مع والي البحر اﻷحمر اللواء حافظ التاج حول أحداث بورتسودان: حوّلـنا المعتقلـين إلى دارفور لضيق السجون
نشرت صحيفة الانتباهة السودانية في عددها اليوم الاثنين مقابلة مع والي ولاية البحر الأحمر الجديد ووكالة زاجل الأرترية للأنباء ” زينا ” تعيد نشر تلك المقابلة لأنها متفائلة بحسم ملف الفتنة بين البني عامر والنوبة ..وقى الله البلاد شر الفتن ما ظهر منها وما بطن
حاوره: مرتضى كرار- صديق رمضان ) 2 سبتمبر 2019م – صحيفة الانتباهة السودانية )
أعلن والي ولاية البحر الأحمر، اللواء حافظ التاج، إخضاع أفراد من القوات النظامية للمحاسبة عقب مشاركتهم في النزاع الأهلي الأخير، وشدد على أنه سلوك مرفوض كلياً وأنه يفترض أن يكون ولاء الفرد للمؤسسة وليس لمجموعة قبلية، قاطعاً بعودة الحياة ببورتسودان إلى طبيعتها عقب استتباب الأمن، وفي المساحة التالية نستعرض إفاداته على أسئلة (الانتباهة):
* في البدء كيف كان إحساسك وقد تم تكليفك والياً للبحر اﻷحمر في ظل ظروف معقدة؟
– شعرت بعظم المسؤولية لأنه كما أشرتما أن التكليف جاء في ظل ظروف استثنائية ومعقدة، ولكن منذ ان تم ابلاغي باختياري عكفت على قراءة ملف الولاية جيداً الى ان تم تكليفي رسمياً ونسأل الله ان نتمكن من تقديم ما يفيد البلاد والعباد.
* كيف وجدت الولاية بعد وصولك؟
– بحمد الله وجدنا مجتمعها كما توقعنا متعافي ومتجانس ومتماسك ونسأل الله ان يكون ما حدث من صراع محدود مجرد سحابة صيف وانقشعت.
* ماهي الاستراتيجية التي انتهجتها في التعامل مع ملف النزاع بين النوبة والبني عامر؟
– بعد وصولنا بورتسودان انخرطت في جمع أكبر قدر من المعلومات عن وﻻية البحر اﻷحمر بصورة عامة وعن مكوناتها على وجه الخصوص، وبحثت عن جذور الصراع الدائر بين مجموعتين موجودة في أحياء وتعيش متجاورة، وبفضل الله انهالت علينا كثير من النصائح من بعض الزملاء الذين عملوا ببورتسودان كسياسيين وعسكريين، وهنا اشير الى ان رؤية المجلس السيادي كانت واضحة عند تكليفي وهي إرساء دعائم اﻷمن والسلام والاستقرار في المنطقة ووقف الاقتتال والفصل بين المجموعتين باﻹضافة الى فرض هيبة الدولة ومن ثم الجلوس والوصول لمصالحة مستديمة ﻻ نكوص عنها إن شاء الله .
* القوات النظامية اكتفت بالفصل بين المجموعتين في بداية الصراع ولكن بعد تكليفك حدث تغيير في نهجها؟
– تغيير منهج التعامل فرضته خطورة الاوضاع والخوف من تطور الصراع بوتيرة متسارعة ،كما ان الهواجس من ان يطال بعض المناطق الجغرافية اﻷخرى في أحياء مدينة بورتسودان كانت حاضرة بل حتى خطورة ان يطال النزاع مدناً اخرى بالشرق كانت حاضرة لذا كان لابد من تغيير منهج القوات حتى تتمكن من وضع حد للنزاع، ومن هذا المنطلق كان ﻻ بد من التصرف بقوة وحسم حتى تقف هذه العملية عند حدها وبالتالي يستتب اﻷمن .
* ولماذا تم إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال في بورتسودان؟
– قانون الطوارئ ساري المفعول وقد تم تجديد هذا القانون لمدة ثلاثة شهور في كل وﻻيات السودان من قبل المجلس العسكري، والقرار الذي اصدرته عبارة عن أمر الطوارئ اﻷول الذي كان بمثابة حق للوالي لمدة ثلاثة شهور قابلة للتجديد لثلاثة شهور أخرى، والقانون الثاني كان عبارة عن تكييف لحال المدينة.
* ماذا تعني تكييف لحال المدينة؟
– بمعنى آخر حظر ومنع كل اﻷشياء التي تساعد وتسهم في تصاعد الصراع خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي والنشر بصورة سلبية، وكذلك حظر ومنع حمل السلاح اﻷبيض واﻷسلحة اﻷخرى وكل العوامل التي ساعدت في توسع وانتشار الصراع او تفاقمه بوتيرة سريعة وكذلك حظرنا استخدام الدراجات البخارية والسيارات التي لا تحمل لوحات .
* وماذا عن القانون الثاني؟
– القانون الثاني عبارة عن وصفة للحد من الصراع او حصره في إطاره الضيق ومن ثم الانطلاق لخطوات أخرى تعيد المجموعتين أو المدينة الى ما كانت عليه في السابق.
* البعض يتحدث عن انحياز أفراد في الجيش لأطراف النزاع؟
– الامر لم يكن كبيراً بل محدوداً ولكن هذا لا يعني تأييدنا له لجهة انه سلوك مرفوض كلياً وغير مقبول في الجيش لانه قوات نظامية قومية وكذلك الشرطة ويفترض ان يكون الفرد فيهما منتمياً للمؤسسة اوﻻً وأخيراً وليس لمجموعة قبلية.
* وهل تم إخضاع النظاميين الذين تفلتوا للمحاسبة؟
– بكل تأكيد.. وهنا اشير الى ان المشاركة كانت محدودة وتم حسمها في وقتها وبدأت المحاكمات العسكرية التي طالت كل من تغيب عن العمل بغض النظر عن انه شارك أو لم يشارك، حيث تقرر ان تتم محاسبته وذلك بتنسيق تام من اللجنة اﻷمنية، ونؤكد ان القوات النظامية وﻻؤها للوطن والمؤسسة.
* اﻷحداث اﻷخيرة أدت لتأجيل فتح المدارس فهل ستفتح في وقتها؟
– ما خططنا له نلتمس ونستشف أنه يمضي بخطى ثابتة وحثيثة وبعد ان استمعنا لكافة الاطراف فقد تغير الواقع في المدينة كثيراً بعد ان تمكنت الدولة من فرض هيبتها وهذا يعني ان الاوضاع عادت الى نصابها والدليل على ذلك رفعنا زمن بداية حظر التجوال الى العاشرة مساءً وتدريجياً سنرفعه حتى تعود الحياة لطبيعتها، وبالاضافة الى ذلك سخرنا قواتنا للعمل في المدينة مع قطاعات المجتمع اﻷخرى في إزالة اﻷنقاض باﻷحياء المتأثرة حتى يعود المواطنون لمنازلهم وأتوقع خلال أسبوع أن تعود الحياة الى طبيعتها وبالتالي ﻻ يوجد مانع في أن تستأنف المدارس الدراسة في وقتها لأن اﻷسباب الأمنية قد بدأت في الانتفاء والمجهودات التي بُذلت من قطاعات المجتمع المختلفة ساعدت في إرساء اﻷمن.
* تم اعتقال عدد كبير من الشباب، البعض يؤكد أن بينهم أبرياء ومنهم شاب جاء من الإمارات قبل أيام للعزاء في أحد أقاربه؟
– عندما جلسنا للإدارات اﻷهلية وحكماء المدينة قلنا لهم الذين لا تستطيعون السيطرة عليهم من اﻷفضل ان نتدخل وفق القانون ونضع يدينا عليهم لان ذلك بمثابة إطفاء للشرارة اﻷولى، في اليوم اﻷول بدأت عملية التمشيط وكانت القوات مشتركة من الاستخبارات واﻷمن والشرطة والدعم السريع في كل مجموعة معها وكيل نيابة وتم تنبيه الناس بمكبرات الصوت بأن مظاهر حمل السلاح اﻷبيض مرفوضة وكذلك التجمهر وبعدها دخلت القوات وكل من خالف اﻷمر تم توقيفه.
* ولماذا تم ترحيلهم إلى سجون بدارفور؟
– نسبة لضيق المواعين وعوامل كثيرة رأينا ان يتم التحفظ عليهم في مناطق أخرى حتى تهدأ النفوس والتحفظ ليس مرتبطاً بفترة زمنية محددة بل حسب التقديرات اﻷمنية.
* كيف تعاملتم مع لجنة الحكماء؟
– هي مجموعة محايدة تصم قيادات ذات خبرة وحكمة تحمل هم البلد وقد بذل أفرادها جهداً كبيراً نشكرهم عليه، فمنذ البداية وضعونا في الصورة بكل حيادية وبالتالي استطعنا ان ننفرد بكل مجموعة من مجموعات الصراع وإلادارات الأهلية وعقلاء القبيلتين الذين كان حديثهم واضحاً حول جذور المشكلة ورجعنا للتاريخ البعيد وبالتالي اعطتنا خلفية كاملة وأشركناهم في الحل وسمعنا مقترحاتهم، واتفقوا على ضرورة توقف الاقتتال حتى لا يتوسع.
* القبيلتان وافقتا على حسم كل مظاهر التفلت؟
– ليس ذلك وحسب بل اعلنت ادارتهما الاهلية التبرؤ من كل متمرد على توجيهاتهما وعلى القانون وهذا تفويض منهم اعتبره قد اسهم في تحرك القوات بجدية، واكد على ان القبيلتين تبحثان عن الاستقرار والتعايش السلمي.
* دخل الأئمة والدعاة على الخط؟
– نعم فقد جلسنا اليهم فقد كنا اكثر حرصاً على اشراكهم وبالفعل كان لهم اسهام كبير من خلال المنابر في الدعوة للتسامح والتصافي وايقاف الاقتتال، وكانت مبادرتهم جميلة واشركناهم في الهم وخطب الجمعة كانت نتاجاً لذلك ودعوة لنبذ العنصرية، وكذلك التقينا الإعلاميين الذين تقدموا بمبادرة لوقف الصراع وحقن الدماء وسجلوا موقفاً مشرفاً عبّروا من خلاله على ضرورة إرساء دعائم القانون وفرض هيبة الدولة إضافة لنبذ العنصرية وكانت إضافة للمبادرات اﻷخرى.
* التقيتم وفد الحرية والتغيير؟
– نعم التقينا بوفد قوى الحرية والتغيير قبل عودته الى الخرطوم واطلعنا اعضاءه على الجهود التي بذلت وتناقشنا في كثير من اﻷمور وكانت زيارتهم إضافة حقيقية للجهود فلهم التقدير، وفي ذات الاطار التقينا بالشباب واتفقنا على توظيف طاقاتهم وتفجيرها ﻹعادة بورتسودان لصورتها الجميلة.
* أكدت عدم تدخل جهات خارجية وعضو المجلس السيادي الكباشي قال بخلاف ذلك؟
–المشكلة الاخيرة متجذرة منذ الثمانينات من القرن الماضي وربما كانت وقتها بسيطة لكن قد تتطور لأسباب وعوامل استجدت في المدينة وتصريحي استند على المعلومات التي اطلعت عليها وعقب استماعي لكل شرائح المجتمع التي اكدت انها مشكلة محدودة بين طرفين.
* ماذا عن رؤيتكم المستقبلية لعدم تجدد الأحداث؟
– سنصل لصلح مستدام عبر تضافر كل الجهود وهمنا وقف الاقتتال وفرض هيبة الدولة وحالياً يوجد جهد مشترك من اللجنة اﻷمنية ولجنة الحكماء وكذلك الكثير من المبادرات الشبابية والرياضية والاجتماعية ونثق تماماً في ان بورتسودان قادرة على طي هذه الصفحة بما تمتلكه من مقومات بشرية ظلت تتمسك بالتعايش السلمي.
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم