مقالات وآراء

الشيخ محمد خير عمر. التغيير يمر من هنا

السؤال الجوهري لا يتعلق فقط بما فعل بنا، بل بما لم نفعله نحن.

ليس الانتفاضة فقط على أعدائنا، بل أيضًا على عيوبنا، لأن التغيير يبدأ بالذات.

والذي يخطط يجب أن يكون مستحضرًا للسننية، ومنها أن التغيير يبدأ من عند أنفسنا، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

وهذا التغيير يبدأ بـ:

أولًا: وحدة الكلمة وهي الأساس العاصم، وصناعة الوعي الجمعي من أجل الفعل التاريخي الإيجابي.

ثانيًا: كما أنه ليس أمام الأمة الإسلامية الآن الاشتباك مع المشروع الغربي الصهيوني، كذلك ليس أمامنا خيار إلا الاشتباك مع المشروع الطائفي الأحادي. فهذه فرصة تأريخية، وقد تكون الأخيرة. إن لم نستثمرها لصالح أمتنا، سيكون علينا وزر ضياعها، لأننا في موضع المسؤولية.

فقط ننظر إلى الأولويات في فعل الاشتباك هذا: نبدأ بإيجاد جسم سياسي جامع للمسلمين. الحوار قد تكون له الأولوية، ولكن إذا لم تسنده قوة، يبقى مجرد عملية إدارية لإطالة الفترة الغثائية. فشرط التصالح بين الحضارات والثقافات هو الندية، وهي لا تكون إلا في حضرة القوة.

ثالثًا: نلاحظ اليوم أن الذين بَقِي عندهم ما يقولونه ويُسمع منهم، هم الذين بقيت أيديهم على الزناد. نموذج طالبان، ثورة الشام، حماس.

رابعًا: عادة، ليس هناك أمة تنهزم إلا إذا اقتنعت أنها منهزمة قبل المواجهة. فالإنسان تُهزم إرادته، لا إمكانياته. الآن، هذا الحراك هو لكسر هذا الحاجز النفسي الذي طال أمده.

خامسًا: لا تُبنى الكيانات والدول بالحق وحده، ولكن تُبنى بالحق والقوة معًا. والحق لكي ينتصر، ينبغي أن يتحرك: (قل جاء الحق وزهق الباطل)، (ونقذف بالحق على الباطل فيدمغه). إذا لم يتحرك أهل الحق، لن ينتصر الحق لمجرد أنه حق. هذه سنن لا تحابي أحدًا.

سادسًا: التحالفات مثلًا مع أبي أحمد، ومشكلته الرئيسة هي إيجاد موطئ قدم على البحر الأحمر. من الممكن عقد اتفاق معه بهذا الشأن عندما تكون لنا كلمة في الوطن. فالبحر في الأصل خالص لنا من دون النصارى.

يمكن استثمار العداء بينه وبين النظام الإرتري بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين. والاتصال قد يتم عبر المجلس الوطني الإرتري، فهو قبل وقت قريب كان في زيارة رسمية بدعوة من النظام الإثيوبي. وهذا الاتفاق يُحجّم في نفس الوقت من تأثير التجرنية سلبًا على إرتريا، فهم يسعون ليقدموا المنفذ البحري هذا لإثيوبيا ليكون لهم عربون محبة مع بقية القوميات الإثيوبية بعد الحرب الأهلية الطاحنة بينهم. فيجب أن يُحرموا من هذه الميزة.

ينبغي أن نتحرك في كل الجهات والجبهات.

سابعًا: أخطر عبارة يستخدمها منظرو النظام هي: “نخاف من الفوضى بعد سقوط النظام والحرب الأهلية”، وهي عبارة تأتي في سياق إبقاء الأمور على ما هي عليه. هذا التخويف من التغيير هو من أكبر أدوات الدفاع عن النظام، فهي كلمة تُقال من أجل التخويف المسبق حتى لا يفكر أحد بالحراك ضد النظام، وهي من الأسلحة الفاعلة في إطالة عمر النظام.

ينبغي ألا نقع في هذا الفخ، بل يجب ضرب هذه الرواية، ليس بالتماهي معها، بل باقتلاعها ورفض التعاطي معها وتجريد هؤلاء من هذا السلاح.

وهذا لا يكون بمخاطبة هؤلاء المتخوفين وتطمينهم، فهم لا يخافون إلا على مصالحهم وامتيازاتهم، وهي كلمة حق أريد بها باطل، بل بوضع ميثاق عام للجميع.

كما ينبغي استثمار هذا الحراك قبل أن تخمد جذوته وتوجيهه الوجهة الصحيحة، فالحراك السياسي من الخارج، بنوع من الزخم الإعلامي، قد يفجّر انتفاضة داخلية.

نحن بحاجة إلى استثمار الوضع الراهن بإيجاد تيار جارف يكون جاذبًا لكل الحادبين في الداخل والخارج.

وعلينا أن نتجنب – وهذا أراه مهمًّا جدًا – قتل هذا الحراك الحي بفسيفساء من الأطروحات والتصنيفات. وعلينا أن نراهن على يقظة اللحظة قبل أن تخبو، فالتغيير دائمًا تصنعه القلة الواعية، والبقية مع من غلب.

خاتمة: إن كل شيء اليوم يأخذنا إلى الوطن… إلا الطريق. نريد أن نعبد طريق العودة إلى الوطن بهذا الحراك المبارك.

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى