حوارات

حوار ” زينا ” مع الأستاذ أبي هاشم

أ.أبو هاشم عبد الرحمن السيد حول الراهن السوداني والأرتري

عجز الجيش السوداني عن حسم المعركة حرك المقاومة الشعبية المسلحة.

سلوك مليشيات الدعم السريع ألب المواطنين ضدها

إمكانيات أرتريا لا تقوى على استيعاب النازحين من حرب السودان 

خلال 2024م بعض دول القرن الأفريقي مرشحة للانهيار وبعضها لتكاثف الأزمات.

ملفات حقوقية وقانونية تحاصر نظام أسمرا عالميًا لكنه كسب أصدقاء منتفعين أقوياء

حوار ” زينا ” مع الأستاذ أبي هاشم عبد الرحمن السيد حول الراهن في السودان وأرتريا

أجرى المقابلة أ.باسم القروي

في ضيافة ” زينا ” اليوم تجدون المحلل السياسي والناشط الحقوقي الأرتري الأستاذ أبا هاشم عبد الرحمن السيد وهو يرى أن موقف الجيش السوداني في مواجهة الدعم السريع يوجب استقالة قياداته العليا بالجملة ، وأن مستقبل الدعم السريع يضعفه السلوك المشين تجاه المواطنين الذي بدا من بعض منسوبيه، وإن كان قد حقق انتصارات عسكرية، وأن النظام الأرتري مطلوب منه دور إيجابي تجاه السودان حماية لنفسه ، ويرى الضيف أن مستقبل منطقة القرن الأفريقي تحيط به مخاطر يتوقع معها أن تنهار بعض أنظمته السياسية، ويدخل بعضها الآخر في أزمات ..وأن هبة الشعب السوداني وتسليحه لحماية نفسه تحت قيادة الجيش دون ضوابط تنذر بحروب أهلية كارثية . وتتوقع المقابلة للصومال العافية، ولأرتريا زوال الحكم القائم .وأكدت المقابلة أن حاضر المعارضة الأرترية في الخارج لا يعول عليه ويدعوها للتعاون والتنسيق مع معارضة الداخل لتحقيق الانتصار على النظام البئيس في أرتريا . ووصفت المقابلة النظام الأرتري بأنه غير شرعي ولا يحكم إلا من خلال القبضة العسكرية والأمنية والشدة لا تديم التمكين وإنما تولد الانفجار ، ومع ذلك تتعاون معه دول إقليمية ودولية لتحقيق مصالحها الخاصة رغم علمها بملفه السيئ في مجالات حقوق الإنسان والحكم الرشيد 

مضى عام حزين على السودان فهل كانت أرتريا بمنأى عن ذلك ؟ وهل من دواعي التفاؤل خلال العام الجديد ؟

* بالفعل إنه عام حزين على السودان، ولكن علينا دائماً أن نتفاءل بالخير بعد استخلاص الدروس و العبر، لأن الذي حصل و يحصل في السودان و في عموم بلدان القرن الأفريقي ليس وليد اليوم وإنما هو نتاج لأخطاء متراكمة منذ عهد الاستقلال. كانت هناك فرص كثيرة للنخب التي تعاقبت على الحكم للقيام بمراجعات شاملة و إقامة نظام حكم يعتمد بالأساس على توزيع عادل للسلطة و الثروة بدلاً من السعي الدؤوب لاحتكار ذلك في نطاق ضيق وعلى حساب الشعوب و القبائل و المناطق التي تتكون منها البلدان. 

ولا شك بأن هناك تأثيراً مباشراً لإرتريا و على أرتريا فيما يجري في السودان لما للدولتين من حدود مشتركة و تداخل قبلي و ثقافي الخ. الذي نتمناه هو أن يقف النظام في أسمرا موقفاً يساعد على حل مشكلات السودان و إيواء الفارين من أتون الحرب، وفي حال انفلات الأمن كليًا أن يقوم بالتعاون مع دول الإقليم مثل مصر و المجتمع الدولي لمساعدة السودان في استعادة السيطرة و الأمن على أراضيه وحماية شعبه من الاقتتال على الهوية القبلية و الإبادة الجماعية لا سمح الله. 

هناك أيضًا مسؤلية على نخب السودان أن لا تنتظر أن يأتيها حلول سحرية من الآخرين وإنما عليها أن تبادر و تعمل بصدق و إخلاص لمراجعة أسباب مشكلات السودان منذ منتصف خمسينات القرن الماضي وإلى يومنا هذا و أن تطرح مسودة ميثاق شرف و دستور لسودان جديد يستوعب كل مكوناته من خلال نظام فدرالي لامركزي و ديمقراطي. 

انتهى عام 2023م فماذا كانت أبرز الأحداث في أرتريا والسودان إجمالاً ؟ 

* بالنسبة للسودان فكانت الأحداث الدامية التي كشفت هشاشة مؤسسات الدولة و وانتشار الفساد فيها حيث فتح الباب لسيطرة الدعم السريع على العاصمة جزئياً وعلى بعض مدن البلاد كلياً على الرغم من استمرار الحرب بين الطرفين حتى الآن بدرجات متفاوتة .

كذلك لاحظنا خطاب الكراهية ينتشر في كل أنحاء البلاد، بالذات في الشرق الآمن حيث تم استهداف أهلنا البني-عامر و الحباب، بل تعدى ذلك و تسبب في إزهاق أرواح الأبرياء و هدر ممتلكات الآمنين و التعدي عليهم. لكن كل هذا تم تجاوزه إلى حد ما وذلك بحكمة أهل السودان و قيادات إداراته الأهلية. 

* وبالنسبة لأرتريا الوضع الإنساني والاقتصادي لم يتغير ، ظل على ما هو عليه ، غياب تام للعدالة وسيادة القانون ، استمرار حكم الفرد مع غياب تام آخر لأي مؤسسات تشريعية وقضائية وتنفيذية عدا مؤسس الرئيس الحاكم بأمره ، حكم مطلق لا يخضع إلى أي محاسبة عامة ولا خاصة .

من الناحية الأخرى كان أيضًا عام انتصارات دبلوماسية من العيار الثقيل حيث وطد النظام علاقته بدول الإقليم من كينيا والصومال إلى مصر والسعودية ودوليا أصبح النظام حليفاً لكل من الصين وروسيا بالإضافة إلى تغيير جديد في سياسة الإدارة الأمريكية التي قررت التعامل مع النظام الأرتري بإيجابية بعد أن أصبح له دور ملموس في أمن منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر.

هل يصدق التحليل أن الجيش السوداني عجز في حسم المعركة في مواجهة الدعم السريع وقد استمر القتال قرابة تسعة أشهر على الرغم من التصريحالت المتفائلة رسميًا بالحسم العاجل ؟

* الذي حصل للخرطوم و السودان منذ شهر أبريل يعتبر ضعفًا وانكسارًا كان ينبغي على قادة الجيش السوداني وعلى رأسهم السيد عبدالفتاح البرهان تقديم استقالتهم على الفور و تسليم المسؤولية إلى قادة عسكريين و أمنيين محترفين لقيادة الجيش و لنزع فتيل القتال طويل الأمد، وهذا بدوره كان سيفتح المجال للقوى المدنية لتعمل في إقامة حكومة وحدة وطنية لفترة انتقالية و من ثم الشروع في مراجعة و إصدار دستور جديد لسودان جديد، وقوانين تحدد صلاحيات الجيش وباقي مؤسسات الدولة، كذلك إدماج مليشيات الدعم السريع وباقي المليشيات التابعة لحركات التمرد أو تسريح البعض منها لمجالات و فرص عمل أخرى. 

الجيش السوداني بحاجة إلى مراجعة هيكلية على ضوء ما حصل من فشل في حماية و الدفاع عن الخرطوم وباقي مدن السودان وبعض قواعده العسكرية. كذلك يحتاج إلى إنهاء احتكار الرتب العسكرية العليا في أيدي القلة و فتح الباب أمام الكفاءات السودانية بدون تمييز عرقي او جهوي أو قبلي، حتى يكون جيشًا وطنيًا مبنياً على عقيدة و طنية شاملة و الكل يكون متساوياً ولا يتمايز إلا بالكفاءة و التخصص.

رأيك الذي يعزز فرضية استقالات السيد البرهان وقيادات الجيش بسبب دعوى الهزيمة لم يتفق معك فيها معظم الشعب السوداني الذي يلتف حول القيادة العسكرية للقوات المسلحة ويتعامل معها باحترام وينظر إليها أنها القيادة الشرعية للبلاد الآن وبمثل ذلك تتعامل معها المؤسسات الدولية فكيف جاز في قناعتك المطالبة بالاستقالة في زمن الحرب وشد الحزام والصمود وترتيب الأولويات في البلاد وعدم خذلان الشعب المؤازر؟.

أي قيادة بغض النظر عن شرعيتها ، عندما تتسبب في فشل كبير يؤدى إلى سقوط أجزاء من عاصمة وشبه انهيار دولة ، فواجبها التنحي عن الصدارة وذلك لإفساح الطريق للمراجعة وتقدم قيادة أكثر جدارة بالموقع القيادي .لكن قادة الجيش السوداني اختلفت تقديراتهم فجعلهم الواقع المأزوم حكاماً للبلاد خارج شرعية الثورة والشرعية الانتقالية ، علمًا أن الموقع الطبيعي للجيش هو العودة إلى ثكناتهم وهم مدعوون لاتخاذ هذا الموقف في أقرب فرصة ..

الجيش السوداني مؤسسة قومية تمثل كل فئات وأقاليم الوطن بغض النظر على نسبة التمثيل ولهذا ظل محترمًا من الجميع على مدار عمره الطويل تقابله القوى المسلحة المعارضة فهي تمثل فروعها القبلية أو الاثنية أو الإقليمية .. ألا ترى أنه من الإجحاف في حقه عندما توجه إليه تهمة الاحتكار والسرقة؟

الرتب العليا للجيش محتكرة من ذات الفئة التي ظلت تحتكر السلطة والثروة في السودان بشقيها المدني والعسكري أما الجنود أو القيادات الدنيا فصحيح أنهم من كل الفئات المهمشة ، لهذا هناك ضرورة لإعادة هيكلة الجيش وفتح باب الرتب العليا فيه أمام كل الكفاءات السودانية ،بعيدًا عن أي احتكار لصالح جهة دون أخرى .

طرفا الصراع يجند نصيبه من الشعب ,ويستخدم أساليب جاذبة لتقوية موقفه ، والهبة الشعبية المقاومة أخذت تتنامى مناصرة للجيش. فهل نخشى وننتظر حرب أهلية تنتهي إليها هذه الجهود الشعبية المسلحة؟

* نعم، عندما يعجز الجيش الوطني في حماية العباد و البلاد يضطر الأهالي لحمل السلاح لحماية أنفسهم وهذا مشروع في كل الأعراف، ولكن في الغالب يقود إلى تفكك الدولة أكثر فأكثر و تتحول مناطق و أقاليم السودان إلى مناطق نفوذ لمليشيات و كتائب متعددة، ومن ثم يفتح المجال لتدخلات القريب و البعيد كما حصل في ليبيا و سوريا و غيرها من البلدان التي انهارت فيها مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش. لذلك الأفضل هو استقالة البرهان و بعض قادة الجيش و إحالتهم إلى المعاش، ومن ثم دعم الجيش لاستعادة عافيته كجيش وطني و دعم الأحزاب و منظمات المجتمع المدني لأخذ المبادرة و طرح حلول سياسية بالإضافة إلى إقامة حكومة وحدة وطنية انتقالية. 

  أين الربح والخسارة للحكومة السودانية و لقوات الدعم السريع في رأيك خلال العام ؟

* تحدثنا عن فشل الجيش السوداني. في حماية الوطن والمواطن وانهاء التمرد حتى الآن وقد مضى تسعة شهر من منتصف إبريل 2023م . أما بالنسبة للدعم السريع، فقد يعتبر هو الكاسب ميدانيًا و سياسيًا حيث أصبح جزءاً من خارطة السياسة السودانية بعد أن كان مجرد مجموعة مليشيات تعمل تحت إمرة الاستخبارات العسكرية للجيش السوداني في غرب السودان. لديه الآن نصيب وافر في تحديد و توجيه مسارات السياسة السودانية في حال قبل أن يعاد النظر في وضع جيشه ووافق أن يكون داعماً للتحول الديمقراطي . أما إذا فشل في استثمار الفرص التي أمامه فحينها سيكون من السهل إخراجه من المناطق التي سيطر عليها ومجهودات الجيش لهزيمته ومضايقته في مناطق سيطرته جارية والاستنفارات الشعبية تم تسليحها وتحشيدها لمواجهته و لأنه سيكون قد فقد مبررات و جوده بالإضافة إلى التجاوزات التي ارتكبها منتسبوه بحق المواطنين العزل في دارفور و الخرطوم والجزيرة ومدنا وأقاليم أخرى كذلك سيكون هناك مبرر لدول الجوار مثل مصر و تشاد و أرتريا للتدخل المباشر لمساعدة أهل السودان في التخلص من مليشيات الدعم السريع وذلك حفاظًا على أمنها القومي و حدودها الممتدة مع السودان. 

  ما تقييمك العام لعلاقة أرتريا مع العالم الخارجي: الإقليمي والدولي ؟

* لقد شهد العام الماضي تقارب أرتريا مع الصين و روسيا و حضورها اجتماع “بريكس”، و خروجها من الحرب بين الحكومة الإثيوبية و جبهة التجراي منتصرة حيث كان الدور الحاسم للجيش الارتري ضد جبهة التجراي، ومؤخرًا تراجع الإدارة الأمريكية واتباع سياسة تعاون مع النظام الارتري. كذلك حصل تطورات إيجابية في العلاقات مع الصومال و كينيا و مصر و السعودية مما جعل أرتريا تكتسب أهمية إقليمية و دولية بناء على أنها رقم مهم يمكن التعاون معها في المجالات الأمنية في منطقة القرن الأفريقي و جنوب البحر الأحمر وباب المندب. ومع ذلك يبقى واقع ارتريا أليماً يعاني فيه الشعب أزمات اقتصادية خانقة وانعدام كامل لأبسط الحقوق الإنسانية و مستقبلها مجهول بسبب الحكم الاستبدادي وغياب تام لسيادة القانون ولمؤسسات الدولة حيث تدار البلاد من مكتب الرئيس أسياس أفورقي الذي اقترب عمره من العقد الثامن. 

هل تجاوز النظام الأرتري الصعوبات التي كانت تحاصره بخصوص ملفات حقوق الإنسان والحريات والحكم المدني ؟

لا، لم يتجاوز هذه الملفات فهي لا تزال تحاصره من الناحية الإنسانية والقانونية ومتطلبات الحكم الرشيد 

قرأنا عن تحول أمريكي جديد لصالح النظام الأرتري ما الذي جرى ويجري بهذا الخصوص ؟

كما أشرت من قبل يسجل لصالح النظام الأرتري تراجع الإدارة الأمريكية للتعامل معه إدراكاً منها لدوره في هذه المرحلة وليس تبرئته من الملفات الحقوقية المؤجلة التي لا تزال تدينه .

أين وصل حلف آبي أحمد وأسياس أفورقي؟

* أعتقد الحلف قد انتهى مع انتهاء الحرب ضد جبهة التجراي قبل نحو عام أو أكثر بقليل. لقد تحقق لكل من النظامين هدف إضعاف جبهة التجراي وإن لم يتحقق لهم بعد هدف إخراجها كليًا من الحلبة السياسية على مستوى إقليم التجراي الإثيوبي. 

كيف يتابع النظام الأرتري الأحداث في السودان: برضى أم استياء ولِمَ؟

* يعرف النظام الأرتري أوضاع و أحداث السودان بدقة متناهية وله ارتباطات وثيقة مع نخبه و حركات التمرد فيها بالإضافة إلى علاقته و تقاربه مع بعض المجتمعات الأهلية في شرق السودان و رصده وحضوره الاستخباراتي و الأمني فيها منذ حرب التحرير في ثمانينات القرن الماضي و ربما قبله بأكثر من عقد. 

كان له موقف متوازن بين الدعم السريع و جيش السودان قبل اندلاع الحرب الحالية، ولكنه مؤخراً بدأ ينحاز للموقف المصري الداعم للجيش السوداني. مع ذلك، يستطيع النظام مراجعة موقفه وتوازنه في الأزمة السودانية بما له من نفوذ و علاقات داخل الأطراف المتحاربة و خارجها الأمر الذي يجعل منه رقماً مهماً يحتاجه الجميع لسبب و آخر. 

هل من تأثير مباشر على أرتريا الوطن والنظام والشعب من الأحداث في السودان ؟

. أقصد في الجوانب الاقتصادية والمعيشية والأمنية والتواصل بين الشعبين ؟

أكيد هناك تأثير كبير لأحداث السودان على أرتريا ، إذا استمرت الحرب لمدة أطول ، سيكون هناك نزوح جماعي إلى أرتريا ، التي لا تتوفر فيها أبسط المقومات لاستيعاب لاجئين بأعداد كبيرة حيث لا توجد للنظام أي علاقة جيدة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ولا منظمات الإغاثة الدولية ، وموارد الدولة لا تكفي للمواطن هناك حيث تعاني البلاد من انعدام للمياه إلى انقطاع مستمر للكهرباء ، وعدم توفر الأدوية والرعاية الصحية ، كذلك استمرار الحرب قد يجر أرتريا إلى التدخل العسكري لصالح فئة وأخرى ..

 هل من مؤشرات إيجابية للمعارضة الأرترية مع توضيح أين داؤها . لم لا يرى لها أثر ؟.

* المعارضة الأرترية عانت من ضعف مزمن، و لفترة طويلة؛ وذلك لأسباب ذاتية أكثر منها خارجية بحكم وجودها خارج البلاد، ولفترة زمنية طويلة تجاوزت الثلاثة عقود، وهذا بدوره قلل من تأثيرها على أرض الواقع، وجعل منها مجرد مجموعات صوتية تعمل في الخارج، و بإمكانات محدودة جدًا. وفي الداخل النظام متحكم، وله السيطرة الأمنية و السياسية الكاملة، مع ذلك هناك أمل لإحداث تغيير مع تنامي الرفض من داخل 

النظام و وعي الشباب بأهمية إزالته ..الخ ، الأمر الذي يمكن لمعارضة الخارج استدراكه و دعمه إعلامياً و دبلوماسيًا لتسريع عجلة التغيير قبل فوات الأوان. 

ما رصدك لملف العلاقة الأرترية الإماراتية ؟

* لا أعتقد هناك علاقة ذات أهمية قصوى تربط النظام الأرتري باي دولة أخرى غير المصالح الأمنية و الآنية قصيرة المدى، وعلاقته بالإمارات ليس فيها أي استثناء. 

لماذا تبوح أثيوبيا عن أطماعها على البحر الأحمر وتطلق تصريحات مهددة بعد اعترافها السابق باستقلال أرتريا ؟  

هناك أكثر من سبب لحديث النظام الإثيوبي عن “امتلاك” ميناء لبلاده: 

– أولاً – لأنه يعاني من أزمة سياسية و أمنية و اقتصادية و بالتالي يريد لفت الراي العام الإثيوبي إلى قضايا أخرى بعيدًا عن محاسبته على الفشل الكبير لنظامه، 

 – لرئيس وزراء إثيوبيا أحلام طفولية بأن يتحول إلى الملك السابع لأثيوبيا كما تنبأت له والدته حسب قوله في إحدى اللقاءات العامة، و هو يعتقد في حال أوجد منفذاً بحرياً لأثيوبيا فسيكون له قبول عام من قبل الشعب الإثيوبي، لأن أباطرة إثيوبيا أوجدوا الشرعية لأنظمتهم من خلال التوسع شرقًا و غربًا و جنوبًا و شمالًا، وليس من خلال إرساء الحكم الراشد و التنمية المستدامة. 

– البعد الآخر هو مغازلة الغرب بأنه سيكون أوثق حليف لهم في حال دعموا طموحه لانتزاع منفذ بحري في منطقة باب المندب و جنوب البحر الأحمر. 

هل من فاعل حقيقي فيما يجري من أحداث في منطقة القرن الأفريقي؛ أقصد صراع القوى الكبرى التي تحرك الأدوات المحلية والإقليمية .هذه فرضية متوهمة أو حقيقية ماثلة ؟

* هي فرضية أقرب إلى الصواب لأن منطقة القرن الأفريقي ظلت منطقة صراع النفوذ للقوى الكبرى إبان الحرب الباردة و من قبل أيضًا عبر الأزمنة الغابرة. وهذا نابع من أهمية المنطقة للملاحة الدولية و الثروات بالإضافة إلى شعبها و إمكانية نهوضه و الاستفادة من مقدراته و ثرواته.. الخ.

بالنسبة للدول الإقليمية، قد تكون هناك مصالح لمصر في متابعة مجريات الأحداث في إثيوبيا و السودان بسبب نهر النيل و سد النهضة، وتركيا لها حضور و استثمارات في كل من الصومال و إثيوبيا، وبدرجات أقل دول الخليج مثل السعودية و الإمارات. لهذا هناك مصالح للدول الكبرى و الصغرى التي قد تدفع بها إلى اتباع سياسات و خطوات لحماية مصالحها من مخاطر محتملة. 

ما الآثار الإيجابية التي يمكن للنظام الأرتري التباهي بها من إنجازات خلال عام 2023م 

– ربما انتصاره على جبهة التجراي و استقباله بحفاوة في بكين و موسكو، , عدا ذلك لا يوجد لا تطور اقتصادي ولا انتشار مرافق الصحة و التعليم في البلاد ولا البنى التحتية، ولم يَعُدْ اللاجىء الارتري إلى موطنه، بل ظل يهرب من وطنه حيث أصبحت إرتريا أكثر الدول الطاردة لشعبها و شبابها على مستوى العالم. 

ماذا تتوقع أن يحدث من تغييرات جوهرية في منطقة القرن الأفريقي سياسيًا وأمنياً خلال عام 2024م؟

قدد يحدث انهيار كامل لأنظمة الحكم في كل من إثيوبيا و السودان واشتعال الحرب الأهلية بين مكوناتها، الأمر الذي قد يفضي إلى قلاقل أمنية و أزمات إنسانية على مستوى إقليم القرن الأفريقي، لا سمح الله. 

الصومال قد يستعيد عافيته و يكون له نظام أكثر استقرارًا، إن شاء الله.  

اما إرتريا، فالكل ينتظر زوال النظام وفتح المجال أمام البدء بعملية إقامة نظام حكم برلماني أو رئاسي يكون أقل انتهاكًا لحقوق الإنسان مقارنة بممارسات وتجربة النظام الحالي.

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى