زاجل تحاور: الشيخ خليل محمد عامر الأمين العام للحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية
يروي مأساة الإسلام والمسلمين في أرتريا وينادي : النجدةَ النجدةَ يا مسلمون !
في حوار مطول مع ( مجلة المجتمع ) الشيخ خليل محمد عامرالأمين العام للحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية:
الحركة الإسلامية الأرترية تقوم بدور الرائد في قوى المعارضة الأرترية نحو الربيع الأرتري
العديد من الدعاة وأئمة المساجد ومعلمي المعاهد الدينية في السجون بداية من عام 1993م ولم يعرف مصيرهم غير الله
نصف ا لشعب ا لأرتري خارج الوطن والهجرة الجديدة إلى السودان بمعدل 100 شخص يومياً
معسكرات المهاجرين بشرق السودان أصبحت طاردة نتيجة لانقطاع الدعم الإغاثي عنها وتعليم وتربية أبناء المهاجرين في خطر
عصابات إجرامية تتاجر بالمهاجرين الأرتريين الفارين من جحيم بلادهم
أجرى الحوار: باسم القروي
ملاحظة : تم نشر هذا الحوار في مجلة المجتمع الكويتية بتاريخ: 19/ 05/ 2012م وقد تمت فيه بعض الاختصارات التحريرية حسب رؤية المجلة والمساحة المخصصة له، وهنا نعيد نشر النص كاملاً من باب تعميم الفائدة مع إضافات مهمة وردت في أصل الحوار قبل نشره في مجلة المجتمع.
=================================================================
الشيخ خليل محمد عامر الأمين العام للحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية من مواليد 1954م بمدينة ( أغردات) بالإقليم الغربي في أرتريا وقد تلقى تعليمه الابتدائي في المعهد الديني بالمدينة نفسها ودرس المرحلة المتوسطة والثانوية بمعهد الحرم المكي بمكة المكرمة وأتم دراسته الجامعية في جامعة أمدرمان الإسلامية كلية الشريعة والقانون بالسودان وهو من حفظة كتاب الله تعالى وكان خطيب جمعة وإمام مسجد بمدينة كسلا قبل أن يقع عليه اختيار جماهير الحزب لقيادة وإدارة العمل السياسي الإسلامي الأرتري.
عمل في الحقل الدعوي والتربوي قبل التخرج وبعده ضمن جماعة الإخوان المسلمين الأرترية وقد تم اختياره بالشورى أميناً عاماً لحركة الخلاص الإسلامي الأرتري في المؤتمر العام الثالث عام 1998م خلفاً للشيخ عرفة أحمد محمد (خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ) وتم التجديد له في المؤتمر العام الرابع عام 2004م الذي تحول فيه اسم حركة الخلاص إلى الحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية .
تلتقيه مجلة ( المجتمع ) في حوار مطول يتحدث فيه عن هموم الحركة الإسلامية الأرترية في وطنها الأم أرتريا ومعانات شعبها في المهجر وما تقوم به هذه الحركة من مجاهدات مواكبة في طريقها للاقتداء بالثورات العربية المباركة
الحركة الإسلامية في أرتريا خافتة الصوت إعلاميا ًوالحزب الإسلامي ا لأرتري باعتباره أكثر التنظيمات شعبية وخبرة وتواصلا نريد تعريفا به : تاريخاً وأهدافاً ووسائلً
النشأة:
نشات الحركة الإسلامية الإرترية منذ زمن بعيد متصلة بالحركة الإسلامية العالمية ومتاثرة بها كشأن كل القوى الثورية التغييرية وكان لها وجود وامتدادات وتأثير إيجابي رائد داخل الثورة الأرترية منذ ميلادها في الستينيات، وفي منتصف السبيعينات من القرن الماضي ظهرت كتنظيم صغير وسط المهاجرين الإرترين بالسودان، واستمر عطاؤها ودورها بفضل الله ورحمته، متجددة بمسميات متعددة : الحركة الإسلامية الأرترية – فترة علانية الدعوة وسرية التنظيم) ومنظمة الرواد المسلمين الأرترية – وكان واجهة ظاهرة للعمل التنظيمي للحركة – وحركة الجهاد الإسلامي الإرتري – وقد جمعت كل ألوان الجماعات الإسلامية الأرترية الإخوان والسلفيين وغيرهم -، وحركة الخلاص الإسلامي الإرتري، وقد تطورت إلى ( الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية )، الذي هومن أهم التنظيمات الإرترية وسط المعارضة الإرترية الآن،وله حضور في أغلب أمكنة وجود الإرترين في بلاد المهجر، كما له حضور سياسي وتنظيمي واجتماعي في وسط المهاجرين الإرتريين بالسودان،ويتمتع بمقبولية لطرحه وبرامجه عند غالبية الشعب الإرتري ولذا فهو ليس خافيا ولم يكن صوته خافتا في الوسط الأرتري المعارض لكونه يمثل تيار الوسط فكراً وسلوكاً من ناحية ولكونه صاحب المبادرة عبر تاريخه بهدف توحيد القوى الأرترية المعارضة وتجميع مواقفها على الأهداف العامة المتفق عليها أما الإعلام العربي والإسلامي فشبه غائب أو متجاهل للشأن الأرتري خلال الفترة الماضية والآن مدعو للقيام بواجبه الإيجابي مساهمة في التعريف بقضية المسلمين في أرتريا كاشفاً لما نحن فيه من مأساة ومحرضاً على دعم قضيتنا العادلة .
الأهداف:
يعمل الحزب الإسلامي لإعلاء كلمة الله في إرتريا، وترسيخ قيم التدين والتحضر،وتحقيق الأمن والإستقرار والمحافظة على مكتسبات وخصوصيات الشعب الإرتري، وإقرار الحريات العامة وبناء دولة المؤسسات والقانون وتوسيع المشاركة الشعبية في النظام السياسي، وإزالة الظلم والتعسف الذي يمارسه النظام ضد غالبية الشعب الإرتري، كذلك من أهداف الحزب العمل على بسط الشورى وروح التعاون بين جميع الأحزاب والمؤسسات، كما يهدف الحزب الوصول إلى مجتمع الكفاية في المستوى الاقتصادي والتحصيل العلمي .
الوسائل:
أما الوسائل فإن الحزب يعمل بكل الوسائل المشروعة والمتاحة التي يحقق بها أهدافه، من بناء صياغة الشخصية المسلمة، والعمل بالتناغم مع كل المكونات المجتمعية الإرترية لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة، وتقديم المعينات التي تخفف المعاناة عن كاهل المواطن الإرتري الذي يرزح تحت نير المرض والفقر والجهل إلى غير ذلك .
الحزب تنظيم وطني يسعى لمعالجة أوضاع وطنية برؤية إسلامية فهل يوجد في حزبكم غير المسلمين من مواطني أرتريا المعارضين للنظام ؟ وهل تشترطون الإسلام في عضوية الحزب شرطاً يمنعكم من استقطاب غير المسلمين من مواطني أرتريا؟
الإسلام شرط في نيل عضوية الحزب، ولذا إلى الآن لايوجد غير المسلمين في الحزب، مع أن عددا لابأس به من غير المسلمين بعد إطلاعهم على ميثاق الحزب الذي تم إقراره في المؤتمر الرابع 2004م وتمت ترجمته باللغة التجرينية اللغة الثانية في إرتريا التي يتحدث بها المسيحيون، أبدوا إعجابهم به، من الرؤية المنفتحة والقبول بالآخر إلى غير ذلك، ويمكن مثل هذا الموضوع أن تتم مناقشته في مؤتمرات الحزب،وذلك فيما إذا قبل غير المسلم من مواطني إرتريا ببرنامج الحزب وأهدافه .
عندما يرفع الحزب الإسلام منهجاً له يأتي الخائفون على حقوق المرأة بدعوى أن الشعار الديني مطية لسلب حقوقها وإسقاط دورها الإيجابي في الحياة العامة فإلى أي حد تتيح وثائق الحزب الإسلامي وواقعه العملي مساحة لإشراك المرأة في العمل التنظيمي مساهمة مع الرجل في تغيير الواقع وبناء الوطن وإدارته بأسس ديمقراطية رشيدة؟
المرأة حقوقها مصونة ومحفوظة لدى الحزب كحفظها في ديننا الإسلامي وشريعتنا الغراء، والمرأة شريكة في عملنا الإسلامي منذ باكورة أيامه الأولى، فمنهن السابقات، ومنهن العاملات النشطات في الحزب، ومنهن زوجات الشهداء والأسرى والمعتقلين، يقمن على رعاية أبنائهم وذراريهم، تقبل الله الشهداء وعجل الله بفك أسر المعتقلين، وللمرأة كيان داخل الحزب باسم (الإتحاد الإسلامي للمرأة الإرترية )، كما أنها ممثلة في مجلس شورى الحزب بنسبة 10% وهي نسبة سبق بها الحزب حتى التنظيمات والأحزاب العلمانية الإرترية .
الهجرة الأرترية إلى دول الجوار بدأت منذ تاريخ بعيد لكنها لا تزال مشهودة فهلا حدتثنا عن أوضاع المهاجرين الأرتريين :
بدأت الهجرة الإرترية إلى السودان تحديدا في عام 1967م من القرن الماضي عند تعرض الشعب الإرتري لإبادة جماعية بقتل النساء والأطفال والشيوخ، وحرق بيوتهم ونهب ثرواتهم بفعل المستعمر الإثيوبي، وذلك عندما توالت هجمات الثوار الإرتريين عليه، والتحاق أعداد كبيرة من الشباب بالثورة، وظل هؤلاء المهاجرون في السودان حتي اندحار المستعمر ونيل إرتريا إستقلالها في عام 1991م، كان من المفترض عودتهم إلى ديارهم بعد ذلك، إلا أن نظام الجبهة الشعبية الذي خلف المستعمر الإثيوبي على حكم إرتريا ما كان أقل سوء على الشعب الإرتري داخل الوطن، والمهاجرون في دار هجرتهم من المستعمر، فعمل في المماطالة على إعادة المهاجرين إلى وطنهم وأعاق كل الوسائل التي بذلت من قبل المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومن عاد منهم رجع أدراجه إلى السودان نتيجة لوضعهم في معسكرات لجوء داخل وطنهم تفتقد أبسط أسباب العيش الكريم،بل ويتعرضون لكل صنوف الأذى كغيرهم من مواطنيهم، هذه هي الهجرة القديمة في عهد الاستعمار .
إلا أن الشعب الإرتري لم تنته معاناته ولم يهنأ بالاستقرار في وطنه المحرر حديثا بل استأنف االهجرة بأعداد أكبرمن ذي قبل جراء سياسات النظام العدوانية تجاه الشعب الإرتري، من الخدمة الإلزامية غيرالمتناهية والتي تبدأ من أعمار الثامنة عشر إلى الخمسين للجنسين، كما أن سياسة تكميم الأفواه والسجون المشرعة الأبواب لكل المواطنين الأحرار من كل مكونات الشعب الإرتري من الدعاة والعلماء والأعيان والوجهاء، كذلك الحروب العبثية التي خاضها النظام مع كل دول الجوار كل ذلك أدى ويؤدي إلى الهجرة والفرار من وطنه .
هذا الهجرة التي يتعرض لها الشعب الإرتري تشمل كل فئاته العمرية من الشباب والفتيات والأطفال والشيوخ بل وأسر بكاملها، ومن كل مكونات الشعب من الرجال والنساء والمسلمين والمسيحين، بل وحتي من الجيش جنودا وضباطا، بل ومن الخدمة المدنية ومن الدبلوماسيين، وذلك إلى السودان حيث يتم إيواؤهم في معسكر استقبال في شرق السودان، وكذلك في خمسة معسكرات بإثيوبيا ثلاثة في شمال إثيوبيا واثنين في شرقها وفي اليمن يوجد معسكر في منطقة الخوخة للاجئين الإرتريين منذ فترة الثورة الإرترية، وإلى الآن يعاني قاطنوه الأمريين ومنسي تماما، كما ان أعدادا ليست قليلة مهاجرة إلى دولة جيبوتي عبر البحر الأحمر فارة من النظام القمعي .
وأما أعداد الهجرة إلى السودان، فإنه بما يزيد على المائة في اليوم الواحد وإن قل فلا يقل عن الخمسين لاجئا يومياً وذلك لمدة أربعة أعوام متتالية حيث بلغ إجمالي العدد في معسكر شجراب وحده ما يقارب من مائة ألف لاجئ خلال السنوات الأربعة وحدها، ومثل هذا العدد أو قريب منه يهاجر أيضا إلى المعسكرات في إثيوبيا، ولهذا يكاد يكون أكثر من نصف الشعب الإرتري الآن لاجئا سواء من اللجوء القديم أوالهروب الحديث أي ما قد يصل إلى مليوني شخص تقريبا نصفهم في السودان والباقي في بقية دول العالم .
أما الهجرة إلى إسرائيل فإنها تتم عبر عصابات تهريب كبيرة تبدأ من داخل إرتريا مرورا بالسودان إلى صحراء سيناء فإسرائيل، وقد يكون المتورط فيها جزء من الأجهزة الأمنية الإرترية، وجزء من القبائل الحدودية ابرزها قبيلة الرشايدة وهي أحدث القبائل هجرة من الجزيرة العربية إلى أرتريا و يقطن حاليا جزء منها في إرتريا وجزء في السودان، كذلك مافيا العصابات المتاجرة بالأعضاء البشرية التي تم كشفها من إحدى الفضائيات المصرية وهي تختطف هؤلاء المهاجرين وتسرق أعضاءهم من الكلى والقلب والشبكية وغير ذلك وتم العثور على قبور بعضهم في صحراء سيناء وقد انتزعت اعضاؤهم، وقد يختطف بعضهم طالبوفدية مالية من ذويهم لإطلاق سراحهم والتي لم تتمكن أسرته من دفع الفدية يكون مصيره القتل، أو بيعه لعصابات المافيا سارقي الأعضاء البشرية، وربما جزء من هؤلاء المهاجرين لم تكن لهم رغبة في الهجرة إلى إسرائيل بل كل همهم الخروج من سجن إرتريا الكبير ولكن يمنونهم بهجرة إلى بلاد آمنه ثم يقعون فريسة في يد هؤلاء القتلة المجرمين، جرائم حرب يندى لها جبين الإنسانية ويتطلب من كل أبناء الأمة إنهاء معاناة هؤلاء المضطهدين المغلوبين على أمرهم والقبض على هؤلاء المجرمين مصاصي الدماء وتقديمهم للعدالة .
حديث عن أوضاع المهاجرين ا لأرتريين بشرق السودان من حيث :التعليم والمعيشة والخدمات الصحية والاجتماعية؟
أوضاع المهاجرين الإرتريين بشرق السودان رغم تطاول الفترة التي عاشوها في هذه المنطقة فإن ظروفهم المعيشية قاسية يكابدون ضنك الحياة ولم تتوفر لهم أدنى سبل الحياة الكريمة، والآن تم إنهاء صفة اللجؤ لأغلبهم دون توفر الأسباب الكافية لاستغنائهم عن هذه الخدمات، وتوفير بدائل مجزية لهم إما بعودتهم إلى وطنهم، أو توطينهم في وطن ثالث كل ذلك لم يتم رغم حرصهم في العودة إلى وطنهم إذا توفرت أسبابه وهي متعذرة والوطن طارد لمن فيه كما أسلفنا أعلاه، والتعليم أيضا في أدني مستوياته فالموجود من مؤسسات التعليم على قلته يفتقد ابسط مقومات التعليم من قلة أو انعدام الكتاب المدرسي وكذا المعلمين والإجلاس و كذلك البئة المدرسية الطاردة ولذا يوجد فيهم الكثيرمن الفاقد التربوي وهناك مؤسسات خيرية محدودة تقوم بدعم موارد هذه المؤسسات ولكنها عاجزة عن سداد متطلباتها لعدم وجود داعمين لها،وكذا الحال في كل الجوانب الصحية والاجتماعية فإن الأمراض المزمنة تفتك بهم والوقاية الصحية والدوائية غير متوفرة، بل وحتى الماء النقي غير متوفر في معظم المعسكرات التي تؤوي هؤلاءالمهاجرين .
كنتم– خلال عام 1990م وحتى عام 2002م – في جهاد عسكري خاض المعارك ضد النظام في مختلف ربوع أرتريا وقدمتم تضحيات كبيرة من الشهداء والمعاقين وكان لجهادكم أثر كبير في أوساط الشعب الأرتري وكسبتم به تعاطفه ثم خبت جذوة هذا الجهاد وخابت آمال الشعب فيكم ما الأسباب؟
كان حمل السلاح من المجاهدين في عام 1989م قبل خروج المستعمر الإثيوبي، إلا أن الجبهة الشعبية وهي ثورة قبل ان تصل إلى سدة الحكم عاقت وصول المجاهدين لمنازلة العدو المستعمر فكان القتال بين المجاهدين والجبهة الشعبية، وقدمنا في ذلك أرتالا من الشهداء والأسرى والمعاقين، وكان جهادا وقتالا يستهدف حملة السلاح من جنود الجبهة الشعبية المقاتلين ولم يستهدف المدنيين أيا كانوا، كما كانت سياسات الحزب واضحة في توجيه المجاهدين حاملي السلاح إلى من يوجهون سلاحهم ومن يستهدفونهم،وذلك قبل الاستقلال رغم قصرالمدة وبعده، وكان لهذه المعارك أثر كبير في أوساط الشعب الإرتري ومثار فخر واعتزاز وصمود وثبات على الحق والدين، وكان قتال المجاهدين قد أعاق كثيرا من سياسات الجبهة الشعبية في مسخ هوية الشعب الإرتري المسلم، ولم تخب جذوة الجهاد في قلوب ووجدان المجاهدين، إلا أن تبعات العمل الجهادي المادية والمعنوية الكثيرة وانعدام توفرها وكذلك انعدم الظهير والخلفية الآمنة للعمل الجهادي أدى إلى تراجعه وتم تحويل جزء من هذا المجهود المحدود إلى أعمال الحزب الأخرى الأقل تكلفة،لأن الحزب يعمل في كل المجالات السياسية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، ولذا فإن قلّ نشاطه في جانب واصل في الجوانب الأخرى .
كنتم حركة جهادية واحدة ضمت السلفيين والإخوان وبقية الشعب المسلم ثم أصيبت وحدة جماعتكم بانتكاسة إنشقاقية حمل لواءها بعض السلفيين فماذا كانت أسباب هذا الإنشقاق؟
ج / هذه مرحلة مضى عليها قريب من العشرين عاما لا نريد أن نكون أسرى لها تجاوزناها ولا نريد أن نجتر مرارتها فلنتجاوز هذا السؤال .
التاريخ أمين فقد سجل على الصحابة مواقف مذكراً أنه كان عليهم ألا يقفوها كما سجل على الأنبياء أنفسهم مواقف كان الصواب في غيرها فهل تاريخ تجربة وحدة فاشلة بين تياري الحركة الإسلامية الأرترية السلفي والإخواني أن يفرد له التاريخ صفحة من الكتمان والتجاوز لم تكن لغيركم؟
ج / نحن لم نتكتم على هذه التجربة ولم نسكت عن أسباب ودواعي فشلها، كما لم نقفل تقييمها، بل كان مثل هذا السؤال يتصدر في أي حوار جرى مع قيادة الحركة وكانت تتم الإجابة عليه بإسهاب، إلا أن الوقت الآن قد طال ومضى عليه الزمن الذي ذكرناه، ولذا لانريد ان نجتر حدثا مضى عليه كل هذا الزمن، و نعمل في بدائل أخرى معهم ومع غيرهم مستفيدين من تجاربنا.
أنتم والسلفيون في مركب واحد الآن ضمن قوى المعارضة ا لأرترية تشتركون في العمل المعارض مع القوى العلمانية المعارضة فهل كنتم بحاجة إلى وسيط علماني يقرب المسافة بين تيارين إسلاميين الإخوان والسلفيين؟
رؤية الحزب الإسلامي أن لا ينكفئ على نفسه أو ينحصر في التعامل مع جزء من مكونات الشعب الإرتري دون الآخر، فكان برنامج الحزب من بدايات التأسيس أن ينفتح انفتاحا شاملا على كل ألوان الطيف السياسي، فأجرى حورات ثنائية وأوجد تفاهمات مشتركة مع عدد كبير منها،باحثا عن القواسم المشتركة في حدها الأدنى،وقلل بقدر الإمكان الخصوم والعداء مع من يخالفه،مع الاحتفاظ بتميزه الإسلامي وفكره الوسطي ومنهجه الإسلامي المعتدل، وكما دخل في وحدة مع السلفيين التي لم تصمد أكثر من خمسة أعوام، دخل أيضا في تحالفات مع تنظيمات علمانية بدأت بثلاثة تنظيمات في عام 1996م ثم تطورت مع كل التنظيمات وقتها في عام 1999م بكل توجهاتها الإسلامية والعروبية والعلمانية والمسيحية،وواصل مسيرة التحالفات حتى توج نهاية عام 2011م بمؤتمر وطني جامع في إثيوبيا ضم قريبا من 600عضو من ممثلي التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني من المهاجرين الأرترين في كل قارات العالم أجاز ميثاقا سياسيا متفقا عليه يحافظ علي كل مكونات المجتمع الإرتري الدينية والقيمية والسياسية ويسعى لإقامة تعددية سياسية وحزبية بعد زوال النظام، كما انتخب مجلسا وطنيا من 127 عضوا يمثل كل مكونات المؤتمر، وكذلك قيادة تنفيذية، وهذه هي رؤية الحزب الإسلامي الإرتري السياسية المنفتحة في مجتمع إرتري متعدد، بدأت محدودة ثم تطورت واليوم تجمع كثيرا ممن كانوا يضيقون من الرأي الاخر والرؤية الأخري والتعدد بكل أطيافه، نامل أن يكون هذا مقدمة لتقصير عمر النظام المتهالك .
أنتم تنظيم ولد من رحم الغربة من المهاجرين الأرتريين خارج أرضكم وتمثلون التيار المثقف بالثقافة العربية والإسلامية فهل من تواصل مع الشعب الأرتري في داخل الوطن أم أنتم نبتة غريبة في وطنكم لغةً وإنتماءً وعرفاً ومشروعاً؟
التواصل مع شعبنا في داخل إرتريا موجود،رغم الكبت والحجر والتضييق السياسي، وعدم إتاحة المجال لأي هامش من الحرية داخل الوطن، لأن كل جهادنا ونضالنا هو لذلك الشعب المحاصر المكبوت في الداخل وقد دفعنا بأعداد كبيرة إلى العودة إلى وطنهم من الخريجيين والدعاة والمثقفين والمهاجرين إلا أن النظام منذ وصوله إلى السلطة قام بحملات إعتقال في اكثر من مرة وأصبح مصير الكثير منهم السجون والمعتقلات ولم يقدموا لأي محاكمة، ولم يعرف مصير حال أحد منهم، وضع لا يمكن ان يتصوره أحد فإن أكثربلاد الديكتتوريات يقدم فيها السجناء لمحاكمات ولو صورية لأصباغ الشرعية على أنظمتها، أما في إرتريا فإنه نظام يعيش في العصور الحجرية ولم يكن فيه ما يمت بصلة إلى عصر الحريات والديمقراطية .والنظام يريدنا ويريد كل من ينتمي إلى الثقافة العربية أن يكون غريبا، فحارب اللغة والثقافة العربية وفرض التعليم بلغة الأم وصادر المكتبات وحجر وصول اي كتاب أو مجلة عربية، وحتى بعض الأنظمة العربية التي كانت على وئام معه مثل نظام القذافي البائد عندما أراد تأسيس مكتبة عربية سمح له بذلك في البدء ولكن بعد وصول الكتب منع المواصلة في فتح المكتبة لئلا يرتادها التواقون والراغبون في اللغة والثقافة العربية، ومع هذا فإن اللغة والثقافة العربية استعصت على المحو والإزالة، والآن بعد عشرين عاما وفي ظل نسائم الربيع العربي يوجه الرئيس في خطاب بداية هذا العام بإلزام تعلم اللغة العربية وإجادتها خلال عامين لكل المواطنين،وهكذا تظل اللغة والثقافة العربية عصية عن أن تمحي من ذاكرة ووجدان الشعب الإرتري.
الحالة الإسلامية داخل أرتريا تتحدث فيها تقارير محلية وأجنبية تروي عن المأساة المؤلمة فماذا لديكم من حقيقة حول المعاهد الإسلامية ا لأرترية مناهج ومعلمين ودعوة ومساجد ودعاة وعلماء؟
ما ذكرت في إجابة السؤال أعلاه هو ما يوضح الحالة الإسلامية داخل إرتريا، فكثير من المعاهد تم إغلاقها ومن بقي منها فإنه قد تمت محاولات كثيرة لتحويلهاعن مسارها والتغيير في مناهجها، ومنع تلقي أي دعم من الخارج لها كما أن كثيرا من معلميها قد تم اعتقالهم، أما الدعوة فهي من المحظورات الكبيرة وتتم المتابعة الشديدة لمن يقوم بها من الدعاة والعلماء إن لم يتم اعتقالهم وليست المساجد بأحسن حالا فلم يسمح مرات عديدة بتشييد المساجد أو صيانتها أو تلقي أي دعم خارجي لها، فالوضع الإسلامي داخل إرتريا يمر بظروف صعبة ولولا الله ثم تمسك المسلمين بإسلامهم رغم كل الأعاصير لزال من الوجود .
هل ممكن تقديم الدعم لمسلمي أرتريا – في داخل الوطن – حاليا عبرالمنظمات الإسلامية الخيرية العالمية؟
النظام لايسمح بوصول أي دعم إلى إرتريا من المنظمات الإسلامية الخيرية وذلك من بداية التحرير وإلى الآن، بل ووصل به الأمر في إعاقة نشاط المنظمات غير الإسلامية فلا يسمح لها بإيصال الدعم مباشرة إلى المستحقين،وإنما عبر النظام نفسه، وهو يحولها إلى مشاريعه أوتقديمها لجيشه وقواه الأمنية،ولذا كثير من تلك المنظمات أنهت وجودها بنفسها، أو اعترضت على ممارسات النظام فأنهى النظام ترخيصها،ولذا أصبح الشعب الإرتري في الداخل رهين الفقر والعوز والجوع والمرض بفعل سياسات النظام الرعناء .
تتحدث تقارير عن تأزم الوضع داخل أرتريا بين الشعب والسلطة الحاكمة فهل من تباشير بوصول رياح الربيع العربي إلى أرتريا .؟
لاشك أن العلاقة المتأزمة بين الشعب الإرتري والسلطة الحاكمة في بلده بلغت مراحل متقدمة في الداخل والخارج، وأعداد كبيرة من الشعب الإرتري اصطفت معارضة للنظام وهذا كله منذر بوصول رياح التغيير، وإن الشعوب العربية التي ثارت على حكامها في البلاد العربية رفضا للقهر والظلم والتهميش قد ذاق الشعب الإرتري أضعاف اضعاف ما لاقته هذه الشعوب، والشعب الإرتري الجسور لاشك سيفجر ربيعه بطريقته ووسائله الخاصة لأن لكل بلد ظروفه .
كلمة أخيرة وإلى من؟
إن كانت من كلمة أخيرة في خواتيم هذا الحوار فأقول الكلمة الأولى للشعب الإرتري وأقول له : تَسَام َعن جراحك وانهض وانتفض فأنت لست محلاً للذل والهوان، فقد ثرتَ وعلّمت الشعوب في وقت كانت كثيرة منها راضية بواقعها، لابد من مواصلة تجميع الصفوف وتخفيف الإحتقان الداخلي وتقديم المصلحة العامة، عوامل النصر تلوح والنظام تضيق فرصه ولابد من الثورة حتى تحقيق النصرإن شاء الله .وكلمة أخرى للإخواننا العرب والمسلمين نصرتم الشعب الإرتري في ثورته، واليوم بحاجة – بعد ا لله – إليكم فإن دينه وقيمه وكرامته وثقافته تنتهك وتهدر فهل ترضون أن تصبحوا يوماً وقد تحولت إرتريا تماما عن مسارها الطبيعي والمعتاد، كما يريد لها النظام؟ النجدةَ النجدةَ يا مسلمون !
ولايسعني في ختام هذا الحوار إلا أن أن أتقدم بالشكرأجزله لمجلتكم الغراء ( مجلة المجتمع ) وللقائمين عليها متمنياً لكم كل التوفيق والسداد.
كاتب حاضر، عرف الإعلام منذ أيام كان طالبًا في الثمانيات ، يرى أن القضايا الضعيفة توجب المناصرة القوية ولهذا يتشبث بالقلم