تصريح صحفي بشأن تصريحات رئيس الو زراء الإثيوبي حول إمكانية الحصول على منفذ بحري
تابعنا باستهجان واستنكار بالغ حديث الدكتو ر/ أبي أحمد علي، رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية، أمام جمع من أعضاء البرلمان الفيدرالي وقيادة حزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا، حول ما أسماه الاطلالة على البحر، وأن البحر الأحمر ونهر النيل هما بمثابة” حياة أو موت” بالنسبة لإثيوبيا، مشيرًا إلى أن بلاده ستتخذ كل التدابير اللازمة لتحقيق أهدافها. ومن أخطر ما جاء في تصريحه قوله إنه يريد ضم وإلحاق جزء من المناطق الساحلية إلى الملكية الإثيوبية، مقابل منح إرتريا أو أية دولة جارة تملكه المنفذ، أسهمًا في شركة الهاتف الإثيوبية، أو الخطوط الإثيوبية، أو منحها قطعة بديلة من أراضي إثيوبيا. هذا التصريح العجيب لا يتعارض مع القانون الدولي فحسب، بل ينتهك أيضا سيادة أراضي الدول المعنية.
يؤكد المجلس الوطني الارتري للتغيير الديمقراطي على أن هذا التصريح يعدُّ تعديًا سافرًا على سيادة إرتريا وعلى حقوق شعبها الذي مهر حرية ترابه الوطني بالدم، وقدم مئات الآلاف من خيرة أبنائه قرابين من أجل ذلك. ليس هذا فحسب، بل أن مثل هذا التصريح قد يكون بمثابة إعلان حرب من قبل إثيوبيا على جيرانها ،وعلى وجه الخصوص إرتريا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطاعات واسعة من النخب الإثيوبية درجت على تكرار ا لادعاءات والزعم بأن إرتريا جزء من إثيوبيا، فرطت بها الجبهة الشعبية لتحرير تقرا ي، متهمة الوياني بارتكاب خطأ تاريخي. هذا ا لادعاء الباطل يأتي متو افقًا مع الأطماع التوسعية الإثيوبية عبر التاريخ، ويقابله استهجان ورفض صارم من قبل الشعب الإرتري برمته، والذي تجسد بشكل جلي في تصويته بإجماع بـ “نعم للاستقلال” في الاستفتاء العام الذي أشرفت عليه المم المتحدة وحضره مراقبون من عدد كبير من دول العالم .
يبدو أن الإثيوبيين لا يريدون أن يتعلموا من التاريخ البعيد والقر يب لعلاقتهم بإر تريا وبشعبها. ولا ضير إذن من أن نذكرهم بأن التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الإرتر ي من أجل تحرير ترابه الوطني، بعد نضال سياسي وعسكري استمر لخمسة عقود ، برهنت، بما لا يدع أي مجال للشك، أن الجبروت والقهر لا يمكن أن يرضخ شعبنا المناضل، الذي أرغم قوات الاحتلال على الخروج من أرضنا وهي تجر أذيال الهزيمة والعار .لكن وعلى الرغم من المرارات التي خلفها الاحتلال الإثيوبي البغيض على شعبنا، تسامى الشعب الإ رتري على جراحاته، وظل يؤكد دومًا على رغبته في نسيان الحقبة الاستعمارية المظلمة، ويمد يد الأخوة وحسن الجوا ر مع الشعب الإثيوبي، وصو لًا إلى علاقات تكافؤ مبنية على التعاون والتكامل لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لشعبي البلدين، لقناعته الراسخة بأن أحلام بعض المجموعات الإثيوبية بالعودة الى الماضي الاستعماري، لن تخدم السلام والاستقرار في المنطقة.
جدير بالإشارة إلى أن إثيوبيا ليست البلد الوحيد الذي لا يملك منفذًا بحريا، فهناك الكثير من الدول الحبيسة، ولكنها تتطور وتنمو لأنها اختارت أن تتعايش مع و اقعها، و أبرمت اتفاقيات مع الدول المطلة على المنافذ البحرية، وصنعت شراكات عادت عليها بالخير. وإذا كان ا لمر كذلك، فلماذا الإصرا ر على لغة التحدي، وإطلاق العنان للتفكير الاستعماري العقيم، واستدعاء الساطير الكهنوتية لحكام إثيوبيا الهالكين؟ ألم يكن الأمر ميسو رًا بأن تتحاور إثيوبيا مع جيرانها، من أجل استخدام موانئهم، كما فعلت ومازالت مع الشقيقة جيبوتي!!؟
وفي هذا السياق، يحمل المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي النظام الديكتاتوري القائم في إرتريا، مسؤولية الغموض الذي يكتنف العلاقات الإرترية – الإثيوبية ، وعدم سعيه الجاد لترسيم الحدود بين البلدين وفقًا لاتفاقية الجزائر وقرا ر لجنة الحدود الدولية، خاصة بعد إزاحة حكم الجبهة الشعبية لتحرير تقراي( وياني تقراي) الإثيوبية من السلطة، والتي كانت تماطل في تنفيذ القرار، وقيام تحالف مشبوه بين النظامين، كما تابعنا جميعًا منذ توقيع الاتفاقية بينهما في عام 2018. لذا فإن السعي إلى ترسيم الحدود بين البلدين بشكلها النهائي، بناءً على الحدود الاستعمارية المتوارثة، وكذلك على اتفاقية الجزائر التي تعتبر نهائية وملزمة، أصبح أمرًا ملحا في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى.
إننا في المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، نؤكد لإثيوبيا ولكافة جيراننا، على أن الشعب الإرتر ي يتطلع إلى بناء علاقات تعاون وتكامل معهم، والاستفادة مما حبانا الله من مقدرات اقتصادية كبيرة وموقع استراتيجي واعد وشعوب مكافحة، بما يحقق التطلعات المشروعة لشعوبنا جميعًا، و الارتقاء بدولنا إلى مصاف الدول المزدهرة. وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة أنظمة ديمقراطية في بلداننا جميعًا تحترم إرادة شعوبها وتطلعاتها. فالشعب الإرتر ي الذ ي يعيش في ظل نظام يفتقد إلى أبسط مقومات الدولة الحديثة، ويحكم من قبل نظام شمولي بالحديد والنار لأكثر من ثلاثة عقود، لا يمكنه أن يتطلع إلى بناء علاقات تعاون وتكامل مع جيرانه قبل ترتيب بيته الداخلي. وعليه فإن من أولويات المجلس الوطني ا لإرتر ي إسقاط نظام الفرد الشمولي، وإحلاله بنظام ديمقراطي يحقق الديمقراطية والعدالة والمساواة في ربوع بلادنا .
ختامًا، نطالب الحكومة الإثيوبية وحزب الازدهار الحاكم إعادة النظر فيما ذكره رئيس وزراء إثيوبيا، وسحب تصريحاته التي لا تخدم الاستقرار والسلام وعلاقات حسن الجوا ر في عموم المنطقة.
مكتب الثقافة والإعلام
للمجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي
18 أكتوبر 2023