رحيل صوت النضال الذي لا يرحل
مع انطلاقة الثورة الإرترية والنضال ضد الاستعمار من أجل الحرية والاستقلال، ولد نضال شاعرنا عثمان عبد الرحيم، ليس فقط مغنياً عادياً، بل صوتاً يجسد آلام وطنه وأحلامه. كان ينادي بالحرية والسلام، ويسعى لتحقيق حلم لم يكتمل بعد. كان عثمان من أبناء إرتريا الأوفياء، عاش حياته بين الأدغال مع رفاق النضال، ينقل صوته للعالم ليعبر عن آلام شعبه.
منذ صغره، كانت الحرية هاجسه الأكبر، فاستخدم قلمه وصوته كأدوات للنضال، يكتب ويغني قصص الألم والأمل، ليشعل حماس المحاربين ويغرس الأمل في قلوبهم. لم يكن مجرد مغنٍ للوطن، بل كان رمزًا للنضال في زمن كانت فيه الكلمات والأغاني سلاحًا قويًا بجانب البندقية. كانت أغنياته للثورة الإرترية تشعل حماس الثوار في كل معركة، وتلهم الجماهير بالصمود والثبات.
لكن القدر كان له مسار آخر. اضطر عثمان للهجرة إلى السويد بعد أن ضاقت به الأرض، ليس بحثًا عن حياة رغيدة، بل ليواصل نضاله. ورغم بعده عن أرض الوطن، ظل يكتب ويغني للوطن الجريح. كانت أغانيه تعبر المحيطات، تصل إلى كل المناضلين في إرتريا، تزرع فيهم الأمل وتذكرهم بأن الحرية قريبة.
عاش عثمان في السويد، بعيدًا عن وطنه جسدًا، لكن قلبه بقي هناك، بين الجبال التي أحبها ورفاق النضال. كان يحلم بالعودة ليُدفن في تراب وطنه الذي ناضل من أجله، لكنه رحل قبل أن يتحقق حلمه. توفي في أرض الغربة، ودفن فيها، بعيدًا عن التراب الذي كان يتمنى أن يحتضنه.
ترك خلفه إرثًا من الأغاني والقصائد التي ستظل تنبض بالحرية والسلام، وستروي للأجيال القادمة قصة نضال شعب، وحكاية شاعر عاش ومات من أجل حلم وطنه. رغم أن رفاته دفنت في الغربة، إلا أن روحه ستظل ترفرف في سماء إرتريا، وستبقى كلماته وألحانه تسكن قلوب كل من ناضل ويُناضل من أجل الحرية.
اللهم اغفر لعثمان عبد الرحيم وارحمه، وأسكنه فسيح جناتك. اللهم ألهم أهله ورفاقه الصبر والسلوان، وآنِس وحدته في قبره، واربط على قلوب محبيه.