طــوقٌ …. وشــوقْ ..إلى روح الشاعر الخنذيذ * : فراج الطيب السراج .قصيدة للأستاذ أحمد شريف (خبير إعلامي شاعر)
أقـلٍّبُ طَـرْفِي فـِي الـخَـيـالِ وأرمــقُ
بـِشـوقٍ فَـصِيـحٍ عَـن لـسـانِيَ يَــنْـــطِـقُ
بُـلِـيـتُ بـِهِ دهْـرًا مـشُـوقـًـا مـولَّـهـًـا
ويــزدادُ لـهـفِـي كـلمـا لاحَ بَـيْـرقُ
مـن الـمَـحْـفِـل الـمـزدانِ بـالحـب والـصفـا
لآلئَ يـكسـوهـا عبـيـرٌ فـتـفْـهَقُ
على مَـحْـفِـلٍ تُـبـدِي أيائـلُ شَـدْوهِ
وشَائِـجَ وصلٍ فـي الحـنايا تـشـقـشِقُ
تـُعيد بــه مَـجْـدَ القـريـضِ موشَّـحـًا
بـِشِعْـرٍ أنـيقٍ فـي شِـراعَـيهِ مَـنطِقُ.
على مِهْـرجـانِ الـشـعْـرِ والـفـن والـهـوى
بذات الهوى والـبوحُ مِسْكُــهُ يَعْـبَقُ
فلــو أنَّ شـوقِـي قد تـوزَّع بـيـنَـكُم
لقــلَّـد كُمْ ماسـًـا من الحُـب مُـطْـبِـقُ
ولـو أن شِـعرِي قـد رنـَا سـرجَ سـابـِحٍ
لـفـَاضَ عـَمـِيمـًا مِن لـَمـَا النَّـظمِ فـَيْـهَـقُ
أسُـــوحُ بــه كُـلَّ الـخِـيـامِ وأنـتـشِـي
علـى سُـرُرٍ مــوزونـَـةِ الـطُّـهْـرِ ألْـبَـقُ.
ركِـبْتُ قـوافِـي الـشعـْرِ ، والـبِشْـرُ مُـسَـرَجٌ
عـلى هَـدُبٍ نشوى إلـى الـبـوحِ تـرمُـقُ
عَـزمْـتُ عـصـَا الـتَّـرحـالِ كـيْـمَـا أزورَهَــا
مـَـغـَاربـُـهَـا تـزهُـو بِيَ والـمَـشَـارقُ
إلـى أن دنـَا ركْـبـِي مِن الوصْـل خُـطـوةً
تـَلَـفَّـحَنِي رَحبٌ مِـن الرَّحْـبِ أصْـدقُ
فَـمَـا أنْ رأيـتُ الشَّـوقَ أرخَـى جَـناحَـهُ
فـقبَّـلـتُـه مثـنًى على الـخدِّ مُـورقُ.
أحـقـًّـا أنـَا فـي جَـنَّـــةِ الـشِّعْـرِ أحْـتـسِـي
كـُـؤوسَ نُـدامَـى مِـــنْ سُـلافِـهَـا تُــشْــرقُ ؟؟
أحــقـًّا أنـَـا فـِـي بهجة الـنـور والـنُّـهَى
ونِــبْـراسِ نـيـــلٍ فِـي ضِـفـافـِـه زنْـبَـقُ.
وَلِـي رئَـتـَا شِـعْـرٍ أُقَــلَّبُ فِـيهِمـَـا
إذا مـَـا سّـلانِـي طـائِـرٌ أتَـشَـوَّقُ
عــبِيرُ الـحَيـَـا والــخلـدُ لا استبينها
بِــغيـرِ نَــدَى الــجَوفَــينِ جناني لا تورقُ
(إرترية) رُوحِــي ويـزدادُ فـجْــرُهَـا
جـمالاً وإشـراقـًا وصــبٍّ مُـحــرَّقُ
(سودانية) نَـفْـسِـي ويَـقْـتُــلِني شَــوقٌ
رحَــى جَـنبِــيَ الــمَصْلـوبِ شـادٍ ومُـفْـلِـقُ
فَــفِي مُــلتقَــى الــنِّيـلَيـنِ شَـمْـسِي وأنْـجُمِي
وفِــي شَــارعِ الــتَّحرِيـرِ أشْــدُو فَـأشْـرَقُ
أنَــا مِـنْ رُبـَـى الـقُـطْـرَيـنِ نَـفـحَةُ شَـاعـرٍ
تـَـضَّـوعَ مِـنـهَـا عَـاشِـقٌ يَـتـَألَّـقُ
ولَــسْتُ أبَــالِي أَيُّ جَـنْـبٍ يـَضُـمُّـنِـى
عَـلى مَـعْـبدِ القُـطْريـنِ أزهُـو وأسْـمُـقُ
. وأنتَ أيا (سودان) الـقلـبُ والـهوى
ومُـنْـقـذُهـَا إذ مَا تـعـطـَّلَ زورقُ
رأيـتُكَ رأي العَـيـنِ مِـنْ قـبلُ لـمْ أر جِنَـانـًا
وخُلْـدًا مِن على الأرضِ تَنطِـقُ
تـُفـجِّـرُ يـنبـوعَ الــشـموخِ ونَـهْـجِـهِ
وإحْـلال فجـرٍ أدمـنـتـْهــا الأبـَانِـقُ
وما عـَابَهـا أن تـسـتـطِـيـبَ مكَـانـَها
وكـلُّ مَـكـانٍ أسْـرجَ الـنـوقَ يـُورقُ
قبابٌ بها كـلُّ النـفـوسِ تــبــسـمـتْ
فـأزهَـرتِ الأولـى كَـمَـا الـمُـزنِ مُـغدِقُ
فـَـمَـا كــان مِــن ( أبروف) و النيلُ مُطـرِقٌ
يُـقـلِّبُ جـنـبـِي كلَّ ما لاحَ زنــبـقُ
يـُحِـيـطُ بـخَـدَّيْـهَـا عـبـيرٌ من الجوى
وشــــوقٌ وتَحــنانٌ ودَمــعٌ تـَرقــرقُ
ومَرسًـى إذا مَـا أجْـفلـتْ عـَينُ هـائـمٍ
تلقَّـاهُ حِـضْـنٌ مِـن رُؤى الـقـلـبِ أوثـقُ
وتـِلك انطلاقــات إلـى الـمَـجـدِ والـعُـلا
وفـجـرٍ نـمـيـرٍ مِـلئ عَـيـنَـيْـهِ رونَــقُ
تُشَــارِفُ أمْـجـَادَ السُّـمُــو وربـْــعـِـهِ
لِـيـرقـَى بـِـه نـَحـوَ المَـعـالِـيَ وامِــقُ.
— ركِبـتُ قـوافِـي الـشعْــرِ والـجَــوَّ مَــاطِــرٌ
عـَلى نــسْـمَـةٍ حـَرَّى إلـى الـبوحِ تـرمُـقُ
فـقـدْ جِـئْـتُ ظمأنا أرومُ حِـيـَاضَهـا
فـَـهَاتِـيهَـا شِعْـرًا مِنْ جُـمـَانِـهِ أشْهَـقُ
حـَــدائِــقُ وَردٍ بـَــلْ جِـنـَــانُ صَــبَـابَـةٍ
عـــلى وُرْقِـهـَا يَــشْـدو هَــزارٌ ومُـفــلِـقُ.
— أقــول كـمـا قــال الـ (فـــراجُ الـطيـِّـب
) أهَــذِي عـطايـاه تـجـود وتــعـبـــق؟
بـــنـورِكَ يـا نـجمًـا تـألـقَ صـوتـُهُ
فـفِي كـل شأوٍ أنـتَ شـهبٌ مــحـلِّـقُ
فـــقـد كنـتَ حاديـها وقَـوْدَ رِكـابِهَـا
و(مـربَدُكَ) الـزاهِـي يُـشيـدُ ويـُبـرِقُ
بـصولاتكَ الفُصْحى وجولاتِـكَ المعنى
وعــيـنُ (عـراق) الـفـخـرِ يَـدنُـو ويُـطـرِقُ
لِـيسمـعَ فـجـرًا مـن رُبى الـنيلِ قــادمٌ
ويـشربَ نـبعًـا مـلؤُ شـطئيهِ عــابِـقُ
وصالونُكَ المعمورِ في كلِّ جُمْعـةٍ
يحـــج إلــيه الحـــادبون فَـيُعـتَـقُـوا
عـــلومَ بحورِ الضادِ والشعـرِ والتُّـقَى
وبـَـحـرُ نـَـداكَ الــجَـمِّ يـَجري ويـُـغـدقُ
دعـــوتُ لكَ الله العـلِيَّ جَــنابَــهُ
لِيسكِنْــكَ في الـجَناتِ تـسمُو وتُـبْـرِقُ
سقــى اللهُ أيـــامًـا تـرنَّمَ فــيضُهـَــا
عـلى مُهَـجٍ عـطشَى تـفـوحُ وتـعْبـَــقُ
شَــرِبنَا ولم تـَعطَـشْ سـلافـةُ نَـبعِـنـَا
وقـد سـربلَ الأرواحَ شِـعْـرٌ مُنمَّــقُ
فــأنتَ الـذي لـولاكَ مـا كـنْتُ مـُـفلِـقًـا
وما كـانَ مـنِّي بـلْ وما كــنتُ ألـحَـــقُ
برَكْـبِ الأُولى شـادُوا سَـنَامَ قـرِيضِهمْ
بِشِـعْـرٍ بهـيــجٍ زانـَهُ الـبوحُ مـُـطـلَـقُ
سـكبْـتَ عـلينـَا مِـن فـيـوضِ أريـجِهَـا
عـلى وُرقِـهَا يَشـدُو هَزارٌ ومُـفـلِـِقُ
أخــالكَ دومًـا أنَّـكَ الـشـهـدَ بـيننَـا
إذا كَحـَّـلَ المـذياعَ صـوتٌ مُـعَـتـَّـق
(لسـانُ الـعربْ) ذاكَ الأريـجُ عبـيرُه
تضـوَّعَ مِـسْكٌ فِـي الـدُّنا يـتألَّـــقُ
فـدعـْـنِي أقـولُ الحقَّ شعرًا مُفاخِرًا
فـأنـتَ الـذي واللهِ قـولك صــادقُ
هَـمَمْـتَ لأعــرابِ الــزمانِ قـلادةً
بـهـَا تـرتقِـي شَـأوًا ومـجْــدًا تـُحـقِّـقُ
دعوتَهُـمُ صِدقـًا ، إلى عيـنِ رُشدِهِـمْ
فَـذِي لـغــةُ الـقـران تسمُو لا تـخْــفَـقُ
(أفــرَّاجُ) خُـذهـَـا مِـنْ حَـبـيـبِ مُـتَـيَّـمٍ
كَــوَتـْهَـا حـروفٌ دمـعُهـَـا يـتـَرقْـرَقُ
يـُفدِّيكَ عِقـْـدٌ مـن لَـمَـى الشَّـوقِ مُــقـمِـرٌ
وشـَـعْـبُ القَريضِ مِن فـؤادِه يُـبْـرقُ
يـَـقولُ سـَلامًـا مِـنْ حَـبـيـبٍ مُـتـيَّـمٍ
يـُـمَوسِـقـهُ حَـرفِـي ، وشَوقـُهُ أسْـبَـقُ
مِـن الـشَّـعَـبِ الـمَمهُـورِ للــذَّودِ والــفِـدا
ومِـيضُ نَــشَامـَـا فِـي دُجَـى اللـيلِ مُـشـرِقُ
يـُــدَافـِـعُ عـن مَـجْـدٍ تـَلـيدٍ أتـَى بـِــه
مـِـن الـشُّهُـبٍ الشَّهباءِ حـَادِيـهِ فـَـيْـلقُ
فــيَالِـقُ مِـن عَـزمٍ وصـبْـرٍ مـُــسَــلَّـحٍ
إلِـــى غـَـدهِ يــرنُـو وعـَـيـنـَـاهُ تـَــفـرُقُ
يـُـــقـدِّمُ روحـًــا قـَـبـلَ رُوح ولَـــم تـَـزلْ
سودانيةُ الأنْـفَـاسِ بالــعِـشْـق ألْــــيَـقُ.
أحـَـقـًّا أنــا فِــي دوحــةَ الـشِّـعــرِ أنـتَـشِـي
سُلافـًــا هَـمـَى مِـن شَـاطِئ الـعـِشـقِ مُــطـْــلَـقُ
علـــى فـَــرح فـَـوقِـي ريـــاحُ إبـتِـسَـامـةٍ
وأبْـيـاتُ شِـعـري مـِـن لَـظـَى الـوجـْـدِ تـُـحـرقُ
أُكـَـرِّرهـَـا دومًـا إذا هــاجَـنـِي شَـوقٌ
وجـَـالَ بـِيَ الـتَّحنانُ والـشِّـعـْـرُ عـَابـِقُ (
ولـَـمَّـا أتـَــانِـي فـــي الــخيالِ بـَـريـدُ كـمْ
تـَــمـنَّـيـتُ لـو عِـنـدي جـَــنـَاحٌ يُـحَـلِّـقُ
لأَرحَـــلَ مِــنْ فــورِي إلــيـكُـمْ بـِـفـرحَــةٍ
) وأعـْـــزفُ فِـي بوحِ الــسَّـنـَا وأُمَـــوسِـقُ .
- – من معاني الخنذيذ : الشاعر المجيد المنقح ، والبليغ المفوه ، والسيد الحليم السخي التام السخاء
الهامش :
الأديب فراج الطيب شاعر فحل، وكاتب مبدع، وإذاعي قدير ، ولد بأمدرمان عام 1933م ، وارتقي في السلم التعليمي حتى نال دبلوم كلية التربية في طرق التدريس ، واشتغل بالتعليم تدريساً وإدارةً، في السودان وخارجه، وقدم برامج إذاعية شهيرة، كما نال جوائز محلية وعالمية على منجزاته ، ترك دواوين شعرية من إبداعه معظمها غير مطبوع، ومن أشهر برامجه الإذاعية لسان العرب الذي ظل يقدمه في الإذاعة السودانية لمدة تزيد عن عشرين عاماً
توفي يوم الاثنين الخامس من أكتوبر عام 1998م، رحمه الله تعالى .
استمتع مع فراج الطيب في قصيدته العصماء :
( والشعر عندي حسام إذا ما ضربت به هذي الجبال الشامخات فرى)
الأديب الراحل فراج الطيب – قصيدة – YouTube
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم