوزت عشرين عامًا …ولا يتحصلون من الأموال التي تدفعها المفوضية الأوروبية وغيرها من الجهات المانحة إلا على أجور ضئيلة جدًا غير كافية لتغطية احتياجاتهم الأساسية ناهيك عن مساعدة ذويهم الذين في انتظارهم منذ فترة طويلة . وقد أوضح التقرير أن تلك المشاريع تنفذ عبر شركة سقن لتشييد الطرق والجسور وشركة البحر الأحمر المحتكرة لتجارة الاستيراد والتصدير في البلاد ، حيث تقوم بجلب كل المعدات والآليات التي تستخدم في هذا المشروع من الخارج  وهي شركات مملوكة للحزب الحاكم ولا تخضع لأي مراقبة مالية حيث تستفيد مجموعة صغيرة من المسؤولين المتنفذين من ميزانية تمويل المشروع وتتدفق الأموال إلى الحسابات الخاصة بهم في ظل غياب دولة المؤسسات وتفشي الفساد والظلم في البلاد.

وجاء في الشكوى أيضا بأن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة خلصت إلى اعتبار الخدمة الوطنية  في إرتريا عملاً قسريًا واعتبرته بأنه استعباد وجريمة ضد الإنسانية. كما وصف البرلمان الأوروبي الخدمة الوطنية بأنها شكل من أشكال العبودية … وطلب البرلمان الأوروبي من مفوضية  الاتحاد الأوروبي في يناير 2020 “تجنب المواقف التي قد تتسبب  في تمويل الإتحاد الأوروبي بشكل غير مباشر المشاريع التي تنتهك حقوق الإنسان” مع إشارة خاصة إلى مشروع إنشاء الطرق في ارتريا  كما طالب بالتأكد بأن الحكومة الارترية لا تستفيد من التمويل المخصص للمشروع . ، كما اعتبرت منظمة العمل الدولية الخدمة الوطنية في إريتريا على أنها عمل قسري غير مقبول .

وقد أعادت إيميل يورجينز ، المحامية الهولندية التي رفعت الدعوى بالنيابة عن المجموعة الإريترية الهولندية التأكيد على أن دعم المشروع يتعارض مع القانون الدولي بسبب ممارسة العمل الإجباري من قبل النظام الحاكم في ارتريا الذي يشرف مباشرة على المشروع . كما طلبت من المحكمة الهولندية  في أمستردام  إصدار إمر قضائي باعتبار أن ما يقوم به الاتحاد الأوروبي عمل غير قانوني .. وطالبت بالتوقف عن تمويل المشروع فورًا .

الدعوي القضائية المقدمة في محكمة لندن :

وفي المملكة المتحدة قامت منظمة إريتريان فوكس بتوكيل مكتب دنكان لويس الذي يعتبر من أشهر مكاتب المحاماة في بريطانيا وقد أصدر المحاميان توفيق حسين وإيزابيلا كيروان بأنهما سيتقدمان بدعوى الي محكمة لندن وجاء في البيان أنه وفقًا لقانون المملكة المتحدة ، فإن الخدمة الوطنية الإريترية تعتبر عملاً قسرياً. وشكل من أشكال العبودية الحديثة ، حيث يخضع المجندون لمعاملة غير إنسانية ومهينة للبشرية. وأن هذه الممارسات تعتبر انتهاكاً للقانون المحلي البريطاني ، والقانون الأوروبي ..والقانون الدولي  .. وأكدا  المحاميان انهما سيطلبان من المحكمة إلزام حكومة المملكة المتحدة أن تتوقف فورًا عن دعمها غير الأخلاقي للمشروع. واعتبرا ما تقوم به المفوضية الاوروبية بالجهود العقيمة في الوقت الذي يحرم فيه الناس في إرتريا من حقوقهم الأساسية .. مما جعل نسبة كثيرة من المواطنين يعيشون حالة استعباد بحكم القيود المفروضة عليهم . كما أكدا في البيان أن القانون في المملكة المتحدة سيكون لصالحهم وأنهما ليس لديهما شك في الانتصار في مساعيهما لإيقاف المملكة المتحدة من تمويل الحكومة الارترية الحالية بشكل مباشر أو غير مباشر .

موقف المفوضية الأوروبية من الدعوى المقدمة ضدها:

وفقًا لما جاء في وكالة رويترز نقلًا عن الناطقة باسم المفوضية الاوروبية بأنها تحتفظ بحقها في تقديم الحجج القانونية والأدلة أمام محكمة امستردام وفقًا للقوانين المعمول بها ، كما أكدت التزام المفوضية الأوروبية في عملها بالمبادئ الأساسية للاتحاد الاوروبي مثل الديمقراطية وسيادة القانون واحترام القانون الدولي .

وقد بررت مفوضية الاتحاد الأوروبي موقفها بالقول أنها لا تتحمل أي مسؤولية عن العمل القسري ، لأنها ليست جهة منفذة ولا تدفع الأجرة للعاملين في إطار هذا المشروع وأن هذا الجانب من مهام الحكومة الارترية ، وأنها تمول فقط  شراء المعدات والأليات لدعم إعادة تأهيل الطريق الذي سيربط ميناء مصوع الارتري بإثيوبيا .. كما ترى أن هذا المشروع سيساهم في الحد من ظاهرة اللجوء إلي أوروبا عبر توفير فرص عمل للشباب في بلادهم .. و أن هذا  العمل يتم كجزء من استراتيجية الاتحاد الأوروبي بدعم السلام والتنمية في منطقة القرن الإفريقي  وموضحة أن المشروع يتم مراقبته عبر مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع

فيما توقعت إيميل يورجينز المحامية الهولندية أن ترد المفوضية الأوروبية بالقول بأن المحاكم الهولندية ليس صاحبة اختصاص للنظر في الموضوع ، وان تبحث عن طرق للالتفاف عن الدعوى المقدمة لأنها عازمة في الاستمرار في تمويل المشروع

وسيقوم البرلمان الأوروبي في الاسبوع القادم بالتصويت على اقتراح مقدم من إحدى لجانه بطلب تجميد التمويل المقدم لإريتريا وذلك على أساس أن المفوضية الأوروبية ليس لديها أي إشراف حقيقي على طريقة سير العمل وصرف الأموال في المشروع .

وقد تم تناول الموضوع في كثير من الصحف والمواقع الاخبارية الدولية حيث أجرت إذاعة بي بي سي مقابلة مع ملأ برهان المدير التنفيذي للمنظمة الهولندية لحقوق الانسان والذي قال: إن المفوضية الاوروبية ظلت تتجاهل كل الدعوات التي قدمت لهم لإيقاف تمويلها للمشروع .. لمساهمته بشكل صريح في انتهاك حقوق الانسان في ارتريا .. وأضاف أن المفوضية الاوروبية ردت إليهم بالقول إن العاملين في المشروع يتحصلون على كافة حقوقهم المالية وإن العمل يتم تحت مراقبة وإشراف من مكتب تابع للأمم المتحدة .. الا أن تلك المعلومات تأكد لنا بأنها غير صحيحة وأن الجهة المعنية بالإشراف لا يوجد لها مكتب دائم في اسمرا وأنها تتواجد في نيروبي .. وان المفوضية تعتمد على البيانات التي تقدم إليها من الحكومة الارترية ..

وذكرت بي بي سي قسم التجرنية أن الطرق التي يراد انشاؤها تحظي باهتمام كبير من إثيوبيا لأنها ستوفر لها منذ بحري مباشر للتواصل  بحرًا مع العالم الخارجي وبحسب ما هو مخطط له فإن مسارات الطرق مخطط لها كالاتي:

الطريق الاول يبدأ من منطقة نفاسيت – دقمحري – ويمر بمنطقة زلا امبسا ويدخل مباشرة إلى إقليم تجراي الإثيوبي  وصولاً إلى مدينة عدي قيرات ..

أما الطريق الثاني فيبدأ من مدينة دقمحري  – ترا امني – مندفرا – عدي خالا ومن ثم يدخل إلى الاراضي الاثيوبية ويمر بمدينة عدوا إلى أقليم أمهرا ويعتبر من أسرع الطرق ..

أما الطريق الثالث فيبدأ من مدينة مندفرا – بارونتو- ويمر بمدينة تسني – حمرا – ويدخل إلى الأراضي الإثيوبية ..

كما نشرت صحيفة نيوريك تايمزفي موقعها تقريرًا عن الموضوع حيث كتبت مراسلة الصحيفة ماتينا ستيفيس المتخصصة في شئون المفوضية الاوروبية تقريراً مفصلاً عن تطورات القضية واعتبرت الخطوة التي قام بها المؤسسات الحقوقية خطوة متقدمة لمحاسبة المفوضية الاوروبية عن المليارات التي تقدمها للأنظمة القمعية في إفريقيا ..وقد تناولت بالتفاصيل القضية مشيرة إلى  أن المشروع يهدف إلى ربط إثيوبيا بميناء مصوع الارتري كجزء من استراتيجية دعم السلام بين الخصمين الذين كانا في خصومة طويلة  مؤكدة  الانتهاكات التي يتعرض لها أفراد الخدمة الوطنية العاملين في ذلك المشروع .. وأشارت إلى أن صرف الأموال بطريقة مبهمة والفشل في توفير رقابة مالية في بلد سيئ السمعة يثير كثيراً من التساؤلات حول المعايير التي يتم على أساسها تمويل المشروع .. وذكرت أن صندوق الاستئمان لحالات الطوارئ الذي أسسته المفوضية الاوربية في عام 2015 في فترة ذروة أزمة الأفارقة المهاجرين إلى أوروبا يفتقد إلى المعايير الموثوقة في اختيار المشاريع كما يعاني من اوجه قصور خطيرة من حيث تقييم المخاطر والأداء .. وأن الهدف الأساسي للصندوق إيقاف تدفق المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا عبر تحسين أوضاع بلادهم وخلق فرص عمل لهم ..

تعليق الحكومة الأرترية على   هذه الدعوى الدولية أتى على لسان وزير إعلامها يماني قبر مسقل في تصريح لوكالة رويترز شكك فيه على مصداقية المؤسسات التي تقدمت بالشكوي متهماً إياها بأن جهودها  تأتي في إطار الحملات الشيطانية الموجة ضد ارتريا من مجموعات صغيرة تحاول الحديث بصوت عالي وأضاف أن معظمهم من الأجانب الذين لديهم أجندات مشبوهة ضد ارتريا ويسعون لتغيير النظام الحاكم وبهذا يتضح الصراع بين هذه الدعوات الدولية  التي تدافع عن حقوق الإنسان وبين النظام الأرتري الذي ينكر المسألة برمتها في المنابر الدولية .

مصادر وروابط المقال:

 1: BBC News ትግርኛ | ኣብ ሆላንድ ዝርከብ ተሓላቒ መሰላት ኤርትራውያን ኣብ ልዕሊ ኣውሮጳዊ ሕብረት ክሲ መስሪቱhttps://www.bbc.com/tigrinya/news-52667944?ocid=wstigrinya.chat-apps.in-app-msg.whatsapp.trial.link1_.auin

2: https://eritreahub.org/european-aid-for-eritrea-involving-slave-labour-challenged-in-two-courts

3: https://www.nytimes.com/2020/05/13/world/europe/eritrea-eu-lawsuit-forced-labor.html

4-https://www.reuters.com/article/us-eu-eritrea-aid-slavery-trfn/eritrean-activists-sue-eu-for-funding-roads-built-with-forced-labour-idUSKBN22P2TO?fbclid=IwAR0X7tqHKd5RLKrzt55RD65PL79FXA7c4Gmsnu9nwTQzuuTgYgUMRb5r0Ro

Eritrean activists sue EU for funding roads built with ‘forced labour’

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى