أدب وفن

غَدْرُ الْجُدُر: شعر/عبدالقادر محمد هاشم

إن ذكرى ا لاعتقال الظالم لن تمر هادئة خاملة لدى الشاعر وإنما تدفعه ليتدفق شعرًا ومشاعر. وفي الوطن  السليب كثيرة هي المآسي المؤلمة التي يتعرض لها المعتقلون ظلماً وقسرًا على يد فراعنة شداد فكان حظهم أن تخلد ذكراهم الظالمة كما تخلد ذكرى المعتقل البريء،  والدهر يومان : ما يذكرك بخير ويروى عنك طيب المواقف والأعمال والسير ، وما يذكرك بشر فهذا تاريخ خالد لأبي لهب وأبي جهل وفرعون والبطانة السيئة التي ينتظرها  الغرق وإن طال بها الإمهال. وتأتي  قصيدة شاعر الوطن والقيم مخلدة الذكرى :

يَا آهَةً  أفزَعَتْ  مِن   هَولِهَا   الرِّمَمَا

وَأشعَلتْ فِي الوَرَىٰ مِنْ هَمِّهَا الهِمَمَا

لَمَّا غَدَتْ  مِحنَةُ   المَقهُورِ   مُؤْلِمَةً

أذْكَتْ بِكُلِّ  أَصِيلٍ  فِي  الدُّنَا  أَلَمَا

المَجدُ يُحرِزُهُ  مِنْ  بِالبَلَاءِ  عَلَوْا

إذْ كُلّما امتُحِنُوا ارتقَوْا بِهِ الْقِمَمَا

 اُنْظُر إِلَىٰ مِحَنٍ هَوْجَاءَ جَائِحَةً

يَلْقَوْنَهَا  صُبُراً  وَقَد  غَدَتْ حُمَمَا

وَكُلَّما استَقْبَلُوا  البَلوَىٰ بِهِمَّتِهِمْ

فالباطِلُ المُزدَهِي يَرتَدُّ مُنحَطِمَا

وَكُلَّمَا أَنْ  رَأَوْا   عَزَائِماً لَمْ  تَلِنْ

كَادَ الطُّغاةُ يَلْقَوْنَ حَتفَهُمْ رَغَمَا

فَلَمْ تَنَلْ مِحَنُ  الطُّغيَانِ  أَجْمَعُهَا

مِنْ قَلْبِ ذِي جَلَدٍ  طُغْيَانَهُمْ هَزَمَا

مَهْمَا قَسَوْا فِي عَذَابِ الحُرِّ يُزْرِ  بِهِمْ

لَنْ يَهْزِمُوا  الجَبَلَ  العِملَاقَ   وَالعَلَمَا

بَلْ إنَّهُ  أَخْجَلَ  الأَطوَادَ  مُرتَسِخاً

وَفَاقَهَا فِي العُلَا مَهْمَا أَرَتْ شَمَمَا

وَلَا  تَرَيْنَ  لَهُ  البُكَاءَ   يَا   مِحَنٌ

فَالْحُرُّ لَا يَفْتَحُ البُكَاءُ  مِنْهُ  فَمَا 

وَرَغْمَ  رُؤْيَتِكَ  الدُّمُوعَ   عَالِقَةً

علَىٰ عَيْنَيْهِ  لكِنْ  يَظَلُّ  مُبتَسِمَا

أعظِمْ   بِبِشرٍ  لَهُ  يَبْدُو  بِمَظهَرِهِ

وَإنّ  فِي قَلْبِهِ جُرحاً  يَفِيضُ دَمَا

أيَا أَغلَالَ  الأَسَىٰ  وَيَا سَلَاسِلَهُ

ألَسْتِ آسِرَةً سِوَىٰ حُمَاةِ الْحِمَىٰ

يَاآهَةً  حَدِّثِي   القُلُوبَ  مُصغِيَةً

إذَا الآذَانُ أَبَتْ أَوِ ادَّعَتْ  صَمَمَا

وَلَا تُبْدِي أَسَفاً عَلىٰ قُلُوبٍ سَهَتْ

أَوِ الَّتِي جَهِلَتْ وَحَلَّ فِيهَا الْعَمَىٰ

وَأَبْلِغِي  قَاطِنِي  الأرجَاءِ   قَاطِبَةً

أنَّ هُنَاكَ أَسىً  يَمْلَا  أرضاً  وَسَمَا      

أَيَّتُهَا   الْجُدُرُ   الغَدَّارَةُ  انقَلِعِي

قَبُحتِ  سَاجِنَةً  أَكَارِمَ  الْكُرَمَا

وَلَسْتِ  قَاهِرَةً  إِلَّا  أُولِي  رِفعَةٍ

كُلٌّ مِنْهُم  يَزِنُ  الآلَافَ وَالأُمَمَا

أَحُرَّةً  بِفَقْدِ  الْقَرِينِ  قَد  فُجِعَتْ

تَزدَادُ فِي قَلْبِهَا  نَارُ الأسَىٰ ضَرَمَا

تَظَلُّ مَكْرُوثَةً مَدَىٰ السِّنِينَ بِهِ

وَالْأهْلُ كُلُّهُمُو بِفَقْدِهِ  صُدِمَا

أيُّتُهَا  الأنْفُسُ   الْأَبِيَّةُ   ارتَقِبِي

الفَجرُ مُنبَلِجٌ كَيْ يَمْحُوَ الظُّلَمَا

يأيُّها  الألَمُ   المُجتَاحُ   أَفئِدَةً

حَتْماً نَرَاكَ عَنِ الأُبَاةِ مُنصَرِمَا

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى