من القواعد المهمة في تغيير المنكر ( التثبت في الأمور وعدم العجلة )
وهي تدعو المسلم سلطانا كان أو موطنا أن يتعامل بحذر وبحسن الظن مع ما يبدو أنه منكر سواء تلبس به سلطان أو من كان عاطلاً عن السلطة توجب هذه القاعدة على القائم بالحسبة أن يتحوط لنفسه ولشرعه حتى لا يخطئ وهو يريد الحق والعدل ومرضاة الله ومعنى ذلك أنه يلزمه استكمال كل الإجراءات اللازمة من حيث العلم الهادي إلى معرفة المنكر ومن حيث طرق التثبت ممن تلبس بالمنكر ومن حيث اختيار الوقت المناسب للقيام بواجب الحسبة في المنكر المعين ومن حيث توفر الوسائل المناسبة لتغيير المنكر وقد دل على مثل القاعدة كثير من الحوادث التاريخية والأدلة الشرعية وذلك لأن عدم التثبت يؤدي إلى الاعتماد على الظن والمؤاخذة به وهو أمر منهي عنه شرعا والعجلة في اتخاذ موقف سلبي تجاه منكر مظنون قد يؤدي إلى معاقبة الأبرياء دون مبرر وهذه مخالفة للشرع والقيام بفريضة الحسبة قبل اكتمال العدة اللازمة مخالف لما كان عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يأمر أصحابه بالصبر الجميل وعدم تغيير الأصنام بمكة المكرمة حتى يحين الوقت المناسب والقدرة المناسبة التي تمكن من إزالة المنكر وحماية الدعوة وأهل الدعوة من أذى سلطان المنكر
فقد كان يعيش معها في مكة المكرمة ويطوف بالبيت الحرام وهي فيه حتى جاء الوقت المناسب بعد الفتح فإذا به يسقطها صلى الله عليه وسلم كما بينها الحديث (فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما من الأزلام .فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت وخرج ولم يصل فيه .) ومعنى الأزلام والانصاب تم بيانها في كتب الشرع فهما :انصاب : شيء يبنصب ليذبح عليه المشركون ويتقربون بالذبائح .والأزلام أشياء يقسمون بها يقال لها السهام من أنواع الخشب يكتبون عليها ( افعل ولا تفعل ) والثالث ( غفل) لا يكتب عليه شيء فإذا أرادوا أن يسافروا أو يفعلوا شيء فيه اشتباه أجالوها واعطوها أحدا يخرجها واحدا واحدا أو نفسه يخرجها واحدا واحدا من محلها فإذا خرج ( افعل ) نفذ وإن خرج ( لا تفعل) ترك وإن خرج ( غفل ) الذي ما فيه شيء خلطها ثم أعاد إخراجها حتى يهتدي إلى الإشارة بالترك أو الفعل.
الشاهد في الحديث الشريف أن الحسبة قامت بدور التغيير باليد بعد التمكين والسيطرة على مقاليد القيادة وكانت قبل ذلك لم تقدم على مثل هذه الحسبة لكون التوقيت المناسب لم يكن قد حان.إن الشرع الحنيف يوجب على أتباعه عدم الاستعجال في استعمال القوة في تغيير منكرات السلطان أو المجتمع أو ا لجماعات حتى تظهر وتتمكن دولة القانون التي تصدر الأمر على الجهات المختصة بتغيير المنكر قسرا في حالة الاستفحال والتفشي مثل جماعات النهب المسلحة أو بيع المخدرات أو الجريمة المنظمة ..
فإن مثل هذه منكرات واجبة التغيير عبر السلطان العادل والقضاء العادل والشرطة العادلة وذوي النفوذ العادلين الذين تناط بهم مثل هذه المهام .
د.حامد محمد حالفا قلم فقيه وأستاذ جامعي يهتم بالسياسة الشرعية والقضايا الفكرية ، يكتب البحوث العلمية المحكمة التي تعالج مشكلات المجتمع من الوجهة الإسلامية