هل من الممكن أن تكون أرتريا مثل سويسرا
عشرون ألف أرتري تطردهم مدافع بلادهم وتحميهم مدافع سويسرا
إذا قارنت بين سويسرا التي هاجر إليها الأرتريون وبين أرتريا التي هاجروا منها تجد أن الدين في أرتريا متنوع مثل الدين في سويسرا والتاريخ في أرتريا دموي مثل التاريخ في سويسرا وأن المساحة في أرتريا أكبر ، والثروة الحيوانية أكثر ، والساحل الساحر يزيد عن ألف كلم والشواطئ والجزر هبة ربانية جاذبة ولا بحر في سويسرا والزراعة والغطاء النباتي والمياه كاف ٍشافٍ بل يفيض إلى البحر وإلى الجيران .. وحدث عن الكنوز في أرتريا ولا حرج ، وعدد السكان في أرتريا لا يزيد عن خمسة ملايين وفي سويسرا يقترب من تسعة ملايين في مساحة هي الثلث من مساحة أرتريا تقريباً ، وزيارة الخيرات مع قلة السكان يساوي الرفاهية فلماذا الشقاء في ارتريا والسعادة في سويسرا.
من بركات الهجرة أنها تتيح المجال للمقارنات بين وطن يسكن فيك ووطن تسكن فيه
الأول تركته مجبرًا كارهاً والآخر تقيم فيه مختارًا راضيًا ومن هنا حسنت المقارنة بين أرتريا وسويسرا.
تابعت في ” زينا ” مشاهد فيديو سياحية خلابة أعدها ووثقها الأستاذ محمد إدريس قنادلا عضو فريق وكالة زاجل الأرترية للأنباء عن سويسرا جمعت في إيجابية مطلقة بين الإنسان والأرض والحاضر والحياة السعيدة هناك معرضةً عن إرث الماضي الثقيل في تلك الدولة الآمنة الغنية في حاضرها وقد تجاوزت بتراضي تاريخها الدموي الشقي بين أتباع ديانتين مسيحيتين فيها ..
” سويسرا ” وطن في واقع سعيد سبقته حرب طاحنة بين ديانتين مسيحيتين مختلفتين: الكاثوليك والبروتستانت فبعد دماء مراقة بين الطرفين استمرت 30 عاماً تم الاتفاق على صيغة التعايش الحالية.
ما ينشر عن أرض الهجرة بقلم مهاجر مأخوذ بالخيرات الجديدة فسويسرا من أغنى دول العالم وأكثرها أمنًا وعملا ومتانة منتجات صناعية ولهذا ربما قصدها ما يزيد عن 20 ألف مهاجر أرتري يقيمون فيها فهم جزء من مواطنيها .
لكن نشوة الإعجاب ولذة المتعة والمواطنة السعيدة لا تصرف القلب عن الوطن السليب أرتريا
فما عندك في بلد الهجرة من جبال وسماء وماء وأمن ورزق شيء لا يشبع العشق الذي يسكن القلب لأرتريا فهل بإمكان أن تنتظر أرتريا حياة سعيدة تتعايش فيها الديانات المتباينة والأقاليم والقوميات والأعراف المتعددة ليكون ذلك التباين عوامل ثراء لا معاول هدم .وهل لنا ان نعرف كيف أن النظام الأرتري جعل من عناصر التكامل هذه مبررًا لتخويف البعض من البعض الآخر وزرع الفتن والعداوة في كل فئة ضد الفئة الأخرى وحشد الشعب ضد تراثه الأثير وعمل على تمكين هذا الطرف مقابل تهجير ذاك الطرف من المواطنين الأمر الذي من شأنه أن يحكم العداوة بين الطرفين فهل من الممكن أن تحرر أرتريا من الإرث الثقيل كما تحررت سويسرا .؟
من حق كل مواطن أرتري أن يتمنى حالة العافية القادمة بناء على ما يعرف من تجارب الشعوب التي مرت بمثل تجاربه وتتشكل بمثل صورته من تنوع إيجابي يعمل على تنمية الوطن من أجل توفير العيش الكريم في دولة العدل والقانون والحرية .
القلب العاشق لأرتريا :
ودون التقليل من فضل أرض الهجرة وسكانها نؤكد أنه لن تكون البديل الذي يمحو من القلوب عشق أرتريا إلى درجة الهُيام .
وعند الموازنة بين وطن ووطن مع المشاعر الجياشة ، لك الحق أن ترى أن في غابتك أجمل غزال ، وأبهى منظر .
وترى الجمال والجلال في كل شيء في أرضك
مميزات أرتريا :
والمنطق والعقل يقرب لك المسافة بين العاطفة ولحقيقة لتجد أنك تمتلك :
الأرض المميزة ، والإنسان الهميم ، والدين المتعايش، والأخلاق النبيلة والعرف الصارم الذي يعطي كل ذي حق حقه ويوقف كل معتد في حده .
هذه هي العناصر التي تتآلف لتجعل من أرتريا البلد الساحر الغني الهانئ
فالأرض هي البحر الذي يزيد عن 1000 كلم على امتداد البحر الأحمر تمتلك خصوصيتها أرتريا إلى جانب أرخبيل من جزر أنيقة دون شريك منازع وهذه خصوصية من شأنها تحقيق الرفاهية لهذا المواطن.
وهذا معناه أن في الوطن الغِنَى الوفيرَ ، والاقتصادَ المتطورَ والكنوزَ الواعدة .
وهي عوامل من شأنها أن تنجذب إليها شركات الاستثمار العالمية والمحلية سياحة وصيدًا وتجارة وصناعة ونشاطاً اقتصادياً نامياً لا يتثاءب
والأرض هي الهضاب الخضراء في المرتفعات ( 1800 – 3000 متر فوق مستوى البحر ) التي لا تفارقها السحابُ والأمطارُ والغطاءَ النباتي على مدار العام.. وهي مواقع جذابة آخاذة قادرة على إسعاد مواطنيها وصناعة سحر السياحة فيها.
والأرض هي السهول الغربية والشرقية حيث الزراعة والرعي فهي مساحات انتاج الثروة الحيوانية – (تمتلك أرتريا حوالي 10 ملايين رأس من الأبقار والجمال والأغنام. ) والنباتية والزراعية = ( تمتلك أرتريا أراضي زراعية تصل:
565،000 هكتار – 1،396،000 فدان)- فمن شأنها أن تمد المواطن برخاء المعيشة إلى درجة التصدير إلى الآخرين ويتحرر من أسر المعيشة بتهريب القوت إلى الوطن من دول الجوار.
وإنسان أرتريا لم يعرف عنه أنه كسول عن العمل، أو نافر عن التعاون، أو مارق عن القانون،
بل من سيرته العطرة أنه منتج كادح، يكره العطالة والبطالة ، يكره مساوئ الأخلاق في كسب المعيشة.ويحترم القانون العادل والعرف النبيل والدين يعزز قيم الوفاء والالتزام والتعاون .
الدين هو العنصر الأساس الذي يجعل مواطني أرتريا يعيشون باحترام متبادل ولم يكن عامل فرقة في حال السلم والوفاء بالعهود والاتفاق على أن السلام يحميه الجميع وفيه مصلحة الجميع وبتعايشهم يحقق الرفاهية للجميع.
وفي تاريخ هذا البلد تجد اسراً بعضها مسلمون وبعضهم مسيحيون تتواصل في المعروف
وهذه قرى متجاورات متعايشة لا يضرك بأي بقعة منها حللت ، ورعيت ، وزرعت ، وأقمت.
ويوجد في الأرض بكل أطرافها مواطن للمعادن الواعدة بعضها تم اكتشافه، وبدأ الانتاج، وبعضها مخزون استراتيجي منتظر من شأنه أن يسعد الأجيال اللاحقة.
هذه ا لأرض الطيبة والإنسان الطيب والأخلاق الطيبة والدين المتعايش هي عوامل من شأنها إيجاد وطن الرفاهية والرخاء المعيشي .
صور قاتمة في أرتريا :
لكن ما الذي جعل هذه الأرض هاملة ، وهذا الإنسان طريداً ، وهذا الدين عاجزاً ، وهذا العرف متنافراً.
إنه ا لسلطان الجائر إلى جانب جهالة متراكمة تسوق الجميع إلى سوء التعامل مع التنمية ومع الاخلاق والدين والتاريخ ..
فوجود السلطان الجائر يصنع القبائح الأليمة ، يريد أن يبارك الشعب طغيانه إجبارًا
فهو يجبرك على ترك العمل
وترك السعادة
وترك الوطن
وترك التنمية
ويطلب منك أن تتغنى بأمجاده
ويريدك أن تحرم من الاستمتاع بالولد ، والأهل، والمال ، والأرض، والماء ، والهواء .
ويطلب منك أن تتغنى بأمجاده ، وتؤلف القصائد والأغاني الجميلة في مديحه.
يرمى بك من حرب إلى حرب ومن عذاب إلى عذاب
ويطلب منك أن تمدح تلك الحرب على بشاعتها .
ويبتكر من الوسائل الضارة ما لا يحصى
ويطلب أن تتغنى بأمجاده
يريدك ان توافقه في تزويره للتاريخ والجغرافية والسياسة
ثم تتغنى بأمجاده.
والحقيقة التي لا شك فيها في أرتريا أن :
الإنسان مهجر
والغطاء النباتي مهمل
والبحر بيع على قوم آخرين ، وأصبح ميدان الصراعات الدولية .
والزراعة محتكرة
ومثل ذلك التجارة والصيد الصناعة ووسائل الانتاج الأخرى
لينتهي السلوك المشين إلى فقر الحاكم والمحكوم
فيضطر الجميع لممارسة التهريب : تهريب كل شيء إلى أرتريا أو من أرتريا
إنها المعيشة الجبارة تصنع في الناس الأخلاق السيئة
مقارنات بين سويسرا وأرتريا :
وللقلم المهاجر الحق في المقارنة وبضدها تتميز الأشياء.
- يحمي الخضرة القانون الذي يحترمه الحكومة والشعب في سويسرا
وهما من صنع القانون بالتوافق تحقيقا للمصلحة العامة .
وفي ارتريا تعليمات السلطان الجائر هي القانون وسوطه وتعذيبه وغراماته وينظر إليه المواطن من هذه الزاوية فلا يأخذ من قلبه مكانا ولا مكانة فلا يجد حرجا في تجاوزه وعدم الإذعان له .
- هذه الخضرة التي تغطي الأرض وتصنع الجمال الساحر من صنع هذا الإنسان السويسري. وفي ارتريا لا تأخذ الطبيعة العناية نفسها لتنمو حرة طليقة مرعية لأن الراعي والرعية متنافران .
مشهد من الطبيعة في سويسرا – زينا - الأرض للمواطن لا ينزعها أحد في سويسرا يمتلك ذاتها و منتجاتها ، وتنميها همته العالية وتفانيه وهي من كد يديه وعرق جبينه والقانون يحمي المواطن ويحمى الارض من أذى المواطن ويبارك جهده الإيجابي ويحفزه.
وفي ارتريا لا يملك المواطن أرضا فالحكومة تعطي وتمنع وتنزع متى شاءت وكيف شاءت فيحدث النفرة بين الظالم والمظلوم
- المواطن في سويسرا يحترم ويطبق القانون فإن قطع شجرة لا يقطعها إلا بعد أن غرس في مكانها بنتها ليستمر العطاء والنوع بخلاف أرتريا فإن المواطن يسرق من السلطان الجائر فيقطع متى شاء وكيف شاء ويدمر الغطاء النباتي والمواطن والسلطان بين طارد ومطرود وكلاهما يصنع الخراب .
- البهائم في سويسرا – تمتلك سويسرا أكثر من 700 ألف بقرة – تعيش في محميات خضراء ليست محتاجة
الأبقار في سويسرا لا تزيد عن 700 ألف رأس وفي أرتريا تزيد الماشية عن عشرة ملايين رأس أي ضعف عدد السكان إلى الاعتداء لتعيش وتوجد أسلاك مزودة بقدر من الكهرباء يوقف البقر عند حدها دون أن تضرر . والماء وفير والعلف وفير لتكون النتيجة الانتاج الوفير من اللحوم والألبان .إلى درجة أن 50% من احتياجات الوطن تصنع محليا ًوهي تضاف إلى منتجات صناعية وتجارية منافسة عالميا ومميزة تصنع في سويسرا
وفي أرتريا يطارد السلطان البهائم من مراعيها التي انتزعها قسرا ليجعل منها محميات السلطان .ومن قبائح صنيعه ان تصادر البهائم أو يغرم ملاكها إن هي نفشت في المحميات المنزوعة ولهذا يهاجر كثير من الرعاة بماشيتهم إلى دول الجوار لتباع أو لتعيش على الرغم من أن السلطان يلاحق هجرة الماشية الأرترية .
- الحيوانات المفترسة لها مواقعها ترعى فيها لا تعتدي على السكان ولا السكان يعتدون عليها إذ لكل من الطرفين رزق وفير بخلاف أرتريا فإن السلطان الجائر جلب حيوانات مفترسة فزرعها في مراعي ومساكن المواطنين وحماها وأذن لها بالاعتداء دون أن يأذن للمواطن بالدفاع عن نفسه من اعتداءاتها المتكررة
- وفي سويسرا فإن غرس النبات يكون بعلم المواطنين ولا ينبت بصفة عشوائية ، يعرفون النبات الضار فلا يسمح له بالنمو بل يقتلعه المواطنون وهو صغير وعملهم يشبه قيمة ” إماطة الأذى عن الطريق” ولتبقى الارض للنبات الإيجابي صديق البيئة وصديق الإنسان والحيوان بخلاف أرتريا فإن السلطان لا يقوم بإرشاد المواطن ولهذا أتيحت الفرصة لشجرة المسكيت وأخواتها الضارات لتبسط الهيمنة التامة على كثير من المساحات على امتداد الوطن حتى الشواطئ الرملية وهي تزحف وتنمو مقابل تدميرها الأشجار النافعة .وقد أصبح الامر فوق الطاقة الآن .
- السلطان في سويسرا يحمى الأشياء من أذى الأشياء الأخرى
حتى الصواعق في الجبال يتصدى له السلطان بمدافع منصوبة فوق هامات الجبال تمتص منها الطاقة الكهربائية فتحولها
إلى شيء إيجابي وتصرف خطرها عن أذى المواطنين وفي أرتريا المدافع تلاحق المواطنين بالخدمة الإلزامية والحرب الجائرة العابثة
- كل حي في سويسرا مطلوب منه أن يعيش بما كسبت يداه دون إيذاء الآخرين
ولهذا يمنعك القانون ان تقدم للحيوانات هدايا حتى لا تتعود على الاخلاق الخمولة
وفي أرتريا وفي ظل سلطانها الحالي يبحث كل طرف معيشته في حرب الطرف الآخر
- في سويسرا أربع ثقافات متعايشة : الألمانية الفرنسية، الإيطالية والرومانشية – لغة لاتينية قديمة حاضرة في مناطق – وتضم 26 إقليمًا يجمعها الولاء للوطن الواحد والتعاون واحترام القانون وتحدها أربع دول تشترك مع بعض سكانها في خصوصيات النسب والدين واللغة والثقافة والمصالح.
والسكان بما فيهم المهاجرون الأجانب أقل من تسعة ملايين نسمة .يعيشون في نظام فيدرالي تحت مسمى ( الاتحاد السويسري ) للشعب السيادة فيه بما فيهم الأقليات ولا أحد يحس بالدونية فكلهم أمام القانون سواء وفي أرتريا لا يتجاوز الشعب خمسة ملايين نصفهم تقريبا مهاجرون في دول الشتات والقوميات تسع والأقاليم ستة ومع ذلك يحكم النظام البلاد بفرض لغة واحدة وحزب واحد وديانة واحدة دون مراعاة لحقوق الآخرين ولا اختيار للشعب ان يختار سلطانه ولا أن يفكر في ممارسة حريته إقامة وسفرًا وعملاً وإنتاجاً وأخلاقا وتربية لأن السلطان يريد أن يكون كل شيء في قبضته .كما أنه شكل ازعاجاً مستمراً لمواطنيه ولخمس دول تجاور أرتريا
السطر الختامي :
سويسرا التي يقصدها الأرتريون – مثل غيرهم – مهاجرين إليها لا يتوفر فيها ما يتوفر في ارتريا من عوامل الرخاء والسعادة والمعيشة الهانئة فخمسة ملايين هم سكان أرتريا مقابل ما قد يصل إلى تسعة ملايين سويسري . ومساحة أرتريا أكثر من 117 كم مربع فهي أكثر من مساحة سويسرا بثلاث مرات تقريبًا ولا بحر لسويسرا ولا مواني .. ومع ذلك فهي من أكثر دول العالم أمنا وغنى وصناعة وتصدير المنتجات وتصدير القيم في الحكم الرشيد .. لكن من يفهم السلطان الجائر في أرتريا أن سياسة الكبت الدائم لا توفر الحياة الكريمة وإن قلوب الفراعنة تصحو عند الغرق لتدرك أنها كانت في طريقها إلى الهاوية منذ أمد بعيد لكنها صحوة بعد فوات الأوان.
مقارنة بين أرتريا وسويسرا
0%
هل من الممكن أن تكون أرتريا مثل سويسرا آمنا ورخاء وتقدما
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم