قال تعالى{ مِنۡ أَجۡلِ ذَ ٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَیۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰا وَمَنۡ أَحۡیَاهَا فَكَأَنَّمَاۤ أَحۡیَا ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۚ }المائدة 32]م
شهد كانتون سلوتورن بسويسرا جريمة قتل بشعة قام فيها شاب إرتري مسيحي بنحر شاب إرتري مسلم من الوريد وكلاهما أصدقاء، وتعود تفاصيل الحادث إلى أن المغدور به حسين محمد عبد الله واثنين من الشباب كانوا جالسين وجاء القاتل وطلب منهما شيئا فأعطوه، ثم طلب ثانيا فأعطوه، ثم قام الشخص الثالث وانصرف، على إثرها قام الجاني بتسديد عدة طعنات لحسين عبدالله محمد عبد الله، ولما حاول الشباب منعه هددهم بالسكين فهربوا، ثم عاد إليه مرة أخرى وسدد إليه عدة طعنات ونحره.
وصلت الشرطة خلال دقيقتين من الحادث وقبضت على الجاني وأدخلته الحبس ونقلت جثمان المرحوم إلى كانتون بازل لعدم وجود ثلاجة حفظ الجثث بمدينة سكن المرحوم.
حسب قوانين البلد يدفن الميت في موقع سكنه دون دفع رسوم الدفن في المقبرة سواء كانت مقبرة خاصة بالمسلمين أو مقبرة عامة مختلطة، ولذا كان التحدي الأصعب أمام الجالية الإرترية أن يرجع الجثمان من كانتون بازل إلى كانتون سلوتورن ليدفن في منطقة سكنه مجانا من غير دفع رسوم للدفن، لكن هناك لا توجد مقابر خاصة للمسلمين، بل مقبرة مختلطة فيها موتى مسلمون مع موتى من ديانات أخرى يسمح فيها للمسلمين فقط بتوجيه القبر إلى القبلة ، ولذا بذلت الجالية الإرترية في مدينة بازل والكانتونات الأخرى جهدا كبيرا في البحث عن مقبرة للمسلمين و توفير مبلغ إيجار القبر وبعد حوار وتواصل سمح لهم بدفنه في كانتون بازل ودفن هناك في مقبرة قد اشتراها الملك فيصل بن العزيز – رحمه الله – وجعلها وقفا لأموات المسلمين إلا أن الدفن فيها من غير سكان البلدة يشترط فيه دفع إيجار قدره 5500 فرنكا ولمدة عشرين سنة فقط، بعدها تعود الأرض إلى مالكها ويتصرف في ملكه كيف شاء ولا حق للجثمان ولا لذويه المطالبة بإقامة دائمة .!
وهذه واحدة من المشكلات التي تنتظر موتى المسلمين في كثير من بلاد الهجرة إلى الغرب..
الميلاد والوفاة:
ولد حسين عبد الله عام 1990م في ارتريا ومات في سويسرا بتاريخ ، 01.08.2023 في الساعة 23:48 ليلا، ودفن في مقابر المسلمين بكانتون بازل المدينة يوم الجمعة24 محرم 1445ه الموافق 11.08.2023م،في مقبرة Friedhof am hörnli,
hörnliallee70,4125 Riehen Basel
وقد عمل حسين في الجيش الارتري تسع سنوات قبل الهروب من الخدمة العسكرية الأبدية.
أسباب الحادث:
الحادث ليس له علاقة بدوافع سياسية أو قبلية، أو دينية، حسب إفادات بعض الشباب الذين يعرفون الجاني والمجني عليه عن قرب، وتعود أسباب الخلاف إلى خلافات شخصية بين الإثنين .
تصاعد الغضب عند أحدهما فلم يجد حلا غير الانتقام من خصمه بصورة شديدة البشاعة.
موقف مشرف:
موقف الجالية الإرترية بسويسرا كان موقفا مشرفا من بداية الحادث وحتى الدفن واستقبال الضيوف وحسن الضيافة، ومتابعة باقي إجراءات الحادث مع المحامي المكلف بمتابعة الإجراءات مع الجهات العدلية. الأمر الذي يدل على ترابطهم ومسارعتهم على فعل المعروف ..وهذه نتيجة إيجابية للعمل المنظم .
موقف نبيل من سلطة الكانتون:
قامت سلطات الكانتون بتكليف محامي دفاع للمرحوم، وتكاليف الترجمة إلى العربية لوالد المرحوم عبد الله محمد عبد الله لشرح ما يلزم من إجراءات لمتابعة القضية.
شكرا إخوتنا المسيحيون :
حضر الدفن مسيحيون إرترييون أولاد وبنات تعاطفوا مع إخوانهم المسلمين ، وشاركوا في الدفن والتعزية وتقبل المسلمون منهم ذلك برضى من غير أي حساسية أو إساءة لهم متمثلين قول الله تعالى { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ} [فاطر: 18]
موقف سلبي :
لم تذكر القصة أن أصحاب المجنى عليه ومن كان مع الطرفين وقت الحادثة لم يظهر أنهم قاموا بمحاولة حجز الجاني عن الجريمة وهذا خلق غير مألوف في ارتريا وغير نبيل إذ كان من المنتظر السيطرة على الجاني خاصة ان أداة الجريمة ليست رصاصا ..
حلول ومقترحات:
1/ هذه الأحداث متكررة مع تفاوت في حجم الضرر والقاسم المشترك بينها هو اختراق هوامش الأمان في العلاقات والتعارف، لذلك لا بد للشباب من الاتزان ومراعاة الحدود الشرعية والقانونية وأن نضع حداً فاصلًا بيننا وبين أي إنسان آخر في علاقتنا معه.
2/ الموت حق ومهما تجاهل الإنسان أمر الموت، فالموت لا مفر منه، وهناك منظمات إسلامية تعمل في التأمين على الأموات باشتراك سنوي زهيد، تشمل إجراءات الدفن المحلي ، أو الترحيل إلى بلد المنشأ، ينبغي التواصل مع هذه المنظمات والتسجيل فيها.
3/ إنشاء صندوق خيري للجالية الإرترية عامة في سويسرا خاص بشراء القبور في حالة عدم وجود مقبرة للمسلمين في بلدة ما.
4. على الشباب المسلم في دول المهجر أن يلتزموا بالتحصين الشرعي حذرا من مثل هذه النهايات المأساوية والمراد بالتحصين اللجوء إلى تزكية النفس بأداء الفرائض الشرعية والتزود من السنن النافلة والتزام الأذكار المشروعة وتجنب رفقة السوء وعليهم مصاحبة الصالحين ..
ونسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة..
ونتوجه لأسرة الفقيد بخالص العزاء والمواساة، وأسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم والديه وأهله وذويه الصبر والسلوان، عظم الله اجركم وجبر كسرهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.