وأبحرت سفينة التحرر … بقلم اليمامة الأرترية – جدة
لم تخل السفينة يومًا من الركاب الساعين نحو التحرر ولكنها كانت تفشل في الإبحار دائمًا والانطلاق نحو الهدف الصحيح ، فتارة يختلف الركاب فيما بينهم في اختيار القبطان المناسب من بين طاقم السفينة فكل مجموعة تريده أن يكون منها وليس مهما كفاءته وقدرته !!
ويحتدم الخلاف مما يؤدي أن يدب اليأس إلى البعض فيقرر مغادرة السفينة ويبلغ اليأس مداه من البعض فيلقي بنفسه في المحيط لعله يصل قبلهم إلى بر الأمان … وأحيانًا أخرى يكون الخلاف بين طاقم السفينة أنفسهم : من منهم ينصب قبطانا ؟!!
وتشتد الخصومة بينهم فيقرر البعض منهم أن يأخذ قارب النجاة ومن يوافقه الرأي من الركاب بعد تحريض بعضهم على بعض فيغادرون السفينة بقواربهم الصغيرة علهم يصلون الى البر قبل الآخرين !
وتفرغ السفينة من ركابها إلا قليلا من الصامدين لينضم اليهم ركاب جدد ….. وتتكرر نفس الأحداث ، لتبقى السفينة تراوح مكانها ونادرا ما تبحر قليلا بقيادة قبطان عاصر الأحداث السابقة ولكنه يفشل في أول عاصفة تضرب السفينة .
ومرت الأيام والسنون حتى صعد على ظهر السفينة ركاب جدد قادمين من الضفة الأخرى _حيث وجهة السفينة _ولدوا ونشأوا بها واضطروا لتركها مثل غيرهم ولكن ثيابهم لم تجف بعد وشاهدوا بأم أعينهم كل الأهوال والصعاب جعلتهم أصلب وأقوى ولا تزال خريطتهم غضة لم تتعرض للتزييف ، فما أن صعدوا ظهر السفينة حتى بدؤا في رص صفوفهم واختاروا طاقم السفينة من بينهم ليظهر قبطانهم بكل مؤهلات القيادة : الرؤية الواضحة ، الحكمة ، الشجاعة ، متحمساً غير متهور ، مقبلاً غير مدبر ، خطيبًا ملهماً لا يلتفت لدعوات التثبيط والتخاذل … فلترفع الأشرعة إذا ولتنطلق السفينة تمخر العباب وتواجه الصعاب على قلب رجل واحد فمن شاء ليلحق ومن شاء فلينتظر في المحطة المقبلة فلا تراجع بعد اليوم ، فركاب السفينة هذه المرة ليسوا كسابقيهم “جيل راكب الراس“
وفي حين يتفرغ القبطان للقيادة على طاقمه حماية ظهره حتى ينجز مهمته فلا مكان للخونة والمندسين . وعلى ركابه النصيحة والمشورة والمحاسبة إن خطأ فلا حصانة مطلقة ولا مجال لصناعة ديكتاتوريات مهما كانت صغيرة بعد اليوم …. وأخيرا أبحرت سفينة التحرر
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم