حوارات
وكالة زاجل الأرترية لأنباء ” زينا ” في حوار مع الناشطة الاجتماعية الأستاذ فاطمة سليمان:
- غادرت أرتريا صغيرة يافعة وشخصيتها تكونت في الغربة ومع ذلك يسكن قلبها أمنية العودة إلى الوطن
- الزواج قسمة ونصيب فافترقت بعد ثلاث سنوات فتحملت تربية بنتها الوحيدة أسماء حتى تزوجت
- الهجرة إلى الدول الغربية وهم علق بأذهان الكثير من الشباب فخير لهم تعليم المهن وتطوير الذات والاتجاه إلى العمل بدل الانتظار لوهم الهجرة ففرص التعليم في مصر كثيرة.
- المرأة الأرترية مظلومة من بعض الرجال فتضطر المرأة أن تنوب عنهم في واجبهم الأسري
أجرى الحوار أ.سعاد دنكلاي
الاستهلال:
السيدة فاطمة سليمان إرترية و ناشطة اجتماعية مهتمة بقضايا المجتمع الإرتري ومشاكله وخاصة قضايا المرأة والتعليم ، تعمل جاهدة لمساعدة بنات جنسها في تمكينهن ورفع مستوى الوعي لديهن ، حصلت على الكثير من الجوائز والشهادات من المنظمات في مجال عملها
السيدة فاطمة سليمان فريدة من نوعها في مجتمعنا الإرتري فهي سيدة في مشارف الستين من عمرها ، تملك روح وهمة الشباب تمارس الرياضة، تعمل وتعيل نفسها ، تسكن في شقة في الطابق الخامس بدون سلالم كهربائية .
استضافتني في منزلها المتواضع وضيفتني بالبيتزا والنسكافه ( وليس الجبنة التقليدية ) الحديث معها شيق لا يمل . مليء بالحكم التي تحفظها وتحاول تطبيقها في حياتها وتشارك بها أحيانا أصدقاءها عبر الفيسبوك ، تردد كثيرًا ( من يعيش لنفسه لا يستحق أن يولد ) وتقول هذه حكمتها في الحياة وتستغرب كثيًرا ممن يعيش لنفسه فقط أو يعيش حياته بلا هدف معين أو قيمة أخلاقية محددة ،
تقرأ الكتب وتؤمن أن على الإنسان أن يتعلم ويستمر في التعلم وتطوير نفسه ومن ثم خدمة مجتمعه . ترددت كثيًرا في قبول دعوتي لإجراء اللقاء معها وقالت السبب في ذلك لأني لا أرى نفسي مثالية ولدي عيوبي ، ولا أحب الظهور أو الشهرة لكنها فرصة في أن أوصل رسالتي عبركم فالمرأة الإرترية عانت كثيرًا من ويلات الحرب واللجوء ولم تلق حظها فتعرضت لاضطهاد مجتمعي وسلب لحقوقها في التعلم والعمل وإبداء الرأي فالمطلوب منها دائماً التضحية من أجل الآخرين سواء كانوا أبناءها أو أخوتها الذكور ففي حالات كثيرة تضطر أن تعمل هي في البيوت من أجل أن يتعلموا هم وقد تتجاوز سن الزواج وهي على ذلك الحال .
السيدة فاطمة سليمان بعد زواج ابنتها تشعر بالوحدة رغم علاقاتها الواسعة و تقول بألم : اكتشفت بعد كل هذا العمر أنني لا أشبه مجتمعي ولا تناسبني طبيعة حياة البعض منهن وفضلت الإنزواء قليلا بنفسي لأني خشيت على نفسي فالمرء مرآة أخيه فانظر من تخالل.
تقضي السيدة فاطمة وقتها في ممارسة هوايتها من أعمال الكروشيه وقراءة الكتب والمشاركة في صفحات الفيسبوك .
لنتعرف عليها أكثر :
ماذا تقول بطاقتك الشخصية :
الاسم : فاطمة سليمان أحمد سليمان
المدينة: اسمرا
الدراسة
-
المرحلة الإعدادية بمدرسة ( أديس ألم )
-
المرحلة الإعدادية secndry school
-
المرحلة الثانوية مدرسة ( اليونسكو للاجئين ) بكسلا_ السودان
حدثينا عن نشأتك .
نشأت في بيئة محافظة و كان والدي من أوائل خريجي الأزهر الشريف من الإرتريين وله حلقات علم في ارتريا ، وكنت أعتبر من المحظوظات القلائل من المسلمات اللاتي أتيحت لهن فرصة التعلم في ذلك الوقت ، فعشت بين بيئتين مختلفتين تماما في نفس الوقت بين جو البيت المحافظ والمدرسة حيث كنا نمنع من لبس الحجاب فنخلعه عند الدخول ونرتديه بعد الخروج .
ما المحطات في طريق الهجرة التي أقمت بها بعد مغادرة أرتريا ؟
بعدما اندلعت الثورة واتسعت رقعتها كان العدو يستهدف الشباب بالسجن والاغتيال بتهمة الانتماء للثورة والثوار وكان الشباب أما يلتحق بالثوار في الميدان أو يخرج الى السودان فكنت ممن خرج الى السودان برفقة بعض الأخوات وقد سبقني بعض أخوتي الى السودان فذهبت اليهم رغم اعتراض والدي على ذلك لأنهم كانوا محافظين جدا لكني أصريت وفعلا التحقت بأختي ، كان ذلك في ١٩٧٧م واكملت فيها مرحلة الثانوية ، في مدرسة اليونسكو للاجئين وكنت هناك أشارك في بعض فعاليات اتحاد الطلاب لجبهة التحرير الإرترية وبعدها سافرت إلى مصر
هل كانت لديك فرص تأهيل ومشاركات سياسية ؟
في بداية الثمانينيات وصلت الى مصر بهدف الهجرة كما كان سائدا وكان عدد الإرتريين قليلاً فأخذت عدة دورات في التمريض لمدة سنة ولغة عربية سنة ايضا لأن دراستي كانت بالامهرية والانجليزية ودرست دبلوم كمبيوتر وصيانة سنة ونصف تقريبا وعملت في مكاتب ( قوات تحرير التنظيم الموحد) كعمل سكرتارية فقط ولم أعمل في المجال السياسي ، وعملت في الجانب الاجتماعي والثقافي في كل من ( اتحاد الطلبة الإرتريين) ، و( اتحاد المرأة الإرترية ) وبحكم معرفتي بالبلد مثلا اشتريت جهاز كمبيوتر يتم تأجيره للطلاب وكان الكمبيوتر حديثا في ذلك الوقت
وكنت أشارك في فعاليات اتحاد المرأة قبل التحرير وبعده ومازالت علاقتي مستمرة معهم في إحياء يوم المرأة العالمي في ٨/ مارس من كل عام .
ماذا عن زواجك وابنائك ؟
تزوجت زواجا تقليديا ، ولم يحدث نصيب فتم الطلاق بعد زواج استمر ثلاث سنوات رزقت منه بابنتي (أسماء ) كنت أقيم في مصر وطليقي في اسمرا . لذلك عانيت كثيرًا في تحمل مسؤولية وتربية ابنتي لوحدي لذلك أقدر معاناة الأمهات ال ( single mother)
-
ماهو دور أسرتك في تكوين شخصيتك ؟
كان والدي أزهري كما ذكرت ولي ستة إخوة من الذكور وأربع من الإناث ، وكان لوالدي فضل تعليمي وخرجت وأنا يافعة صغيرة فتشكلت شخصيتي في الغربة وما حصلت عليه من علم وخبرة هو ما شكل شخصيتي .
هل من حديث عن حقوق المراة الأرترية ؟
المرأة الإرترية ضحت كثيرًا لشيء لا يستحق ، تعلمت من خلال اقامتي في مصر حقوق المرأة وأرفض ممارسات المجتمع الظالمة تجاهها ، كثير من الآباء يتخلون عن مسؤولية أبنائهم بعد الطلاق وأحيانًا يهاجر الأب ويترك كل المسؤولية على الأم ولا يسأل عنهم وتتحمل المرأة وحدها تربيتهم والإنفاق عليهم وتضطر للعمل في البيوت من أجل ذلك ،
ما النصيحة التي تقدمينها للشباب حول الهجرة إلى أوروبا ؟
أصبحت الهجرة الى أوروبا غاية وليست وسيلة ، وأنا أقول من خلال منبركم للإرتريين المقيميين في مصر يا جماعة مصر بحد ذاتها فرصة للتعلم والعمل استفيدوا منها وطوروا أنفسكم ، لا يمكن أن توقف حياتك كلها في انتظار الهجرة الى أوربا ، بعض الأسر للأسف تشتري لأبنائها جوالات و تستصعب أن تدفع لهم في دورات تعليمية ولهذا يبحثون فقط في الدورات المجانية ، لازم نقدر العلم ، ومصر بلد مفتوح فيها كل حاجة . …
وتستمر السيدة فاطمة في حديثها عن حب مصر وشعبها ( مصر حلوه رفهوا عن نفسكم وعيالكم في مثل مصري يقول ( اللي ماعنده جنيه ، يطلع الكبري ، يشم هوا)
لازم نعيش الحياه ونرفه عن نفسنا شوية ، وأنا أصبحت لا أفضل الهجرة لأنه هنا حياتي وشغلي أروح أوربا عشان ايه ؟
متى كانت بداياتك في العمل الطوعي والمجتمعي ؟
بعد التحرير قدمت طلب لجوء للمفوضية السامية للاجئين بغرض تصحيح وضعي في البلاد ومن هنا بدأت علاقتي بالمنظمات الشريكة للمفوضية مثل سانت اندروز ومن هنا كانت بداية لانطلاقي من خلالهم حيث كنت من المؤسسين لبرامج التدريب والتأهيل للاجئين الأفارقة ومن ضمنهم الارتريون .
حتى أن فصل تدريب على الكمبيوتر بدأ بجهازي الخاص ثم أخذت الدورات في التطوير .
وأيضا أسست الجمعية الأفريقية في ٢٠٠٣ تهتم بتمكين المرأة
وتعلمت فن الكروشيه ( مشغولات ومنسوجات يدوية ) وبدأت في ممارسته و تدريسه …. تتوقف السيدة فاطمة هنا كثيراً لتتحدث بإسهاب عن النظر الى العمل كقيمة وليس كعائد مادي فقط فتضيف: درست وأعطيت دورات لجنسيات مختلفة في مجال الكروشيه بل وساعدت سيدات مصريات في تسويق أعمالهن وكنت متحمسة جدا لفعل نفس الشيء مع بنات بلدي ولكن أصبت بخيبة أمل كبيرة حيث أن النساء الإرتريات لا يقدرن العمل الحرفي والأشغال اليدوية الفنية وينظرن إليها بدونية ! وتكمل متعجبة: العمل ليس من أجل المادة فقط ولكنه يضيف إليك قيمة كإنسان منتج وتصبح مفيداً في مجتمعك وأنا لدي حكمة أعتز وأعمل بها ( من عاش لنفسه لا يستحق أن يولد ) فالحياة ليست فقط مال وأنا لا أهتم بالمظاهر المهم جوهر الأنسان وأن يعيش لقيمه معينة في حياته ويترك أثرا فيمن حوله .
رغم نجاحاتك في سانت اندروز انتقلت للعمل مع الجامعة الأمريكية ، حدثينا عن ذلك .
رأيت أن العمل دون طموحاتي وفعلا انتقلت للعمل مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة من العام ٢٠٠١_٢٠٠٦م والجامعة الأمريكية بالقاهرة لها أنشطة اجتماعية بالإضافة للجانب الأكاديمي فكانت تقيم دورات بالتنسيق مع المنظمات الشريكة للمفوضية السامية للاجئين .
وكان العمل بالجامعة نقلة نوعية في حياتي حيث كانت فرصة لألتقي بمجتمع أوسع وثقافات أخرى جديدة كان لها أثر في نفسي وحياتي الخاصة وتوسيع مداركي و إلى الآن ما زلت احتفظ بصداقات شخصية مع بعضهن
كانت لك محاولات لمشاريع خاصة لم تستمر ، ما الأسباب ؟ ومالصعوبات التي واجهتك ؟ .
-
فتحت مركز للتدريب وتعليم الكروشيه والفنون اليدوية الأخرى في الدقي ، استمر ثلاثة اشهر فقط
-
مركز للتدريب في العجوزة استمر أربعة أشهر فقط
صحيح أن المنظمات تدعم المبادرات برأس مال لكن أنا أرفض الفكرة وعندي قناعة أن الإنسان يبدأ بنفسه أفضل ولا أحب آخذ من المنظمات لأنها أمانة ومسؤولية وأنا قادرة أفتح بنفسي ، لكن الصعوبات كانت حيث أني كنت استعين برجال إرتريين للعمل في المشروع لكن الإرتري لا يحب أن يأمره أحد وخاصة ابن بلده ممكن يتقبل لو مديره جنسية أخرى لكن أخوه الإرتري لا يتقبل والمجتمع.الإرتري يعمل على تحبيط الانسان بدلا من تشجيعه عكس المجتمعات الأخرى فترى بعضهم يشتري من بعض كنوع من التشجيع .
ماذا عن مشاريعك الاجتماعية الحالية والمستقبلية ؟
ما زلت أدرس الكروشيه في سانت اندرو وعندي أعمال يدوية ومشغولات الاكسسورات ، وأشارك في المعارض مع المنظمات مثل : معرض المدرسة الألمانية بالدقي ، وأقوم بالعمل الإغاثي من خلال معرفتي بالأسر المحتاجة بصفة فردية وأعمل الآن على مشروع مستقبلي بإنشاء مكتبة واحدة في كل مقر من مقرات المبادرات الإرترية بالقاهرة ، لمساعدة الإرتريبن على القراءة والتعلم ولو يكون عندي ١٠ قارئ بس من كل ١٠٠ شخص أنا كده راضية .
وعندي أمنية حلمت بها دائما وعملت عليها لكنها لم تر النور للآن ، عندي أمنية أنشئ مركزاً للأسر المنتجة يتكفل بالتدريب والتعليم وتسويق منتجاتهم على مبدأ ( لا تعطيني سمكاً ولكن علمني كيف أصيد )
هل تفكرين في العودة للوطن ؟
أكيد أتمنى أن أعود للوطن ونبنيه معا كارتريين ، ولكن مازلت تواجهنا كوائق كثيرة ، واتمنى أن يكون ذلك قريبا .
آخر سطر في المقابلة ماذا تكتبين فيه ؟
اهتماماتي هي في المجال الأجتماعي فقط لذلك أتمنى على الشعب الأرتري أن يحب بعضهم بعضًا ونتعاون كشعب واحد ونبني على مابيننا من المشتركات ونتقبل اختلافنا في الرأي ) فالاختلاف في الرأي لا يسفد للود قضية). لكن ( النضال يطول عندما يكون كله باطلاً ) أما الحق فهو ينتصر مهما كان ومهما طال الزمن
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم