حوارات

الفنان ود الشيخ في حواره مع “زينا “

لم يخل قلبي من الدين لكني اتجهت إليه أكثر الآن

لم أتحرج من الشهرة بـ ” ود الشيخ “وان اختلفت مهنتي عن مهنة الوالد

العاجزون عن تحقيق أمانيهم يأخذون في تشويه مسيرتي .لست قلقا من ذلك

أنا ابن التنظيم وابن الشعب والوطن وقد غنيت لهم جميعا ولم أمجد اشخاصا

أجرى المقابلة أ. محمد إدريس قنادلا

شارك في الترجمة  وتحرير التص أ. باسم القروي 

طرقنا عليه الباب فوافق أن نجري هذه المقابلة معه ، طلب أن تكون خفيفة غير سياسية لكنه انتهى منها بارتياح رغم سخونة بعض الأسئلة ، دافع بهدوء عن نفسه وفنه ومسيرته الحافلة بالانجازات ،

ألقينا عليه تهمة أنه كان السبب في اقتحام الشباب الارتري إلى النار ، ومقتل كثير منهم في حرب لم يذوقوا حلاوة الاستقلال فيها حتى الآن ، لم ينكر التهمة وأضاف مفتخرا : يكفينا شرفا أننا جئنا بالاستقلال بدمائنا وكنت أقطع الرؤس عن الأجساد في معارك التحرير ولم اكن صاحب كلمة وغناء فقط .نعم حرضت على القتال .وقاتلت مع المقاتلين .

ود الشيخ أنكر ان يكون قد هرب من الوطن ،مثل غيره وإنما خرج بالمطار وبجواز وطني ولغرض محدود وبتصريح من الدولة ، وقد وعد أن يعود إليه متى انتهت المهمة

وفي سؤال عن احصائيات فنه أفاد أنه لم يجد الفرصة لأرشفة وحفظ انتاجه الفني ولهذا يعجز عن الإحصاء ، يقولها متاسفا  .

 

حدثنا عن السيرة الذاتية :

اسمك والاسرة والقبيلة ومسقط الرأس  وتاريخ الميلاد

نبدأ باسم الله : اسمي :أحمد محمد عثمان عبد الله برح ، من عد برح ، داكور،  وهي قبيلة كبيرة تمتلك الإبل .تعرف بالمعسر . تقيم في منطقة عوبل وضواحيها  أنا من قبيلة المدا . وأمي  من عد سفاف ، من قبيلة دوبعات.

 ولدت عام 1961م   في مدينة  قندع ، والوالد كان في منطقة قدم ، وشوم  عد برح حتى الآن مقره بالقرب من  دماس  اسمه شوم جابر سعيد .

أنت تمارس الفن ، شعرًا وغناءَ ورقصًا ..ألا تحس بحرج في التوفيق بين اسمك ” ود الشيخ ” وبين “مهنتك ” الرقص والغناء .ألم تسيء إلى سمعة الوالد والأسرة الكريمة .

صدقت الاسم غير متجانس مع المهنة ، ولكن البطن الواحد قد ينجب أنواعا  من الأولاد متباينين, ولدت في المدينة ونشأت ، ولم أكن مع الوالد في القرى مع البهائم،  والزراعة ،  فلم أرث الجانب الديني من الوالد. وهو كان يجتهد كثيرا أن أكون وريثه في حفظ القرآن والدين ، وكان يرفض دخولي المدرسة وكان حافظ القرآن ويداوي به  يأتي إليه المرضى يلتمسون العلاج.

اجتهد الوالد لمنعي من المدرسة  وكان يراها مقر الشيطان لكن الوالدة كانت تخالفه :كانت تمشي بي إلى المدرسة وتشجعني. وجدت منها الداعم اللازم ،  وكنا نقرأ العربي والإنجليزي  والتقرنية  في مدرسة حطملو بمصوع – وكان ناظرها  في ذلك الوقت الناظرمحمد با علوي

من ذكرياتي وأنا في الصف الثاني في المدرسة حضر إلينا حاكم ارتريا إسرات كاسا فاستبد أكثر ، اتخذ إجراءات عنيفة لمنع المدارس من العربي وفرض الأمهرية عليها فأصدر الأوامر الجائرة  توجهت إلى إحراق المكتبة العربية وكنت أرى المدير والاستاذ عبد الرحمن مني والأستاذ حسين حيوتي  يبكون  أما الطلاب الصغار فقد استجابوا لتوجيه الشرطة فجمعوا  الكتب واحرقوها دون إدارك منهم لما يفعلون من تدمير مستقبل بلادهم .

بعد ذلك فرضت علينا اللغة الأمهرية واشتدت وطأة الاستعمار وأخذ يمحو المعالم الوطنية لأرتريا.

متى بدأت مسيرتك الفنية ، ومن صاحب الفضل عليك؟

المجتمع علمني ،  فله الشكر بعد الله ، أنا أول من قام بعمل تمثيلية بالتقرايت  تمجد العلم وتكره الشعوذة والسحر والجهالة والكهانة والودع والدخان ، وعلمت أنه عندما يشتد المرض ينتهي ملف المريض إلى الطبيب ، فكنا نعارض أشكال العلاج الجاهل بكل أنواعه ،  تلك كانت البدايات الفنية .

والإذاعة كانت تؤثر علينا والمذيع موسى بخيت المذيع المشهور:  بسني ماسيام وهو الآن مقيم في أمريكا  في لونس انجلوس  وقد غادر  الوطن مهاجرا هناك 

كان ضمن مجموعة الحكم الذاتي لأرتريا أمثال شوم صالح وموسى بخيت  ومحمود لوبينت وود شنكلاي ..

ومن الفنانين الكبار الذين تأثرت بهم الأمين عبد اللطيف ، كنا نسمع أغانيه الرمزية الجميلة عبر الإذاعة : مثل أغنيته :  (تحلفني تو قبئ وكبدت سنات ادقسي) ، واغنية (فاطنة زهرا) 

والفنان حسين محمد علي  وأغنيته الشهيرة  : (لولا ، لولا.)

تعلمنا السياسة والفن من هذه الأغاني الشهيرة

اغاني وطنية جميلة : سمعناها وقلدناها . ولأنها رمزية لم يكن العدو الإثيوبي قد تفطن لها ولهذا سمح لها بالنشر عبر إذاعته .

ومثل ذلك الفنان سعد حجي .

ومن الذين تأثرت بهم الفنان إدريس ود أمير .كان جيراننا ، يعمل في السكة حديد موظفاً  وهو من منطقة عايلت لكنه مربى مدينة قندع .كان عسكرياً في إيطاليا يعمل في البحرية ، وكان فنانا شاعرا . كان مقر عمله في مصوع :  موقع  كمندو مرينا :مقر البحرية الإيطالية

كان يمشي إلى اماتري من أجل  المشاركة في الغناء

ود أمير كان مميزًا وكل الناس يعرفون أغانيه  حتى المشايخ  لأن المشيخة تأتي متأخرة يسبقها الشباب والأغاني والهو .

وكان والدي قبل المشيخة  يلقب  بمحمد لالي ، وكان مشهورًا بالمرقدي

وأخيراً تتلمذ لدى الشيخ الأمين في أمبيرمي وتعلم القرآن والفقه .

تزوج  والدي عدة نساء كان بينهن  بليناوية  من كرن  لكنه لم يرزق منها بولد

وكان قد تزوج اولا  من ساهو ، وله منها  أولاد في عقمبستا  ، قد تركهم وذهب إلى كرن .

عاد به  ولده عبد الله إلى قندع فتزوج واستقربها .

كان الوالد  معلماً وطبيبا شعبيا.لكني لم أرث من سيرته شيئا كبيرا فقد اتجهت إلى الفن والنضال نعم عشت في بيئة مختلفة .تركت في معالمها .  

هل توجد نقابات في ارتريا تجمع اهل الفن والمواهب وتقوم على رعاية شؤونهم المادية والمعنوية وتدافع عن حقوقهم .؟

نعم يوجد نقابة الفنانين ، تكونت عام 2007 تقريبا ، ترعى حقوق الفنانين ، ولم يصل مستواها كما نريد .لكن طموحها كبير ونواياها.لأن الوطن مشغول بالحرب ولا سلام في البلاد ، وكل الناس متجهة إلى الحرب فمن الطبيعي أن تصبح  الأوليات البحث عن  السلام والوطن لا الفن ولا الابداع .

لها مكتب وإدارة لكن جهدها متجه نحو الحرب والنقابة مع الجيش تعمل من أجل الحرب بخلاف النقابة في السودان ، فهي عريقة أما نحن لم نسترح من الحرب ولهذا يظل مستوى  النقابة ضعيفاً ، لم تجد متنفسًا للنمو والتطور.الحرب دمار في كل شيء ، ثقافياً واجتماعيًا واقتصاديًا أما اسم النقابة  وكيانها فموجود .

هل توجد في ارتريا معاهد تعلم الغناء وتمنح شهادات متخصصة ،؟

نعم يوجد ،  وقد بدأ حديثا ولا يزال يرتقي ، ينضم إليه الشباب ، وأهل المواهب ،

ويوجد اعتناء بالمواهب في المدارس والمناشط الطلابية  والشبابية  وكان المطلوب إداريًا في سياسة التنظيم  فرز المواهب والنوابغ ، من أجل تنمية هذه المواهب  

كل العازفين الآن  في المعهد ، وهذا من جهد الحكومة وقد أرسلت بعضهم إلى الصين من أجل التطوير . نقول ذلك مع التأكيد أنه لم تكن في الماضي  أرضية مناسبة  لإنشاء نقابات من تاييد الحكومة والشعب ووجود المقرات والمناهج والدعم . هذه الأمور جاءت الآن فهي توجد وهذا توجه جديد  لم يكن من قبل.

ماذا عن ميلاد شعرك  وتطوره :

طلب التنظيم تجميع كل المواهب الفنية والشعرية فقام بحملة كبيرة في وسط الجماهير لتنفيذ تلك المهمة ، استجابت كل المواهب بمختلف اللغات وأنا كنت واحدا من بين المشاركين إذ قدمت عملا حظي بالقبول والرضى الجماهيري وأجازه التنظيم ، كان معنا من انتج عمله باللغات الارترية المختلفة :  تقرايت وتقرنية وساهو وبلين و..

لم أكن أتوقع أن أكون شاعرًا وفناناً كبيرًا يحبه الجماهير،  لكنها كانت تجربة ، تخيرت مفردات والفت بينها بنمط خاص فأصبحت شعرًا ، كان العنوان : مقابيت  – Maggabeet  – وهي اغنية غزلية تتحدث عن الفتيات العاملات في الحصاد،   صادفت عيد الأم  بتاريخ الثامن من شهر مارس ، وهو كان موسم حصاد تشارك فيه الإناث في المزارع، كانت تجربة جيدة وقد سلمتها فناناً ليقوم بأدائها ، فاشتهر بها ، على الرغم من أني  كنت المؤلف للأغنية  ، وأنا وقتها كنت عضوًا في دورة للتمريض،  واقترب موعد تخريجنا ، وطلبوا منا تجهيز ابداعات شعرية وغنائية وتكوين فرقة ، وصادف الحملة الإثيوبية السادسة ضد الثورة الأرترية  عام 1980م  وكانت تحمل الغازات للإضرار بالثورة والثوار ، حضرنا لها الكمامات الواقية من صنع أيدينا ، لأن كمامات الدعم الخارجي قلت فصنعنا البديل المحلي،  وكان مناسبًا قام بالمهمة  وأذكر من مكوناته: قماش وفحم،  ونحو ذلك يستخدم لمكافحة  الغاز. كنت وقتها ممرضاً لفصيلة فأنشت أغنية مناسبة للمهنة عنوانها : أب غازات إيتدمر ثورة قبيل ، مناضلنا حاطرتو …. من بدير قاطام حنا إينقبل ، أرضنا وشعبنا أسك لتحرر..

سمعت الأغنية ، واشتهرت وكانت فرقة الجيش جاهزة فطلب مني تسليم الأغنية للفنانة فاطنا حلفا   halafaومعنى ذلك بالتقرنية : الآخر أو الزايدة يقال : حلفا هلوا اي له زيادة  – اسمها معشو حلفا وهي من زاقر تعرف التقرايت قليلا وهي من سكان فشي –  feshai-  مرارا  وهي فنانة بالتقرنية تعزف الربابة –  فقامت بأدائها .وصارت فنانة  واشتهرت الأغنية بها لا بي

ارتقيت بعد ذلك من فنان فصيلة إلى فنان كتيبة بسبب القائد علي إبرهيم  وهو يومئذ مسؤول كبير طلب من المسؤولين المباشرين  تحويلي  من السرية إلى كتيبة ،بدل         إرسال قصائدي وأنا كنت  الطبيب والشاعر والفنان في وقت واحد في موقعي.   قال لهم : وهاتوا طبيبا آخر للسرية . استجابة لقانون الثورة أنه  لا تبقى السرية دون طبيب.

تم الاستجابة للتوجيه ، فجاء الطبيب حديش افريم وهو الآن يشغل منصب رئيس الكماندو ..وهم الذين اسروا :  زعيم تقراي،  فقد أخرجوه من كهف كان مختفيا فيه  اسمه: ابوي سبحت .رئيس تقراي .

كان حديش افريم وقتها قائد كتيبتي .وقد تشبث بي لأني معلم وفنان وشاعر وممرض وقد صدق في حجته.لكن علي ابرهيم اعلى منه رتبة فتم اتخاذ القرار كان قائد الأركان ، وهذا قائد كتيبة : ( برقيد ) فتم تحويلي إلى أعلى بمواهبي الكثيرة .

من ترضي بشعرك نفسك أو الحكومة وهل انتجت قصائد تخالف النظام ؟

اي فنان ينتج الشعر بناء على مشاعره والجو الذي يحيط به

انا خلقت في وسط المدافع وماسورة البندقية ، أغاني تتجه إلى تبشير المهزوم ، ورفع معنوياته أنها أغاني معركة وحرب التحرير.، نصرة المظلوم ، ومعظم الأغاني التي كنت انتجتها لم تتجه نحو الأشخاص وإنما كانت للوطن انطلاقا من الروح الوطنية التي عندي .كنت حريصًا على إحياء الروح الوطنية حتى لا تموت ولا تنتهي .كنت السند للجيش مثل المونة في البناء

لم أتحرك بتوجيه وأوامر سلطانية وإنما كان شعري محض اختيار .حبًا للوطن وللجمهور .

هل ينتابك إحساس وشعور بأن الفنانين الأرتريين عامة وفنان تقرايت خاصة مظلومون ؟وهل لاحظت أن هناك عناية خاصة بفئة من اهل الفن دون الفئة الأخرى ؟

أنا لا أتحدث عمن وقع عليه الظلم فالفرصة متاحة له وهو أحق من يدافع عن نفسه ويرفع مظلمته ويجهر بها ، لكني اتحدث عن نفسي ، لم يتعرض لي أحد بالظلم ولم يعش معي مظلوم ، ولو حصل لتحدثت عنه بالوضوح .أنا الذي أعطاني العربة ورفع من شأني جيشي وحكومتي ، ولهذا ليس بصدق اطلاق إني مظلوم من الحكومة .انا منذ النشأة وحتى الآن تطورت وتقدمت فنيًا بسبب الجيش والشعب والحكومة .بهم أعيش بعد الله  .

موضوع المرض عادي ، يستحق  المريض التعاطف من الشعب والحكومة خاصة عندما تكون الحالة المرضية فوق الطاقة توجب تعاون وتكاتف الجميع حتى تزول الحالة المرضية .

الحكومة تعمل حسب قدرتها ، المستشفيات عندنا مجانية  لكن توجد حالات فوق طاقتها ، ليس في بلادنا سلام ولا تطوير مادي …ومن الكذب اتهام الحكومة بأنها لا تعالج مرضاها ،

فتح الخزينة لكل المرضى حالة فوق الطاقة والحكومة تعرف إمكانياتها

وانا كان عندي حالة مرضية لولدي ، تطلب الأمر علاجها في الخارج ، ولم يقصر الداخل

لكنه لأن الحالة كبيرة اقتضت التعاون والتعاطف بين الحكومة والمواطن في الداخل والخارج .

ولدي تعالج في الداخل كثيرًا وفي النهاية كان قرار الأطباء أن الحالة فوق طاقة المستشفيات والامكانيات المحلية ..وتم التوجيه بالتحويل إلى الخارج

كانوا محقين في قرارهم ، ليس لديهم أجهزة ولا إمكانيات علاج  حسب ماهو مفروض على الوطن من حصار . ولا استطيع تأكيد أن فلانًا ظلم .

انا وصلت هذه الدرجة بالجيش والشعب والحكومة .

ما رأيك في الملاحظة  أن فناني التقرايت اخفض درجة مقارنة بغيرهم :

نعم هذا صحيح والسبب هو المجتمع ، فهو يرفع من شاء إذا نهض وآزر وتكاتف مع الفنان ، وقد يخذل إذا  أعرض وتخامل وتكاسل . ومجتمع تقرايت ما متعود على         التشجيع الجميل بخلاف مجتمع التقرنية .

المجتمع له دور في رفع مستوى الفنان ، قومية تقرنية ترفع فنانها، بخلاف غيرهم .

الفنان منهك من أجلهم وهم يستحقون التقريع لأنهم لا يرفعون شأن فنانهم والحكومة برئية لانها تفتح الباب واسعًا .قوميتنا تركت عاداتها ، وتوسعت على عادات الآخرين فهجرت فنانيها وتجاهلت دورهم .هذا سوداني ، يمني ، ..  الأمر الذي يضعف شخصيتها .

وعلى سبيل المثال الفنان عنجة حامد عبد الله ، لم يصنع له شيء ،  وهو أفني حياته من أجلهم معيشته الله بها عليم،  لم تقف القومية معه وقوفًا مشرفاً يتناسب مع عطائه الكبير .

توجد رافعة خفية لفناني التقرنية بخلاف غيرها :

كذب ، لا توجد روافع خفية وإنما القومية حية متعاونة متعاطفة إيجابية مع مبدعيها.فارتفع فنانهم وانخفض الفنان الآخر .هم واثقون من انفسهم  ومعجبون بعاداتهم وتقاليدهم ،

ولكننا نظلم تراثنا ، واذا التزم  بعضهم  بالدين يرى الفن حراما ، وأخذ معه اهله واولاده وجيرانه مما يؤدي  إلى تثبيط همم القومية عامة  تجاه الفن ، ألم يروا السعوديين رغم دينهم لم يغفلوا دور الفنان والفن . نعم يصدق في حالة فنان قومية تقري  : ليهلا مهديني بيلت حوان تلاكما.- يقصد : ترضى بأخي زوجها الضعيف زوجا لها مكان  زوجها المفضل  المتوفي فهو الخيار المتاح . وهذه عادة مجتمعية أصيلة في المجتمع المحلي-   .

سمعنا روايات منتشرة تفيد ان بعض الفنانين قد انتحر بسبب ظلم السلطان له فهل يعيش الفنانون ظروفًا قاسية تدفع بعضهم إلى الانتحار ؟

صحيح توجد حالات انتحار ، وهذا سر من أسرار المنتحر ، لا الحكومة تأمر بالانتحار،  ولا القومية . يوجد شيء وسبب ضاغط وهو  قد ذهب به  صاحبه إلى الموت منتحراً وهذا سر – مسطير- .ولا سبيل لمعرفة مثل هذه الأسرار الدفينة .

عادة توجد قدرة على المعالجات لكن المنتجر عجز عن مواجهة البلاء فاتخذ القرار السري فتخلص من نفسه مختارًا  ولم يترك فرصة للمعالجة والخروج من أزمته .

أنا لا  استطيع تحديد أسباب الانتحار لأن صاحبها اخفاها فصارت سرًا في قلبه مجهولة للآخرين.ربما  نقص  وقلة  المال ، ربما اظلمت عليه الدنيا ، هل ظلم وقع عليه  من أحد ؟

لا استطيع الخوض في هذا لأن المنتحر سره معه  وهو اتخذ القرار سرًا .

هل تخشى من عقاب اخروي بسبب قصائد واغنيات حرضت فيها الشباب إلى القتال فسقطوا ضحايا فنك ؟

يضحك ويضيف موضحًا : انا اسهمت في تحريض الشباب إلى القتال وكنت معهم مشاركا في قتل الأعداء ، الله يغفر لنا ، كنا في النضال نقتل ونقتل .كنت أحصد رقاب العدو ، قتلنا الكثير لكن هم كانوا المعتدين أتوا لقتالنا وكنا نقابل العداء بالعداء ندافع عن وطننا .

ربنا يغفر لنا،  وكنا نرى القتال واجبا ، والغناء واجبا ، ومن استشهد قتل في الواجب فلا ندم.

تهمة موجهة إليك : أنت فنان وشاعر السلطان ، والحزب الحاكم ولست معبرًا عن ضمير الشعب التواق إلى الحرية والانعتاق من سلطان القهر والاسبتداد فهل تعترف بذلك ؟ بم تدافع عن براءة فنك وغنائك من هذه التهمة؟ .

بارك الله على من وزع علينا التهم من هنا وهناك ، والناس عادة يتهمون غيرهم ، الفنان مرصود من قبل غيره قد يرضى وقد يسخط  .

أنا انطلقت من الوطن الحبيب ، والجيش  والوطن ، لم أغن لأسياس أفورقي ولا لسبحت أفريم

لم أمجد أشخاصًا .لكن يوجد من يتهمني جزافاَ اني ” كادر اسياس ” وهذه تهمة يطلقها من لا وعي معه ، ضيق العقل ، عجز أن يصل مبتغاه فيجرنا معه إلى القاع بناء على أننا الطرف الضعيف في الحلقة نحن المساكين ، له القدرة علينا بارك الله فيه . يحشد جهده ضدنا مرة باطلاق عملاء علينا ، ومرة بتهمة كادر ” اسياس ” .لم أمجد غير الجيش الفارس وحتى الآن ،  الجيش صامد ، والشعب الذي انجب الجيش يستحق التمجيد  ولا أزال اقوم بالمهمة دون فتر .

ومن يتهمنا عاجز عن تحقيق مقاصده .

متى هاجرت عن الوطن؟  وما أسباب هجرتك إلى الخارج وانت ترى حكم التنظيم الذي ناصرته طوال مسيرة التحرير ، كيف تهرب من حضنك الدافئ؟

استغفر الله ، غير صحيح ، لم اهرب وإنما خرجت بالواضح عبر المطار والجواز الوطني من أجل معالجة ولدي،  والحالة أخذت الوقت الطويل ولا زلنا في العلاج .

وأنا راجع إلى وطن ، ومن يتهمني بالهروب لا أعفي عنه ، الهارب من يرمي سلاحه ويفر بمعابر تسني وقرورة ، ويخون مجموعته ،  لم أفعل ذلك . خرجت بجواز وتأشيرة وعبر المطار الوطني .

كادر تنظيم كيف يترك الوطن  ؟

الولد عظيم ، من أجل علاج ولدي وصلت دار الهجرة ، حتى الآن أحب الوطن وراجع إليه.

هل رضيت نفسك عن الوطن البديل؟ هل وجدت فيه ما لم تكن تجد في وطنك ارتريا؟

لم أجد في الوطن البديل : الحصباء النظيفة ، والطعام الطري ، كنت أعيش في نعمة ،

الهواء العليل ، لم أجد مثله ،  الغربة ليست وطنًا .

طيب ما الجديد في الوطن البديل ؟؟

راحة الولد وعافيته ، كاد أن يموت مرتين ، الحمد لله ، ربنا يزيده العافية

وطني الثاني هو السودان ، يستحق الشعر لكن الوطن الآخر ليس بوطن .

لي نية في إنتاج أغنية عن السودان حبًا له .لنا في السودان أهل مثل ما للسودان في ارتريا أهل

ومن مفردات تلك الأغنية الموعودة  وهي تتحدث عن السودان :

حدود قبأت فنقينا حدود اوهام.

 أنا وإلا لولت زلام .

سفلانكي كسلا

عذاب قأكي وقومام

قوكي هليت جنة شام ..أفيات توتيل ومكرام.

هل توجد للفنانين الارتريين في المهجر نقابة او مظلة جامعة ترعى مصالحهم ؟

نعم توجد لكنها جديدة ، توجد في أمريكا  نشروا نداء  وهي تضم كل القوميات التسع،و  لنا تواصل بين الفنانين في كل العالم من اوروبا وامريكا ، عندي فيها عضوية .علما أن هدفها : حماية الملكية الفكرية ،  وتجميع الفن ونشره ..وخدمة الأعضاء

هل من إحصائيات جامعة لرصيدك الشعري والغنائي وأي أغانيك اقرب إلى قلبك ؟

أحب الكل ،  ولكل واحدة من الأغاني هدف خاص به ، فكله له منزلة عندي ، لا افرز بين انتاجي أما عن العدد فقد فاجأتني في الذاكرة ، لتفتيش الفلاش ، الرجاء تفوت هذا السؤال .

ألفت لنفسي،  وغنيت وكتبت لغيري الكثير ، وهممت بإحصائه فلم أفلح ، وقد فاتني في تاريخي أن أعتني بمثل هذا الإحصاء،  والآن يصعب القيام بالمهمة بوجه دقيق،  لأن الذاكرة لا تساعد في تحقيق الهدف بأثر رجعي .وهذا خطأ اعترف به ، كان الأصل أن أجمع شعري في ديوان للحفظ ، لكني أعيش حياة الثورة والميدان ، حتى الآن لم أتغير لا تزال الأمور مبعثرة .

هل لديك انتاج فني جديد في الهجرة ؟

نعم توجد أغاني جديدة ، قدمت واحدة منها ردًا على آبي أحمد عندما ادعى البحر الأحمر .

من بين مفردات هذه الأغنية :

وو وداي مدقميت .. أباي كا حلم قبأ ومسئيت . أي لا حظ لك في البحر لأن

جيش أرتريا يستطيع مواجهة جيش اثيوبيا  وتذكيره بفنقل التي دحر فيها العدو الإثيوبي.

ورداً على دعوى أن  تقراي  إخواننا وحلفاؤنا جاءت أغنية جديدة وفيها :

( أزي لنقي لإينقا ، قانا  وسقانا فارقا .)

سلمتها  للفنانة : خديجة آدماي  من أجل تنفيذ الأغنية

ود الشيخ اليوم وهو في زمن الشباب .. هل تغيرت مساحة التدين في قلبك وسلوكك؟

نعم تغيرت كثيراً ، وهوى الشباب ولى ، الدين في القلب ، فلم أكن بعيدا عنه من قبل والآن أكملت الدين وازدادت المعرفة به ، ونرى ذلك في أولادنا .لكل مرحلة دور خاص بها ، وقت المرح واللعب فات .وجاء عهد جديد، نحن الآن في العمر الجديد نعيش مرحلة الغد لا مرحلة الأمس ، ولا مرحلة اليوم ، نحن نستعد لأن نلتقي مع ناس الغد ،  ولهذا نمهد الطريق ونحسن السيرة .

الهجرة :

كيف يقضي الشاعر الفنان ود الشيخ ساعات يومه في عهد الهجرة ؟

توجد أشياء موجودة في الغربة ، لكن توجد حاجات غائبة لا تعوض ، وهذا سر للفنان ،  البيئة المناسبة التي تساعد على الإبداع. اي قلم ترفعه لتكتب به الشعر وأنت في البيئة المناسبة في وطنك بإمكانك أن تبدع بخلاف لو عشت في دار الغربة ، وفي غير البيئة الحقيقية التي فيها مشاعرك فلم تجد ما يساعد على الإبداع .

وعلى سبيل المثال ، مشهد فتاة أصيلة تمر أمامك بملابسها الوطنية المميزة،  تثير فيك العواطف.هنا  في الغربة لا يوجد ما يشجع على  الإبداع، الأشكال مختلفة  والعادات .

أنتهي إلى أن المجتمع الجديد لا يثير العواطف ولا يساعد على الإبداع هنا،  لا يوجد مجتمع الأجداد والأهل والعشيرة والتاريخ والمشاعر.

صحيح قد توفرت في الهجرة أمور سيارة موفرة ، سرير فاخر ومعيشة رغدة ولباس جميل  لكن غابت الأحاسيس ،  هذه الحياة تشبه خيالات ، ليست لنا ولا طعم فيها ، حتى وإن كانت هذه الأشياء امتلكناها بمالنا لكنها في غير الوطن فذهب طعمها ولذتها .اليد ترفض ان تكتب الخيال الكاذب، تريد الحقائق كماهي في الوطن ، لا ارى بقرا ولا إبل ولا قبائل ولا عادات  ، وحتى المصطلحات الأصيلة غابت في الغربة فلا تسمع :  تعكاي ، حرستاي ، معسراي ،ملطاي: (  melchay)

يعجبني في الوطن الطفل يلعب في الحصى والرملة النقية،  وهو عار ، بخلاف الطفل هنا فهو في عناية لكنها مصطنعة . وفي الغربة لا يوجد جمهور مشجع ، إن كل شيء في وطنك جميل

ذكرت عن سيرة الوالد لكنك لم تذكر من سيرة الوالدة رحمها :

اسم الوالدة : خديجة إدريس حامد من دوبعات من عد سفاف  وهي رحمها الله من أخذت بيدي نحو المدرسة والتعليم والمدينة .

بما تختم هذه المقابلة ؟

الله يكثر من أمثالك ، هذه الجلسة كانت مريحة،  وأشيد بها  فالسيرة  مدرسة للكل : نروي للجيل القادم ، حمدا لله ،  وربنا كتب لنا أن نجري هذا اللقاء الطيب ..

ملاحظة :

نص المقابلة بلغتها الأصلية تجودنها في قناة زينا باليوتيوب في الرابط التالي:

https://youtube.com/@zenazajel?si=vocsL2X0MO532AV-

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى