المناضل الكبير، الشيخ إبراهيم علي إدريس، يكشف أسرار نضاله وتجربته في حوار شيق مع زينا
المناضل الكبير إبراهيم علي:
لعبت ( قرشبع karshabba) و(اكابيبو – akabebu) و(ابن حفن eben hefen
لا بديل عن التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في ارتريا
يحسب للنظام انه حافظ على حدود الوطن ووحدة المواطنين .
حاصرته الأسئلة ليقول شيئا في النظام لكنه أكد على إيجابياته من الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة حدوده وأراضيه. .
أتاه سؤال محرض على العودة فأجاب انه لن يعود قبل تحقيق الحكم الرشيد في ارتريا .
واستغربت من توليه منصب إدارة صحية وهو خريج الشريعة والقانون لكنه أجاب بهدوء أن العمل الإداري والقضائي يتآزران ولا يتنافران.
وأكدت المقابلة على أصالة ومتاتة العلاقة بين السودان وارتريا موضحا أن الحدود الاستعمارية لا تقوى على حجب هذه الحقيقة. .
ضيف ( زينا ) يتجاوز ٨٥ عاما من عمره عاصر فيها الحكم البريطاني والإثيوبي الملكي والشيوعي وعهد نظام الجبهة الشعبية بعد التحرير وكان صديقا حميما للقائد المناضل عبد الله إدريس وكانت تجمعه به أكثر من وشيجة حسب ما ورد من تفاصيل المقابلة.
بسم الله الرحمن الرحيم
في المدخل نريد تعريفاً موجزاً حتى يقف القارئ على البطاقة التعريفية لضيف وكالة زاجل الأرترية للانباء زينا مرحباً بكم الفرصة متاحة للتعريف…
أعوذ بالله من الشيطن الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اسمي إبراهيم علي إدريس ولدت عام ١٩٤٠م في منطقة ساحل البحر الأحمر وتحديدا في جبال رورا .
الحالة الاجتماعية متزوج وعندي خمسة من الأولاد . الحمد لله
لكل شخص فترة طفولة لا تنسى ذكرياتها صف لنا طفولتك في أرتريا
فترة الطفولة كحال كل الناس بالذات الأرياف عندما يولد الطفل ليس هناك التحاق بالمدارس ولا بمؤسسات تعليمية و لكن الرعي و كالعادة كنت ا رعى في حالة صغري الغنم و عندما كبرت قليلا كنت ارعى البقر و كنت انتقل بها من مكان لمكان و الحالة التي لا انساها كان لدينا كالعرب رحلة الشتاء و الصيف في رحلة الشتاء إلى ساحل البحر الأحمر و في فصل الصيف ننتقل إلى الجبال طلباً للبرودة لأن الصيف في الساحل يكون حارا فنرتقي إلى أعالي الجبال و كنت هناك أرعى البقر.
وفي إحدى السنوات وهي الحالة الفاصلة في حياتي بين مرحلة وأخرى. كنت أرعى الغنم فضاعت مني سخلة وعندما عدت ليلا بدونها أنبني الأهل تأنيبا شديدا وقالوا لي : غدا ترينا مكان المرعى يريدون التأكد هل أكلها الثعلب أو الذئب ، فذهبوا معي إلى المكان ووجدوا حبلا كنت أتأرجح فيه فكان دليل إهمال تمسكوا به لإلصاق التهمة أني انشغلت باللعب عه حماية الغنم عن الحويانات المفترسة .مثل الذئاب والثعالب والقرود فكلها تأكل اللحم وتفترس الحيوان الصغير.
في اليوم التالي طلب مني الأهل أن آتيهم بحجر مناسب يوضع في النار حتى يحمر ثم يوضع في اللبن حتى يفور ويصبح صالحا للشرب بعد ذلك.
ومشيت اجلب الحجارة وتظاهرت اني مطاوع لتوجيههم لكني واصلت طريقي هاربا منهم .
تعرضت لمخاطر حقيقية في الطريق لم تكن في حساباتي ولم استعد لتوقي شرها ولو لا عناية الله.لم يكن سبيل للنجاة من الذئاب والحيوانات المفترسة كالنمور والذئاب التي تملأ الوادي والطريق الذي اسلكه ..
وحالتي في ذلك الوقت سبحان الله الله مد الله في عمري وإلا كانت هذه الذئاب التي وجدتها تتعارك في النهر . ولو التفت أحدها الي لكان كلهم انتقلوا إلي ومزقوني ولكن عناية الله سبحانه وتعالى ثم هدفي النبيل لأني أريد أن اتعلم وان اذهب الى أختي آمنة علي إدريس وابن عم الناظر محمد سليمان محممود في منطقة هبرو, أريد أن اتعلم القرآن وفعلا جئت للوالدة رحمها الله في منطقة قرقر وفي تلك المنطقة قلت لها: انا ارسلني محمد سليمان كي أسدد د الرسوم حق الضرائب ومنها مشيت إلى رورا إلى اختي رايت عثمان من عد ديني وهي بكر امي تكنى بها: ام رايت ومكثت معها فترة وعندما سمعت ان اخي ادم حامد وصل إلى هذه المنطقة تركت المنطقة غادرتها إلى اختي حليمة حامد داؤود في منطقة امبهره في هبرو ومشيت منها الى اخي عمر محمد علي و قلت لهم : أنا ماش لهبرو لأختي ومنها فعلا مشيت و استقررت مع أختي وابن عمي محمد سليمان وذلك لطلب العلم والتعليم
مزيدا من ذكريات الطفولة.
ومن هذه الذكريات كان عندنا فترة للسهر وفترة لقضاء الوقت باللعب فكنا نلعب بحاجة اسمها ( قرشبع) وهي لعبة عبارة عن خشبة صغيرة تقطع ثم تضرب بالعصي من واحد يكون على بعد 20 مترا أو أكثر وهذا الثاني يستقبلها بضرب مماثل ومن ألعابنا ليلا ( أكابيبو ) نمشي في الظلام ونعمل و نجمع التراب ونشكل منها مجموعات مخفية يعلن عن اكتمال المهمة وبداية البحث عنها من أشخاص آخرين فمن وجدها هو الفائز .
ومن ألعابنا واحدة اسمها ( ابن حفن ) الحجر الساخن نخفيه وسط الظلام في مكان وتبدأ عملية البحث أنه تفتيش مضني في الميدان فمن وجده ووصل به إلى نقطة الارتكاز فهو الفائز وهناك من يزاحمه ويصارعه حتى لا يظفر بالانتصار ولهذا يلزمه التحوط الكبير حتى لا يشعر به المنافسون..
ومثل هذه الأشياء والألعاب كنا نستمع بها لم ولم يكن لدينا أي جهاز في ذلك الوقت ما في إذاعة ولا تلفزيون ولا وسائل إعلام يقضي الإنسان فيها أوقات ولا توجد ثقافة غير
الترحل والتنقل والرعي.
ماذا عن مسيرتك التعليمية بداية و ختاماً؟
المسيرة التعليمية فعلاً تختلف أولاً البداية كانت في هبرو حيث تعلمت الحروف ووصلت في قراءة القرآن الكريم سورة الكهف ومنها أنا وزميلي قررنا أن نشرد ونترك الرعي فانتقلنا إلى كسلا أنا وأخي عبدالله آدم. وفي كسلا نزلنا في حلة حلنقا في مسجد سيد مالك وفيه أقمنا مدة سنتين وجزاهم الله خيراً طبعا في ذلك الوقت كان لخلوة إبراهيم العربي وفي هذه الخلوة كل الطلاب كانت لهم إعاشة ، كل طالب تتبناه أسرة وتوفر له الفطور والغداء والعشاء وهو يقرأ . كانت هذه الظاهرة موجودة في البلد وجزاهم الله خيرا. وفي هذا الصورة كان يتم قراءة القرآن وفي مسجد سيد مالك جلسنا سنتين ومنها أنتقلنا أنا وزميلي آدم إلى امدرمان في سنة 58 وقرأنا في مسجد المحطة الوسطى في امدرمان مكثنا فيه فترة وأخيراً راينا أن التعليم في ذلك الوقت في السودان ما كان واصل مؤسسات تعليمية ما كانت متوفرة ولذلك الشيء الذي أذكره أني اشتغلت شهر في محل اسمه محل خيرات في امدرمان المحطة الوسطى وحصلت في آخر الشهر إلى أربع جنيه وفي ذلك الوقت ما كان في امدرمان لا بنوك ولا حاجة الأربعة جنيه ودعتهم في مركز شرطة حتى لا اضيعهم وبعد فترة قمت بالأربع جنيه وقطعت منها تذكرة ومعي صاحبتنا سافرنا إلى حلفا القديمة باثنين جنيه ونص كانت ثمن التذكرة في ذلك سنة 58 بإتنين جنيه ونص إلى حلفا القديمة ومن حلفا القديمة كان رجل طيب رجل خير الله يرحمه اسمه عباس أبو مرين كان يساعد الطلاب الذين يذهبون إلى الأزهر جزاه الله خير و الله يجعله في ميزان حسناته أخذنا وطبعا ليس لنا قروش ولذلك كلف شخص ليذهب بنا إلى الحدود وبالليل اوصلنا الرجل هذا الحدود ومنها قطعنا الحدود وصلنا أول قرية أول قرية مصرية بتاريخ ١٩٥٨م
كان مشروع السد العالي وبدأت مصر بحكاية أساسيات للسد العالي في أسوان والسد العالي طبعا كان في قرى النوبة النوبة دول والله أشبه بناسنا ومجامعنا بكرمهم وفي العلاقات الاجتماعية وفي حبهم للضيوف وأكرمونا وضيفونا ومنها ركبنا للبنطون إلى حلفا إلى أسوان ولم يكن عندها جوازات وفي ذلك وجدنا مشكلة ورجعونا في باخرة اسمها دلتا باخرة البواشي ونزلنا منها في منطقة اسمة مشروع زراعي في الحدود المصرية ومنها نزلنا في المشروع ورجعنا من جديد إلى أسوان ومن أسوان ركبنا القطار إلى القاهرة عام ط ١٩٥٩م
ومنها وصلنا للأزهر الشريف ودخلنا الحمد لله في مدينة البعوث الإسلامية وأكملت الإعدادية والثانوية والجامعة وبدأت في الدراسات العليا .
وفي الجامعة التقينا أنا وزميل من ليبيا اسمه الطاهر خشخوشة الله يرحمه الله فقد توفي في حادث. وأخذنا مجموعة طلبة لجمعية الدعوة الإسلامية في ليبيا ومجموعة من طلبة الأزهر جملة مجموعة سودانين وأردنين وأثيوبين ووصلنا إلى طرابلس.
صاحبت وعاصرت أحد النظار والحكم الفيدرالي هل من توضيح للعلاقة بين الطرفين في تقييمك؟ وما الأدوار التي كانت منوطة بالناظر والنظار في تلك الفترة؟
فعلاً أول كنت صغيراً لأن الأحداث هذه كانت بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة المحور وقعت المنطقة في الاحتلال البريطاني وأن الممتلكات الإيطالية أصبحت من نصيب الحلفاء وبدأت بريطانيا في ذلك الوقت عملية إنشاء النظارات وأجتمعت القبائل هناك قبائل كبيرة وقبائل صغيرة في ذلك الوقت القبائل الصغيرة طبعاً كان نسبة محددة من الإدارات ونسبة من العدد فالنظارة كان حسب النظم التي كانت موجودة كان أنها حد معين إذا كان لم تصل هذا الحد فلا تستحق النظارة والنظارات الكبيرة كان عندها يعني معناها في منطقة الساحل وفي منطقة المرتفعات يكون عندها نظارتين نظارة في الساحل ونظارة في المرتفعات بالنسبة للقبائل الكبيرة مثل الألمدا والآسفدا والبيتمعلى وما شاكل ذلك وأما القبائل الصغيرة فجزء منها كان يعني يدفع الرسوم مضاعفة حتى يتحصلوا على نظارة والفترة دي كانت فترة نهضة تقريباً والشعور بالعمل الإجتماعي ولكن كانت أثيوبيا في ذلك الوقت كانت تعمل بمساعدة بريطانيا وأمريكا لإلحاق أرتريا بأثيوبيا من أجل أن تحصل على منفذ بحري في البحر الأحمر ولذلك المؤامرة كانت على أشدها ضد الشعب إلارتري في ذلك الوقت وبعد ذلك وكما تعلمون بعد الفترة دي فترة تحرك لإنشاء النظارات وفيها قامت في واحد وستين كما تعلمون ثورة الشعب الارتري ضد المؤامرة اللي كانت في الاتحاد الفيدرالي اللي كان مفروض على السعب الارتري من قبل أمريكا والغرب وفي تلك المرحلة كانت المآسي كبيرة جداً يتعاونون العملاء من الإريتريين كان مع الاستعمار الأثيوبي وكان يكونون ما يسمى بالكومندوس ذلك الوقت وكان وكان يعينون للجيش الإثيوبي في الأرياف ويلاحقوا الناس الأرياف وكانت إثيوبيا تنهب أموالهم وتقتل الناس وأحيانا تجد الأسماء مسجلة يجمع هؤلاء الناس،؛ تسجن وكان الوقت وقت تمايز بإنسان وطني وإنسان عميل في ذلك الوقت هذا الذي كان موجود في الفترة.
ما الأسباب التي دفعت بك إلى الهجرة للسودان؟
تطبيقا لقوله تعالى” فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم .. ” من هذا المنطلق كان الهدف هو العلم والمعرفة وانذار الأهل والعشيرة تطبيقاً لقوله تعالى” وانذر عشيرتك الأقربين ” كل هذه المقاصد القرآنية الهدف منها التعلم وخاصة التعليم الديني.
كيف كان الاستقبال؟
الوضع كان موحد حتى في ذلك الوقت يعني معنى إرتريا والسودان كان تحت الحكم الإنجليزي كان كلهم تحت حكم واحد يعني الإنجليز كانوا حاكمين ومن نافلة القول الوضع السيء الذي حصل في ذلك الوقت هو الحدود الذي وضع بين إرتريا والسودان الحدود كان من صنع أثيوبيا وإيطاليا وبريطانيا والاستعمار ولا يحقق لا للسودان ولا لإريتريا أي هدف وكان فيه اجحاف سيء بحق الشعب الإرتري في أرضه.
كيف كانت تجربتك في مصر بعد وصولك مشياً على الأقدام وهل واجهت تحديات كبيرة في محاولتك إتمام دراستك بكلية الشريعة والقانون؟
والله تجربتي في القاهرة كانت تجربة لا تنسى كان في مصر على رأس السلطة جمال عبد الناصر وهو كان زعيم العالم العربي والإسلامي ووجدنا منه كل رعاية وكل تكريم ، وجدنا في المؤسسات المصرية من الازهر وغيير الأزهر الرعاية لكل المسلمين من كافة بقاع الأرض وخاصة البلاد العربية والأفريقية كانت مصر تولي قمة الاهتمام بهذه الشعوب وخاصة جمال عبد الناصر كان كبير القلب وكبير التفكير وكان رائع للمسلمين والعرب في ذلك الوقت ووجدنا
الرعاية والكرم الأخوي ولكن الاعداء كانوا يتربصون به فحصلت حرب 67 المعروفة التي تعتبر أمريكا هي التي حددتها وهي التي هزمت عبد الناصر
حدثنا عن تجربة القضاء في ليبيا ؟
خلال 11 سنة التي قضيتها في ليبيا في إطار القضاء استفدنا الفائدة الكبيرة جداً من الممارسة العملية لأن الحياة النظرية تختلف عن الحياة العملية فالحياة العملية في القضاء بالذات تختلف اختلافا كبيرا عن الحياة النظرية وذلك من تعدد القضايا ومن اختلافها ومن صورها و تفاصيلها فمن الممارسة استفدنا استفادة كبيرة في هذا الإطار في الجانب الشرعي وفي الجانب المدني وفي الاستئنافات وفي كل ما يتعلق استفدنا فائدة لا يمكن حصرها في هذا اللقاء الصغير.
ماذا عن دورك مديرا للهلال الأحمر والصليب الأحمر الأرتري هل كان هذا الدور تأثير كبير في حياتك الشخصية والمهنية؟
العمل في الهلال و التدريب يعتبر عمل انساني وعمل إداري ، وكان الهدف توفير الامكانيات للثورة الإرترية في هذا الإطار وفي خدمة الناس الذين هم بحاجة وإيجاد موارد مختلفة من الجمعيات الخيرية ومن الخيرين في الداخل وفي الخارج والتعامل مع الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية في الخارج حتى نوفر الإمكانيات لإدارة أحوال المدارس والأيتام والأرامل والجرحى الذين كانوا في السودان وجزى الله خيراً الحكومة السودانية كانت تتعاون معنا في إعفاء بعض السلع التي نستوردها للمدارس في السودان و لبعض الناس الذين هم في حاجة اليها وبعض الجمعيات وبعض المستشفيات والمجمعات الصحية كانت تتعاون في هذا الجانب وكانت الإعفاءات سنوياً يعفو لنا أشياء كثيرة من الأدوية ومن سيارات ومن المستشفيات ومن الأجهزة الطبية وطبعا هذه شيء طبيعي نسبة للشعبين الشقيقين في كل من إرتريا والسودان كان التعاون تعاونا صادقا وتعاونا واضحا .
هل كان لهذا الدور تأثير كبير في حياتك الشخصية و المهنية؟
ليس هناك تأثير لأن الإنسان مقتنع و يعمل في جانب إنساني و هو مقتنع بالعمل به لتحقيق الأهداف الإنسانية في هذا الجانب من الناحية الصحية و الاجتماعية.
تقول سيرتك انك اشتغلت مديرا للهلال و الصليب الأحمر الارتري احكي لنا تجربتك ما الذي ساق خريج شريعة وقانون إلى إدارة مؤسسة صحية؟
العمل القضائي و العمل الإنساني ليس متباعداً فالعمل القضائي له علاقات و تداخلات و تقاطعات مع العمل الإنساني . العمل الإنساني كان للجمعية كتوفير حاجة للأيتام و للجرحى و لأبناء الشهداء كعمل إنساني و القانون دائماً له علاقات و له تقاطعات مع هذا الجانب فكان العمل فعلاً مرضي و ممتع لأنه يجعلك على صلة بالشرائح المختلفة من ابناء الشهداء و من الجرحى و من ذوي الحاجة لهذه المعونات.
مالذي جعلك تقترب من المرحوم عبد الله ادريس رئيس جبهة التحرير الاترية وكيف كانت علاقتكما؟
علاقتي بعبدالله ادريس علاقة نسب وعمل وتقارب افكار ومعرفة سابقة منذ الخمسينات و عبدالله ادريس درس في امدرمان الأمور الدينية وانا أيضا نفس شيء فكان لقاءنا ما كان جديد ففي تلك الفترة كنا نرتقي وكنا ننتقل من مكان لمكان طلبا للعلم والمعرفة في تلك المناطق باعتباره كان رئيسا للتنظيم العلاقة كانت جيدة مبنية على التعاون والتفاني والبحث عن إيجاد موارد لكل هذه الاحتياجات التي ذكرناها من ايتام و جرحى ولاجئين و مساكين هم في حاجة إلى هذه المعونات
بعد رجوعك إلى السودان كيف كانت تجربتك في الدراسة في المدارس الثانوية ؟
طبعا بعد عودتي انتقلت لمدة سنة في معهد سنكات الثانوي و كنت أحد طلابه في ذلك الوقت وكنت الطالب النابغة في هذا المعهد وكان نخبة من الطلاب الممتازين المجتهدين في معهد سنكات في مادة التربية الإسلامية درست لمدة سنة وكنت أحد نابغيها وكنت أكثر الطلاب تحصيلاً و اجتهاداً وبحثاً للعلم والمعرفة في ذلك الوقت.
عملت معلماً في المراحل الثانوية كما عملت إدارياً بعيداً عن التدريب أين وجدت نفسك ما هي المهنة الأثيرة لديك أكثر ؟
والله العمل الإداري في كل مؤسسة أو في كل عمل يكون في عمل إداري وعمل مختلف وتربوي وتعليمي فكان العمل القضائي داك عمل مكتبي وعمل ذهني أكثر لكن العمل الإداري هو عمل ترتيب الأمور وأوضاعها ووضعها في شكل متناسق والتربية للعمل التربوي هو مهنة الأنبياء والإنسان يسعد ويرتاح كلما علم وبالذات لما يكون التعليم في التربية الإسلامية ولما يكون في القرآن الكريم وما شاكل ذلك وعلومه هو كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام خيركم من تعلم القرآن وعلمه وكان التعليم في تلك الفترة في المراحل الإسلامية كان القرآن الكريم وفي فقه الإسلامي وذلك كان ممتع جداً أكثر من أي عمل آخر لأنه عمل يتعلق بالدين وبالضمير وبالخلق و الدعوة الإسلامية.
بعد أن غادرت السودان إلى مصر بسبب الحرب هل تتذكر لحظات معينة شكلت تحديات كبيرة لك خلال فترة الحرب؟
الفترة التي انتقلنا فيها من السودان إلى مصر كان قبل الحرب بشوية لأن الحرب كانت ما حلت بالبلد و لذلك كان الوضع كان سلسا لأن المواصلات سهلة والطريق سهل ما كان أي مشاكل ولا عوارض سلكنا من الخرطوم بالطريق الدولي الممتد إلى القاهرة عبر أسوان ولم نشاهد أي معيقات
في الطريق.
الحرب السودانية الحالية بين الدعم السريع و الجيش أدت إلى هجرة كثيرين من ديارهم و أنت وصلت مصر مهاجراً و بقي الكثيرون في ديارهم على الرغم من مخاطر المعركة قارن بين الربح و الخسارة في الهجرة إلى الخارج و الثبات في الديار ؟
الواقع المشكلة التي حصلت بين الحكومة السودانية والدعم السريع هذه المشكلة كانت مفتعلة عبارة عن مؤامرة دولية من دول الجوار و من دول الغرب كله و كثير من دول العرب كانت متآمرة على السودان لتدمير هذا البلد و إيعاذ من إسرائيل و أمريكا لأن هذا البلد يعتبر بوابة دخول الإسلام إلى القارة الأفريقية و هذه الظاهرة تقلق الغرب و أعداء الإسلام القريب و البعيد و لذلك الحرب كانت مفروضة و كانت عملية غير متصورة و مؤامرة بدون حدود و بدون ضوابط مؤامرة أحرقت اليابس و الأخضر فالذي بقى في السودان عانى معاناة شديدة و الذي هاجر ما هاجر بطريق مفروش بالورود فالمصاعب كلهم عانوا منها لكن معاناة الذين كانوا في هذه المعارك أكبر من اللذين هاجرو على الأقل يعيشون في سلام إن كان هناك مشاكل مالية مشاكل السكنى و الحياة الطبيعية فالمشاكل كانت فعلاً عامة مشكلة الحرب من الداخل و مشكلة المعاناة في الخارج و نسأل الله سبحانه و تعالى أن تنحصر هذه الحرب و أن يحل بالسودان المسلم و الأمن و الخير و البركة.
في الوقت الحالي ما هي أكثر الأشياء التي تشدك للعودة إلى أرتريا أو حتى إلى السودان ؟
الواقع في إرتريا والسودان واقع متداخل من ناحية تاريخية ومن ناحية اجتماعية وعليه إذا كان في هذه البلدين الهدوء والطمأنينة والحكم الراشد فأين ما يعيش يجد الإنسان الراحة النفسية والإجتماعية لأن شعب السودان و شعب إرتريا متداخل لكن الشيء الذي ينغص الحياة هو الحكام في إرتريا أو السودان إذا كان هناك عدم وجود حكومة ذات مؤسسات اجتماعية واقتصادية وسياسية رشيدة فالحياة في كل البلدين لم تكن مريحة ونتمنى أن نعود أو تردنا العودة إلى هذه البلاد و أن تحقق فيها الحكم الراشد للبلدين وانا أذكر بهذه المناسبة كلام حكيم فارسي قال لا سلطان إلا بجيش ولا جيش إلا بمال ولا مال إلا بشعب ولا شعب إلا بالعدالة فما لم تتحقق العدالة في أي بلد من البلدان ليس هناك قوة عسكرية ولا قوة اقتصادية ولا قوة اجتماعية فالعمود الفقري في الحياة أو في الدولة هو العدالة إذا لم تتحقق العدالة فالحياة لم تكن سعيدة في كل الأوقات.
عاد كثيرون الى ارتريا بعد الاستقلال وظل كثيرون متشبثا بحبل الغربة اين انت من الفريقين ولماذا؟
والله كل واحد حسب الظروف التي يعيشها فقد يكون هناك من يجد في العودة الحياة التي يتطلبها أو تطلب ظروفه ومن لم يعد فإنه قد اضطر إلى عدم العودة لأن العودة لا تلبي طموحاته في حياة مستقرة ، لذلك كل واحد حسب ليلاه كما يقول.
كيف ترى مستقبل أريتريا في ظل التغييرات التي شهدتها المنطقة وما هي رؤيتك للتخلص من الحكم الطائفي المستبد في أريتريا ؟
عموماً الحمد لله أن ارتريا نالت حقها بعد 30 سنة من دماء أبنائها وشعبها المناضل وقبلها ناضل عبر الطرق السلمية عشرات السنين وأما النظام الطائفي الذي هو موجود الآن في ارتريا فهذا إن شاء الله بمرور الزمن اتمنى و نسأل لله أن يوفق الشعب الأرتري بمسيحييه ومسلمييه أن يوفقوا في إيجاد حكم عادل يحقق العدالة والمساواة والأمن والأمان في البلد و تتحقق امنية كل الدماء التي سالت في هذا البلد.
يختلف الناس في تشخيص النظام هل هو طائفي أو هو عسكري مستبد يقمع الجميع أو هو شيء آخر وبلاء مختلف نزل على الوطن والمواطن كيف تصف أنت نظام الإرتري؟
الواقع أن النظم في العالم أصبحت كلها نظم لا تحقق العدالة ولا تحقق المساواة بين مواطنيها حتى في أرقى الدول وفي أقدم الدول وفي أكثرها ديمقراطية لا نجد هناك ديمقراطية تحقق للجميع مطالبهم فقد يعذر هذا النظام نظر ا للظروف الواقعية الموجودة في العالم أنه قد يكون نظام عسكري هدفه الحفاظ على الخريطة الإرترية وخوفاً من انزلاق في متاهات السياسة أو في محاور العالم التي تصطاد البلدان النامية فأنا أعتقد أن هذا النظام مهما كان طال ما هو محافظ على الخريطة الإرترية وتسلم إرتريا بحدودها المعروفة الدولية من درعبو في جيبوتي إلى آخر حدود مع السودان بإمكان الأجيال القادمة ان تستطيع فعل شيء لأن دوام الحال من المحال تستطيع أن تحقق وأن توجد نظام ديمقراطي يحقق العدالة لكل الطائفتين المسيحية والمسلمة في إرتريا
عاصرت الأنظمة الأثيوبية التي حكمت ارتريا كما تشاهد الآن الحكم الحالي بعد الاستقلال ماذا تجد عند المقارنة بين تلك الأنظمة؟
والله المقارنة صعبة لأن الواحد يصل فيها لحاجة ترضي الجميع الاستعمار هو استعمار مهما كان في كل مكان هو استعمار فالسوء كان شامل النسبة للاستعمار الإثيوبي فأذاق فترة وجودي في إرتريا لفترة 30 او 40 سنة في إرتريا كانت سنوات عجاف ولكن بعد الاستقلال مهما كانت المساويء فإنها تختلف على الأقل جزء كبير من الشعب الإرتري بدل من القنابل التي كانت تصب عليهم في كل مكان ومن المآسي التي كانوا يعيشونها قد وجدوا الاستقرار في تلك الفترة مع اختلاف احوال الناس قد يكون الناس في الوضع الإستعماري كان شيء وفي وضع فترة الثورة كان شيء لكن عموما مساويء الثورة او مساوئ بعد الاستقرار اخف وطأة من مساويء الاستعمار.
تعيش ارتريا حالياً وضعاً صعباً لا يرى في الأفق سبيلاً للخلاص منه نظام قابض ومعارضة هشة مشتتة بما تنصح الشعب الارتريي للخروج من المأزق ؟
والله أرتريا الكل يعلم أنها سكانها أو المواطنين طائفتين الطائفة المسيحية والطائفة المسلمة و هؤلاء الناس كانوا عايشين في وئام في فترة قبل الاستعمار ولكن قد يكون هنالك من يستغل الظروف والمتغيرات و يحاول أن يستفيد من هذه الفترة غير المنظمة لكن الذي أرجوه أن المسلميين والمسيحيين في ارتريا أن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية فالدين لله والوطن للكل أن الكل ينكر الذات و أن الكل يقبل بالآخر و أن هاتين الطائفتين يجب أن تعيشا كما كانتا في الماضي عيشة مستقرة يسودها السلام و الأمن و احترام الآخر هذا ما أرجوه أن يتحقق.
ما الذي يشدك إلى أرتريا هل تريد أن تريد إليها بعد أنفقت عمرا غاليا مع مرارة الغربة أو محفزاتها ؟
أرتريا بلد جميل و الإنسان المكان الذي ترعرع فيه و الذي استمتع بمائه وهوائه لا يمكن أن ينساه مهما كانت الظروف لكن الواقع المعيشي في أرتريا والسودان عيشة الجوار و عيشة تداخل الإجتماعي والاقتصادي و حتى سياسي في يوم من الأيام الشعب الأرتري و الشعب السوداني حتى في ظل الإستعمار كان أيام
الحكم الإنجليزي الجائر كان يعيشه كبلد واحد و أن الحياة في أرتريا و في السودان متقاربة لو كانت حسنة النوايا ولو تحققت عدالة الحكام في كلا البلدين فالوجود في السودان ليس غربة كما أن الوجود في أرتريا ليس غربة بالنسبة لمن عاشر السودان نسأل الله أن يتوفر العدل والمساواة والقدرة على تأسيس مؤسسات و إقامة دول ذات سيادة
كلمة الوداع :
و في الختام نشكر الأستاذ المناضل الكبير محمد إدريس إبراهيم على مجهوداته المقدرة من أجل إظهار الحق و من إجل مناصرة المحرومين و مناصرة ذوي الحاجة في الحياة و نسأل الله أن يحقق أهدافه و أن يطول بعمره و أن تتهيأ له الظروف و نتمنى له مستقبلاً مزهرا و يحقق له أهدافه في ما يصبو إليه في تقديم الخير للقريب و الغريب حسب النية الصاقة و الصالحة التي يدفعها الاسلام الخالد
ويطبقها في حياته نسأل الله له التوفيق في المستقبل
والشكر أيضا لوكالة زاجل الارترية للأنباء لإتاحة الفرصة والاستضافة الكريمة