حوارات

د. حسن سلمان يتحدث لـ”زينا” عن عدة قضايا تهم الشعب الإرتري

د.حسن سلمان لزينا  :

لا شيعة في ارتريا لكن عوامل زراعتها متوفرة

المذهب الشيعي غير قابل للتعايش مع المخالفين

هذه مؤشرات ترجح احتمال انهيار النظام في إرتريا

بعض قوى المعارضة الأرترية لا تخفي تحيزها للنظام

تحدث الباحث والمحلل السياسي الإرتري  د.حسن محمد سلمان في حواره مع وكالة زاجل الإرترية للأنباء ( زينا ) عن عدة قضايا تهم الشعب الارتري ، فعن مستقبل النظام في ارتريا يرى أنه في طريق الانهيار  المفاجئ مثل ما حدث لأنظمة مشابهة في المنطقة ، وعن الشيعة أكد أنه لا وجود لهم في ارتريا ، وغير مستبعد زراعتهم مستقبلا لوجود أطراف داعمة تقف مع نشر المد الشيعي  في المنطقة .

جاوبت المقابلة بوضوح على أسئلة : عن موانع وحدة المسلمين الارتريين ، وعن أسباب هشاشة المقاومة الإرترية وعن الدعم العربي الخليجي  للشعب الإرتري وكان ضمن الأسئلة:  لماذا لا يتواصل الإسلاميون الإرتريون مع دولة إيران بحثا عن الدعم المادي والمعنوي كما يفعل إسلاميون آخرون في دول الإقليم .

 

 أجرى المقابلة أ.باسم القروي  

 

  1- كيف تلخص  الأحداث في ارتريا حسب متابعتك؟

الأحداث في إرتريا تتلخص في نظام أمني قابض،  يستند على الأجهزة الأمنية والعسكرية ، وتحويل البلاد كلها إلى سجن كبير؛  يتحكم فيه سجان،  لا يعرف الرحمة ، ولا يرى ضرورة بناء المؤسسات؛  لأن ذلك يضعف من صلاحياته المطلقة  التي  لا حدود لها ،  يعلن وحده الحرب والسلم كما يعلن الهدنة ويعطي ويمنح ما يشاء دون رقيب ولا حسيب ، كما يتحكم في موارد الدولة بذات الطريقة فلا برلمان ولا مجلس وزراء ولا حزب حاكم فقد عطل كل ذلك لتكون الدولة ملكا له وفي الجهة المقابلة تعيش القوى المقاومة حالة من الضعف والتفتت وعدم الاتفاق على الحد الأدنى من التصورات والمواقف مما ينتج عنه انقسامات في المحطات المفصلية ، هذا إن لم يكن النظام قد تمكن من احتواء بعض مكوناتها وبالتالي تسبب ذلك في وجود دولة قابلة للفشل والانهيار في أي محطة من محطاتها ولن تجدي نفعا محاولات الاستفادة من المحاور الخارجية التي يحاول النظام إطالة عمره من خلال اللعب على تناقضاتها كما أن محاولات استثمار التناقضات الداخلية سيكون له حد تقف عنده مهما تجاوب معها البعض لحسابات قصيرة الأجل ، وذلك في ظل حركة الوعي المتنامية في الشعوب عامة بما فيها الشعب الإرتري كما يقال: ( يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت وبعض الناس كل الوقت ، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت).

٢- حديثك يعزز مقولة منتشرة كثيرا ترى   ان ضمن قوى المقاومة الارترية فصائل موالية للنظام أو زرعها النظام تعمل دوما على هدم بناء قوى المعارضة من الداخل وتعمل على شغلها بصغائر الأمور فهي خميرة عكننة وتثبيط مستمر ( إيتمرح وإيتلي  – eetmarreh wa eettalli)

إلى أي مدى تصدق هذه التهمة؟ 

لا أميل كثيرا لفكرة الاتهام لأي قوى سياسية بالخيانة أو العمالة دون بينة وبرهان،  ولكن ما يمكن قوله أن مواقف بعض القوى السياسية متماهية في العديد من المحطات مع النظام بصورة لافتة كما أن بعضها لا يخفي تحيزه الواضح للنظام وقد أدى ذلك لشلل حركي في صفوف المظلات التي يوجد  فيها هذا البعض كما اسهم ذلك في ضبابية التصورات المجتمعية لفكرة المقاومة وجديتها وكل ذلك للأسف الشديد يحصل غالبه في الصف المسلم الأكثر تضررا من سياسات النظام .

٣– لماذا تبدو ارتريا هادئة في محيط ساخن ؟

ما يبدو من هدوء في إرتريا ليس حقيقيا وذلك أن الأمن البوليسي القابض لا يعبر عن مفهوم الأمن المطلوب فهو أمن نابع عن الخوف من سلطة الخوف وهذا نهايته الانفجار الذي يهلك الحرث والنسل ومع ذلك فقد رأينا قبل سنتين كيف أن إرتريا كانت جزءا من الصراع الذي جرى في الجارة إثيوبيا ولا زالت تعيش تداعيات ذلك الموقف حتى الآن ويمكن أن تتطور الأحداث لاندلاع حرب بين البلدين في أي وقت في ظل التصريحات التي نسمعها من هنا وهناك ولهذا فالهدوء الذي نراه ربما كان الهدوء الذي يسبق العاصفة.

٤- تقييمك للنظام الارتري لماذا طال عمره رغم سوء إدارته للبلاد وكثرة معارضيه؟

طول وقصر عمر الأنظمة يعود لعوامل عديدة وليس عيبا أن يطول عمر النظام إذا  ما كان معبرا عن الإرادة والسلطة المجتمعية ولكن الاستطالة مستغربة في ظل غياب ذلك وتحول النظام لنظام دكتاتوري مستبد ، يعذب ويقتل شعبه وعموما لا بد من ملاحظة عدة أمور في طول عمر النظام أولها أنه نظام نِشأ بعد ثورة تحررية ، وهذا يمنح النظام وقتا باعتبارات عديدة أمنية وسياسية ثم الحروب المتلاحقة التي أشعلها النظام ورفع معها شعار لا صوت فوق صوت البندقية وجعل من حالة اللا حرب واللا سلم مع إثيوبيا مسألة مانعة لأي مطالبة بالاستحقاقات الدستورية والوطنية خاصة لمن هم داخل البلاد إضافة إلى ذلك فقد عمد النظام إلى تدمير  المؤسسات الأهلية والمدنية والسياسية داخل النظام بما فيها الحزب الحاكم وصاحب كل ذلك ضعف المقاومة الخارجية وعدم قدرتها لحشد الطاقات الوطنية التي تنشد التغيير مع القدرة الأمنية على ضبط الداخل وإسكات كل الأصوات الحيّة من خلال تحويل الدولة كلها للعسكرة بمختلف الأساليب وتدمير  الحياة السياسية مما نتج عن كل ذلك بأن تحول الشعب إلى صامتين يؤثرون السلامة أو سجناء تحت حجج مختلفة أو طالبين للسلامة والخلاص الشخصي من خلال الهجرة إلى خارج الوطن وكل ذلك أسهم في بقاء النظام لفترة أطول.

٥- هل في ارتريا شيعة ؟ توجد حالات حب غير عادي لعلي رضي الله عنه وذريته الحسن والحسين  في ارتريا؟ ،  وتوجد مقولة    شعبية  تزعم  أن عليا رضي الله عنه قال : بطلت الشجاعة عندما شاهد بعض الجبال الشاهقةفي ارتريا  التي تطل على وادي منخفض يرتاده الناس طريقا لهم معبرا في رحلتي:  الشتاء والصيف .هل في ارتريا شيعة أو حاضنة شعبية لاستقبال الشيعة والترحيب يالمذهب الشيعي؟ هل من علاقة بين المذهب الشيعي وبين حب المسلمين    الإرتريين لآل البيت  ؟

بالنسبة للمذهب الشيعي يمكن تأكيد أنه  لا يوجد له حضور في إرتريا وربما كان الموقف العام للنظام من الحالة الإسلامية وعدم السماح للتبشير والدعوة إليها خاصة إذا كانت من خارج البلاد اسهم في عدم ظهور الشيعة حتى في الفترة التي كانت علاقات النظام مع إيران في أحسن أحوالها وبالتالي التشيع غير موجود لا عقديا ولا فقهيا ولا سياسيا حتى الآن.

وأما حب آل البيت وحب الصحابة رضوان الله عليهم فهو أصيل في مجتمعنا وقد يكون حب آل البيت نقطة التقاء مع الشيعة ولكن حب الأصحاب خاصة الخلفاء الراشدين يعد نقطة افتراق في ذات الوقت وعموما المذهب الشيعي له دولة ترعاه وتقوم على نشره بكل السبل ويمكن أن تكون له أرضية في كل بلد إذا لم يكن هناك تحصين علمي وشرعي وغالبا الانتشار العقدي والمذهبي يسبقه ما يعرف بالتشيع السياسي الذي نلاحظه في افتتان كثير من المسلمين بالحالة الإيرانية رغم ما أحدثته من مشكلات وفتن في العديد من البلدان ولكن ظهورها بالداعم للقضية الفلسطينية أعمى الكثيرين عن رؤية جرائمها الأخرى.

 

٦– قرأنا عن مساعي إيرانية لغرس مذهب شيعي وسط قومية الدناكل للقيام بادوار مثل أدوار

الحوثيين في اليمن  هل من تأكيد لمثل هذه  الاخبار:

ظهرت بعض المعلومات في الفضاء الإعلامي تشير بأن هناك تحركات للحوثيين لاستقطاب بعض المجموعات من الإرتريين ولكن من خلال تتبعي للأمر علمت بأن المعلومة رغم صحتها لكنها مضخمة أكثر من اللازم خاصة أن الأفراد الذين تم تجنيدهم اكتشفوا حقيقة الأمر من خلال التعبئة والتثقيف فقرروا مغادرة معسكرات التدريب وقد غادر كثير منهم وبقي العدد القليل تحت الضغط والإكراه وبالطبع لا يعني ذلك بأن التحركات ستكون هذه نهاياتها بل قد تكون هناك تحركات أخرى ولمجموعات مختلفة كذلك.

٧- لماذا لا يتواصل الإسلاميون الإرتريون مع الشيعة في إيران كما تتواصل حماس والأحزاب الثورية؟

فيما أعلم حاول بعض الإسلاميين التواصل مع إيران في فترة سابقة ولكنهم لم يحصلوا على شيء منهم لأن إيران غالبا لا تدعم إلا ضمن سياق رؤيتها للأمن القومي لها وكذلك تركز على الشيعة ونشر مذهبهم وهذا ما لم يكن ممكنا في الحالة الإرترية وكذلك هناك مخاطر يعلمها الساسة حاليا حول الارتباط بإيران وما يمكن أن يسببه من قطيعة مع العرب خاصة دول الخليج التي تحرص الجماعات الإسلامية على عدم المساس بالعلاقة معها خلاصة  أن العلاقات مع إيران هي علاقات ملغومة وخطرة داخليا وخارجيا.

٨- هل توجد علاقة إيجابية ودعم حقيقي للإسلاميين الأرتريين من دول الخليج العربي يوجب عليهم مراعاته عند التواصل مع الشيعة ؟..نحن لا نرى آثار ذلك الدعم الخليجي خاصة على الصعيد الرسمي ولهذا حسن طرح السؤال : لماذا انتم أسرى لدعم خليجي غير مرئي ؟  

كلامك صحيح في الجملة فلا يوجد دعم رسمي خليجي للحالة الإرترية الدعوية منها والسياسية ولكن غالب ما تعتمد عليه الحالة الإرترية هو الدعم غير الرسمي ونحن نعلم حتى هذا لو لم يكن هناك غض الطرف عنه لما كان له أن يحصل هذا من جهة ولكن ما رميت إليه ليس فقط الجانب المالي بل التبعات السياسية المترتبة على الذهاب لإيران في ظل خصومتها مع العديد من الدول والشعوب المسلمة ودخولها في الحروب الطاحنة في المنطقة.

٩ – هل توجد علاقة بين النظام الارتري وايران قديما او حديثا ؟

نعم كانت علاقات النظام مميزة مع إيران خلال الفترة التي حاصر فيها مجلس الأمن النظام وقد زار رأس النظام إيران وتم التعاون معها في عدة ملفات ولكن بعد عاصفة الحزم والحرب اليمنية فقد تراجعت العلاقات مع إيران وتحول النظام ليكون حليفا للدول الخليجية خاصة المملكة العربية السعودية وهذه طريقة النظام في علاقاته فهي علاقات غير مستقرة.

١٠ – جيشت السعودية لصالحها دولا لمواجهة الحوثيين ..لم يحسم الحلف العربي حكم الحوثيين في اليمن بل عادت السعودية  لبناء علاقة إيجابية مع إيران الداعم القوي لشيعة اليمن .. لماذا انقلبت هذه المواقف السياسية من عداء لإيران إلى إنشاء وبناء علاقات معها  والحوثيون لا يزالون في الصدارة في اليمن :

موضوع الصراع في اليمن وعلاقات دول الخليج بها وتدخلها العسكري موضوع متشابك ومعقد وليست الأمور كما تبدو لنا في الظاهر فمثلا السعودية كانت علاقاتها مع الحوثي مميزة وكانت تدعمه دعما سخيا كما شهد بذلك عدد من المسؤوليين السعوديين وذلك في مواجهة الثورة اليمنية خاصة حزب الإصلاح اليمني كما كان الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ترى أهمية الحوثي في مواجهة تنظيمات القاعدة وغيرها فكلا من الإقليم والخارج كان يرى أهمية الحوثي كأداة وظيفية في مواجهة الخطر الأكبر بحسب نظرتهم كما كانوا يرون إرهاق كل من الإصلاح والحوثي ببعضهم حتى يعود الرئيس السابق ونظامه مرة أخرى ولكن الذي حدث كان خلاف المتوقع حيث قرر حزب الإصلاح اليمني الانسحاب من المواجهة المباشرة بقواعده نيابة عن الدولة وتحالف الرئيس السابق علي عبدالله صالح مع الحوثي وهنا وجدت المملكة العربية السعودية نفسها قد سلمت اليمن لفصيل موالي لإيران فكانت عاصفة الحزم التي تباينت فيها أهداف التحالف العربي فهم بين الخوف من عودة الإصلاح للمشهد في ظل تصنيف الدول الخليجية عدا القليل للإخوان المسلمين ضمن قائمة الإرهاب وبين تمكين وسيطرة الحوثي الذي تبين بأنه مدعوم دوليا ولا يسمح بإخراجه من المشهد بل ما يسمى بالشرعية وهي الحكومة المعترف بها دوليا  قد رسمت لها حدودا معينة لا يمكن تجاوزها عسكريا ويتم ضربها إذا تجاوزت تلك الحدود وهكذا وجدت السعودية نفسها في مستنقع يصعب الخروج منه بين حليف يسعى للهيمنة على قطاعات من الأراضي اليمنية وهو الإمارات التي سيطرت عبر حلفائها على غالب اليمن الجنوبي وبين قوى دولية راغبة في بقاء الحوثي حتى ولو أرادت تحجيمه فقط بما يمنع تحركاته في المياه الدولية ولقد رأينا كيف كانت العمليات حاسمة في لبنان بينما كانت العمليات محدودة وقاصرة في اليمن وذلك وفقا للرغبة الغربية التي تريد تخويف دول الخليج بالبعبع الإيراني وأدواته في المنطقة.

وخلاصة القول إن حسابات الإقليم والخارج البعيد وتداخلات المشهد الداخلي أدى لإضعاف الحكومة الشرعية في اليمن وملاحقة المقاومة الشعبية فيها حتى الآن وحرمها من الفاعلية كل ذلك أدى لبقاء الحوثي في صدارة المشهد اليمني.

١١– هل الشيعة الحاكمة في إيران مسلمون؟  هل تباينهم مع أهل السنة في العقيدة والعبادة يجوز إطلاق الكفر عليهم ؟

المذهب الشيعي تطور مع الزمن فالحالة الأولى كانت خلافا سياسيا أي من كان مع الإمام علي رضي الله عنه سمي شيعيا أي شايع عليا وناصره خلافا لغيرهم ثم تطور المذهب فدخلت فيه عقائد ومناهج وشرائع تخالف كثيرا من أصول المسلمين ومنها مصادر التشريع ويمكن التنبيه فقط على مسألة الإمامة فهي فرعية عند طوائف المسلمين السنة،  ولكنها ركن من أركان الإسلام عند الشيعة خاصة الإمامية وبناء عليه يكفرون من لا يقول بالإمامة ويبيحون قتله وقتاله بالإضافة  لما هو معروف عندهم من الغلو في الأئمة ونسبة أمور لا تنسب إلا لله تعالى وتكفيرهم للصحابة وسبهم لأمهات المؤمنين خاصة عائشة -رضي عنهم –  ففي عقائدهم كفر كثير ولكن مسألة تكفير الجميع لا تلزم  لأن التكفير يتطلب في الأعيان استيفاء شروط وانتفاء موانع كما بسط ذلك علماء أهل السنة والجماعة، كما يلزم التنويه إلى مشكلة الأمة اليوم مع الشيعة ليس في عقيدتهم ومذهبهم الفقهي بل في عدوانهم على أهل الإسلام وتواطئهم مع أعداء الأمة واحتلالهم لديار المسلمين وتدميرها وقتل أهلها وإلا فالشيعة عبر التاريخ كانوا يعيشون في ديار الإسلام دون عدوان عليهم، ومسألة العدوان ودفع المعتدي واجب شرعي لا خلاف عليه حتى لو كان المعتدي مسلما  سنيا.

١٢ – هل سبق أن دعمت إيران الثورة الأرترية ؟

العلاقات الإيرانية مع إرتريا تختلف من فترة لأخرى ففي عهد الشاه محمد رضا بهلوي 1979م، كانت إيران حليفًا وثيقًا لإثيوبيا بقيادة الإمبراطور هيلا سيلاسي ثم منغستو هايلي مريام وبسبب هذه العلاقة القوية لم تدعم إيران الثورة الإرترية، بل دعمت إثيوبيا عسكريًا واقتصاديًا، حيث زودتها بالسلاح والمستشارين العسكريين للمساعدة في قمع جبهة التحرير الإرترية.

وأما بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، تغيرت السياسة الخارجية الإيرانية بشكل جذري، حيث تبنت خطاب دعم حركات التحرر ومناهضة الاستعمار وبالرغم من ذلك لم تقدم إيران دعمًا قويًا وعلنيًا للثورة الإرترية كما فعلت دول أخرى مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن، ولكن في فترات متأخرة فقد تعاملت إيران مع جبهة التحرير الإرترية وفتحت لها مكتبا في طهران ولكن لم يكن الدعم يتناسب وحاجيات الثورة والشعب الإرتري.

وبعد استقلال إرتريا 1993م، أقامت إيران علاقات دبلوماسية مع أسمرا في أوقات متأخرة، وسعت إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية بين إرتريا وجيرانها مثل إثيوبيا وجيبوتي. وقد اتهمت بعض التقارير إيران بتقديم دعم سياسي ولوجستي لإرتريا في بعض الفترات، خاصة في إطار التنافس الإقليمي مع دول الخليج العربي كما تقدم ذكره.

١٣– ما تحليلك لمواقف إيران تجاه العراق وسوريا ولبنان واليمن:

إيران دولة تمتلك مشروعًا سياسيًا واستراتيجيًا يسعى إلى التمدد في مناطق نفوذ تاريخية أو راهنة، وقد رفعت منذ نجاح ثورتها عام 1979 شعار “تصدير الثورة”، مما شكل محورًا رئيسيًا لسياستها الخارجية. كانت المواجهة الكبرى لهذا المشروع في العراق خلال الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988)، التي لم تحقق فيها إيران أهدافها الاستراتيجية. وقد استغل الخصوم الإقليميون والدوليون هذه الحرب لتعميق العداء بين إيران والعالم العربي، وهو ما يزال حاضرًا حتى اليوم.

بعد انتهاء الحرب، أعادت إيران صياغة استراتيجيتها للأمن القومي على أساس تجنب الحروب المباشرة داخل حدودها، واستبدلت ذلك بتكتيك بناء الأذرع والوكلاء المحليين. هذا النهج يقوم على دعم ميليشيات مسلحة تحقق من خلالها الردع أو ما يُعرف بـ “توازن الردع”.

  • لبنان وفلسطين: بدأ التوسع الإيراني فعليًا في لبنان عبر دعم “حزب الله”، الذي تحول إلى ذراع عسكرية وسياسية فاعلة تعزز النفوذ الإيراني في المشرق العربي. كما قدمت إيران دعمًا لفصائل فلسطينية، مثل حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، لتعزيز دورها في الصراع مع إسرائيل وإظهار نفسها بأنها مدافع رئيسي عن القضية الفلسطينية.
  • العراق: بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003م، وجدت إيران فرصة غير مسبوقة لتعزيز نفوذها في العراق، من خلال علاقة تعاون مع الولايات المتحدة تقوم على تقاسم النفوذ. دعمت إيران الميليشيات الشيعية، التي أصبحت جزءًا من منظومة الحكم، مما مكّنها من ترسيخ وجودها العسكري والسياسي والأمني داخل العراق.
  • سوريا: مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011م، تبنت إيران سياسة دعم النظام السوري باعتباره حليفًا استراتيجيًا، حيث أرسلت ميليشيات تابعة لها مثل “حزب الله” وفصائل عراقية، بالإضافة إلى تقديم دعم مالي وعسكري كبير للنظام السوري لضمان بقائه ضمن محور المقاومة الذي تقوده.
  • اليمن: في اليمن، تمكنت إيران من بناء تحالف مع جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، الذين تطوروا ليصبحوا قوة عسكرية وسياسية فاعلة. وقدمت لهم الدعم اللوجستي والتقني، مما مكنهم من السيطرة على صنعاء عام 2014م، ليشكلوا بذلك ذراعًا إيرانيًا جديدًا في منطقة الخليج العربي، قادرًا على تهديد المصالح الإقليمية والدولية.

ويتمدد المشروع الإيراني في ظل غياب مشروع سني متكامل تتبناه دول سنية ذات تأثير استراتيجي. فقد اعتمدت العديد من الدول السنية في استراتيجياتها الأمنية على القوى الخارجية، ثم اتجهت مؤخرًا نحو إقامة علاقات تطبيع مع إسرائيل، مما عزز من ظهور إيران كقوة إقليمية وحيدة في مواجهة القوى الكبرى، خاصة فيما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية.

ومع ذلك، يبقى الهدف الأساسي للمشروع الإيراني واضحًا، وهو تعزيز نفوذه الإقليمي من خلال بناء شبكة من الدول والكيانات الطائفية التابعة له، بما يضمن له استمرار الهيمنة في المنطقة وتحقيق مصالحه الجيوسياسية.

١٤– هل توجد خيوط رابطة  بين الدول الغربية وإيران  بين أمريكا وإيران :

مسألة العلاقات الغربية مع إيران في ظل الثورة كان ضربا من الإشاعات في بداية الأمر ولكن مع صدور ونشر العديد من التقارير والكتب والدراسات لم تعد محل شك بل هي حقيقة قائمة منذ وجود الخميني في فرنسا وتحركاته الكبيرة في تعبئة الشعب الإيراني ثم ما أعقب ذلك من الحرب العراقية الإيرانية وكان هناك قلق صهيوني من انتصار العراق وقد حصل تعاون ودعم لإيران وتمرير أسلحة لها ثم حصل التعاون في محاربة حركة طالبان ثم التعاون والتخادم الحاصل في العراق ومع ذلك فهناك مجالات توتر وصراع بين إيران والغرب بسبب تطلعات إيران للنفوذ الإقليمي والتمدد في المنطقة خارج سياق التفاهمات فالغرب حريص على بقاء إيران في مواجهة الحالة السنية الثورية عامة ولذا تم توظيفها في مواجهة الثورات في كل من العراق وسوريا واليمن وكذلك يريدونها أداة تخويف وتهديد للدول الخليجية لترتمي في الحماية الغربية والصهيونية وهذا ما يعرف بالثنائيات في إدارة الأزمات  ومع ذلك فهناك بعض مجالات التوتر والصراع  أهمها:

  1. الملف النووي: الغرب، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا، يضغط على إيران للحد من برنامجها النووي والكيان الصهيوني يشعر بالخطر ويضغط في اتجاه توجيه ضربة لإيران في مفاعلها النووي لتتفرد إسرائيل بالنووي في المنطقة الاتفاق ويشترك الغرب مع إسرائيل في هذه المخاوف ولكن لن يقبل بضربة عسكرية ويعمل على الحل من خلال المفاوضات وقد فشلت وانهارت بعد انسحاب أمريكا من التزاماتها في 2018م.
  2. العقوبات الاقتصادية: فرضت الدول الغربية عقوبات صارمة على إيران بسبب برنامجها النووي ولا يشك فالعقوبات الاقتصادية هي سلاح الغرب الأمضى لتركيع الدول واحتوئها وقد تسببت هذه العقوبات في مشكلات كثيرة داخل إيران.
  3. السياسة الإقليمية: هناك خلافات بين الغرب وإيران حول النفوذ الإيراني ومحاولات التمدد خارج خطوط المسموح به بما يهدد الكيان الصهيوني مثلا.

بالتالي، فالعلاقة بين الغرب وإيران ليست تعاونًا مطلقًا ولا صراعًا كاملًا، بل تتأرجح بين الضغوط والتفاهمات بحسب الظروف السياسية والمصالح المتبادلة والسبب في ذلك أن الغرب بحاجة لإيران في الضبط والسيطرة على المنطقة وتحررها ونهضتها كما هي بحاجة للنفوذ والتمدد وتحقيق الأمن القومي الخاص على حساب الأمن العام للأمة وذلك لطبيعة المشروع الطائفي الذي يجد بأن المكون السني عقبة في قيامه فلا حرج في التعاون مع الخارج لتحقيقه وهذا المعادلة قد لا تنضبط دوما وقابلة للانهيار في بعض المحطات حتى لو ظلت مستمرة بين الطرفين.

١٥ – لماذا يعجز الحلف الغربي عن حسم تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر :

أجبت فيما تقدم عن طبيعة الوضع في اليمن وتعقيداته وذكرت بأن الغرب يعتمد في وجوده في المنطقة على استثمار التناقضات البينية لشعوب المنطقة وأن الحوثي بهذا الاعتبار وجوده مطلوب غربيا ولكنه يخرج عن الضبط والسيطرة بحسب الأحوال والتوجيهات القادمة من الحليف الإيراني وهنا يسعى الغرب لضبط الإيقاع بحيث يحجم تأثيره على أمن البحر الأحمر وفي ذات الوقت يحافظ على معادلة الصراع الداخلي لليمن الذي لا يرغب الغرب في سيطرة الإسلاميين السنة على الدولة اليمنية كما لا تغرب الدول الخليجية من عودة الديموقراطية في دولة مجاولة لهم.

١٦– هل تتوقع أن ينشأ حلف شيعي سني قوي ضد العدوان الخارجي الذي يستهدف المسلمين جميعا .وهل من محاولات جادة أو ناجحة لإنشاء مثل هذا الحلف :

إذا فكرت إيران بمنطق الأمة وهو أمر صعب لأن عقيدتها لا تنسجم مع منطق الأمة بمجموعها فإنه بالإمكان تحقيق الحد الأدنى من التعاون على دفع المخاطر الخارجية ولكن في ظل الواقع الراهن الذي تنطلق فيه إيران بمشروع طائفي وتنطلق فيه الدول العربية باعتبارها جزءا من المشاريع الخارجية ولا تملك مشروعا إسلاميا أو حتى عربيا فإن إمكانية إيجاد تحالف بين السنة والشيعة أمر بعيد المنال.

١٧– ما الذي يمنع توحيد الصف الإسلامي  الارتري في كيان واحد جامع على الرغم من الحاجة الملحة إلى ذلك:

الوحدة الإسلامية مطلب شرعي وضرورة حياتية لكل المسلمين وتزداد الحاجة إليها في البلدان التي تمر شعوبها بحالة استضعاف وتهميش في أقطارها كما هو الحال في إرتريا وقد كانت هناك محاولات عديدة لجمع الشمل وتحقيق الاعتصام المنشود ولكن لم تنجح كل هذه المحاولات وفي تقديري تعود أسباب الفشل إلى غياب الثقة بين الأطراف نظرا للتجارب الوحدوية السابقة وكذلك التقديرات الخاطئة التي يتصور فيها كل طرف ذاته بشكل مضخم ويتصور بأنه قادر على تحقيق النجاح بمفرده أو يجد بأن الحالة التي هو فيها مريحة نفسيا وعقليا وبعيدة عن متاعب الوحدة التي تتطلب تنازلات محددة وكل ذلك يؤدي لغياب الإرادة السياسية لتحقيق الوحدة.

ولئن كان ذلك عن الوحدة الإسلامية فكذلك نقول حول تحقيق وحدة صف المقاومة الوطنية عامة لأنها تعاني من ذات المشكلة وأقرب مثال لذلك هو المجلس الوطني الإرتري الذي فشل في تحريك الجماهير وتفعيلها لصالح مشروع التغيير بالرغم من اتفاقه الكبير على كثير من القضايا النظرية ولكنه عمليا يعاني من الشلل الحركي والموت السريري وكل ذلك مما يطيل من عمر النظام الدكتاتوري ويزيد من معاناة شعبنا .

وفي الختام شكرا للإخوة في إدارة زاجل على إتاحتهم لي هذه الفرصة للحديث عن الشأن الوطني الخاص والشأن الإسلامي العام

تعليقات

تعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى