مقالات وآراء

تحالف الهيمنة والسطوة عبر العصور

“الكنيسة والدولة في إثيوبيا وإرتريا: تحالف الهيمنة والسطوة عبر العصور”

تعليقاً على الخبر الذي نشره الأستاذ شوقي، لا يبدو أن الأمر يثير الدهشة عند النظر في تاريخ العلاقة بين الكنيسة الأرثودوكسية والدولة في إثيوبيا وإرتريا. فالكنيسة الأرثوذكسية لم تكن مجرد مؤسسة دينية بل قوة سياسية نافذة اغتصبت دور الدولة عبر العصور.

وكما ذكرت المؤرخة تريشيا ريديكر هيبنر: “في منتصف القرن التاسع عشر، تحالفت الكنيسة الأرثوذكسية رسميًا مع الملكية الإمبريالية الحبشية تحت حكم يوحنا الرابع، وبدأت في تعيين الأباطرة بشكل إلهي وفرض الضرائب نيابة عنهم.” يبدو أن الكنيسة لم تكتفِ بالتوجيه الروحي فقط، بل قررت تولي مسؤولية تعيين الأباطرة وجمع الضرائب، وكأنها كانت الحاكم الفعلي خلف الستار.

ويشير الباحثان دانيال ميكونين وسلام كيدان في دراستهما حول العلاقة المتوترة بين الدولة والدين في إرتريا إلى أن “الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية كانت منذ تأسيسها في القرن الرابع مرتبطة بشكل وثيق بالدولة، وقد أدى ذلك إلى تهميش الطوائف الدينية الأخرى.” فكما يبدو، كانت الكنيسة تدير الأمور بيد من حديد، لا تدع مجالًا للطوائف الأخرى للمشاركة في الحياة الدينية أو السياسية.

ويتابع الباحثان قائلين: “لقد كانت الكنيسة الأرثوذكسية دائمًا على علاقة وثيقة جدًا بالطبقة الحاكمة، خاصة مع ملوك وأباطرة الحبشة. وفي منتصف القرن التاسع عشر، ازدادت هذه العلاقة قوة، حيث تشكلت أيديولوجية الدولة على أساس لاهوت الكنيسة الأرثوذكسية، واستمر هذا الوضع حتى سقوط آخر إمبراطور إثيوبي، هيلي سيلاسي، في عام 1974.” يبدو أن الكنيسة لم تكن فقط جزءًا من الدولة بل كانت القلب النابض لها، تشكل أيديولوجيتها وتحرك أركانها.

باختصار، لم يكن تواطؤ الكنيسة والدولة مجرد تعاون عابر، بل كان تحالفًا استراتيجيًا يهدف إلى ترسيخ الهيمنة الثقافية والسياسية والدينية لشعوب المسلمة مما جعل الكنيسة تلعب دورًا رئيسيًا في رسم مسار التاريخ في تلك المنطقة.

وكتبه/ محمد ادريس قنادلا

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى