مقالات وآراء

د. ادريس موشي: الشهادة الفصل: شيخ المجاهدين عمر المختار يبرئ المجندين الإرتريين من التورط في اعتقاله

ينشر موقع زاجل مقالًا جديدًا للباحث الدكتور إدريس موشي بعنوان:
“الشهادة الفصل: شيخ المجاهدين عمر المختار يبرئ المجندين الإرتريين من التورط في اعتقاله”.

في هذا المقال الهام، يعرض الدكتور إدريس موشي قراءة نقدية موسَّعة للجدل الدائر حول واقعة اعتقال شيخ الشهداء عمر المختار، ويستند الكاتب إلى شهادات تاريخية ووثائق أصيلة لإبراز حقيقة الموقف المتعلق بدور المجندين الإرتريين في اعتقال أو حراسة عمر المختار.

المقال يتناول القضية من ثلاثة محاور رئيسية:

  1. شهادة شيخ الشهداء عمر المختار.

  2. تفنيد مزاعم مشاركة مجندين إرتريين في حراسته أو اعتقاله.

  3. نقد وتحليل مصادر البروفيسور جلال الدين محمد صالح.

    وفيما يلي النص الكامل للمقال:

في مقاله الذي خصصه للرد على مقالي المنشور على صفحتي بتاريخ 30 أغسطس، والذي طالبني فيه بالاعتذار لأستاذنا الدكتور المقريف بدعوى أنّني اتهمته بعدم الدقة فيما ينقل ويروي، أصرّ البروفيسور جلال الدين محمد صالح على تورط المجندين الإرتريين في اعتقال شيخ الشهداء عمر المختار وحراسته حتى تنفيذ حكم الإعدام عليه. وقد عضّد موقفه هذا ببحثين وصفهما بأنهما “محكمان علمياً”.

• الأول: للدكتور أحمد عبد الدايم محمد حسين بعنوان: العساكر الإرتريون في مواجهة مقاومة عمر المختار في ليبيا 1923-1931م.
• الثاني: للدكتورين المبروك محمود صالح سليمان، وصلاح سالم عبد المولى حسين بعنوان: القوات المساعدة للجيش الإيطالي إبان إعادة احتلال برقة – المجندين الإرتريين أنموذجاً 1923–1931م.
وقد رأيت في هذه المناسبة فرصة سانحة لتبادل الرأي مع قامة علمية بارزة من قامات بلادنا، البروفيسور جلال الدين محمد صالح، انطلاقًا من قناعتي بأنّ القضية المطروحة ليست مجرد فكرة قابلة للأخذ والرد، بل هي واقعة تاريخية موثقة ارتبطت برمز من رموز الجهاد والمقاومة، وخلّفت أثرًا عميقًا في وجدان المسلمين وفي ضمير الإنسانية جمعاء. وإن خطورة هذه الحادثة وأهميتها تفرضان مقاربة علمية رصينة تتجاوز حدود السجال العابر إلى مستوى البحث التاريخي الموضوعي. وتزداد هذه الخطورة بوجه خاص حين يُقحم فيها المجندون الإرتريون قسرًا ومن غير سند علمي؛ إذ لا يُعد ذلك مجرد خطأ تأويلي أو زلّة بحثية، بل يمثل إساءة بالغة وتشويهًا لصورة أمة كانت هي نفسها ضحية للاستعمار، بما ينطوي عليه ذلك من تبعات معرفية وسياسية وأخلاقية جسيمة. وانطلاقًا من أهمية الموضوع وخطورته، فقد ارتأيت معالجته عبر ثلاثة محاور رئيسية:

المحور الأول: شهادة شيخ الشهداء عمر المختار.

المحور الثاني: تفنيد مزاعم مشاركة مجندين إرتريين في حراسة أو اعتقال الشهيد عمر المختار.

المحور الثالث: نقد وتحليل مصادر البرفيسور جلال الدين محمد صالح

المحول الأول: شهادة شيخ الشهداء عمر المختار:
بعد تردّد استمر لأيام عزمت أن أضع حدًّا فاصلاً لكل المزاعم المتعلقة بتورط المجندين الإرتريين في واقعة اعتقال شيخ الشهداء عمر المختار، وذلك عبر الاستناد إلى الشهادة التاريخية المباشرة للشهيد عمر المختار نفسه، وهي شهادة لم أوردها في مقالي السابق لأسباب لا داعي لذكرها.

في الحوار الشهير الذي دار بين شيخ الشهداء عمر المختار وبين الجنرال الإيطالي رودولفو غراتسياني بمكتبه في مدينة بنغازي قبيل تنفيذ حكم الإعدام عليه شنقاً، وضع الشهيد عمر المختار النقاط على الحروف، مقدّمًا أصدق رواية وأوثق شهادة لا يمكن لأي زعم لاحق أن يعلو عليها أو يزاحمها أو يتشكك في مصداقيتها.
إنّ هذه الشهادة، بما تحمله من قيمة وثائقية دامغة، تمثل الحدّ الفاصل بين الحقيقة والافتراء، فهي كفيلة بأن “تقطع جهيزة قول كل خطيب”، وتنسف من جذورها كل محاولات التحريف أو الإسقاط التي يسعى البعض لإلصاقها بالمجندين الإرتريين في واقعة الاعتقال. وبذلك، يصبح أي حديث عن دور لهم في هذا السياق مجرد اختلاق لاحق لا يملك أي سند تاريخي أو علمي.
وقد خصّ غراتسياني هذا الحوار بمكان بارز في مذكّراته، حيث كتب قائلاً:
“كنا نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح، وكان ترجماني الخاص المخلص النقيب خليفة خالد الغرياني قد أحضرته معي خصيصاً من طرابلس، ووجهتُ له أول سؤال………”
وسنقتصر هنا على ما يرتبط بموضوعنا من هذا الحوار التاريخي، لما يحمله من دلالات تاريخية توثّق تبرئة الشهيد عمر المختار للمجندين الإرتريين، وتكشف عن تفاصيل التحقيق معه قبيل تنفيذ حكم الإعدام.

الجنوال جرزياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشستية؟

الشهيد عمر المختار: من أجل وطني وديني.

الجنوال جرزياني: بموقفك في موقعة (قصر بن قدين) ضيعت كل أمل وكل حق في الحصول على رحمة وعفو الحكومة الإيطالية الفاشيستية.

الشهيد عمر المختار: (مكتوب)! وعلى كل، عندما وقع جوادي وأُلقي القبض عليَّ كانت معي ست طلقات، وكان بإمكاني أن أدافع عن نفسي وأقتل كل من يقترب منِّي حتى الذي قبض عليَّ وهو أحد الجنود من فرقة السواري المتطوعين معكم، وكان بإمكاني كذلك أن أقتل نفسي. (المصدر: برقة الهادئة، الجنرال رودولفو غراتسياني، ص: 281).
وهذا الحوار التاريخي لم يبقَ مجرد رواية عابرة، بل أثبتته عشرات بل مئات من الوثائق والكتب الإيطالية والليبية وغيرها، الأمر الذي يمنحه قوةً توثيقية راسخة لا تقبل التشكيك.
وقد عبّر عمر المختار نفسه في شهادة أخرى، وفي واحدة من لحظات المكاشفة النادرة، عن امتعاضه لسجّانه الإيطالي في سجن سوسة Livio Dall’Aglio، وذلك قبل نقله بساعات إلى بنغازي، لكونه وقع في الأسر على يد إخوته “كتيبة السواري”، لا على يد أي قوة أجنبية أخرى. كما أشار بغضب إلى الليبي الذي دلّ عليه، ونعته بـ”الكلب”، وشبّهه بـيهوذا الإسخريوطي الذي خان السيد المسيح عليه السلام (المصدر: دراسات في الأرشيف والمعلومات، إبراهيم أحمد المهدوي، منشورات جامعة قاريونس، ط1، 1998، ص: 411- 426)، وهي شهادة بالغة الدلالة تكشف بوضوح هوية معتقليه. مما يقطع ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ بأنّ الرواية التي تزجّ بالمجندين الإرتريين في مشهد الاعتقال عارية من الصحة تماماً، ولا تمتّ للحقيقة بصلة.
وبذلك، نكون قد أغلقنا باب الجدل حول فرية اعتقال المجندين الإرتريين لشيخ الشهداء عمر المختار، فالتاريخ ـ كما تشهد نصوصه الأصلية ووثائقه المعتمدة ـ يبرّئهم تماماً من هذا الادعاء، ويكشف زيف محاولات الإقحام والإسقاط التي لا تخدم إلا تشويه الحقيقة.

المحول الثاني: فرية حراسة المجندين الإرتريين للشهيد عمر المختار:
أمَّا فرية حراسة المجندين الإرتريين للشهيد عمر المختار بتكليف من الإيطاليين لثقتهم بهم، والتي عدها البروفيسور جلال الدين، قرينة قوية ترجح أنهم (الإرتريين) هم من كان وراء القبض عليه، فتُعدُّ مقدمة غير صحيحة، ومن ثم فإن الاستنتاج المترتب عليها يكون مغلوطًا.
لقد تتبعتُ بدقة مسار الشهيد عمر المختار منذ لحظة اعتقاله في 11 سبتمبر 1931 على يد فرقة السوّاري (Savari)، وحتى لحظة إعدامه في 16 سبتمبر 1931 – أي خلال خمسة أيام فقط – وذلك بالاعتماد على الصور والمصادر الليبية والإيطالية الموثوقة. وقد تبيّن بشكل قاطع انتفاء أي دليل مصوَّر أو مكتوب يشير إلى مشاركة المجندين الإرتريين في حراسة الشهيد. بل على العكس تمامًا، تؤكد الوثائق والصور أنّ الحراسة كانت حصرًا بيد الجنود الإيطاليين وعناصر الفرقة السابعة، منذ لحظة الاعتقال وحتى تنفيذ حكم الإعدام في سُلوق.
ويعزز ذلك ما ورد في تقرير قائد المعركة النقيب بيريه، إذ يقول: “أمرت بحمل عمر المختار على جواد أحد السواري واصطفاف السواري حوله والانطلاق به نحو سلنطه التي وصلناها على تمام الساعة التاسعة”. (عمر
المختار، أنزوسانتاريللي وآخرون، ص. 232) (انظر: الصورة رقم 1).

وتكشف شهادة النقيب بيريه قائد المعركة التي أسر فيها الشهيد عمر المختار أن السواري – لا غيرهم – هم من تولوا أسر الشيخ وحراسته حتى وصوله إلى بنغازي، مما يقطع بأن فرقة السواري والجنود الإيطاليين كانوا الطرف الفعلي في عملية الاعتقال والحراسة. وبناءً عليه، يسقط أي افتراض لاحق عن دورٍ لحراسة المجندين الإرتريين في هذه المرحلة الحرجة من الأحداث، باعتباره دعوى لا سند لها من الوثائق أو الصور أو الشهادات المعاصرة.
وتؤكد الصور الملتقطة نقل الشهيد عمر المختار بعد اعتقاله مباشرة إلى سلنطة تحت حراسة مشددة من قبل فرقة السواري والضباط الإيطاليين. (انظر: الصورة رقم 2).

ثم تم نقل الشهيد عمر المختار في نفس اليوم من سلنطة إلى مدينة سوسة صحبة متصرف الجبل “داود يا تشي”، محاطا بعدد كبير من الضباط والجنود الإيطاليين” عمر المختار للأشهب ص: 145. و د. علي الصلابي، الشيخ الجليل عمر المختار- نشأته وأعماله، واستشهاده، ص: 49.

وكان سجانه في الليلة الوحيدة التي قضاها في سجن بلدية سوسة تحت حراسة مشددة هو الإيطالي Livio Dall Aglio حسب شهادته للكاتب الإيطالى (Paulo Paganini) كما أوردها الدكتورإبراهيم أحمد المهدوي في كتابه: (دراسات في الأرشيف والمعلومات) منشورات جامعة قاريونس، ط1، 1998، ص: 411- 426.
وبتاريخ 12 سبتمبر 1931 عند تمام الساعة السادسة صباحا تم نقل الشهيد عمر المختار تحت حراسة مشددة برفقة سجانه الإيطالي Livio Dall Aglio إلى ميناء سوسة حيث تم اقتياده إلى داخل الطراد الحربي الإيطالي أورسيني لنقله إلى بنغازي. (انظر الصورة رقم 4).
وتؤكد الصور الملتقطة أن من كان يحرس الشهيد عمر المختار في الطراد الحربي الإيطالي أورسيني هم الجنود الإيطاليون وفرقة السواري. (انظر الصورة رقم 5).
إنّ وجود عناصر السوّاري إلى جانب الضباط الإيطاليين في جميع مشاهد حراسة الشهيد عمر المختار – منذ لحظة اعتقاله وحتى نقله إلى بنغازي ثم مثوله أمام المحكمة وصولًا إلى لحظات إعدامه – هو أمر مثبَت تاريخيًا تؤكده الوثائق والشهادات والصور المعاصرة.
في يوم 12 سبتمبر 1931، عند الساعة السابعة عشرة، وصل الطراد أورسيني إلى ميناء بنغازي حاملاً معه الأسير عمر المختار محاطًا بالحراس. (انظر: الجنرال رودولفو غرسياني، برقة الهادئة، ص: 274).
والصورة المرفقة أدناه تُفنّد جملةً وتفصيلاً الادعاء الذي أورده مترجم كتاب “برقة الهادئة” حين زعم أنّه تمّ استبدال الحراس المحليين بحراس إرتريين فور وصول عمر المختار إلى سجن بنغازي يوم 12 سبتمبر 1931.
إذ تؤكد الشواهد البصرية والمكتوبة أنّ القوة الوحيدة التي رافقته كانت من عناصر السوّاري والضباط الإيطاليين، دون أي دليل على وجود جنود إرتريين في هذه المهمة.
فالشهادة البصرية الماثلة هنا، مقرونة بما ورد في المصادر الإيطالية والليبية، تكشف بوضوح استمرار وجود عناصر السوّاري والضباط الإيطاليين في مشهد الحراسة، دون أي أثر لمشاركة مجندين إرتريين في هذه المرحلة المفصلية. وهو ما يجعل رواية المترجم مجرد إقحام متأخر لا سند له في أي مصدر أولي موثوق. (انظر الصورة رقم 6).

لقد تميّزت الكتائب المحلية، مثل فرقة السواري (Savari) وغيرها، بزيّها الخاص المكوَّن من الشنّة الحمراء والزيّ الأزرق الرمادي، وهو الزيّ التقليدي الذي اشتهر به أفراد هذه القوات التي شكّلها الاحتلال الإيطالي من مجندين محليين تحت قيادة ضباط إيطاليين. وفي المقابل، كان المجندون الإرتريون يرتدون “الطربوش” الذي عُدّ جزءًا مميزًا من زيّهم العسكري، كما يتضح جليًا في النموذج المرفق. (انظر: الصورة رقم 7)

المحور الثالث: نقد مصادر البرفيسور جلال الدين محمد صالح
لقد قرأتُ بتعمق بحث الدكتور/ أحمد عبد الدائم محمد حسين، المعنون بـ: ” العساكر الإرتريون في مواجهة مقاومة عمر المختار في ليبيا (1923–1931″، الذي وصفه البروفيسور جلال الدين بـ”المحكَّم علمياً”. وهو عبارة عن ورقة بحثية تقع في سبعٍ وثلاثين صفحة مع هوامشها ومصادرها، قدّمها الباحث إلى أعمال الندوة الدولية التي أقامها معهد البحوث والدراسات الإفريقية بالاشتراك مع جامعة عمر المختار الليبية في الفترة من 16–17 ديسمبر 2008.
يزعم الدكتور/ أحمد عبد الدائم في ورقته أنّ المقالات التي صاحبت القبض على الشهيد عمر المختار لم تُشر بوضوح إلى دور المجندين الإرتريين (ص: 24). غير أنّه سرعان ما اتخذ من هذا الادعاء منطلقًا لإقحامهم قسرًا وتحميلهم ما لا تحتمله الوقائع، وذلك عبر ممارسة تحريف متعمد للنصوص من خلال الحذف والإضافة والتغيير، بل وإقحام ما لا وجود له أصلًا في المصادر.
ولعلّ المثال الأبرز على هذا المنهج ما نسبه زورًا وبهتانًا إلى دانتي ماريا توبنتي في مقاله المرفق بالملحق رقم (1) من كتاب “عمر المختار لإنزو سانتاريللي وآخرين”. إذ يقتبس الدكتور/ أحمد عبد الدائم قائلاً:
“لكننا نفهم من إشاراتها (المقالات) للمجموعات التي قبضت عليه، ومن ذِكرها للخسائر بكونها مقتل 3 ضباط وإصابة 6 ومقتل 121 عسكريًا وإصابة 228” (ص: 24).
غير أنّ الرجوع إلى النص الأصلي يكشف فضيحة علمية موصوفة: فالمصدر لم يورد هذه الأرقام مطلقًا، ولم يتحدث بهذا الأسلوب، وإنما هي إضافات جاءت من كيس الدكتور/ أحمد عبد الدائم نفسه، في محاولة مكشوفة لإيهام القارئ بأن ضخامة الخسائر تفترض بالضرورة مشاركة المجندين الإرتريين. وهنا لا نقف أمام خطأ عارض أو سوء فهم عابر، بل أمام تزوير وتدليس متعمد لخدمة أطروحة مُسبقة، في مخالفة صريحة لأبسط معايير البحث الأكاديمي القائمة على الأمانة والدقة والالتزام بالنصوص كما وردت.
كذلك ارتكابه خطيئة عندما نسب إلى ساندو ساندري ما لم يقله في إنزو سانتاريللي في كتابه عمر المختار، حيث اقتبس منه الدكتور أحمد عبد الدائم قائلاً:
“ومن عباراتها (المقالات) التي تتحدث عن العيارات التي أطلقها العساكر المختفين وراء كل خميلة ووراء الصخور والنباتات الشوكية فجر يوم 11 سبتمبر 1931 في مشهد محاصرة الشيخ في غابة شنشن، فرحين بالقبض عليه”.
علّق الدكتور أحمد عبد الدائم على هذا النص الذي نقله بالمعنى قائلاً:
“نفهم هذا الدور الواضح للإرتريين في معركة الاعتقال، وإحساسهم بالفرح بالقبض على عمر المختار ليستريحوا من العناء الذي ظل لمدة ثمان سنوات.” (ص: 24).
وهنا تتجلّى بوضوح آلية التحريف والتدليس؛ إذ إنّ العبارة التي نسبها الدكتور/ أحمد عبد الدايم إلى ساندو ساندري وقدّمها على أنّها إدانة صريحة للمجندين الإرتريين، ليست كذلك مطلقًا. فالنص الأصلي لا يذكر الإرتريين إطلاقًا، بل يورد صراحةً اسم فرقة السواري، كما أنّه لا يشير البتة إلى ما سماه الباحث بـ”فرحهم” أو “ارتياحهم”. إنّ العبارات التي أضافها من قبيل: (الفرح، الدور الواضح، العناء لثمان سنوات)، لا وجود لها مطلقًا في المصدر، وإنما هي إقحام متعمد يراد به إلصاق التهمة بغير سند، وهو ما يكشف بجلاء عن منهجية تقوم على التلفيق والتحوير خدمةً لغرض دعائي.
فالنص الأصلي في كتاب عمر المختار للمؤرخ إنزو سانتاريللي ورد حرفياً على النحو التالي:
“على الفور تنطلق عيارات البنادق تمزق السكون… إنها عيارات العساكر المختفين وراء كل خميلة ومجموعة من الصخور والنباتات الشوكية. يفر الشيخ على صهوة جواده الذي ينطلق به بسرعة الريح صوب الغابة الكثيفة… إلى أين ورجال السرية السابعة (السواري) له بالمرصاد”. (ص: 316–317)
وبذلك نكون أمام تصرّف غير مشروع في النص، يتجاوز حدود الخطأ إلى التزوير الواعي، عبر إقحام معانٍ لم ترد في المصدر، وتحويلها إلى “شهادة” مزعومة على تورط المجندين الإرتريين. إن هذا السلوك لا يُعَدّ مجرد إخلال بقاعدة أمانة النقل، بل هو نسف لجوهر المنهج العلمي، لأنه يُحوِّل البحث من جهد معرفي إلى صناعة روايات مختلقة تخدم غرضًا غير نبيل مسبقًا.
إنّ هذا النموذج من التحريف لا يقتصر على “سوء فهم” أو “اختلاف في التأويل”، بل يصل إلى حدّ التزوير النصي المتعمد، إذ حوّل النصوص من وصفٍ موضوعي لحادثة عسكرية إلى اتهام صريح لفئة معينة دون دليل. وهو سلوك يناقض أبسط معايير البحث التاريخي النزيه.
ومن عجيب ما انتهى إليه الدكتور/ أحمد عبد الدائم في تحليلاته المتكلفة، أنّه استنتج من فرية حراسة المجندين الإرتريين للشهيد عمر المختار داخل السجن “دليلاً” على استمرار وجودهم في المشهد حتى لحظة الإعدام (ص: 24). غير أنّ هذا الزعم يفتقر إلى أيّ أساس علمي متين، إذ لم يرد له ذكر في أي مصدر إيطالي أو ليبي معاصر للأحداث، كما لم يرد في المراجع التاريخية المعتمدة التي تناولت وقائع اعتقال شيخ الشهداء عمر المختار ومحاكمته وإعدامه.
فالمرجع الوحيد لهذه الرواية لا يتجاوز تعليقاً على الهامش أضافه مترجم كتاب “برقة الهادئة”، الأستاذ إبراهيم سالم بن عامر (وردت ص: 274). والمثير أنّ الدكتور/ أحمد عبد الدائم عمد إلى إسناد هذه المعلومة إلى الدكتور علي الصلابي في محاولة لإضفاء الشرعية الأكاديمية عليها.
غير أنّ الرجوع المباشر إلى كتاب الدكتور الصلابي (الحركة السنوسية ص: 489) يظهر بوضوح أنّ الصلابي قد تعامل مع النص بأمانة، فنسب القول صراحةً إلى المترجم، لا إلى غرسياني ولا إلى أي وثيقة إيطالية أصيلة تسندها. ومن ثمّ، فإنّ هذه الرواية لا تعدو أن تكون من المترجم، تحكمه سياقات ودوافع خاصة بالساحة الليبية، ولا يمكن عدّه بأي حال من الأحوال مصدرًا أوليًا أو قاعدة يُبنى عليها تحليل تاريخي في حادثة خطيرة ودقيقة.
إنّ الإصرار على توظيف مثل هذه الاستنتاجات الواهية، وتحويلها إلى “حقائق” لتفسير الأحداث، إنما يكشف عن انحراف منهجي واضح، لا يليق بالبحث التاريخي الرصين، ويُضعف مصداقية أي بناء علمي يقوم عليه.
إنّ ما قام به الدكتور أحمد عبد الدائم محل النقد يمثّل إخلالًا جوهريًا بأبسط قواعد البحث العلمي؛ إذ كان الأجدر به أن يلتزم بأصول التوثيق، لا سيما وأنه يدرج كتاب غرسياني نفسه ضمن مراجعه الأساسية. أما تجاوزه المتعمد لهذه الحقيقة واعتماده على تعليق هامشي بوصفه “دليلًا” تاريخيًا، فيندرج في إطار غياب الموضوعية والدقة والمصداقية، ويشكّل انحرافًا واضحًا عن مقتضيات المنهجية الأكاديمية الرصينة.
وتزداد خطورة الموقف العلمي إذا علمنا أنّ الترجمة الحديثة لنفس الكتاب التي أنجزها محمد بشير الفرجاني قد كشفت، بالمقارنة مع النص الإيطالي الأصلي، عن فروقات جوهرية وهائلة بينها وبين ترجمة بن عامر. فقد أحصى النقاد أكثر من مئة وستين موضعًا تضمّنت زيادات وتصرفات ليست في الأصل، شملت كلمات وألفاظًا وجملاً كاملة. وعليه، فإنّ أي اعتماد على هذه الإضافات الهامشية لتشييد استنتاجات تاريخية يُعدّ نوعًا من المجازفة غير المقبولة علميًا، بل يمكن وصفه بأنه انتحار بحثي.
ومن ثمّ، فإنّ ما أورده الدكتور أحمد عبد الدائم حول حراسة الإرتريين لعمر المختار في السجن لا يتجاوز كونه إقحامًا متعمدًا لا سند له، ومحاولة لإضفاء طابع موضوعي على رواية ملفّقة. والحق أنّ الإصرار على ترويج مثل هذه المزاعم يرقى إلى مستوى الإخلال الفاضح بالمنهجية الأكاديمية، لما يتضمنه من تجاهل لشروط البحث العلمي التي تقوم على الموضوعية، والدقة، والمصداقية، والحياد.
ثم يبلغ التدليس مداه حين يحاول الدكتور أحمد عبد الدائم الربط بين ما ورد في صحيفة الاتهام الموجهة لعمر المختار قبل إعدامه ـ بزعم تضمّنها إشارة إلى قتله عددًا من الإرتريين في معاركه ضد الاستعمار الإيطالي (ص: 24) ـ وبين وجود الإرتريين بالضرورة في مشهد اعتقاله وحراسته.
إنّ هذا الربط ليس سوى قفزة غير منطقية وافتعال مكشوف، فالحقيقة التي لا خلاف عليها أنّ المجاهد الشهيد عمر المختار خاض معارك شرسة ضد القوات الإيطالية التي ضمّت في صفوفها مجندين من جنسيات متعددة، وكان من بينهم ليبيون وإرتريون وصوماليون وإثيوبيون من تجراي). وهذا أمر يندرج ضمن سياق المواجهة العسكرية بين مقاوم ليبي وقوة استعمارية عابرة للحدود. لكن تحويل هذه الحقيقة العامة إلى استنتاج حتمي بأنّ “الإرتريين هم من تولوا اعتقاله” يمثل خلطًا فجًّا! فهل يعقل أن يؤدي سقوط جنود إرتريين في ساحة القتال وفي معارك متعددة إلى نتيجة مباشرة مفادها أنّ الإرتريين أنفسهم كانوا الفاعلين في اعتقاله؟! إنّ هذا الادعاء لا يقوم على أي وثيقة أصلية ولا على أي نص من محاضر المحاكمة، بل هو مجرّد إسقاط لاحق يسعى الكاتب من خلاله إلى شرعنة صورة مختلقة عن “الإرتريين” في المشهد الأخير من سيرة الشهيد المختار.
إنّ خطورة هذا النوع من الربط تكمن في أنّه ليس مجرد سوء قراءة، بل هو تلفيق مقصود يهدف إلى إدخال عنصر بعينه في لحظة فارقة من تاريخ المقاومة الليبية دون سند من الواقع أو الوثائق. وبذلك يكون الكاتب قد تجاوز حدّ التحريف إلى صناعة رواية كاملة من العدم، الأمر الذي ينسف أي ادعاء له بالموضوعية أو بالعلمية، ويكشف أنّ ما يقدمه ليس بحثًا تاريخيًا بل خطابًا دعائيًا متهافتًا.
وقد أثبتت المراجعة الأولية لنصوص ورقة الدكتور أحمد عبد الدائم ومصادره أنّ هذه ليست حالات معزولة، إذ تمكنتُ في جلسة فحص واحدة لا تتجاوز ساعات قليلة من رصد ثمانٍ حالات تدليس وتحريف تتعلق بالمجندين الإرتريين في بحثه. فما الذي يمكن أن يظهر لو امتد الفحص ليومين أو ثلاثة؟ إنّ مجرد هذه الحصيلة الأولية تكفي للحكم على المصدر الذي استند إليه البروفيسور جلال الدين محمد صالح بأنه ساقط علمياً لمخالفته الصارخة لأبسط معايير البحث الرصين المتمثلة في الموضوعية، والدقة، والمصداقية والحياد، فالرجل فعلا أخفق في الفصل بين رأيه والحقائق، وأصدر أحكاماً مسبقة دون أدلة موثوقة وموثقة.
أما بحث الدكتورين المبروك محمود وصلاح سالم (القوات المساندة للجيش الإيطالي إبان إعادة احتلال برقة – المجندين الإرتريين أنموذجاً 1923–1931م)، المكون من 13 صفحة فقط، ونشر بتاريخ 30/12/2022 في المجلة الجزائرية للدراسات التاريخية والقانونية المجلد7، العدد 3 –، ص:31 – 51.
فلم يتطرقا إلى عملية اعتقال الشهيد عمر المختار من قبل المجندين الإرتريين؛ لأنها قضية محسومة ومجمع عليها، حتى إنَّ الصحيفة الليبية التي وردت في قائمة مراجعهما وهي (بريد برقة) التي كان يرأسها عمر فخرى المحيشى قد أكدت في عددها الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 1931 تحت عنوان ( القبض على عمر المختار زعيم العصاة في برقة) من قبل الكتيبة السابعة السواري؛ عليه فإن زعم اعتقاله من قبل المجندين الإرتريين هي من النتائج التي توصل لها البروفيسور جلال الدين، لأن الباحثين ذكرا فقط إيكال حراسة عمر المختار إلى الإرتريين بعد اعتقاله، استنادا إلى نفس المصدر الوحيد الذي لا شريك له وهو مترجم كتاب (برقة الهادئة) لغرتسياني.

الخاتمة والنتائج:
تؤكد المعطيات التاريخية الموثوقة أنّ وجود المجندين الإرتريين في ليبيا إبّان الحقبة الاستعمارية الإيطالية حقيقة لا جدال فيها، وقد انخرطوا بالفعل في المعارك التي خاضتها القوات الاستعمارية ضد المقاومة الليبية. غير أنّه بعد مراجعة دقيقة للمصادر الأولية المعاصرة للأحداث، إيطالية كانت أم ليبية، بالإضافة إلى الدراسات الأكاديمية المعتبرة، يتضح بما لا يدع مجالًا للشك أنّ هؤلاء المجندين لم يكن لهم أي دور مباشر في عملية اعتقال شيخ الشهداء عمر المختار، ولا في حراسته، ولا في مشهد إعدامه يوم 16 سبتمبر 1931.
إنّ كل الادعاءات التي حاولت تحميلهم هذه المسؤولية إنما تستند إلى رواية يتيمة وردت في تعليق لمترجم على الهامش، دون أن تستند إلى حقائق مثبتة بالوثائق أو الشهادات المعاصرة الموثوقة.
ومن ثمّ، فإنّ المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي ارتُكبت في ليبيا تقع على عاتق الاستعمار الإيطالي، بما في ذلك حملات الإبادة الجماعية، وسياسة الترحيل والنفي، وإقامة المعتقلات الجماعية، وإعدام قادة المقاومة الوطنية، وعلى رأسهم شيخ الشهداء عمر المختار. فالمجندون، سواء كانوا ليبيين أُجبروا على الخدمة العسكرية تحت تهديد البطش، أو إرتريين استُجلبوا بالقوة ضمن آلة الاستعمار، أو صوماليين أو غيرهم من شعوب المستعمرات الإيطالية، لم يكونوا سوى أدوات صغيرة في عجلة الإمبريالية الرهيبة، التي سخّرتهم لخدمة أهدافها في إخضاع الشعوب وإدامة الهيمنة.
ومع ذلك، ينبغي التأكيد على أنّ هذه الحقيقة لا تعني رفع المسؤولية الفردية المطلقة عن أولئك الجنود، إذ يبقى لكل منهم قدر من المسؤولية عن أفعالهم وخياراتهم الشخصية، خصوصًا في الحالات التي لم تكن محكومة بالقسر المباشر. غير أنّ هذه المسؤولية الفردية لا يمكن مساواتها بالمسؤولية البنيوية الكاملة التي تقع على عاتق الدولة الاستعمارية، بما تملكه من جهاز تخطيط وتنظيم وإكراه، هو الذي صنع الظروف وأدار العمليات وحدّد الأهداف الاستراتيجية.
وعليه، فإن القراءة التاريخية المنصفة تقتضي وضع المسؤولية في إطارها الصحيح؛ إذ إن الاستعمار الإيطالي هو الذي خطط ونفذ وارتكب جرائم الحرب في ليبيا وإرتريا والصومال وإثيوبيا. أما المجندون، على اختلاف جنسياتهم، فقد وجدوا أنفسهم عالقين بين موقع الضحية وموقع الأداة، يحملون جزءًا من المسؤولية الفردية عن أفعالهم، لكنهم لم يكونوا أصل الجريمة ولا صانعي قرارها. إنّ اختزال الجريمة في هؤلاء المجندين لا يمثل فقط تبسيطًا مخلًا بالحقائق، بل يُفضي إلى تبرئة المستعمر من جرائمه الممنهجة، وهو انزلاق خطير معرفيًا وأخلاقيًا.

إدريس موشي
كمبالا/ أوغندا

نُشر هذا المقال في الأصل على صفحة الكاتب في فيسبوك، ويُعاد نشره هنا بإذن منه.

 

قائمة المراجع:
1) علي الصلابي، المجاهد الشهيد عمر المختار، الدوحة/طرابلس، طبعات متعددة.
2) وثائق الأرشيف الوطني الليبي (طرابلس/بنغازي)، ملفات برقة 1929–1932، سجلات الحملات العسكرية في الجبل الأخضر.
3) التسلسل الزمني لأحداث المستعمرات الإيطالية، تأليف: العقيد ماريو غُرسو.
4) أحمد عبد الدايم محمد حسين بعنوان: العساكر الإرتريون في مواجهة مقاومة عمر المختار في ليبيا 1923-1931م.
5) أعمال الندوة الدولية التي أقامها معهد البحوث والدراسات الإفريقية بالاشتراك مع جامعة عمر المختار الليبية في الفترة من 16–17 ديسمبر 2008.
6) المبروك محمود صالح سليمان، وصلاح سالم عبد المولى حسين بعنوان: القوات المساندة للجيش الإيطالي إبان إعادة احتلال برقة – المجندين الإرتريين أنموذجاً 1923–1931م.
7) Tahir al-Zawi: ‘Umar al-Mukhtar, Tripoli, 1970.
8) الجنرال رودولفو غراتسياني، برقة الهادئة، ترجمة: إبراهيم سالم بن عامر، دار الأندلس للطباعة والنشر، بنغازي، الطبعة الثالثة 1980.
9) أنزوسانتاريللي وآخرون، عمر المختار وإعادة الاحتلال الفاشي لليبيا، ، ترجمة: عبد الرحمن سالم العجيلي، و د. عقيل محمد البربار، منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، سلسلة الدراسات المترجمة، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، الطبعة الثانية 2005.
10) الدم الليبي التائه في الصحارى والتاريخ، عبد الرحمن شلقم، صحيفة الشرق الأوسط، 19 أبريل 2019.
11) ذكريات مؤلمة لبعض المجندين الليبيين في الحبشة مخطوط، مصطفى كمال سلام
12) محمد عمي الصلابي: تاريخ الحركة السنوسية في أفريقيا، دار المعرفة، بيروت – لبنان 2005.
13) محمد الأشهب، مر المختار، مطبعة الهواري، القاهرة 1956.
14 Arielli, N (2015) Colonial Soldiers in Italian Counter-Insurgency Operations in Libya, 1922-32. British Journal for Military History, 1 (2). pp. 47-66. ISSN 2057-0422.
15 Bollettino Ufficiale delle nomine, promozioni e destinazioni degli ufficiali e dei sottufficiali del R. Esercito. Roma: Ministero della Guerra, 1932.
16 Del Boca, Angelo. Gli italiani in Libia: Dal fascismo a Gheddafi. Roma-Bari: Laterza,
17 Fototeca Gilardi
18 Grasso, Mario. Cronologia delle Colonie Italiane. Roma, s.d. ص 164.
19 Graziani, Rodolfo. La Cirenaica Pacificata. Roma: Istituto Poligrafico dello Stato, 1931/1932.
20 II Solco Fascista”, Reggio Emilia, 16 settembre 1931, Il capo dei ribelli catture a Slonta.
21 II Solco Fascista”, Reggio Emilia, 17 settembre 1931, Omar el Muctar è stato giustiziato.
22 La Sera”, Milano, 16 settembre 1931, Il capo della ribellione senussita cattura
23 La Stampa”, Torino, 16 settembre 1931, Omarel Muctar catturato da un reparto disavari cirenaici.
24 La Stampa”, Torino, 17 settembre 1931, Omar el Muctar è statofucilato.
25 Libyan Heritage House, The Trial of Omar Al Mukhtar, September 1931.
26 Paolo A.Paganini: Le Ultime Ore del Garibaldi Della Libia. Storia IIIustrata N. 272. Luglio.
27 Quirico, Domenico. Lo squadrone bianco. Milano: Mondadori, 2002.
28 Royal Corps of Colonial Troops (Regio Corpo Truppe Coloniali).
29 Santarelli, Enzo, Girogio Rochat, Romain Rainero, and Luigi Goglia. Omar Al Mukhtar: The Italian Reconquest of Libya. London: Darf Publishers Limited, 1986.
30 Sentinella d’Italia”, Cuneo, 19 settembre 1931, La fine di un mito.
31) بريد برقة، العدد (347)، 18 سبتمبر 1931.
32) دراسات في الأرشيف والمعلومات، إبراهيم أحمد المهدوي، منشورات جامعة قاريونس، ط 1، 1998، ص: 411- 426).

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى