قتل أفكار الآخرين الإبداعية جريمة نكراء
تابعت الحملة الهمجية في مواقع التواصل الاجتماعي ضد الدكتورعمر زرآي على خلفية كتابه عن الرئيس والمقابلة، ولم أجد غير الحسد والغيرة المقيتة سببا منطقيا لها. وهذه الآراء هي ثمرة البيئات الدكتاتورية التي ورثها الخلف المستبد عن السلف المستبد حيث يجد المتعة أي أحمق ومتسلط في قتل الناس أو قتل أفكارهم الإبداعية وهو يستخدم سلاحين فتاكين هما الحسد، والضيق. فليس عيباً وليس بدعا أن يكون للدكتور عمر زرآي رأياً خاطئاً، فحتى العلماء والعباقرة لهم آراء نسبية خاطئة تبدو في زمانها صحيحة ومقبولة ويمكن تفهمها ضمن سياقها التاريخي والمعرفي السائد في زمانها، وأن تقدمنا المعرفي يتراكم من خلال تصحيح الآراء وتعديل المفاهيم، والبناء على آخر النتائج المتوفرة من جهد الآخرين، لكن التكلف في التمحيص والتحليل والاصرار على الكمال تقتل الأفكار والإبداع والأعمال الجليلة، ولهذا أنصح الدكتورعمر أن لا يلتفت لهذه الانتقادات الموروثة من نبات البئات المستبدة، ومن يقوم بها هم قلة لا تمثل الشعب الإرتري الواعي ولا جمهورك العريض، فلا تلتفت للوراء، دائما انظر إلى القمة وواصل إبداعك و انتاجك، ولا تهتم بآراء الحاسدين ومن يغارون منك، وأمامك خياران الآن: إما أن تستسلم للانتقادات الجائرة وتترك ساحة المعرفة والإبداع لتبقى دون أثر وهذا مرادهم، وحال الكثير منهم وتعيش مرتاح البال لا يكرهك أحد، أو أن تثبت في طريقك، طر يق الناجحين والمبدعين وتملأ ساحتنا إبداعا وراء إبداع وقد تركت فيها أعمال جليلة وآثار باقية وانتقادات كثيرة.
قد تحتاج إلى ضمير معطل:
مع بعض العوام العاطل من الإرتريين قد تحتاج إلى ضمير معطل وأن تسامحهم دون أن ترحب بعودتهم إلى حياتك مجددًا فهم سوف لا يعرفون خيرك إلا اذا أكلوا التبن من غيرك، ففوض أمرك إلى الله ولا تقابل الإساءة بالاساءة ولا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما، هذا الصنف من الإرتريين النقد عندهم ثقافة موروثة ويعني جدل وخصومة لا تنتهي، وهو إرث تربوا عليه من قديم الزمان ولذا تجد كل واحد منهم يضيق صدرا بالرأي الآخر ويشعر بالعوز، والضيق من المخالفين ويتصرف على أساس إما أنا وإما أنت، ولا يرى أن هناك الملايين من الألوان، بل في رأيه هناك لونان فقط، أبيض وأسود، فإما معنا وإما ضدنا.
النقد البناء مطلوب:
النقد البناء مرحب به وهو أسلوب لحياة زاهية ولا يعني البحث عن السلبيات والمساوئ فحسب، بل أن نكتشف ما في الأقوال من حق وصواب، وأن نكتشف مساحات الجمال والخير الموجودة في الأعمال والمواقف، أما الصراخ والصياح والعويل والتجريح ، و الإتهام بالغباء أو قلة المعلومات، والقدح في مؤهلات علمية تجيزها وتمنحها مؤسسات علمية فهذا خلق العاطلين عن المؤهلات، العاجزين عن المنافسات الشريفة.
إن الإدعاء بأن الدكتور عمر يقول ما لا يعلم أو أنه غير مؤهل للبحث في مثل هذه المواضيع، أو التعريض ببعض نقائصه وأخطائه ليست من النقد في شيء، بل هي مقاتلة كلامية ولا مصلحة لأحد في ذلك. حرية التعبير حق للجميع فكل شخص له الحرية المطلقة للتعبير عن رأيه دون الاعتداء على الآخرين، بل لا بد من احترام الآخرين، وأن يكون النقد للأفكار لا للأشخاص،بدافع الانتصار للرأي لأن آرائنا مهما كانت حجتنا قوية في رأينا فهي ليست يقينية ولا نهائية بل هي مجرد وجهات نظر يمكن أن تصيب وتخطئ، ولذا ينبغي أن يكون النقد بمبدأ أن رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، وأن نتلطف في الكلام فهي وصية الله أوصى لأنبيائه وعباده، ويجدر بنا العمل بها قال تعالى { وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنࣰا }البقرة (83) ونحن في المقام الأول أهل وإخوة أشقاء في الوطن والأرحام، وأولو الأرحام أولى بالقول الحسن من غيرهم
الاختلاف سنة الحياة:
الاختلاف سنة الله ، ظروفنا مختلفة، أفهامنا تكونت نتيجة تفاعلات مختلفة، و آرائنا وأفكارنا هي محصلة ظروف اجتماعية وثقافية ونفسية وبيئية مختلفة لا تتشابه أبدا ، يجب أن نعترف بهذه الحقيقة أولا لنرتقي من مرحلة الهجوم المغرض والانتصار للذات إلى مرحلة كيف نطور أنفسنا ونصبح أفضل مما نحن عليه الآن لأن الانتقاد وتصيد الأخطاء أمر يسهل فعله على الجميع، لكن أن تنجز وتؤلف كتاب ككتاب الدكتور عمر زرآي لمجتمع قليل الكتب والكتاب، شعب نادر القراءة كمجتمعنا الارتري، يعتبر هذا جهد وتعب لا يقوى عليه معظم الناقدين والحاسدين، والعاطلين.
فإما أن تواصل طريقك يا دكتور زرآي وتنتج وتتقدم أو تتراجع وتتوقف استجابة لهذه الانتقادات العاطلة وهو مرادهم.
وكتبه/ محمد ادريس قنادلا