“زينا” تجري مقابلة مع المناضل ناصر إبراهيم
“زينا” تجري مقابلة مع المناضل ناصر إبراهيم، من السويد
نشأت في بيت سياسي ينتمي لجبهة التحرير الإرترية.
خطر الذوبان يتهدد أبناء الأسر المهملة في تربية أولادها
يعيش في السويد ما بين60 – 80 الف مهاجر أرتري
لا أتوقع عودة الجيل المولود في الغرب إلى الوطن ما لم يجد ظروفاً جاذبة
القانون في السويد ضد الاعتداء على الأطفال وليس ضد الأسرة السوية
غير صحيح تصوير حماية الأطفال بأنها انتزاع الأبناء من أسرهم
صيغة المجلس الوطني الأرتري المعارض مناسبة لكنها غير كافية.
هذه المقابلة ذات طعم خاص لأنها مع ضيف متخصص من حيث الدراسة ومن حيث العمل في الموضوع الذي تطرقه ” زينا ” وهو الهجرة بين الإيجابيات والسلبيات.
الضيف يدافع عن السويد سلطة وقوانين ويتهم بعض الأسر المهاجرة بأنها تخالف القانون ثم تعيب على الجهات المعنية بحقوق الطفل وحقوق الإنسان عندما تقوم بواجبها في حماية ضحايا العنف الأسري.
المقابلة مضت إلى طمأنة المهاجرين فهم – حسب رأي الضيف – في وضع آمن لمستقبل أبنائهم ما داموا مستفيدين من فرص النجاح المتاحة أمامهم في العمل والتعليم والتأهيل المهني وفي التربية السليمة وفق العرف والدين الإسلامي وحذرت المقابلة من خطر فقدان الأبناء وضياع مستقبلهم وتفكك الأسر في حال أهملت الأسر واجبها تجاه التربية السوية مع مراعاة القانون السويدي الذي لم يستهدف المهاجرين وإنما وضع قبل هجرتهم لتنظيم أمور المواطن السويدي – المهاجر تبع له – وحماية حقوقهم وإلزامه بواجبهم.
ماذا نقرأ في بطاقتك التعريفية الشخصية؟
بطاقتي التعريفية الشخصية:
الاسم: ناصر إبراهيم محمود حاج عبد الله
تاريخ الميلاد: بداية عام 1960م
مكان الميلاد: مدينة كرن – حي قزاباندا
السيرة الدراسية:
بدأت دراستي في مدينة كرن حتى الفصل الثالث، ثم انتقلت مع عائلتي إلى مدينة حقاز بسبب عمل والدي كمعلم ومدير مدرسة هناك, درست الرابع والخامس خلال عامين في مدرسة حقاز، ثم عدت إلى مدينة كرن لاستكمال تعليمي من الصف السادس إلى العاشر, ثم جامعة حلب في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية
الذكريات المميزة:
تعرفت على مجتمع حقاز، وكانت تجربة جميلة ومحببة لدينا, نتذكر العشرة و الأوقات الطيبة التي قضيناها هناك.
حادثة خالدة في الذاكرة:
عندما كنا نستعد للسفر إلى حقاز عبر القطار، تأخر القطار عن الموعد المحدد للوصول إلى محطة كرن, وكانت رحلته بين أسمرا وأغردات، مروراً بعدد من المدن، بينها كرن التي نريد السفر منها، وحقاز التي نريد أن نصل إليها بسبب عمل الوالد كمدير لمدرسة هناك.
انتشرت الأخبار بأن القطار لن يسافر اليوم إلى حقاز، وانتشرت الأخبار أيضًا بأن جبهة التحرير الأرترية أوقفت القطار في الطريق قبل وصوله إلى كرن، وعلقت عليه العلم الأرتري وأطلقت سراحه. هذا الحدث جعل الحكومة الإثيوبية تستنفر بقوة لمعالجة الأمر، حتى لا يشاهد الشعب الإرتري في كرن العلم الأرتري الثوري يرفرف في ناصية القطار. ولهذا قاموا بترتيبات عاجلة وأوقفوا القطار في الطريق ونزعوا منه العلم الأرتري، ثم قاموا بحجزه ليسافر في اليوم التالي بعد الاطمئنان على الوضع الأمني, ولعلهم كانوا يتحسبون هجومًا مباغتًا من الثورة يتبع عملية القطار الناجحة.
وعند عودة القطار نفسه في يوم آخر وقعت حادثة ثانية، وكان متجهًا من أغردات إلى أسمرا مرورًا بالمسار نفسه, حيث اعترضت جبهة التحرير طريق القطار وسحبت القضيب من السكة، مما أدى إلى سقوط القطار عن الطريق وتعطل السفر
هذه الحادثة تم توثيقها من قبل الصحفي السوري صديق الثورة الأرترية الأستاذ أحمد سعد، في تقرير نشر في جريدة هيرلاند العالمية ( لندن)، حيث كان يعرف بالثورة الأرترية في الميدان ومجهوداتها. ونشرت الصورة بعد ذلك في كتاب له عن إرتريا, لقد كان للحادثة صدى عالمي ومحلي كبير، وما زلت أتذكرها في سيرتي الذاتية.
متى هاجرت عن الوطن؟ وما هي الأسباب التي دفعتك لمغادرة الوطن؟
في عام 1977م، تم تحرير كرن من قبل تنظيم الجبهة الشعبية، مما أدى إلى إغلاق المدارس بسبب الأجواء القتالية بين الثورة المنتصرة التي لم تكن قادرة على إدارة وتنشيط التعليم في المدينة، وإثيوبيا المنهزمة التي لم تستطع حماية التعليم من تأثيرات الحرب. ونتيجة لذلك، توقف العام الدراسي، وعلى الطلاب أن يبحثوا عن بدائل. ونظرًا لرغبتي في مواصلة التعليم، قررت الهجرة إلى كسلا السودانية بعد أن علمت عن فتح مدرسة جديدة لليونسيكو المشهورة التي خرجت أعدادًا كبيرة من الأرتريين.
أكملت السنتين الأخيرتين من المرحلة الثانوية في هذه المدرسة، حيث كنت ضمن أول دفعة تخرجت فيها. تأسست هذه المدرسة نتيجة جهود مشتركة بين جبهة التحرير الأرترية ومنظمة اللاجئين، حيث اجتهد كل من د. يوسف برهانو ود. هبتي تسفا ماريام في التواصل مع الجهات ذات الصلة لتحقيق هذا الهدف. ونتيجة لهذه الجهود، تم إنشاء هذه المدرسة لتلبية احتياجات الأرتريين الذين تعثر تعليمهم في الوطن بسبب الحروب بين الثورة والاستعمار
بعد إكمال الدراسة، قمت بخدمة وطنية لمدة عام في الميدان، لأنني كنت جزءًا من الاتحاد العام لطلبة أرتريا مثل الكثيرين، وتم توجيهي للقيام بهذا الواجب الوطني الذي كان ضروريًا على كل طالب ينتمي للاتحاد.
أديت المهمة في عدة مناطق، بينها مقراييب وساوى، الذي كان محطة كبيرة ومركزًا مهمًا لتنفيذ دورات في اللغة وغيرها، حيث كان الطلاب يأتون من مختلف البلدان التي هاجروا إليها، مثل العراق وسوريا، لأداء واجب الخدمة الوطنية لمدة عام، وكانوا سعداء ومنشرحي الصدر لهذا الواجب. كما كانت المحفزات التنظيمية أن من أدى الخدمة يتلقى منحة دراسية في التخصصات المختلفة، التي كانت تقدمها الدول الصديقة عبر التنظيم، مثل الكويت والعراق وسوريا.
لم يحالفني الحظ في الحصول على المنحة لعدة سنوات، لكني لم أفقد الأمل فيها، وكنت أترقبها متحليًا بالصبر الجميل والمتابعة مع التنظيم. بعد إكمال المهمة في الميدان حسب التكليف، عدت بعد ذلك إلى كسلا، ثم وصلت إلى مدينة ود مدني، وعملت فيها عدة سنوات في أشغال مختلفة. وقد جاءت المنحة خلال عام 1984م تقريبًا للدراسة في سوريا، فسافرت من أجل الدراسة بدعم من جبهة التحرير.
درست في جامعة حلب في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، ومكثت فيها لمدة أربع سنوات (1984م – 1989م). مرحلة الدراسة في سوريا كانت حافلة بالمناشط الثقافية حيث تعرفت على الشعب السوري الطيب الذي أتمنى له كل الخير والأمن والاستقرار والوفاق. الدراسة كانت مجانية، والسكن الجامعي مجاني، بالإضافة إلى أن الطلاب كانوا يتلقون بعض المصروفات. وجدنا في سوريا الترحيب، وأذكر أنها كانت سباقة في دعم الثورة بالسلاح والتدريب، كما كانت سباقة في دعم التعليم لعلمها بأهميته للقضية الأرترية.
حدثنا عن هجرتك من سوريا إلى السويد ؟
بنهاية عام 1990م، دخلت السويد باسم طالب لجوء إرتري. كان الوضع في تلك الفترة ملائمًا للقبول، حيث كان من الممكن للمهاجرين أن يحصلوا بسرعة على الموافقة على طلبات اللجوء والإقامة، ويبدؤوا في تعلم اللغة السويدية. وكان الوضع مختلفًا تمامًا عما كنا نعرفه سابقًا. كانت هناك تحديات صعبة خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم يكونوا يتحدثون اللغة السويدية. ومن بين هذه التحديات، صعوبة العثور على عمل مباشرة، وهذه كانت مشكلة كبيرة. ومع ذلك، كان من الميزات التي جعلت الأمور أسهل على اللاجئين أن الدولة تتكفل بتكاليف المعيشة والإعاشة وتوفير السكن المجاني.بدأت رحلتي في الوطن الجديد بالتعرف على البيئة واستكشاف الطريق. بالفعل، تمكنت من الاستقرار والعثور على سكن، وأوليت اهتمامًا خاصًا لدراسة اللغة السويدية بشكل جدي. بعد ذلك، التحقت بكلية العلوم الاجتماعية وتخرجت فيها. هذا الإنجاز فتح لي أبواب الفرص في مجال الشؤون الاجتماعية. انتقلت بعدها من المدن الصغيرة إلى العاصمة استكهولم، حيث بدأت عملي كمرشد اجتماعي في البلدية.
كانت هذه الوظيفة ملائمة تمامًا لطموحاتي وتخصصي، إذ لم يكن من السهل الحصول عليها. لذلك، كنت محظوظًا وسعيدًا بالفرصة التي توفرت لي. جهدي واجتهادي خلال الدراسة الجامعية واختياري للتخصص المناسب أسفرا عن نتائج مرضية وملموسة.
ماذا كسبت شخصيًا وماذا خسرت من تجربة الهجرة إلى خارج الوطن؟
من الناحية الشخصية، كانت تجربة الهجرة إلى خارج الوطن تجربة معقدة ومختلطة بين المكاسب والخسائر. من جهة الخسائر، فقدت الارتباط بالوطن الأصلي وكل ما يتعلق به من عائلة وأصدقاء وذكريات، بالإضافة إلى عدم المشاركة المباشرة في تطوير الوطن والمساهمة في تنميته. لكن بالمقابل، كانت هناك مكاسب كبيرة، مثل الأمن والسلام وفرص التعليم والعمل، بالإضافة إلى توسعة الآفاق الثقافية وبناء شبكات علاقات جديدة. كما أن الهجرة إلى بلدان الغرب توفر فرصًا كبيرة خاصة في مجال التعليم، حيث تكون الدراسة الجامعية غالبًا مجانية أو بتكاليف معقولة، وتقدم الحكومة دعمًا ماليًا للطلاب خلال فترة دراستهم الجامعية. بالإضافة إلى ذلك، يتاح للأفراد الذين لم يحصلوا على الجنسية بعد الحصول على إقامة مشروعة، الاستفادة من خدمات الدولة المضيفة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل. هذه الفرص تساعد على تحقيق التطور الشخصي والمهني للأفراد الذين هاجروا إلى بلدان الغرب، مما يسهم في بناء مستقبل أفضل لهم ولأسرهم. وفي النهاية، تبقى الهجرة تجربة متناقضة تجمع بين الحنين إلى الوطن والتطلع نحو مستقبل أفضل بعيدًا عنه.
أمضيت أكثر من ثلاثين عاماً في الهجرة، وأولادك سويديون.هل تخشى على مستقبلهم ؟ وهل تتوقع ان يعملوا لصالح القضية الأرترية وأن يرثوا سيرتك في النضال؟
التربية للأولاد واجب أسري، وإذا قام الوالدان بهذا الواجب تجاه الأبناء، فسيحصدون ثمرة ذلك عندما يكبرون، حيث يرث الأبناء الوفاء للوطن والأسرة والالتزام بالدين والأخلاق السامية. ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن تكون العلاقة بين الأبناء والآباء إيجابية، خالية من التنافر والقسوة والاعتداء.
ينبغي للأسرة أن تغرس في الأبناء التربية الدينة والأخلاق وحب الوطن الأصيل والولاء له.
على المستوى الشخصي، أنا أعتني بأبنائي وأحاول غرس حب الوطن الأم في نفوسهم، بجانب الاحترام للثقافة السويدية التي تربوا عليها و يدركون بأنفسهم فضلها عليهم وارتباط مصالحهم ومستقبلهم بها. وعلى الرغم من وجودهم في الغربة، فإن ولائهم للوطن الأم لا يزال قويًا، وأعتقد أنهم سيكونون على استعداد للمساهمة في القضايا الوطنية وتحمل المسؤولية كمواطنين صالحين.
نحن وأبناؤنا مستعدون للمساهمة في القضايا الوطنية ونتحمل مسؤولياتنا كمواطنين إرتريين ومع ذلك، نجد أنفسنا الآن في ظروف استثنائية، حيث لا يمكننا دخول وطننا الحبيب والتقرب منه سوى من خلال نقاط الحدود، بعد وصولنا إلى الحدود الأرترية مع السودان. نتمنى للشعب السوداني السلام والأمن، ليستقبل القادمين إليه كما عهدناه، مثلما استضاف العديد من اللاجئين من الدول المجاورة, فالسودان هو وطنٌنا الثاني، وأحمل ذكريات جميلة لشعبه ولمدنه، خصوصًا ودمدني وكسلا.
بالرغم من أنني أدرك تأثير البقاء في الغربة لفترات طويلة على الإنسان وتوجهاته، إلا أنني متفائل بأن وطننا إرتريا سيكون محطة جذب لأبنائه المولودين في الخارج بعد أن يستقر ويزدهر، وهذا سيعزز الارتباط القوي لأبناء المهاجرين بالأرض والثقافة الأصلية. أنا ووالدتي نُعلم الأبناء حب الوطن الأصلي والالتزام به، وهذه القيم تُعتبر مقدسة بالنسبة لنا، ولذا ليس لدي تخوف كبير بشأن هذه المسألة. علاقتي بأبنائي جيدة، وأسعى دائمًا إلى غرس حب الوطن الأم في قلوبهم، بجانب حبهم للوطن البديل في السويد، حيث يدركون فضلها عليهم وارتباط مصالحهم ومستقبلهم بها. بالنسبة لي وللكثيرين مثلي، نتوقع أن تكون ثقافة أبنائنا مزيجًا من الثقافة السويدية والوطنية الأصيلة، دون تناقض بين الثقافتين.
كيف تفسّر حالات انتزاع الأطفال من ذويهم بواسطة جهات رسمية مخولة بالعناية بالطفل؟
ينشر الوسائط الاجتماعية الكثير من المعلومات المغلوطة تمامًا حول الأطفال والشباب من قِبَل الدولة. بفضل الله، أنا محظوظ بأنني أعمل في المجال الاجتماعي الذي درسته واختصصت فيه، والآن أعمل كمرشد اجتماعي في مكتب الخدمات الاجتماعية ببلدية استوكهولم. كوني موظفًا في هذا المجال يمنحني إلمامًا كاملاً بتفاصيله، ولذا أستطيع بثقة تأكيد أن ما يُشاع في وسائل الإعلام ليس صحيحًا على الإطلاق، ولا علاقة له بالقوانين السارية والإجراءات التي تُتبَع.
في الواقع، لا يوجد شيء اسمه “انتزاع الأطفال بواسطة جهات رسمية”. بل توجد خدمة تعرف باسم “حماية الأطفال” تُقدَم للأطفال الذين يتعرضون لأي نوع من الضرر أو العنف، سواء من الأقارب أو من فئات مجتمعية مؤذية, ويبدو أن أسئلتك متأثرة بما يُنشر في وسائل الإعلام.
وللتوضيح، يوجد في السويد قانون يمنع استخدام العنف ضد الأطفال، حتى لو كان ذلك بغرض التربية وحتى لو كان العنف من الأسرة,ويعود هذا القانون إلى عام 1979 ويُحظَر بشكل قاطع استخدام العنف ضد الأطفال.
وفي حالة مخالفة هذا القانون، يحق للسلطات سحب الأطفال من بيوتهم لحمايتهم، ولا يتعلق هذا الأمر بالجنسية أو الهوية العرقية، بل ينطبق القانون على الجميع، بما في ذلك المهاجرين الذين يجب عليهم احترام القانون.
في السويد، يُحظر استخدام العنف في المدارس منذ عام 1965، حيث يُمنع المعلمين بشكل كامل من استخدام العنف كوسيلة لتأديب الطلاب. هذا القانون جزء من تشريعات حماية الطفل، حيث يُمنح الطفل أو التلميذ الحق في تقديم شكوى في حال تعرضه للعنف، حتى لو كانت الشكوى موجهة ضد الوالدين.
عند تقديم شكوى، يلتقي ممثلو مكتب الخدمات الاجتماعية مع الأسرة للتحقق من صحة ومبررات الشكوى، ويقومون بدراسة الحالة. إذا تأكدت لهم صحة الشكوى وتبين أن الطفل تعرض للعنف، يتم تطبيق مرحلة واجب الحماية، والتي قد تشمل سحب الطفل من بيئة التهديد إلى بيئة آمنة.
في مثل هذه الحالات، يتم نقل الطفل مؤقتًا إلى أسرة بديلة، ويتم تقديم الملف إلى المحكمة للبت فيها، حيث تدرس المسألة بناءً على التحقيقات القضائية. يحضر للمحكمة ثلاثة محامين: محامي الأسرة المدعى عليها، ومحامي مكتب الخدمات الاجتماعية الذي يمثل الطرف الرسمي المختص برعاية حقوق الطفل، ومحامي الطفل. تتخذ المحكمة قرارها بناءً على الحقائق والأدلة المقدمة.
إذا تبين صحة الشكوى، يتم نقل الطفل إما إلى أسرة بديلة تحت إشراف الجهات المختصة، أو يتم إعادته إلى أسرته، وذلك بناءً على قرار المحكمة.
توفر الحماية الرسمية للطفل في حالات مثل:
– استخدام العنف ضد الطفل
– نقص الرعاية
– ومشهادة العنف في العلاقة بين الوالدين.
– واستخدام الكحول أو المخدرات من قبل الأسرة. وللمزيد من المعلومات، يُمكن الرجوع إلى محرك البحث{جوجل} حيث تتوفر فيه معلومات كافية عن هذا الموضوع.
هل يُعاني المهاجرون الإرتريون من تفكك أسري في بلاد الهجرة؟
يعد السؤال حول التفكك الأسري ذو أهمية كبيرة وشمولية، حيث يستدعي البحث عن الأسئلة الأساسية التي يجب الإجابة عليها قبل التطرق لهذا الموضوع. من بين هذه الأسئلة: ما هي طبيعة العلاقات داخل الأسرة؟ وما هو نهج التربية الذي يتبعه الآباء تجاه الأبناء؟ إذا لم تكن هناك عوامل مؤثرة سلباً على هذه العلاقات، فمن غير المرجح حدوث التفكك الأسري. فالقسوة في التربية أو البعد العاطفي بين الأفراد قد يؤدي إلى فقدان التواصل بين الأبناء والآباء، وتدهور العلاقة بين الزوجين، مما ينتج عنه الانفصال وتفكك الأسرة.
من الناحية الأخلاقية، تلعب عوامل كثيرة دورًا في زيادة احتمالية التفكك الأسري، مثل الإدمان على القمار أو المخدرات، والمشاكل المتكررة بين الزوجين، والإهمال الذي يتعرض له الأطفال في التربية والرعاية، والتوتر العائلي. كما تؤثر العادات والسلوكيات المختلفة التي يعتادها الأفراد في المجتمع الإرتري على ديناميكية الأسرة.
ومع ذلك، يظل الأسر الإرترية في الغالب محافظة ومتماسكة في الظروف العادية، ولا توجد مخاوف كبيرة بشأن تفككها، حيث يسهم النهج التربوي الحازم من قبل الأسر في الحفاظ على استقرارها دون مخالفة القوانين.
فيما يتعلق بالبدائل المتاحة في السويد لدعم وتربية الأطفال المحتاجين، فتشمل الخدمات الاجتماعية التي توفر المشورة والدعم للأسرة وتعزيز العلاقات الأسرية الصحية. بالإضافة إلى الاستشارة النفسية للأطفال والعائلات، والتي توفر المساعدة النفسية عند الحاجة. كما تقدم البرامج التربوية التي تهدف إلى تطوير مهارات الوالدين في التعامل مع الأطفال وتعزيز التربية الإيجابية.
هل هناك استهداف سلطاني منظم موجه نحو أبناء المهاجرين بهدف تذويبهم في المجتمع من حيث الفكر والسلوك؟
المخاوف من تذويب شخصية الأطفال في المجتمع الغربي، عمومًا، والسويدي خاصة، بحيث تفقد الأسر المسلمة خصوصيتها في أطفالها من حيث العقيدة والسلوك والمستقبل، قد توجد هذه المخاوف في حال فرطت الأسرة في التربية السوية. وأن المخاطر تتزايد كلما كانت العلاقة بين الأبناء والأسر غير سوية. أما في الوضع الطبيعي، فلا مخاوف ولا مخاطر.
بالصراحة، كان لدينا تخوف من أن الذهاب إلى الغرب يؤدي إلى ضياع الأبناء عقديًا وسلوكيًا، لكن وجدنا الأمر على خلاف ذلك، لأن فرص المحافظة متاحة. فالغالبية العظمى ممن نراهم من المسلمين الإرتريين وغيرهم على بارتباط قوي بدينهم وأخلاقهم، مقارنة بما كانوا عليه في البلدان الأصلية. وذلك لأن وجود الإنسان في الغرب يحتم عليه أن يبحث عن من يشبهه عقديًا وأخلاقيًا. فالمساجد مليئة بالمصلين، والناس في رمضان يشهدون كل المظاهر والشعائر الإسلامية.
التعميم غير صحيح لكن يجب أن نلاحظ أن العلاقة بين أفراد الأسرة لها دور كبير في الحفاظ على السلوك السوي أو ضياعه, ومعظم الأشخاص الذين أعرفهم محافظون، وهذا لا يعني عدم وجود ظواهر غير سوية لدى بعض الأفراد نتيجة التأثر بالمحيط أو الإهمال، والانجراف في الثقافة الجديدة وعدم وضع حدود تمنع من الانجذاب الكلي للجانب السلبي في المجتمع السويدي. وتوجد كثير من الجوانب الإيجابية في الثقافة السويدية كما قال الشيخ محمد عبده: ‘رأيت الإسلام ولم أر المسلمين في الغرب، ورأيت المسلمين ولم أر الإسلام في الدول الإسلامية’. فهنا في الغرب يوجد احترام للقانون والمساواة بين المواطنين، وبذلك يأمر الإسلام.
ولا يوجد أحد يمنعك من ممارسة دينك، ولكن يجب أن لا يتعارض شأنك مع القانون السائد في السويد المنظم للحياة العامة. ولا أحد يمنعك من الخصوصية مثل ممارسة الصلاة والذهاب للمساجد. ومع ذلك، لا يمكن إنكار وجود حالات التمييز العنصري لدى فئة من المجتمع، وتوجد أحزاب لا تريد المهاجرين أبدا في بلدانها، ولكنها لا تمثل الدولة ولا سلطان لديها للاعتداء والتخويف والتهديد، لأن القانون يأخذ على يد المعتدين.
أما بالنسبة للخيارات المتاحة أمام المهاجرين إلى السويد، فهي:
خيار التكامل مع المجتمع
خيار الذوبان في المجتمع
خيار الانعزال عن المجتمع والانطواء في النفس.
فالخيار الأول مطلوب ومشروع، وهو يتيح الاحتفاظ بالخصوصية والاستفادة من الإيجابيات المتاحة في المجتمع السويدي. أما الذوبان في المجتمع، فهو خيار فردي يمكن اتخاذه، ولكن يمكن أن يؤدي إلى فقدان الهوية, أما الانعزال، فهو سلوك مسلك الضياع، حيث يعتزل المهاجر المجتمع دون التفاعل معه.
وكل الأطراف الثلاثة موجودة في السويد وهي في محض اختياردون إجبار من السلطان. ولا يوجد استهداف من الحكومة لأطفال المهاجرين ما لم تكن الأسرة معتدية على الأطفال. لا يعترض أحد على تربية الأبناء حسب ما يريد الأبناء والآباء، ولكن بالإقناع دون استخدام العنف,علمًا أن الطفل يبقى في المدرسة لفترة أطول من الصباح حتى الثالثة أو الرابعة مساءً، وساعات وجود الأطفال في البيت قليلة، فتحتاج إلى استثمارها بالجذب لا بالعنف, فالعلاقة الجيدة مع الأبناء تحمي الأسرة من تدخل السلطات.
ألا يخشى الآباء المهاجرون مستقبلاً يحولهم إلى دار العجزة والمسنين، بعيدًا عن بر الأولاد وحسن صنيعهم، اقتداءً بما عليه أبناء أهل البلاد من العلاقة المتحررة من الالتزامات الواجبة تجاه الوالدين؟
نعود إلى أهمية العلاقة الحميمة بين الآباء والأبناء، فمن نشأ على التربية السوية لا يحدث منه العقوق, ومن يتمسك بالدين والعادات النبيلة ويربي أبناءه عليها، فهو آمن في مستقبله وشيخوخته. نحمد الله أنه لا توجد تهديدات لمستقبل الآباء تدفع بهم إلى دور العجزة. نعم، توجد في السويد دور لرعاية المسنين لأن المجتمع مؤسس على أسس مختلفة عما نألفه في بلادنا. في بلاد المسلمين، يتبادل الأبناء والآباء الأدوار الخدمية، فالطفل في صغره يعيش تحت كفالة أسرته والشيخ الكبير يعيش تحت كفالة أولاده وأسرهم.
بخلاف المجتمع الغربي الذي ترحب فيه دور العجزة بكبار السن، ولذا المهاجرون المسلمون، خاصة الإرتريين، آمنين من الوقوع في هذه الظروف. وذلك بسبب محافظتهم على عاداتهم وتقاليدهم. أما الحالات التي تكون فيها العلاقة بين الأسر غير سوية، فمصيرها مصير السويديين الذين يلجؤون إلى دور العجزة. لذا يجب التحذير من هذه النهاية وضرورة أداء الآباء لواجباتهم التربوية لأولادهم، وتوفير الجو اللطيف في بيوتهم الذي يعزز الحب والحنان والولاء الأسري الحميم.
ما هو تقييمك للهجرة الشبابية غير المؤهلة؟ هل تعتقد أنها تؤدي إلى النجاح أو الفشل في تحقيق التوازن بين الاستقرار الشخصي والضياع في تيار الهوى والاستمتاع بالحياة الشخصية؟
لدينا في مكتب الخدمات الاجتماعية في استكهولم فئة نسميها “الشباب بلا أسرهم وأهلهم” وضع هؤاء الشباب يختلف بناءً على خلفيتهم التربوية في إرتريا, ليس كلهم في وضع واحد، فالتربية الأسرية الأولى تلعب دورًا كبيرًا في استمرار الاستقامة أو الانجراف.
كثير منهم يجيبون إجابات عاقلة إذا سئل: لماذا هاجر من وطنه؟ وما هدفه؟ هل هو مهاجر من أجل ملذات شخصية؟ أم من أجل مساعدة أسرته وتحسين أوضاعه وبناء مستقبله؟
أقول: في السويد فرص النجاح متاحة للجميع, وأنا شخصيا أكملت برنامج دراسة اللغة السويدية، ثم درست في الجامعة، وحصلت على دعم مالي لإتمام دراستي، وهذه الفرص متاحة لغيري أيضا.
فالشباب في السويد أمامهم فرص كبيرة لتحسين أوضاعهم الأكاديمية والمالية والمعيشية، وتطوير ثقافتهم, أي شخص في السويد لديه الحق في التعلم والإبداع والمضي قدمًا في حياته المهنية والشخصية. هناك أمثلة ناجحة للشباب الذين حققوا ا نجاحًا في مجالات متعددة، سواء كان ذلك في المجال الأكاديمي أو العملي أو في إنشاء شركاتهم الخاصة.
لكن هناك فئات من الشباب يضيعون في الحياة الهامشية والملذات الشخصية. منهم من ينجح في رفع مستواه المعيشي ومساعدة أسرته، بينما البعض الآخر يخسر جميع الفرص ويختار الحياة على الهامش. وهناك أيضًا من يعانون من مشاكل نفسية ناتجة عن الظروف الصعبة التي عاشوها سابقا وهؤاء يجدون صعوبة في العودة إلى الطريق الصحيح.
وغالبية الشباب يتحركون بين العمل والتعلم ويحققون نجاحات كبيرة ،ويوجد فريق ثالث يعتبر ظاهرة سلبية بين الشباب
كم عدد اللاجئين الأرتريين في السويد وما المشكلات التي تواجههم ؟
عدد الأجانب في السويد يتجاوز 2 مليون شخص، ومن بينهم بين 60 إلى 80 ألف شخص من الأرتريين, و يواجه المهاجرون الأرتريون، مثل غيرهم من المهاجرين، العديد من التحديات في السويد، بما في ذلك صعوبة تعلم اللغة، وقلة فرص العمل، ونقص التمويل، والعنصرية التي يتعرضون لها بعض الأحيان، خاصة تجاه المهاجرين المسلمين.
المرأة المحجبة والرجل الملتحي قد يتعرضون لمضايقات، وحرق المصحف الشريف يؤثر على مشاعر المسلمين في السويد. ومع ذلك، تفرض القوانين عقوبات صارمةعلى الاعتداءات وتحمي حقوق الأبرياء.
بالرغم من التحديات، هناك إيجابيات للهجرة إلى السويد، حيث يمكن للمهاجرين استثمار الفرص المتاحة وتحقيق النجاح.مثالا على ذلك، يمكن للأشخاص النجاح في الدراسة والعمل، ويمكنهم تحقيق أحلامهم وأهدافهم.
زوجتي، أم محمد، هي مثال على النجاح، حيث درست الطب في السودان ونجحت في الحصول على وظيفة كإخصائية في أحد أكبر المراكز الصحية في السويد,هذه القصص تظهر أن النجاح ممكن بالعمل الجاد والتفاني، حتى مع وجود التحديات التي قد تواجه المهاجرين في السويد.
هل طاب لك الوطن البديل ؟ متى تعود يا أبا ناصر إلى أرتريا ؟
آه، الغربة حلوة، لكن الأحلى الوطن الغالي، السويد وطني, فيه تعلمت واشتغلت، ووجدت الأمن والأمان. اليوم أنا قادر على تقديم الدعم لنفسي وللآخرين من الأهل. السويد وطن قدم لنا كل شيء جميل، ومع ذلك تظل العودة إلى أرتريا حلمًا جميلاً، وفي طريق العودة تواجهنا الصعوبات، ولكن الأمل والفأل الحسن قائمان. بالتأكيد، يومًا ما سنعود للوطن، إن شاء الله. البعيد مهما طال غيابه، مصيره العودة لأحبابه.
هل من نشاط سياسي تمارسه ضد النظام الأرتري وهل تتوقع أن العمل المعارض من الخارج قادر على اسقاط نظام متمكن ؟
في السابق، عندما كنت في كرن، كان والدي شخصًا نشيطًا للغاية، وكان يتولى مسؤولية إدارة المعلمين والعمل الإداري في مدينة كرن. تعرض للاعتقال عدة مرات خلال فترة حكم هيلي سلاسي والدرق، وقبل تحرير كرن في عام 1976. في إحدى تلك المرات، عندما كان في طريق عودته إلى منزلنا في حي قزا باندا، تم اعتقاله من قبل الجيش الإثيوبي ونُقل إلى السجن في عربة عسكرية.
من بين الصعاب التي واجهها والدي، كانت مرة وضع ورقة اشتراك في جيبه، وكانت تلك الورقة دليلاً يثبت جريمته أمام الجيش الإثيوبي. ومع ذلك، استطاع والدي التصرف بذكاء، حيث خرج الورقة وبدأ يمسح بها وجهه ويديه، ثم رماها على الأرض، مما دفع الحراس إلى الاعتقاد أنه كان يتخلص من شيء لا يُشتَبَه به.
كان النشاط السياسي موجودًا بشكل كبير في بيتنا الذي نشأنا فيه، وازداد تعمقًا مع التقدم في العمر، خاصة أثناء تواجدي في المدرسة في كسلا وانضمامي إلى الاتحاد العام لطلبة إرتريا. وبدأت أكتسب خبرات سياسية أكبر أثناء فترة دراستي في سوريا، واستمر هذا التواصل بعد وصولي إلى السويد كمهاجر.
أسألك عن التنظيم، هل أنت جزء من تنظيم سياسي؟
حالياً، لم أنضم إلى أي تنظيم سياسي محدد، بل أعمل كفرد مستقل بشكل حر. ومع ذلك، أشترك في العمل مع شبكة سلام القرن الأفريقي، التي تضم شباباً من إرتريا وغيرها من دول القرن الأفريقي، مثل السودان وأثيوبيا والصومال وجيبوتي. نسعى جميعاً لتعزيز التفاهم والتعارف والتعاون من أجل الحفاظ على المنطقة وتجنب الكوارث المحتملة. على الرغم من تعقيد المهمة، إلا أننا نعمل بجدية ونكرس الكثير من الجهد، ونجد أن تجربتنا في هذا المجال مفيدة للغاية. المنطقة التي نعمل فيها معروفة بتاريخها المضطرب والصراعات المستمرة، ولذلك فإنها تتطلب تكاتف الجهود والتعاون لتحقيق التغيير المطلوب والسلام المستدام.
ما تقييمك للعمل الإرتري المعارض؟
فيما يتعلق بالعمل المعارض من الخارج، تفاؤلي محدود في الوقت الحالي، للأسف الشديد، بسبب تشتت الجهود المعارضة. على الرغم من أن المجلس الوطني يعمل بجد، إلا أنه غير كافٍ بحسب رأيي، نظرًا للانقسامات السياسية داخل معسكر المعارضة، التي لا تُلهم الثقة في إمكانية إسقاط النظام. ومع ذلك، فإننا لا نفقد الأمل، ونسعى جاهدين لإنقاذ البلاد من الوضع الصعب الذي تواجهه. وإذا فشلنا في ذلك، فقد نخسر البلد بأكمله. لذا، يجب علينا التوحد والعمل معًا للإطاحة بالنظام، حيث لا شيء يمكن أن يضاهي الوحدة في تحقيق هذا الهدف.
ما هو رأيك في وجود مخاوف متزايدة من فقدان ولاء أبناء الجيل القادم لأرتريا كوطن وقيم شعبها الأصيل؟
بالفعل، يبدو أن الأجيال في المهجر لا تتمتع بنفس مستوى العطاء والإنجاز الذي كان يميز جيل الآباء في بلدانهم الأصلية، حيث كان المجتمع بأسره يلعب دورًا كبيرًا في تربية الأبناء، وهو ما يؤكده المثل الأفريقي الشهير: “الطفل تربيته مسؤولية المجتمع بأسره، وليس فقط المسؤولية الشخصية للأسرة والأقارب والجيران”
نعم، كنا محظوظين، ولكن أبناءنا يفتقدون هذا النوع من التربية في المهجر. ومع ذلك، لديهم الفرصة لنقل بعض القيم الإيجابية التي اكتسبوها منا، لكن ليس هناك ضمان بأن أبناءهم سيحصلون على نفس الفرصة. لذا، يبقى الخطر قائمًا ما لم تتغير الأمور في إرتريا ويعود المهاجرون إلى وطنهم ويعملون على بناء تواصل قوي مع أهلهم ووطنهم. وإذا لم يكن هناك تواصل بين الأسر في الوطن والأسر في الغربة، فلن يكون هناك استمرارية للعلاقة العائلية بين الأجيال في إرتريا بنفس الطريقة التي كانت عليها في الماضي.
نأمل في تحسن الأوضاع في إرتريا، ونتطلع إلى اليوم الذي نعود فيه إلى وطننا وأهلنا. كما نأمل أن يتعاون المهاجرون في نقل القيم النبيلة كتعويض عن الفراغ الذي تعانيه الأجيال الجديدة التي نشأت في بلاد المهجر.
أتفق معك تمامًا؛ فالجيل الجديد المولود في أوروبا قد يفتقر إلى الانتماء العميق لإرتريا، وهو الأمر الذي ينطبق حتى على الكبار، الذين قد لا يرغبون في العودة بسبب العديد من العوامل المعقدة. على سبيل المثال، عاد العديد من تشيلي إلى وطنهم، لكنهم لم يستقروا هناك بل عادوا بعد فترة إلى ديار الغربة التي نشأوا فيها. وهو الأمر نفسه بالنسبة للعراقيين والسوريين؛ فالبلدان الأصلية لا تزال في حالة من الاضطراب
عودة أبنائنا وأحفادنا إلى إرتريا قد تكون تحديًا كبيرًا، ولكن يجب على الأسرة أداء واجبها في غرس حب الوطن والقيم لدى أبنائها وأحفادها، وذلك من أجل الحفاظ على التواصل والولاء وتطوير الارتباط العاطفي.
ومع ذلك، يبقى العيش في إرتريا والعودة إليها أمرًا صعبًا، ولا أتوقع أن يتحقق ذلك ما لم تتحسن الظروف في البلاد، وتصبح جاذبة من حيث الأمن والاستقرار وفرص العمل والتنمية والحرية، وذلك في ظل حكم صالح وفاعل.
مقابلة جميلة جداً, بارك الله فيك أستاذ ناصر.